إلى كل من يسأل عن معنى شعار


الإسلام هو الحل

مصطفى مشهور

دار التوزيع والنشر الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

لا تكاد الأمة الإسلامية الآن تجمع على قد إجماعها على أن " الإسلام هو الحل"، وهو العلاج الشافي لكل مشاكلها، وأزماتها، ولكل أمراضها وآلامها.. لقد جربت الأمة الكثير من المناهج، وفرضت عليها أفكار ومعتقدات بعيدة عن حضارتها ودينها، ولكنها عادت لتؤكد من جديد أن طريق الإيمان والإسلام هو الطريق الوحيد، القادر على إعادتها الى موقع عزها وفخارها، وأصبح الأمل قويا في قرب ذلك اليوم الذي تتحكم فيه الأمة في قرارها، وتعود الى شريعة ربها..

والبعض يتساءل عن شعار "الإسلام هو الحل" بحسن نية أو بغيرها.. ماهية هذا الشعار؟ وما يهدف إليه؟.. ولتوضيح الصورة كتب الأستاذ مصطفى مشهور ـ المرشد العام للإخوان المسلمين ـ هذه المقالات ونشرتها صحيفة "الشعب المصرية"، ولكي تعمّ الفائدة، أحببنا أن نجمعها للقارئ بين دفتي هذا الكتيب، والحمد لله أولا وأخيرا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...

الناشر




الإسلام هو الحل شعار له مضمونه
ـ1ـ

إذا حسبنا فترة استعمار الغرب لعالمنا الإسلامي منذ وطأت أقدام الأجنبي أرضنا وديارنا وتحكّم في أمورنا وبدأ بنشر أساليب حياته ومدنيته ويذيع أفكاره وآراءه، ويروج لأنماط سلوكه وخروجه على القيم والمثل، ويسعى بدأب لاقتلاع الإسلام كعقيدة راسخة في القلوب، وفهم صحيح الأذهان، وتطبيق على أرض الواقع، ورسخ بذلك الفصل بينه وبين أمور وشؤون الحياة الدنيا من خلال حصره وحصاره في الزوايا والمساجد، وفي إطار ركعات دون روح، وحلقات ذكر لا ينبعث من القلوب، وقرآن يتلى في المآتم.

وإذا أضفنا الى ذلك فترة الاستقلال وسيطرة حكومات ونظم حاكمة من أهلنا ومن ديارنا، واصلت السير على نفس المنهج والتزمت المضى على نفس الطريق في ذات الإطار والتوجيه، نستطيع أن نقول إن العلمانية والأفكار والنظم والنظريات الوافدة، قد حكمت البلاد والعباد في عالمنا الإسلامي ما يزيد على المائة والثمانين عاما، نُحى فيها الإسلام عن حياة الناس تنحية كاملة، وسيطرت فيها العلمانية والوافد من النظم والنظريات سيطرة كاملة، بالقهر والقسر، والترغيب والترهيب، بالإعلام والدعاية، بتسخير العلم بعد الانحراف به عن صحيح مساره وصحيح أهدافه، حتى وصلت بالمسلمين الى حالة الفقر والتخلف الذي يعيشونه، ووضع التبعية والإذلال الذي يحيونه، وحالة الرضوخ والاستسلام التي سيطرت عليهم، حتى صاروا هدفا لكل مطامع، وصارت أرضهم وثرواتهم كلأ مباحا لكل مغامر، وصارت ساحتهم مفتوحة أمام قوى العدوان الأمريكي والصهيوني لممارسة شتى أشكال الهيمنة وبسط النفوذ، وفي غطرسة وبلطجة تجرى المحاولات والجهود لاقتلاع جذور حضارتنا وإنهاء دورنا ووجودنا.

ومع ظهور وإنتشار الصحوة الإسلامية، وذيوع أدبياتها وأفكارها ورؤاها، ومع رفعها شعار " الإسلام هو الحل" تجاوبت والتقت الشعوب الاسلامية معها حول ضرورة نبذ ورفض المذاهب والنظم وأنماط الحياة والسلوكيات الوافدة ـ بعد أن تأكد لها أنها سبب التخلف والتدهور والبلاء، والرضوخ والتبعية، والفقر والتخلف ـ وضرورة العيش في إطار وظلال الإسلام لأنه سبيل الأمة الوحيد والصحيح للخروج من الأزمات، وحال الفقر والتخلف والفاقة وكسر أطواق العزلة وتحطيم قيود الأسر والتبعية لتعيش في مستوى العصر وفي إطار الأصالة والهوية والقيم لنبيلة، وتمارس حياتها الكريمة في ظلال العزة والكرامة والأمن.. إلا أن جهات من الخارج، مع جهات من الداخل تملك وسائل الإعلام والدعاية وأسباب القوة والسلطان، انبرت تشن حملات الهجوم والتجريح والتشكيك في دعاة الاسلام، وفي الاسلام مصحوبة بحملات التعتيم والتشويه.

حملات دافعها وباعثها الجهل أو الخوف أو القلق على مستوى الداخل، كما أن دافعها وباعثها الحقد والعداء حين تفد من الخارج، أو تنبعث من المفتونين بالخارج من أهل الداخل.

مزاعم وأباطيل

زعموا أن الإسلام دين يخاطب القلوب، ولا علاقة له بأمور الحياة المتطورة والمتغيرة والمتجددة، وقالوا إن المناداة بالعيش في إطار الدين إنما تعني الهروب من العصر ومتطلباته ومسؤولياته والنكوص الى عصور الظلام والتأخر.

وادعى فريق من القوم أن الإسلام ليس إلا تطبيق حدود تقطع يد السارق في غير رحمة، وترجم الزاني في غير شفقة، وتجتز عنق القاتل في غلظة وقسوة.

كما ادعى البعض أن تطبيق الشريعة يعني تحريك الطوائف الأخرى للرفض بما يؤدي الى إشعال الفتنة الطائفية.

وتمادى فريق في المغالطة فزعم أن دعاة الإسلام لم يتفقوا على أسلوب للتطبيق، ولكن تفرقوا الى فرق شتى، كلٌ يزعم له أسلوبا في التطبيق، وهذا الخلاف هو دليل الافتقار الى الرؤية الصحيحة، كما أنه دليل على أن الاسلام دين للعبادة ينهض به الإنسان بينه وبين ربه، وأكثر من ذلك أهمية أنه دليل ضرورة البعد بالإسلام عن مشاكل وأمور الحياة، واختلاف أساليب التطبيق، والخطأ في التطبيق بما يجعل الإسلام الدين الالهي منزها عن تحمل أوزار وأخطاء تطبيق البشر.

وزعموا أن الإسلام ودعاته لا يتسعون صدرا للرأي الآخر، والأفكار الأخرى، ولا يعترفون بالديمقراطية والحوار، كما وصموا جميع الدعاة بالتطرف والإرهاب.

ونسى القوم ـ أو تناسوا عن عمد ـ أن الاسلام الذي نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في أول آيات قرآنه دعوة وتوجيهاً وحفزاً على العلم والقراءة، كما جاء في العديد من آيات قرآنه دعوات الى المؤمنين، مع تنبيه مصحوب بالدافع والحفز على التدبر في آيات الكون، وإبداع الخالق في خلقه، ولا يمكن أن يكون التدبر إلا عبر العلم في أحدث مستوياته، ومن خلال أحدث أجهزته ووسائله ومؤسساته.

بل إن الإسلام الذي دعا الى العلم وأنزله منزلة الفريضة من خلال قول رسوله عليه الصلاة والسلام:" طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" جعل هذا العلم واحدا من اهم الأعمدة في بناء الدولة وأيضا واحدا من أهم أسلحتها على صعيد التقدم والازدهار، وبلوغ الأمة موقع القيادة والريادة لتنشر النور وتؤكد معالم العدل والإنصاف والمساواة، وترسخ معالم ودعائم السلام الصحيح، وليس سبيلا أو وسيلة لزرع بذور العدوان أو نشر الطغيان واستعباد الأمم والأوطان واستنزاف الثروات واستعباد الإنسان، ومن أجل هذا فإن مفهوم الإسلام للعلم هو أنه وسيلة وسبيل للبناء والتعمير والتقدم والنماء وليس سبيلا للتخريب والتدمير.

كما أن الإسلام الذي شرع قطع يد السارق، إنما شرع ذلك القطع ليد امتدت لمال الغير أو حقه، بعد أن تكون الدولة قد وفرت لصاحبها حقه في العمل المناسب، والمسكن الملائم، والكسب الي يكفيه حاجته من الطعام المانسب والملبس المناسب، وهو أمر وضحه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحاكم العادل وحجة الله على كل حاكم حين سرق غلام، فأنذر من يعمل لديه بقطع يده، إذ لم يف الغلام حقه من المال والملبس والمطعم.

أما الزعم بأن تطبيق الشريعة الاسلامية، الذي هو حق طبيعي للأغلبية المسلمة، سوف يؤدي الى إشعال الفتنة الطائفية، فإن حقائق التاريخ الناصعة، تؤكد أن الأقليات غير المسلمة في بلاد المسلمين تمتعت بكل الحقوق التي يتمتع بها المسلمون في أوطانهم، حينما كانت الشريعة مطبقة تطبيقا صحيحا، بل إن الفتن ما ظهرت في بلادنا إلا عندما انحسرت ظلال الشريعة في حياة المسلمين، وشهادات زعماء الأقباط في مصر التي تؤكد هذه المعاني أكثر من أن تحصى.

والذين يتهمون الدعاة بأنهم لم يتفقوا على أسلوب لتطبيق الإسلام، هؤلاء أيضا افتقدوا الرؤية الصحيحة التي تؤكد أن هناك أصولا وثوابت لا يختلف عليها أحد، أما الفروع والمتغيرات فهي محل للاجتهاد حسب الزمان، والمكان، والظروف المحيطة.

وأخيرا فإن الزعم بأن دعاة الاسلام لا يعترفون بالشورى والديمقراطية، هو قول يجافي الحقائق الناصعة والأدلة الدامغة، ولا أدل على ذلك من أن الإسلاميين حازوا ثقة أعضاء النقابات المهنية في مصر، بالحوار والإقناع والإخلاص في العمل، حتى استعملت السلطة سيف القهر، والتسلط لتنحيهم عن إدارة النقابات..

مجتمع متكامل متراحم

من أجل ذلك، ومن أجل إيفاء المجتمع حقوقه وتوفير مطالبه وحاجاته، وضع الإسلام الضوابط لتيسير الحياة وتوفير متطلباتها، وأوجب وحض على النهوض بالمشاركة والبذل والعطاء، فجعل أداء الزكاة فريضة على الأموال، ونهى عن الاكتناز كما نهى عن الإسراف أو الإنفاق في غير الوجهة الصحيحة، وجعل المال في المجتمع في موضع الخادم الذي ينهض بأداء مطالبه، وتحقيق رغباته المشروعة.

وإذا كان الإسلام قد نزل من عند رب العباد عقيدة وشريعة ونظام حياة شامل، فإنه من العبث والانحراف أن يجري الفصل بين العقيدة والشريعة، أو بين الشريعة والعقيدة وبين نظام الحياة،
لنحصر دوره في ركعات أو قرآن يتغنى به أو مسابقات للقرآن، لتكون مصدرا للدعاية لحاكم أو سلطان، أو مساجد شاسعة على شواطئ المحيطات، أو مع امتداد القصور الفاخرة، ومن ثم فإن المفهوم الصحيح للإسلام كسبيل وحيد للعلاج، والخروج من الضوائق والأزمات ومحن الفاقة، والتأخر الى بحبوحة العيش، وآفاق التقدم، وسعة الطمأنينة وهدوء وراحة الاستقرار، هو الالتزم بالإسلام في شموله وكماله، وكما نزل من السماء وطبقه السلف الصالح في تأكيد تكريم الإنسان، واحترام انسانيته وصون أمنه وحريته وحرمانه وكرامته، وفي تحديد واضح للعلاقة بينه وبين مجتمعه وفي إطار الشورى التي جاء بها الإسلام، وتؤكد حق إبداء الرأي وحرية التعبير والنقد، واحترام الرأى الآخر وتنزيه الانتخابات عن العبث والتزييف لتبقى وسيلة وسبيل الشعوب لاختيار حكامها وممثليها.

إن " الإسلام هو الحل" ليس مجرّد شعار اكتسب شهرته من خلال بريقه، أو استحوذ على عقول الجماهير من خلال وقعه ورنينه، ولكنه شعار اكتسب تعلق الناس به وتعليقهم الآمال عليه من خلال مضمونه بأبعاده ومعالمه، وأسسه ودعائمه، وضوابطه وضماناته.. إنه يعني نهوض بناء المجتمع على الإيمان بالله ورسالاته، وبغايات الوجود في دنياه والجزاء في أخراه، إيمانا خالصا من الشرك والشك، يؤكد العقيدة بمنابعها الصافية من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، دون غلو أو تحريف، فلا يعبد إلا الله ولا يصدر الإنسان والمجتمع في جميع الأعمال إلا عن سعي لرضا الله وخشية من غضبه، فتكون الاستقامة في الفكر والعمل على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع، وعلى مستوى الرعية وعلى مستوى الحكام.

كما أن "الإسلام هو الحل" إنما يعني إلتزام تربية الفرد والأسرة والمجتمع على لتقوى وعلى الإخلاص لله والثقة به والتوكل عليه مع الشعور بالمسؤولية، إزاء الناس وأمام الله، وهو كذلك يعني الالتزام بالمحافظة على شعائر الإسلام خاصة عبادته؛ فهي الأركان العملية التي بني عليها هذا الدين، ومن ثم يجب إحياء دور المسجد ورسالته ليكون مركز هداية وإشعاع وإصلاح للرجال والنساء، مع إختيار لأفضل العلماء وأقدرهم لإبلاغ الرسالة مع حرية التعبير والقول، وإقناع العقول والتصدي للأباطيل والانحرافات في الفكر أو الرأي.

إن " الإسلام هو الحل" يعني أيضا التزام القيم، ومحاربة شتى أشكال الفساد والانحلال، مع الزام الحكمة والموعظة الحسنة، ومع السعي لمنع مظاهر التبرج والعرى وتحريم تجريم المسكرات والمخدرات ومطاردة مروّجيها وتجارها، ومعالجة مدمنيها وإغلاق جميع أندية العبث والفجور، كما أنه يعني شيوع روح الجماعة والتعاطف والتكافل، فقد خاطب القرآن المسلمين بصيغة الجمع وارتفع الإسلام بمنزلة صلاة الجماعة الى درجة عظيمة من الجزاء والثواب عند الله.

وإذا كان "الإسلام هو الحل" يعني الإسلام الذي نزل من عند الله لا فصل ولا انفصال فيه بين أمور الدين وأمور الدنيا، فإنه ـ من ثم ـ يعني التزام ما جاء به الإسلام في مجال المال والثروة والاقتصاد، من تحريم للربا، وتنظيم لمصادر الثروة التي تضعها الدولة تحت إشرافها، والأخرى التي يفسح الإسلام المجال فيها للأفراد كي ينشطوا من خلال الخطط الهادفة والضوابط والضمانات الفاعلة والقيم والمثل التي تحكم العمل والنشاط سعيا لتحقيق المستوى المطلوب والمأمول للحياة التي تناسب الانسان المسلم والمجتمع المسلم.

كما يعني في نفس الوقت التزام الجميع ـ على مستوى الحاكم وعلى مستوى المجتمع ـ بالحرية كفريضة تجرم العدوان على حق التعبير، أو حق العبادة، أو حق الأقليات في المساواة والعدل وصون الحرمات.

إن الدعاة الى الله لا يطرحون شعار "الإسلام هو الحل" كمجرد شعار، ولكنه على أنه شعار لدين شامل ونظام كامل.. إنه شعار خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتبشر بالقيم والمثل وتسعى لنشر النور والعلم والخير في جميع الأرجاء.. إنه يعني أن تخلع الأمة عن نفسها أسماء وأزياء غيرها، لترتدي ثوبها الذي يجسّد روح العصر، ويؤكد هويتها وأصالتها.


ـ2ـ

يمضي الدعاة الى الله على طريق الدعوة وهم واثقون بأن الله منجز وعده لمن خلصت نيته، واستقامت وجهته، وشمّر عن سواعد البذل والعطاء والعمل والجهد، لا يطمع إلا في رضا الله وعظيم أجره، كما أنهم في الوقت نفسه يدركون أن الطريق غير مفروش بالورود، بل تعترضه العقبات وتملؤه السدود والحواجز وتكتنفه الصعاب، ومن أجل ذلك لا يتسلل الى قلوبهم اليأس أو الوهن، ولا تخبو في نفوسهم بواعث الأمل في غد مشرق تسده القيم، وتظلله العدالة وتتأكد فيه معالم ودعائم الحرية والأمن، وترفرف عليه أعلام الحب والأخوة، وتتضاءل وتنكمش ـ بل تتلاشى ـ فيه الموجة الطاغية من مدنية الغرب وحضارته المادية التي خضعت لسيطرة المتعة والشهوة.

ومع وعورة ومعوقات الطريق، ومع مواصلة لدعاة للعمل المتواصل والسعي الدءوب لما فيه خير الناس كافة، ومع صفاء وخلوص النيات، وصدق واستقامة الوجهة والتوجهات تلوح في الآفاق مؤشرات ومبشرات الخير، هي بالنسبة للدعاة الى الله بمثابة العلامات على صحة الطريق، ليوقنوا أنهم ماضون نحو الهدف والغاية، فيضاعفوا الجهود والعمل.

من أجل ذلك كان الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ـ وهو يؤكد أن من بين مهام الإخوان المسلمين العظيمة أن يقفوا في وجه الموجة الطاغية من حضارة أوروبا المادية التي زحفت على عالمنا العربي والإسلامي، ويدرك أن الطريق طويل وأن المتربصين على جانبيه وخلف سدوده وعوائقه كثيرون ـ يدرك أيضا أن المستقبل للإسلام.

• كان يدرك أن الاستعمار الذي ساد وسيطر لقرون على أحوال وأوضاع المسلمين وعالم المسلمين، وهو يفرض نماذج وأساليب حياته، قد باعد بين الناس وأن يستظلوا بشريعة الاسلام، ويعيشوا في رحاب نظامه، ومهد في الوقت نفسه الطريق لانتشار عاداته وتقاليده وقيمه الإباحية، وأيضا انتشار الجرائم البشعة من قتل وسرقة واعتصاب، مع إدمان للمخدرات وإشاعة للخمور والمسكرات، ومع تنحية الغرب المستعمر لشريعة الإسلام لم تكن هناك الأحكام الرادعة الحازمة التي تردع وتكبح الشهوات فضعفت وذبلت الضوابط الداخلية في قلوب وأفئدة الناس.

• أدرك مؤسس هذه الجماعة كذلك أن الأنظمة الحاكمة قد آلت على نفسها أن تعرقل خطوات الدعوة والدعاة مع غض الطرف عن الفساد والمفسدين، بل إن منها من روّج للفساد من خلال أجهزة الإعلام، وذلك بإفساحها المجال بقصد أو غير قصد للعديد من أشكال الانحراف أو أشكال السلب والنهب.

• ولمس ببصيرته الفاحصة أن الأزهر الشريف صاحب الرسالة العالية والتاريخ الحافل بالجهاد ونشر العلم والضياء، لم يسلم من الطعن والتخريب في ظل الاستعمار للحيلولة بينه وبين رسالته، وما أصاب الأزهر أصاب من قبل المعاهد لتعليمية، حتى وصل الوضع في أيامنا الراهنة الى حد أن الكثيرين لا يعرفون كتابة جملة صحيحة شكلا ومعنى، كما انحدر مستوى الدعاة وانعزلوا عن حاجات العصر وفهم مطالبه ففقدوا تأثيرهم بالضرورة.