"جوزيف كوني" قائد جيش الرب




"جوزيف كوني"
ولد القس "جوزيف كوني" عام 1964 في قبيلة "الأشولي" المتداخلة بين الشمال الأوغندي والجنوب السوداني، وهو مسيحي كاثوليكي سابق، تزعَّم حركة "جيش الرب" في أوغندا منذ عام 1986، بعد هزيمة عمته "أليس لوكونا"، التي أنشأت الحركة بعد هزيمة الجنرال "تيتو أوكيلو" الرئيس الأسبق لأوغندا، وهو من قبيلة "الأشولي"، وتولى الرئيس الحالي "يوري موسيفيني" مقاليد الحكم في البلاد عام 1986، مما أدى إلى إحداث فترة من الاضطرابات الدامية بسبب خوف قبيلة "الأشولي" من أن تفقد سيطرتها التقليدية على الجيش الوطني ـ وادعى "كوني" "الأمي" أن الروح القدس قد انتقل إليه بعد موت عمته.

لا نهاية للحرب
تقوم عقيدة الحرب لدى "كوني" على كونها أمرًا ربانيًّا، وأنه لا نهاية للحرب، إلا بسقوط حكم الرئيس "موسيفيني"، أو فناء قبيلة "الأشولي" بأكملها، وهو يخوض معارك ضارية لأكثر من ثمانية عشر عامًا؛ لإقامة دولة مسيحية كنسية في أوغندا، تستبدل بنطام الحكم الأوغندي الحالي نظام حكم يقوم على تطبيق الوصايا العشر للكتاب المقدس.

أعاد "كوني" تكوين "جيش الرب" من فلول الجنود "الأشوليين"، الذين تركوا الخدمة في الجيش، عقب تولي الرئيس "موسيفيني" السلطة مع ما تبقى من قوات الحركة، وقام بتجنيد أفراد جدد، خاصة من قبيلة "الأشولي"، وأغلبهم من الأطفال الذين اختطفهم. قام بتغيير تكتيكات "جيش الرب" العسكرية بتنظيمها في شكل خلايا مقاتلة، متبعًا أسلوب حرب العصابات، عوضًا عن المواجهة المباشرة مع القوات الحكومية، ونزح بهم أولا إلى جنوب السودان.

وتعمل حركة "كوني" منذ 1994 بشكل أساسي؛ انطلاقًا من أراضي إقليم جنوب السودان، ومعظم مسرح عملياتها في شمال أوغندا، والباقي في جنوب السودان.

يصل عدد مقاتلي جيش "كوني" إلى نحو 4000 متمرد، وفق إحصاء الجيش الأوغندي، وإن كانت هناك إحصائياتٌ أخرى تذكر أن هذا العدد يزيد عن 100.000 مقاتل.

أصبح "كوني" إلهًا في نظر الكثيرين من أتباعه، الذين يعلقون مسابح حول أعناقهم، اعتقادا منهم بأن ذلك سيوفر لهم الحماية أثناء الحرب.

وتُعد أعمال السلب والنهب أحد أبرز مصادر تمويل حركة "كوني"، فضلاً عن الدعم الذي كانت تحصل عليه من الحكومة السودانية.

حاولت الحكومة الأوغندية القضاء عليه وعلى مقاتليه كثيرًا، وقامت بعدة عمليات قوية ضده، ولكنها لم تستطع التغلب عليه حتى الآن.

وافق "كوني" على عقد محادثات سلام مع الحكومة أكثر من مرة، لكنه كان ينسحب دائمًا منها، ربما للمراوغة وكسب الوقت لإعادة تنظيم مقاتليه، ودراسة خطواته المستقبلية.


القوات الحكومية الأوغندية فشلت
في القضاء على "جوزيف كوني"
برنامجه السياسي
ليس لـ"كوني" أجندة سياسية واضحة، ولم يرد في كل الدراسات التي أُعدت عن "جيش الرب" ما ينبئ بوجود برنامج سياسي أو خلفية فلسفية أو أيديولوجية له، فخلافًا لما ظل يُنقل عنه من أحاديث لمجنديه من أن لحركته هدفين أساسيين، هما: إنقاذ شعب "الأشولي" وتطهيره، وإسقاط حكومة "موسيفيني"، غير أنه لم يحدد كيفية إنقاذ الشعب "الأشولي"، وإسقاط الحكومة الأوغندية، والبديل الذي أعده لها، وأين يقف: مع الديمقراطية أم مع حكومة بلا تعددية حزبية، وموقفه من تنظيمات المجتمع المدني الناشئة وسط "الأشولي"، وموقفه كذلك من المجموعات والحركات الأخرى المناهضة لنظام "موسيفيني".

وزاد من غموض وضع "جوزيف كوني" وعزلته، انغلاقه التام على نفسه، وبعده عن الصحفيين والمسئولين الأجانب، الأمر الذي جعل الذين يدّعون التحدث باسمه يطلقون تصريحاتٍ متناقضة لا سند ولا موقف لها.

معتقدات وطقوس
يعتقد "كوني" في القوى الخفية للأرواح والسحر، وهي معتقدات تقليدية لقبيلة "الأشولي"؛ باعتبارهم يؤمنون بتداخل عالم الأرواح والناس، وقدرة قاطني العالم الآخر على النفاذ إلى عالمنا، والتعامل مع "رسل" مختارين يمكن لهم استخدام الأرواح للأغراض الطيبة أو الخبيثة، ويتخذ "كوني" لنفسه مجلس أرواح من فريق يتكون من صينيين وسودانيين وثلاثة أميركيين وواحد من الكونغو.

ويُقال: إن المعتقدات الروحية لـ"كوني" قد تغيرت؛ تأثرا بالمسلمين المدافعين عنه في السودان؛ فهو يدمج الآن معتقداته بالعقيدة الإسلامية في ممارساته الدينية، ووفقًا لتقارير شهود العيان، فإن مقاتليه يستعملون مسابح للصلاة، حتى إنهم يتجهون نحو قبلة المسلمين (مكة)، ومع ذلك فإنه مازال يمارس دين القبيلة التقليدي، مع جرعة ثقيلة من طقوس السحر والتكهن، ويُقال: إنه يحتفظ بكمية كبيرة من الثعابين والسلاحف والسحالي، لأغراض معينة.

يأمر "كوني" مقاتليه بوضع أحجار في ملابسهم؛ كي تقيهم من نار العدو، كما يُعطي المقاتلين "الأطفال" زجاجة ماء لحمايتهم من الجنود الأوغنديين، ويقف "كوني" في مكان آمن في المعارك، بعيدًا عن النيران والرصاص، مرتديًا ثوبًا أبيض.

لا علاقة له بالدين
يقول بعض من تعامل معه: إنه إنسان عادي، يبدو عليه الود والهدوء حتى تحضر الأرواح، وتبدأ في التحدث على لسانه، وحينئذ يكتب شخص من حاشيته كل ما يقوله، ويقولون: إن أكثر هذه الأرواح قسوة هي روح من الكونغو؛ تأمره "بالقتل والذبح". يصفه البعض بأنه رجل مجنون، ويرغبون في تقديمه للعدالة لجرائمه ضد الإنسانية، كما شددت الحكومة الأوغندية على ضرورة محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما تشكك كنيسة "فيكتوريا" في كونه مسيحيًّا، ويقول البعض: إنه أصبح الآن أكثر غرابة؛ فقد أعلن الحرب على ملاك الدجاج الأبيض والخنازير، ويقتلهم حيثما يجدهم.
وقالوا عنه أيضًا: إنه عنصري متطرف، له أيديولوجية شبه دينية، ولا علاقة لها بالدين المسيحي، أو بأي دين.

أعمال دموية

الأطفال في شمال أوغندا يعيشون
في خوف من الاختطاف
فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها "كوني"، فإنها تفوق الوصف؛ فقد اتسمت حربه بدرجة هائلة من الوحشية على سكان شمال أوغندا، وموظفي ومسئولي الحكومة المحليين، ومبعوثي الشؤون الإنسانية الدولية، وعمال المنظمات غير الحكومية المحلية، وتشمل هذه الأعمال الدموية الاغتصاب والقتل والتعذيب واختطاف الأطفال؛ حيث قُتل ما يزيد على 12000 نسمة، واختُطف عشرات الآلاف، معظمهم من الأطفال، ونتيجة لذلك هرب نحو مليون ونصف مليون نسمة منهم لأماكن أخرى، كما يعيش الآن نحو مليوني أوغندي في معسكرات للاجئين.

ويقوم "كوني" بأعمال تتنافى مع حقوق الإنسان الأساسية، ومن ذلك ما ذكره أحد تقارير "اليونيسيف" بأن "كوني" أجبر نساء إحدى القرى التي أغار عليها بإلقاء أنفسهن داخل ماء مغلي، وطلب من أقاربهن أكل لحومهن، ونفس الأمر يفعله مع الأطفال ـ الذين يختطفهم ويجبرهم على حمل السلاح، ويقوم بتعميدهم وغسلهم بما يصفه بـ"الماء المقدس" الذي سيحميهم من الرصاص ـ حيث يأمرهم بقتل ذويهم كدليل الانتماء للحركة، وإلا فإن مصيرهم القتل، أما الفتيات والسيدات المختطفات فيجبرهن على الزواج منه أو من أتباعه.