تابع الرد على السؤال الثالث
رابعاً: الرد على توهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن الكريم وشرائعه عن النصارى
قال الناقد:أخذ القرآن عن الإنجيل قصة بشارة الملاك لزكريا عن يوحنا... وقصة بشارة الملاك لمريم العذراء عن ميلاد المسيح ... وعن اسمه الكريم كلمة الله ... وعن مسحه بالروح القدس ... وتعاليمه ومعجزاته من حيث شفاء الأبرص وتفتيح عين الأعمى وإقامة الموتى ... ورفض اليهود له وموته وارتفاعه للسماء ... وشهادة الرسل والكنيسة والقساوسة ... واقتطف من أقوال بولس الرسول من رسائله لأهل رومية وكورنثوس وغلاطية وفيلبي وتسالونيكي والعبرانيين ... واقتطف من أقوال يعقوب الرسول وبطرس الرسول ويوحنا الرائي ... انتهى كلام الناقد
إذا كان القرآن الكريم اتفق مع الإنجيل في بعض القصص كما ذكر الناقد ... فقد اتفق في ذكْرِ عنوانِ القِصَّةِ ومُجْمَلِها ... ولكنَّهما يَختلفانِ في التفاصيل اختلافات جوهرية ... وسنضرب لذلك بعض الأمثلة من نفس المواضيع التي استدل بها الناقد:
بشارة الملاك لمريم العذراء عن ميلاد المسيح بين الانجيل والقرآن الكريم:
حسب رواية الانجيل: " فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها (أي لمريم): «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. "لوقا 1/35 ... فما تفسير ذلك ؟؟؟ أي وكانت إجابة الملاك على سؤالها (أي على سؤال مريم) كيف يتم هذا الأمر ؟؟؟ بقوله ان الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. تفسير انطونيوس فكرى ... وبموجب هذا التفسير فإن المسيح هو الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ... وقد مكث الله في رحم السيدة مريم تسعة أشهر بعد بشارة الملاك لها !!! ثم خرج الله من رحمها بعد ذلك !!!
حسب رواية القرآن الكريم: " قَالَ (أي الملاك جبريل لمريم) إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا "مريم 19 ... أي من مكث في رحم مريم كان جنيناً بشرياً مثل سائر البشر ... فماذا قال المسيح بعدما خرج من رحم مريم ؟؟؟ " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا "مريم 30 ... لقد صرح المسيح بوضوح أنه عبد لله ... نافياً بذلك عن نفسه تماماً أن يكون هو الله رب العالمين بالطبع ... اذن فما هو موقف القرآن من موضوع تجسد الله في السيد المسيح لكي يقوم بمهمة فداء البشرية بموته على الصليب ومن ثم تخليصها من خطيئة آدم التي ورثت لهم !!! " مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "مريم 35 ... وما هو حكم القرآن فيمن ادعى أن الله تجسد فأصبح السيد المسيح ؟؟؟ " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "المائدة 72 ...
وعن اسم المسيح الكريم (كلمة الله) & مسحه بالروح القدس بين الانجيل والقرآن الكريم:
حسب رواية الانجيل:
" فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ (أي المسيح) اللهَ. "يوحنا 1/1 ... أي أن المسيح يُدعى الكلمة ... والابن ... وقوة الله ... وحكمة الله. تفسير تادرس يعقوب ...
" يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ "سفر أعمال الرسل 10/38
حسب رواية القرآن الكريم:
حاول الناقد أن يوهم القارئ السطحي أَنَّ القرآنَ الكريم اتفق مع الانجيل في أن السيد المسيح كلمة الله وأيضاً مسحه الله بالروح القدس !!! محاولا الاستدلال بالآية 171 من سورة النساء ..." يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ... إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ ... وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ... وَرُوحٌ مِنْهُ ... فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ... انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ... إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ... لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " ...
ولكي نفهم معنى هذه الآية سنذهب الى التفسير الميسر لنجد: يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم ... ولا تقولوا على الله إلا الحق ... فلا تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا ... إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق ... وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم ... وهي قوله: " كن " ... فكان ... وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه ... فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له ... وصدِّقوا رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به ... ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين ... انتهوا عن هذه المقالة خيرًا لكم مما أنتم عليه ... إنما الله إله واحد سبحانه ... ما في السماوات والأرض مُلْكُه ... فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد ؟؟؟ وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم ... فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم ... انتهى التفسير الميسر
فهذه الآية وكما هو واضح منها ومن تفسيرها ... لا تتكلمُ عن ثلاثةِ أَقانيم ... وإِنما بالعكس هي تُبطلُ الأَقانيمَ الثلاثة ... وكيف ؟؟؟ لأنها تَذْكُرُ حقيقةَ عيسى ابنِ مريمَ عليه السلام ... وتصفه بثلاث صفات:
الأُولى:أَنَّهُ رسولُ الله: " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ " أي جعلَه اللهُ نبيّاً رَسولاً مثل اخوانه من الرسل ... حيث أَرسلَه الله إِلى بني إِسرائيل.
الثانية: أَنَّهُ كلمةُ الله: " وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ " ... ومعنى كونِ عيسى عليه السلام كلمةَ اللهِ: أَنَّ اللهَ خَلَقَه بكلمةِ " كُنْ " الكونيةِ التكوينيّة ... التي يَخْلُقُ بها سبحانَه جميعَ المخلوقين ... وهي الكلمةُ التي خَلَقَ الله بها أَبا البشر آدم عليه السلام ... والتي أَشارَ لها في قولِه تعالى: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "آل عمران 59 ... أَيْ: أَنَّ اللهَ خَلَقَ عيسى بكلمتِه " كُنْ " ... فكانَ كما أَرادَ الله ... كما خَلَقَ آدمَ بكلمتِه " كُنْ "، فكانَ كما أَرادَ الله ... أي أَلْقى اللهُ العظيمُ كلمتَهُ " كُنْ " إِلى مريم ... فكانت المخلوقَ عيسى الرسولَ عليه السلام ... حيثُ تَخَلَّقَ عيسى في رحمِها، ولما نفخَ اللهُ فيه الروح، وضعَتْه مولوداً بشراً ... وكلُّ المخلوقاتِ يخلُقُها اللهُ العظيمُ بكلمتِه " كن " ... التي خَلَقَ بها عيسى عليه السلام ... وجاءَ هذا صَريحاً في قوله تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "يس 82
الثالثة:أَنَّهُ روحٌ من عند الله: " وَرُوحٌ مِنْهُ " ... أَيْ: أَنَّ اللهَ خَلَقَ روحَ عيسى عليه السلام ... كما خَلَقَ روحَ أَيِّ إِنسان ... سواءٌ كانَ نبيّاً أَو إِنساناً عاديّاً ... حيث صدر امرَ الله الى جبريلَ (الروحَ القُدُسَ) أَنْ يحملَ روحَ عيسى المخلوقة ... وأَنْ ينفُخَها في مريمَ العذراءِ البتولِ عليها السلام ... فلما فعل جبريل ذلك ... حملَتْ مريم بعيسى بأَمْرِ الله ... وكلمة " مِنْ " في قوله: (وَرُوحٌ منْهُ) بيانيَّة ... وليستْ تبعيضيَّة (أي لا تعنى أن عيسى بعضاً أو جزءاً من الله) ... أي أنها تُبَيِّنُ أَنَّ روحَ عيسى التي نُفخَتْ في مريمَ إِنما هي من عندِ الله ... ولتأكيد ذلك المعنى ... اقرأ قوله تعالى ... " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِنْهُ " الجاثية 13 ... أي أن كل ما هو مسخر{جميعاً منه} أيْ : كلُّ ذلك تفضُّلٌ منه وإحسانٌ ... التفسير الوجيز ... فإذا ادعى الناقد أن قوله تعالى " وَرُوحٌ مِنْهُ " توجب أنَّ عيسى بعض من الله ... وجب أن تكون «الأرض» مثلاً قطعة من الله ... وكذلك الشمس !!!
معجزات المسيح من حيث شفاء الأبرص والأكمه والأعمى وإقامة الموتى بين الانجيل والقرآن الكريم:
حسب رواية الانجيل فإن معجزات السيد المسيح يفسرها النصارى أن المسيح هو الله:
إقامة الموتى: " ثُمَّ تَقَدَّمَ (أي المسيح) وَلَمَسَ النَّعْشَ ... فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ ... فَقَالَ: "أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!" ... فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ ... فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. "لوقا 7/14-15شفاء المولود أعمى: " وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ ... قَالَ هذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِينًا وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى ... وَقَالَ لَهُ: "اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ" الَّذِي تَفْسِيرُهُ: مُرْسَلٌ، فَمَضَى وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيرًا. " يوحنا 9/1-6 شفاء عشرة برص:" وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ (أي المسيح) إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَال بُرْصٍ، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ ... وَرَفَعوُا صَوْتًا قَائِلِينَ:"يَا يَسُوعُ، يَا مُعَلِّمُ، ارْحَمْنَا!" ... فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: " اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ" ... وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا " لوقا 17/12-14
حسب رواية القرآن الكريم فإن معجزات السيد المسيح تبرهن على أنه رسول الله: " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ ... إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ... تُكَلِّذمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ... وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ... فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ... وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ... "المائدة 110 ... فما تفسير ذلك ؟؟؟
وفى ذلك الوقت ينادى الله عيسى ابن مريم من بين الرسل فيقول له: اذكر ما أنعمت به عليك وعلى أمك في الدنيا ، حينما ثَبَّتُك بالوحى وأنطقتك وأنت رضيع بما يُبَرِّئُ أمك مما اتُّهمت به ، كما أنطقتك وأنت كبير بما قد أوحيت إليك ، وحينما أنعمت عليك بتعليمك الكتاب ، ووفقتك للصواب من القول والعمل ، وعلمتك كتاب موسى والإنجيل الذى أنزلته عليك ، وأقدرتك على معجزات تخرج عن طوق البشر ، حيث تتخذ من الطين صورة الطير بإذن الله ، فتنفخ فيها فتصبح طائراً حَياً بقدرة الله لا بقدرتك ، وتشفى من العمى من وُلِدَ أعمى ، وتشفى الأبرص من برصه بإذن الله وقدرته ، وحينما يجرى على يديك إحياء الموتى بإذن الله وقدرته " تفسير المنتخب
رفض اليهود للمسيح وموته ... وارتفاعه للسماء بين الانجيل والقرآن الكريم:
حسب رواية الانجيل:يعتقد النصارى أن السيد المسيح هو الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ... ويعتقدون أيضاً أن الله قد ظهر وتجسد في جسد السيد المسيح ... " وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ... "تيموثاوس الأولى 3/16
هذا وقد رفض اليهود ومكروا بالسيد المسيح وقبضوا عليه وأهانوه وبصقوا عليه !!! وعذبوه ثم صلبوه ... " فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ ... وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ !!! وَبَصَقُوا عَلَيْهِ ... وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ ... وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ ... وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ ... أَعْطَوْهُ خَلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ ... وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ ... وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا ... "متى 27/28-35
ثم ماذا ؟؟؟ استغاث السيد المسيح وهو على الصليب بإلهه قائلاً ... لماذا تركتني ؟؟؟ " وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ "متى 27/46
ثم ماذا ؟؟؟ " فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. "متى 27/50 ... ومات السيد المسيح على الصليب !!! " انا هو الاول و الاخر و الحى وكنت ميتا " رؤيا يوحنا 1/18 ... " لأنهم لو عرفوا ما صلبوا رب المجد" كورونتوس الأولى 2/8
حسب رواية القرآن الكريم:
أخبر القرآن الكريم بأن السيد المسيح قد تكلم في المهد بقدرة الله عز وجل ... وهي معجزة خارقة لناموس البشر لم يرد ذكر لها في الكتاب المقدس وذلك لتبرئة أمه من حملها بغير رجل ... " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا "مريم 30 ... وبذلك أيضاً نفى السيد المسيح في كلماته هذه ما يعتقده النصارى بأن المسيح هو الله رب العالمين ... وأثبت بتلك الكلمات أيضاً أنه عبد لله ورسوله ... وبالتالي فليس هو الله أو ابنه أو كلمته أو ما شابه ذلك !!! وبرهنت هذه الكلمات أيضاً أن المسيح لدية بالطبع " إنجيل المسيح " أوحاه الله للسيد المسيح مباشره ليبلغه لقومه دون وسطاء أو كتبه ...
أبطل الله مكر اليهود بالسيد المسيح (رسوله الكريم) ولم يمكنهم من صلبه أو قتله ... " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا " النساء 157 ... إذن فماذا فعل الله برسوله الكريم المسيح عليه السلام آنذاك ؟؟؟ لقد رفع الله المسيح للسماء وأنقذه من أعدائه ... فلم يصلبوه ... ولم يقتلوه ... فالله غالب لا يقهر ... حكيم في أفعاله ... " بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا " النساء158
هذا وقد نزه القرآن الكريم السيد المسيح رسول الله عن الإهانة والبصق في وجهه ... الخ ... وجعله وجيهاً في الدنيا والآخرة ... " إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ... وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " آل عمران 45
ممـــــــــــا ســــــــــــبق
لقد أدرك القارئ الذكي مما سبق بالطبع وجود فروق جوهرية بين ما ورد في القرآنِ الكريم وشرائع اليهود والنصارى ... وأدرك أيضاً أن القرآن الكريم وبعد آلاف السنين من نزوله ونزول تلك الشرائع انه هو الذي يتمشى مع العقل والمنطق ... بل ومن الواضح أن القرآن الكريم قد صحّح وصوّب ما في تلك الشرائع بعد أن امتدت اليها يد البشر وادخلت فيها ما لم توحى السماء للأرض به !!! وهذا دليلٌ دامغ على أَنَّ القرآنَ الكريم هو رسالة السماء الأخيرة والصحيحة للأرض ... ومنطقياً لو كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم قد أَخَذَ مادَّتَه من شرائع اليهود والنصارى كما ادعى الناقد ... لأَخَذَ كُلَّ ما فيها ... خَطَأً كان أَو صواباً !!! وهذا أَمْرٌ لا يخفى على أي مُنْصفٍ محايد، يُفكرُ بعقلِه ويَبحثُ عن الحق ...
ولكن وبالرغم مما تقدم وما اتضح من الاختلافات الجوهرية بين القرآن الكريم وشرائع اليهود والنصارى ... إلا انه للإنصاف يجب ان نذكر أن هناك بعض نقاط اتفاق بين القرآن الكريم مع ما يزال في كتب اليهود والنصارى من الحق ... أي مع النصوص التي لم تمتد اليها يد البشر بالتحريف ... لأن كُتُبُ اللهِ يُصَدِّقُ بعضها بعضاً ... وتتوافقُ فيما تَعرضُه من معلوماتٍ وأَخبارٍ وحقائق ... فالقران لم يأتي بشريعة بدعاً من الشرائع الحق ... ولكنها موافقة في أصولها لما انزله الله على رسله السابقين من قبل " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ... وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ "الشورى 13 ... فاذا بقي في الكتب السابقة اثارة من الحق فجاء القرآن الكريم فوافق هذا الحق فليس في الامر أي شيء يستغرب ... ولماذا ؟؟؟ " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ ... وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ "يونس 37 ... أي وليس القرآن إلا مصدقاً لما سبقه من الكتب السماوية فيما جاءت به من الحق ... وموضحاً لما كتب وأثبت من الحقائق والشرائع ... تفسير المنتخب
وحتى ندلل على ما ذكرناه ... فهناك شرائع في الكتب السابقة أخبر القرآن الكريم انها في كتب السابقين وشرع الله مثل ذلك للمسلمين أيضاً ... " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا (أي في التوراة) أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ "المائدة 45 ... وسنجد مثل ذلك في انجيل متى 5/38 " «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ (أي في التوراة): عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. " ...
وأيضاً القرآن يخبر ان ما من نبي الا ويدعو للتوحيد ... " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ "الأنبياء 25 ... فإذا وردت الدعوة الى توحيد الله في التوراة " اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ "سفر التثنية 6/4 ... فهذا لا يعنى ان القران قد نقل ذلك من التوراة ... ولماذا ؟؟؟ لأن هذا الأمر من الحقائق والثوابت الأساسية التي اوحاها الله الى السابقين واوحاها أيضا الى محمد صلى الله عليه وسلم ...
وإذا كان القرآن الكريم أخبر أنه قد حذر اتباعه واتباع الأنبياء السابقين من الشرك بالله ... " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ... لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " الزمر 65 ... فإذا وجدنا في كتب سماوية سابقة بقية من الحق تحذر من الشرك أيضاً ... فهذا لا يعنى أن القرآن الكريم قد أخذ شرائعه من تلك الكتب ... لان النهى عن الشرك من الأمور الأساسية في أي شريعة سماوية !!!
لقد تحدث القرآن الكريم عن أنبياء سابقين لأخذ العبرة والعظة من قصصهم وهذا امر بديهي ... ولابد وان يكون ... فإذا تحدث الكتاب المقدس عن نفس هؤلاء الأنبياء (مع تحفظنا على ما نسبه إليهم من سقطات رفضها القرآن بالطبع وكما ذكرنا) فهذا لا يدل على أن القرآن قد أخذ شرائعه من شريعة اليهود أو النصارى !!!
إن من الجدير بالذكر وكما لا يخفى على القارئ الكريم ... أن أحكام الشريعة الإسلامية كانت تتنزَّل متدرجة حسب الحوادث والوقائع التي كانت تحدث آنذاك ... وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوقف في الحكم على بعض الأمور حتى ينزل الوحي عليه ليخبره بالحكم ... مما يدل على أنه ليس لديه علم سابق بهذا الأمر ... ولم يسأل أهل الكتاب عن ذلك ... وحتى ندلل على ذلك ... فإننا نذكر على سبيل المثال لا الحصر " حكم الظهار وكفارته " ... والذي نزل بعد الحوار الذي دار بين امرأة كانت تشكو زوجها عند الرسول ... فنزل على أثر ذلك قرآناً سجل هذه الواقعة في حينه وذكر الحكم في هذا الأمر ... حيث لا يمكن لعاقل بالطبع أن يقول أن تلك الواقعة أو ذلك الحكم وامثاله يمكن أن يكون مأخوذاً من شريعة اليهود أو النصارى!!!
" قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ...المجادلة 1-4
اما ادعاء الناقد بان القرآن الكريم اقتطف من أقوال (بولس ويعقوب وآخرين) ... فهذا كلام مرسل لم يؤيده الناقد بدليل أو أمثلة ... ولم يذكر سيادته للقارئ الكريم ... ماذا قال هؤلاء ... وماذا قال القرآن الكريم في المقابل في هذا الشأن لكي نتمكن من تفنيد ادعاء سيادته ... ولذلك فلن نلتفت الى ما ادعاه الناقد في هذا الصدد !!!
واللـــــــــــــه أعــــــــــــلم وأعظــــــــــــــم
يتبـــــــــــــــــــع بإذن اللـــــــــــــــــــه وفضله