ورد في كتاب العلامة رحمة الله الهندي "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين "

فتحت عنوان عجائب الرهبان قال رحمه الله :


ظل تعذيب الجسم مثلاً كاملاً في الدين والأخلاق إلى قرنين ، وروى المؤرخون من ذلك عجائب ، فحدثوا عن الراهب ماكاريوس ( Makarius ) أنه نام ستة أشهر في مستنقع ليقرص جسمه العاري ذباب سام ، وكان يحمل دائماً نحو قنطار من حديد ، وكان صاحبه الراهب يوسيبيس ( Eusebius ) يحمل نحو قنطارين من حديد ، وقد أقام ثلاثة أعوام في بئر نزح ، وقد عبد الراهب يوحنا ( St. Jhon) ثلاث سنين قائماً على رجل واحدة ولم ينم ولم يقعد طول هذه المدة ، فإذا تعب جداً أسند ظهره إلى صخرة ، وكان بعض الرهبان لا يكتسون دائماً ، وإنما يتسترون بشعرهم الطويل ويمشون على أيديهم وأرجلهم كالأنعام . وكان أكثرهم يسكنون في مغارات السباع والآبار النازحة والمقابر ، ويأكل كثير من الكلأ والحشيش ، وكانوا يعدون طهارة الجسم منافية لنقاء الروح ويتأثمون عن غسل الأعضاء ، وأزهد الناس عندهم وأتقاهم أبعدهم عن الطهارة وأوغلهم في النجاسات والدنس ، يقول الراهب اتهينس : إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره ، وكان الراهب أبراهام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين سنة ؛ وقد قال الراهب الإسكندري بعد زمن متلهفاً : واأسفاه ! لقد كنا في زمن نعد غسل الوجه حراماً فإذا بنا الآن ندخل الحمامات ، وكان الرهبان يتجولون في البلاد ويختطفون الأطفال ويهربونهم إلى الصحراء والأديار وينتزعون الصبيان من حجور أمهاتهم ويربونهم تربية رهبانية والحكومة لا تملك من الأمر شيئاً ، والجمهور والدهماء يؤيدونهم ويحبذون الذين يهجرون آباءهم وأمهاتهم ويختارون الرهبانية ويهتفون باسمهم ، وعرف كبار الرهبان ومشاهير التاريخ النصراني بالمهارة في التهريب ، حتى روي أن الأمهات كن يسترن أولادهن في البيوت إذا رأين الراهب أمبروز ( Ambrose )وأصبح الآباء والأولياء لا يملكون من أولادهم شيئاً وانتقل نفوذهم وولايتهم إلى الرهبان والقسوس (*)



(*) من كتاب العلامة رحمة الله الهندي " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " ص164 نقلا عن كتاب Lecky : History of European Morals iv