6- ولذلك نجد رسالة مثل رسالة الى العبرانيين يحاول كاتبها أن يقلل من شأن الناموس عن طريق التقليل من شأن الكهنوت الهاروني لارضاء الامبراطور الروماني
ويستبدله بكهنوت أخر وبالتالي الغاء الناموس (من وجهة نظره) وصنع عقيدة تتفق مع هوى الحاكم الروماني الذى منع قراءة الشريعة واستخدام التقويم العبري
فنقرأ من تلك الرسالة :-
7 :11 فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال اذ الشعب اخذ الناموس عليه ماذا كانت الحاجة بعد الى ان يقوم كاهن اخر على رتبة ملكي صادق و لا يقال على رتبة هرون
7 :12 لانه ان تغير الكهنوت فبالضرورة يصير تغير للناموس ايضا
ثم يقول :-
7 :18 فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها و عدم نفعها
ثم يقول :-
8 :7 فانه لو كان ذلك الاول بلا عيب لما طلب موضع لثان
ثم يقول :-
8 :13 فاذ قال جديدا عتق الاول و اما ما عتق و شاخ فهو قريب من الاضمحلال
ومن تفسير القس أنطونيوس فكرى :-
(تغيير نظام الكهنوت كله استتبع تغيير الناموس. واستبدل العهد القديم بالعهد الجديد. لأنه يستحيل إقامة كهنوت جديد بنفس طقس هرون فطقس هرون ثبت عجزه عن التطهير بواسطة الذبائح الحيوانية.)
انتهى
فتغير الشخصيات والمسميات لا يغير العقيدة ولا يغير الأصول والقواعد الأساسية للدين ولا يغير التبرر بالتوبة و الأعمال ولا يأتي بعهد جديد يغير العقيدة
فالاشكالية والعيب لم يكن فى الناموس ولكن كان فى فساد بعض البشر الذين لم يحفظوا الناموس والكتاب
هذا الفساد الذى لا يزال موجود حتى بين من يعتقدوا بذبيحة الفداء الفادي الوحيد فهو لم يطهرهم
أي أنه ان كان هناك تغير فسوف يكون فى البشر الذين استؤمنوا على الشريعة وليس فى العقيدة .و لذلك أخبرهم المسيح عليه الصلاة والسلام أن التغيير سيكون فى انتقال الملكوت الى أمة أخرى (مت 21 : 43 ) ، ولم يخبرهم بتغيير العقيدة بل العكس لقد أكد على استمرارية عقيدة جميع الأنبياء
ب- فالكهنة كان تعينهم لحفظ بنى اسرائيل من أن يحيدوا ولحفظ الكتاب وتفسير الناموس ولكنهم خانوا الأمانة
وهذا لا يعنى تغير العقيدة و لا عبادة ثلاث أقانيم ولا وجود ذبيحة انسان الفادي الوحيد ، ولكن يعنى ما أخبر به المسيح عليه الصلاة والسلام بنى اسرائيل فى انجيل متى وهو انتقال الملكوت الى أمة أخرى ،
فنقرأ من انجيل متى :-
مت 21 :43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لامة تعمل اثماره
حيث انتقلت الأمانة الى أمة أخرى هي أيضا من نسل سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام ، أمة تحفظ الأمانة ولا تتخلى عن الكتاب و الشريعة الى ارتضاها رب العالمين للبشر
ج - كان هدف تلك الرسالة واضح جدا وهو اقناع المتمسكين بالشريعة من أتباع المسيح عليه الصلاة والسلام بالتخلي عنها لارضاء سياسة الامبراطور الروماني هادريان
الذى كان لديه الرغبة فى القضاء على الشريعة وأيضا القضاء على فكرة مجئ النبي الخاتم الذى سينصره الله عز وجل على جميع الكافرين وينتشر الدين الحق على يديه فى جميع العالم و ذلك لاخماد بنى اسرائيل حتى لا يظهر مرة أخرى شخص مثل شمعون بار كوخبا و تتكرر مرة أخرى ثورة بار كوخبا (والتي فشلت لأن شمعون بار كوخبا كان كاذب فلم يكن هو النبي الملك)
ولذلك نجد أيضا تلك الرسالة تحاول اقناع بنى اسرائيل أن المسيح عليه الصلاة والسلام هو على رتبة ملكي صادق و أنه كان النبي الملك الذى كان يبشر به جميع الأنبياء وأن الملك هو ملك روحي وسماوي وأن اليهود فهموا الأمر خطأ وأنه لن يأتي نبي أخر بعد المسيح عليه الصلاة والسلام ، ومحاولة لوى أزرع الكلمات والمفاهيم لتكون المعاني مطابقة لرغباتهم فى أنه لا نبي ملك يأتي بعد المسيح عليه الصلاة والسلام ويحارب الكافرين وينتصر عليهم
كل ذلك كان هدفه فى البداية هو قتل الروح المعنوية لدى بنى اسرائيل وخاصة الفئة التي أمنت بالمسيح عليه الصلاة والسلام فلا يقيموا الثورات ضد الرومان مرة أخرى
وكل تلك الأفكار الواردة فى رسالة العبرانيين لم يعرفها ولم يسمع عنها تلاميذ المسيح عليه الصلاة والسلام الحقيقيين
ففكرة أن المسيح عليه الصلاة والسلام كان على رتبة ملكي صادق لا نجدها فى أي رسالة الا فى رسالة الى العبرانيين والتي كانت فى نفس توقيت طرد الامبراطور هادريان لبنى اسرائيل (سواء كانوا يهود أو من أتباع المسيح عليه الصلاة والسلام ) من أورشليم عام 135 ميلادي بعد فشل ثورة بار كوخبا الذى زعم أنه المسيا المنتظر
للمزيد من الأدلة على زمان كتابة رسالة الى العبرانيين ، وكاتبها المجهول الهوية - راجع هذا الرابط :-