بسم الله الرحمان الرحيم
قال الآلوسي في "روح المعاني":
قال أبو حيان: لم تُجمع "الأرض" لأنَّ جمعها ثقيل وهو مخالف للقياس، ورُبَّ مفردٍ لم يقع في القرآن جمعُه لثقله وخفَّة المفرد، وجَمْعٍ لم يقع مفرده كـ "الألباب".
وفي "المثل السائر" نحوه.
وقال بعض المحققين: جمعَ "السموات" لأنَّها طبقات ممتازة كلُّ واحدةٍ من الأخرى بذاتِها الشخصيَّة كما يدل عليه قولُه تعالى: ((فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات)) [البقرة: 29] سواء كانت متماسَّة كما هو رأي الحكيم أوْ لا كما جاء في الآثار أنَّ بين كلِّ سماءَين مسيرةَ خمسمائة عام، مختلفة الحقيقة لما أنَّ الاختلاف في الآثار المشار إليه بقوله تعالى: ((وأوحى فِى كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا)) [فصلت: 12] يدلُّ عليه، ولم يجمع "الأرض" لأنَّ طبقاتِها ليست متَّصفة بِجميع ذلك؛ فإنَّها - سواء كانت متفاصلة بذواتها كما ورد في الأحاديث من أنَّ بين كلِّ أرْضَينِ كما بين كلِّ سماءَين، أو لا تكون متفاصِلة كما هو رأي الحكيم - غيرُ مختلفة في الحقيقة اتفاقًا.
انظر: "روح المعاني" عند الآية 164 من سورة البقرة.
قال السيوطي رحمه الله في كتابه الإتقان :
( قاعدة في الإفراد والجمع
من ذلك السماء والأرض : حيث وقع في القرآن ذكر الأرض فإنها مفردة ولم تجمع بخلاف السموات لثقل جمعها وهو أرضون ولهذا لما أريد ذكر جميع الأرضين قال ومن الأرض مثلهن وأما السماء فذكرت تارة بصيغة الجمع وتارة بصيغة الإفراد لنكت تليق بذلك المحل لما أوضحته في أسرار التنزيل والحاصل أنه حيث أريد العدد أتي بصيغة الجمع الدالة على سعة العظمة والكثرة نحو سبح لله ما في السماوات أي جميع سكانها على كثرتهم يسبح لله ما في السماوات أي كل واحد على اختلاف عددها قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله إذ المراد نفي علم الغيب عن كل من هو في واحدة من السموات
وحيث أريد الجهة أتي بصيغة الإفراد نحو وفي السماء رزقكم أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض أي من فوقكم ) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلفظ السموات ورد في القرآن مجموعاً ومفرداً، وأما لفظ الأرض فلم يرد في القرآن إلا مفرداً، ولذا اختلف العلماء في سبب ذلك على أقوال:
القول الأول: أن السموات جمعت لأنها سبع، والأرض أفردت لأنها واحدة، وحملوا قول الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) [الطلاق:12]. على أن الأرض كرة واحدة منقسمة إلى سبعة أقاليم.
القول الثاني: أن نسبة سعة الأرض بالنسبة إلى السموات كحصاة في صحراء، فالأرض وإن تعددت كالواحدة بالنسبة للسموات، فاختير لها اسم الجنس.
القول الثالث: أن الأرض هي الدنيا، والله تعالى لم يذكر الدنيا إلا مقللاً لها، وأما السموات فليست من الدنيا، ولا يخفى ما في هذا القول!!، فإن كان المراد بالدنيا ما يفنى؟ فالأرض والسماء خلقتا في وقت واحد، وتفنيان في وقت واحد، قال تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [إبراهيم:48].
وإن أريد بالدنيا غير ذلك، فهذا إطلاق غير معهود.
القول الرابع: أن المقصود بالأرض السفل والتحت لا ذات الأرض، وهما (السفل والتحت) مما لا يجمع لفظه، ولذلك قالوا: لو أراد المتكلم قطعاً بعينها من الأرض صح الجمع، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين يوم القيامة" متفق عليه، ولما رواه النسائي وغيره في الحديث القدسي: "... لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله".
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...twaId&Id=13757
سؤال: لماذا جمع السماوات وأفرد الأرض؟
الجواب: وإنما جمع السماوات وأفرد الأرض للانتفاع بجميع أجزاء الأولى باعتبار ما فيها من نور كواكبها وغيره دون الثانية فإنه إنما ينتفع بواحدة من آحادها وهي ما نشاهده منها وقال أبو حيان: لم تجمع الأرض لأن جمعها ثقيل وهو مخالف للقياس، ورب مفرد لم يقع في القرآن جمعه لثقله وخفة المفرد، وجمع لم يقع مفرده كالألباب وفي المثل السائر نحوه، وقال بعض المحققين: جمع السماوات لأنها طبقات ممتازة كل واحدة من الأخرى بذاتها الشخصية كما يدل عليه قوله تعالى: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات} [البقرة: 9 2] سواء كانت متماسة كما هو رأي الحكيم أو لا كما جاء في الآثار أن بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام مختلفة الحقيقة لما أن الاختلاف في الآثار المشار إليه بقوله تعالى: {وأوحى في كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا} [فصلت: 2 1] يدل عليه، ولم يجمع الأرض لأن طبقاتها ليست متصفة بجميع ذلك فإنها، سواء كانت متفاصلة بذواتها، كما ورد في الأحاديث من أن بين كل أرضين كما بين كل سماءين أو لا تكون متفاصلة كما هو رأي الحكيم غير مختلفة في الحقيقة اتفاقًا. اهـ.
http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%...3&d822350&c&p1