

-
الخطاب (19)
عزيزى مولانا المودودى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ أأن أصبح جواز سفرك لا يصلح للبلاد الإفريقية والعربية ، وخصوصا عندما ذكرت بأن "ميان توفل محمد" قبض عليه وسجن ، وأنا قلقة على سلامتك . إذا تأخر على ردك شهرا أو أكثر ، أبدأ فى القلق عليك ، هل أنت مريض ، لا سمح الله ، أو أنك شاركت ناشرك نفس المصير . أنا أهتم جدا براحتك كما لو كنت من أشد الناس قربا إلى ، بالرغم من أننا لم نلتقى وجها لوجه . وأنا أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظك من كل سوء .
لا شك أنك قد تكون متعجبا من ترددى فى سرعة قبول عرضك الكريم بتوفير العون والمساعدة إذا أنا وافت للحضور إلى لاهور . حقيقة الأمر أنى لا أستجمع الشجاعة لقطع الروابط العائلية وطرح ماضى ورائى نهائيا ، واالتقدم للمجهول . ولهذا فكل مرة تجدد فيها عرضك أتحاشاه ، على أمل أن تتحسن الأوضاع هنا إلى الأفضل . والآن أعرف بأننى كنت أخدع نفسى .
وباختصار ، فملخص موقفى هو ، أنى فى وضع عضال يائس . ولا أستطيع العيش فى هذا المجتمع . وبما أنه ليس لدى خبرة عملية تذكر ، ولا مؤهلات أو اهتمامات تجارية ، ولا تدريبات متخصصة أو مهارات مهنية ولا دبلوما من إحدى الكليات - وفوق كل ذلك ، وصمة أننى قضيت أكثر من سنتين فى مستشفى عقلى ، من مارس 1957 إلى إبريل 1959 . لا أمل عندى فى الحصول على وسيلة للكسب ، منتجة ، وشريفة ، ومفيدة تتناسب مع حساسيتى البالغة .
حيثما ذهبت للبحث عن عمل ، فأقابل فى وكالات التوظيف بنظرة باردة روتينية . مهمة هذه الوكالات هى حجب أؤلئكم الغير مرغوب فيهم ، والذين يدعون .. من وجهة نظرهم .. بأنهم لا قيمة تجارية لهم على الإطلاق . أبى رجل المبيعات ، وأمى التى تعتبر سيدة أعمل اجتماعية محترمة ، ينوون التقاعد العام القادم ، وبعدها سيشعرون بأنهم مضطرون لتخفيض نفقاتهم ، ويعملون على قطع المعونة المالية عنى . والأسواء من ذلك ، أنهم يريدون الإنتقال من مسكنهم ذو الأربع غرف والذى عاشوا فيهمنذ سبتمبر 1939 ، ويبيعون كل أمتعتهم وأثاثهم ليقضوا بقية حياتهم فى السياحة من بلد لآخر ، حتى يدركهم المرض أو الموت . وبما أن والدى يدركون بوضوح ،لماذا لا يمكننا العيش سويا فى سلام ووفاق ، فهم لن يسمحوا لى بمرافقتهم . وحتى لو سمحوا لى بالعيش معهم ، فأنا لن أكون سعيدة ومحبطة للعيش بطريقتهم ، والتى لا تتنازل عن التنتع بالأمور الدنيوية ، والتى تظهر لى بأنها سطحية جدا وفارغة ولا معنى لها . والآن أشد من ذى قبل ، وبعد خروجى من المستشفى منذ ثلاث سنوات ، فالتهديد الثابت الذى يواجهنى ، أنه إن لم أجد عملا يريحنى قبل تقاعد أبوى ، وتبديد لوازم المنزل ، فسأكون مرغمة على الإعتماد على الصدقة من الإعانة التى تصرفها المدينة للعاطلين ، أو أن أواجه الظروف الكئيبة المتوقعة لإلتزامات المعيشة . إعادة التأهيل غير ممكنة . لن أجد أى موقع فى هذا المجتممع . بدون معونة أبوى لن أستطيع العيش هنا يوما واحدا كمواطنة حرة . قد أفضل الموت على أن أعيش شبه ميتة ذليلة بائسة . أعترف بصراحة ، أنه لولا إيمانى بالإسلام لكنت قد انتحرت منذ سنوات مضت . بعد أن تحاشيت عرضك لى لفترة طويلة ، هل أكون متأخرة إذا قبلته الآن ؟؟؟
أختك فى الإسلام
مريم جميلة
لاهور فى 31 مارس 1962 (مداخلة : لاحظ تاريخ هذا الخطاب وسرعة استجابة المودودى لطلب مريم جميلة) .
عزيزتى مريم جميلة
السلام عليكم ورحمة الله
شكرا لخطابك المحرر فى مارس 22 ، والذى عبرت فيه قلقك على صحتى وسلامتى . هذا هو الشعور الطبيعى المتبادل بين الأخوة المسلمين . وبحمد الله سبحانه فأنا فى أمان وسلم . أنا مؤمن بأن الإنسان الذى يثق بالله ويعمل مخلصا له ، يتمتع بعبادته وهدايته وحمايته . خلال الثلاثين سنة الماضية لم يحدث لى انزعاج ولو للحظة واحدة بخصوص سلامتى أو فكرت لاتخاذ الإحتياط لها .
كل ما فكرت فيه فهو الحقيقة ، وكل ما أردده فهو بلا إلتباس وأعمل من أجله إلى النهاية . وهؤلاء الذين لا يريدون منى ذلك ، فعلوا المستحيل ليبعدونى عن طريقهم ، ولكن كل مؤامراتهم لم تفلح وفى الحقيقة كانت مفيدة لدعوتى . وأتمنى أن يشملنى الله برعايته كما شملنى من قبل وأن يحبط كيد الأعداء مستقبلا .
أقدر كثيرا الصعوبات والمشاكل التى تواجهينها . لم أكن آمل كثيرا فى مستقبلك بأمريكا . وهذا هو السبب فى أنى ذكرت لك منذ البداية بأن تهاجرى لبلد مسلم وأفضل لك باكستان . وقد كنت أفكر فيما لو أنك حضرت لباكستان فقد كنت سأسعد بذلك وأجهز لك ملاذا آمنا فى بيتى . وفى نفس الوقت فقد كنت ستقابلين شباب من المسلمين الأتقياء . وإذا وجد أحد منهم يناسبك فربما كنت ترتبطين كزوج لك وتعملون سويا على الدعوة للإسلام هنا بباكستان . ولكن عندما شعرت بأنك لا ترغبين فى تحقيق هذه الفكرة وتفضلين البقاء فى أمريكا ، فأهملت الموضوع .
والآن حينما تأملت مشاكلك ، فأنا أجدد عرضى لك . ونظرا للتعقيدات بالنسبة لتبادل العملات ، فلا أستطيع المساعدة ماليا وأنت فى أمريكا . ولذلك أقترح عليك أن تسرعى فى الحضور قبل أن تسوء أحوالك المالية أكثر من ذلك . وحينما تكونين هنا بإذن الله فلن تقلقى على مستقبلك .
وأود منك أن تطلعى أبويك عن وضعك الجديد بصورة كاملة . وأن تذكرى لهم بصعوبة استمرار حياتك بعد تقاعدهم وأن راحتك ستكون باكستان . كما تبلغيهم بأن الرجل الذى عرض عليك هذا الأمر المصيرى هو قريب من أعماركم ، وسيكون مستعدا لتقديم النصح كما سيكون على أتم استعداد ليتحمل على عاتقه أية مسئوليات إذا قبلت نصائحه . وإذا وثقت أنت وآبائك به ، بإذن الله ، لن تذهب ثقتكم هباء ولن تخدعوا .
أخوك فى الإسلام
أبو الأعلى
يتبع
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الوهاب ; 04-09-2007 الساعة 11:47 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة دفاع في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 25-07-2009, 06:20 PM
-
بواسطة أبو عبد الوهاب في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 03-12-2007, 02:23 AM
-
بواسطة muad في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 25-03-2007, 05:35 PM
-
بواسطة السيف البتار في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 01-05-2006, 01:01 AM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 11-01-2006, 05:19 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات