البرهان الثانى
من دقيق البيان القرآنى المعجز أنه قد فرق بين ( قوم فرعون ) و ( آل فرعون ) و (ملأ فرعون ) ، فما هى الفروق بينهم ؟
جاء فى ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ) الصادر عن ( مجمع اللغة العربية بمصر ) ما يلى :
قوم النبى : من بعث اليهم
أما قوم الملك : رعيته وشعبه
آل الرجل : أهله
الملأ : أشراف القوم ووجوههم
ومن دقيق التعبير فى آية الأعراف 109 أنه قال : " الملأ من قوم فرعون " ولم يقل " ملأ فرعون " ، فما الفرق ؟
لو أنه قال " ملأ فرعون " فلن يدخل فيهم فرعون باعتبار أن " ملأ فرعون " هم الأشراف المقربون من فرعون نفسه ، ومن البديهى أن المقربين غير المقرب منه عقلا ومنطقا
أما " الملأ من قوم فرعون " فتعنى : الأشراف من شعب فرعون ، وشعب فرعون هم أهل مصر ، فهى تعنى بذلك أشراف ووجهاء شعب مصر ، وبالتالى يدخل فيهم فرعون نفسه دخولا أوليا باعتباره على رأس أشراف شعبه
فماذا عن ( آل فرعون ) ؟
أقول : لقد ظهر لى وجه اعجازى فى البيان القرآنى يقوم على الفروق الدقيقة بين التعبيرات التى ذكرناها أعلاه
لقد وجدت أن القرآن الكريم حين تحدث عن غرق الذين طاردوا موسى وقومه فى البحر فانه لم يستعمل لفظ ( قوم ) وانما استعمل لفظ ( آل ) فقال :
" واذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون " البقرة - 50
فالذين غرقوا هم ( آل فرعون ) لا ( قوم فرعون ) ، وهذا من دقيق البيان القرآنى لأن الذين غرقوا لم يكونوا بالفعل كل شعب مصر ، وانما كانوا فرعون وعشيرته وجنوده فحسب
ومن اعجاز القرآن أيضا أنه قد استعمل للغرق لفظ ( آل ) فى قصة فرعون ، أما حين قص علينا قصة نوح عليه السلام فانه قد استعمل للغرق لفظ ( قوم ) فقال :
" وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم " الفرقان - 37
فهنا استخدم لفظ ( قوم ) لأنه من الثابت المعلوم ان طوفان نوح قد أغرق قومه أجمعين ولم يبق أو يذر واحدا منهم ( غير نوح بالطبع ومن آمن معه )
بعد هذا الاستطراد عن اعجاز البيان القرآنى نعود لموضوعنا فنقول :
ان ( الملأ من قوم فرعون ) تعنى الأشراف من شعب فرعون ، ويدخل فيهم فرعون نفسه دخولا أوليا بوصفه هو أول هؤلاء والمقدم فيهم ، مثلما سيكون هو الذى سوف ( يقدم قومه ) الى النار يوم القيامة
انتهى البرهان الثانى ، ويليه البرهان الثالث ان شاء الله
المفضلات