قال دانيال النبي حين سأله بخت نصر عن تأويل رؤيا رآها ثم أنسيها : رأيت أيها الملك صنماً عظيماً قائماً بين يديك ، رأسه من ذهب ، وساعداه من فضة ، وبطنه وفخداه من نحاس ، وساقاه من حديد، ورجلاه من الخرف ، فبينا أنت متعجب منه إذ أقبلت صخرة فدقت ذلك الصنم فتفتت وتلاشى وعاد رفاتاً ثم نسفته الرياح وذهب ، وتحول ذلك الحجر أنسانا عظيماً ملأ الأرض ، فهذا ما رأيت أيها الملك ، فقال بخت نصر : صدقت فما تأويلها ؟ قال : أنت الرأس الذي رأيته من الذهب ، ويقوم بعدك ولدك وهو الذي رأيته من الفضة وهو دونك ، وتقوم بعده مملكة أخرى هي دونه وهي تشبه النحاس ، وبعدها مملكة قوية مثل الحديد ، وأما الرجلا ن اللذان رأيت من خزف فمملكة ضعيفة ، وأما الحجر العظيم الذي رأيته دق الصنم فهو نبي يقيمه إله الأرض والسماء بشريعة قوية فيدق جميع ملوك الأرض وأممها حتى تمتلء الأرض منه ومن أمته ، ويدوم سلطان ذلك النبي إلى انقضاء الدنيا فهذا تعبير رؤياك أيها الملك.
ومعلوم أن هذا منطبق على محمد بن عبد الله حذو القذة بالقذة ، لا على المسيح وعلى على نبي سواه ، فهو الذي بعث بشريعة قوية ودق جميع ملوك الأرض وأممها حتى امتلأت الأرض من أمته ، وسلطانه دائم إلى آخر الدهر ، لا يقدر أحد أن يزيله كما أزال سلطان اليهود من الأرض ، وأزال سلطان المجوس وعباد الأصنام وسلطان الصابئين.