من كان بالله اعرف كان لله اخوف
:basmala:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد حقق النَّبيِّ :salla: العبودية تحقيقاً كاملاً، بأدبه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ مع ربه عز وجل اذ ليس هُناك أدنى شك بأن النَّبيّ :salla: كان قدوةً, وإماماً, ومثالاً, فريداً في أدبه مع الله عَزَّ وجَلَّ وسيرته عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حافلة بذلك
من المعاني العظيمة ما تدلنا، وترشدنا إلى أمور كثيرة، ومنها أدبه الجم مع الله عَزَّ وجَلَّ كثرة عبادته، وتهجدهُ، والانطراح بين يدي خالقه مع أنه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وصفه نفسه بكونه عبداً شكوراً ، وذلك تأدباً منه تجاه خالقه ومولاه
نبيٍّ بلغ درجة عظيمة في حبه، وخوفه،وتقواه،وورعه، وخشيته من خالقه سبحانه وتعالى كان صلوات ربي وسلامه عليه يحبُ الأعمال التي تقربه إلى الله عز وجل وترفعه درجات عند مولاه لتربية الأمة الإسلامية على هذا الخلق العظيم ، وهذه السجايا والصفات الطيبة والرفيعة
:048::048:
الله سبحانه وتعالى تفرد لنفسه بالبقاء واياته ودلائل عظمته مبثوثة في ارجاء الارض وطبقات السماء عظمه الانبياء والصالحون والاولياء و ضجوا اليه بالبكاء ومدوا اليه الايادي بالرحمة والدعاء الخالق الرازق سبحانه جل في علاه
:point2: التعريف بالله جل جلاله يتمّ في القرآن الكريم من خلال طريقتين
:ball3: بيان ما في المخلوقات من إبداع وإعجاز تدل على عظيم قدرة الله تعالى وبديع صنعه
:ball3: دراسة الآيات القرآنية التي تتحدث عن الله حديثاً مباشراً ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ونحن نؤمن بها بما يليق بجلاله من غير تكيف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل
:point2: لقد اتفق السلف الصالح على أنه يجب الإيمان بجميع أسماء الله الحسنى ، وما دلت عليه من الصفات ، وما ينشأ عنها من الأفعال ، فمثلاً : اسم الله القدير يجب الإيمان بأنّه سبحانه على كل شيء قدير ، والإيمان بكمال قدرته ، والإيمان بأنّ قدرته نشأت عنها جميع الكائنات .
و من الفوائد التي يجنيها المسلم من معرفة أسماء الله وصفاته التعرف على الله سبحانه وتعالى ، فأسماء الله وصفاته هي أعظم وسيلة تعرفنا بربنا سبحانه وتعالى ، وبدون ذلك سيبقى الإيمان بالله فكرة غامضة لا تعطي ثماراً طيبة
كذلك زيادة الإيمان فكلما علم العبد شيئاً عن الله وصفاته ازداد إيمانه
و الأجر العظيم الذي نحصله من وراء هذه المعرفة ، فتعلم هذه الأسماء والصفات أشرف ما يمكن أن يدرس ، وتعلمها وتعليمها خير عمل يقام به
:ball3: ان القرآن العظيم دلّ على أن مبحث الصفات يرتكز على ثلاثة أسس
الإيمان بما وصف الله به نفسه والإيمان بما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم (وما يَنطِقُ عَنِ الهوى (3)إن هو إلاَّ وحيٌ يُوحَى )[النجم 4]
وتنزيهه جلّ وعلا عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات المخلوقين . وهذا الأصل يدل عليه قوله تعالى : (ليس كمثله شيءٌ)[الشورى :11]، (ولم يكن لَّّهُ كفواً أحد )[الإخلاص :4](فلا تضربوا لله الأمثال)[ النحل:74] .
والأساس الثالث : الذي ترتكز عليه مباحث الصفات – كما يقول الشيخ الشنقيطي – قطع الأطماع عن إدراك حقيقة الكيفية ، لأنّ إدراك حقيقة الكيفية مستحيل . وهذا نص الله عليه في سورة (طه110) حيث :007: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً)
إنّ الإنسان عاجز عن معرفة حقيقة الروح التي تتردد بين جنبيه ، وعاجز عن معرفة حقيقة الضوء الذي هو من أظهر الأشياء لديه ، وعاجز عن إدراك حقيقة المادة ، وحقيقة الذرات التي تتألف منها المادة ، فكيف يطمح إلى معرفة حقيقة الذات والصفات الإلهية ؟
عظمة الله سبحانه وتعالى
:007: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (لقمان 27)
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة (5/394):"يقول الله تعالى مخبراً عن عظمته ، وكبريائه ، وجلاله ، وأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، وكلماته التامة التي لا يحيط بها أحد ، ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها ، كما قال سيد البشر محمد :salla-s: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )(رواه مسلم) فقال تعالى :(ولو أنَّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ ) أي : ولو أنَّ جميع أشجار الأرض جعلت أقلاماً ، وجعل البحر مداداً ، ومدّه سبعة أبحر معه ، فكتبت بها كلمات الله تعالى الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسّرت الأقلام ، ونفد ماء البحر ، ولو جاء أمثالها مدداً" .
وصدق الله العظيم إذ يقول : (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )[الإسراء:85
والله سبحانه وتعالى يتكلم متى شاء كيف يشاء ، لا يشبه كلامه كلام المخلوقين ، وقد كلم الله بعض خلقه وكلموه ، منهم نبي الله موسى :007: (وكلَّم الله موسى تكليماً )[النساء : 164 ]،(ولمَّا جاء موسى لِمِيقَاتِنَا وكلَّمهُ ربُّه )[الأعراف:143]
وكلم الله آدم وحواء (وناداهما ربُّهما ألم أنهكما عن تلكما الشَّجرة وأقل لَّكما إنَّ الشَّيطان لكما عدوٌّ مُّبينٌ ) [الأعراف :22] .
ويكلم الله جبريل ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :salla: ( إنّ الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل : إنّ الله أحبّ فلاناً فأحبه ، فيُحبهُ جبريل ، ثم ينادي جبريل في أهل السماء : إنّ الله قد أحب فلاناً فأحبوه ،فيحبه أهل السماء ،ويوضع له القبول في الأرض ).رواه البخاري:13/461 ، ورقمه : 7458
والقرآن الكريم كلام الله حقيقة لا شك في ذلك، :007: (وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتَّى يسمع كلام الله ) [التوبة :6]
:1344::1344:
ونعلم أن الله سبحانه وتعالى متصف بصفة العلم ، وقد سمى نفسه سبحانه بعدة أسماء تفيد هذه الصفة ، منها (العليم ):007: (إنَّه هو السَّميع العليم )[الشعراء :220]، ومنها :(الخبير) ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون .ومنها (الحكيم ) ويختص بأن يعلم دقائق الأوصاف . ومنها :(الشهيد) ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر .ومعناه أنّه لا يغيب عنه شيء .ومنها (الحافظ )ويختص بأنّه لا ينسى ما علم .ومنها (المحصي ) ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النور ، واشتداد الريح ، وتساقط الأوراق ، فيعلم عند ذلك عدد أجزاء الحركات في كل ورقة
:ball3: الحسيب جل جلاله: الذي يحفظ أعمال عباده من خير وشر ، ويحاسبهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر
:ball3: القدوس جل جلاله : المعظّم المنزّه عن مماثلة المخلوقين
:ball3: القدير جل جلاله : فهو قدير بالاحاطة بالمكان والزمان والعاجل والاجل لا يفوته شيء , ولا يعجزه شيء ولا يتطرق اليه العجز
ان في وجود المخلوقات التي لا تحصى بتعدد اشكالها وبتنوع اصنافها برهان ساطع ودليل باهر وآية ظاهرة على كمال قدرة الله تعالى . وقد بسط الله سبحانه وتعالى تلك الدلائل في مواضع شتى من كتابه الكريم , فمخلوقاته سبحانه على تنوعها برهان على قدرته اللا متناهيه وارادته اللا محدودة جل جلاله
:ball3: القيوم جل جلاله: هو كامل القيومية ، الذي قام بنفسه ، وعظمت صفاته ، واستغنى عن جميع مخلوقاته .
من تمام حياته وقيوميته سبحانه أنّه لا ينام :007: (الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم لا تأخذه سنةٌ ولا نومٌ ) [البقرة : 255]،
والسنة : أوائل النوم ، والسنة والنوم نقص يتنزه الخالق سبحانه عنهما
:point2: تحقيق التوحيد :اي تخليص التوحيد وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، تخليصه من الشرك المنافي لأصل التوحيد و تخليصه من البدع التي تنافي كماله الواجب أو تنافي أصله إن كانت من البدع المكفرة و تخليصه من المعاصي التي تنقص من ثوابه وتؤثر فيه و تحقيق كمال مرتبة الإحسان و اليقين
:ball3: أن الشرك أعظم ناقض لكلمة التوحيد ، والتي منها سب الله والعياذ بالله وسب الدين وسب النبي الكريم الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} الأحزاب
:1052::1052:
انّ الله تعالى يحب أفعالاً معينة ، كما يحب كلاماً معيناً ، ويحبّ بعض خلقه الذين اتصفوا بصفات خاصة بيّنها وما أخبرنا بذلك إلا لكي نبادر إلى الاتصاف بما يحبّه من الأخلاق ، والقيام بالأعمال التي يحبها ، والإكثار من ذكر الكلام الذي يحبه ، وبذلك يحبنا سبحانه وتعالى .
:ball3: والله تعالى يحبّ المتقين :007: (إنّ الله يحبُّ المتَّقين ) [التوبة :4] ، ويحب المحسنين :(والله يحبُّ المحسنين) [ آل عمران : 146]، ويحبّ التوابين والمتطهرين :(إنَّ الله يحبُّ التَّوَّابين ويحبُّ المتطهّرين) [البقرة :222]، ويحب الصابرين : (والله يحبُّ الصَّابرين)[ آل عمران :146]، ويحب العادلين( إنَّ الله يحبُّ المقسطين )[المائدة : 42 ] ، ويحب المتوكلين (إنَّ الله يحبُّ المتوكلين )[آل عمران :159] ، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً :(إنَّ الله يحبُّ الَّذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنَّهم بنيانٌ مَّرصوصٌ )[الصف : 4].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله :salla: قال :(كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم).رواه البخاري : 11/206،ورقمه :1406
وقال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس :إنّ فيك خَصلتين يُحبهما الله:الحلمُ ، والأناةُ )رواه مسلم :1/48
وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أحبّ لِقاء الله أحبّ الله لقاءهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءهُ ) رواه مسلم : 4/2065
كما ان هناك أعمال لا يحبها الله ، بل يكرهها ويبغضها ، وكراهيته وبغضه – سبحانه وتعالى – حق على وجه يليق بذاته الكريمة ،
من هذه الأعمال الفساد (والله لا يحبُّ الفساد )[البقرة :205 ]وجاء في النصوص أنّه لا يحب :الكافرين ، والظالمين ، والمسرفين ، والمستكبرين ، والمعتدين ، والخائنين ، والفرحين . ولا يحب كل مختال فخور ، وكفّار أثيم ، وخوّان أثيم .
:flowers2::flowers2::flowers2:
يتحقق الإيمان بالله عز وجل بالاعتقاد بأن لهذا الكون رباً واحداً تفرد بخلقه وملكه وتدبيره وتصريف شئونه رزقاً وقدرة وفعلاً وإحياء وإماتة ونفعاً وضراً لا رب سواه، يفعل وحده ما يشاء ويحكم ما يريد، يعز من يشاء ويذل من يشاء ، بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم ، غني عما سواه ، له الأمر كله وبيده الخير كله ، ليس له شريك في أفعاله ، ولا غالب له على أمره ، بل الخلق جميعاً بمن فيهم الملائكة والإنس والجن عبيد له ، لا يخرجون عن ملكه وقدرته وإرادته سبحانه ،
وأفعاله لا تدخل تحت حصر ، ولا يحصرها عدد ،
وكل تلك الخصائص هي حق له وحده لا شريك له ، لا يستحقها أحد سواه ، ولا يجوز نسبتها ولا إثبات شيء منها لغير الله عز وجل .