أحقا ترجل فارس رمضان " الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد :
فها هي ساعات رمضان تصرمت ،
فبالأمس كنا نقول : أهلا رمضان واليوم نقول : إلى لقاء مبارك يا رمضان ،
جال في خاطري وأنا في آخر ليلة أحسبها من رمضان بل في آخر ساعة من ليله ،
هل سأصوم العام القادم مع المسلمين ؟
هل كُتبت في ليلة القدر
( فيها يُفرق كل أمر حكيم )
ممن سيموت هذا العام ؟
أم أحد قراء هذا المقال ؟
يا الله كم في الغيب من أمور لم تخطر ببال أحدنا ،
هذا يدخل قبره ولمَّا يبلغْ بعد ، وهذا يخرج للدنيا مايعلم ما كُتب له ، ما أحقرك يادنيا ،


أعود أخي القاريء فأقول لك ولنفسي الضعيفة :
رب رمضان هو رب الشهور كلِها ،
وأقول لنفسي ولك ما قاله ربنا سبحانه وتعالى لخير البشر ﷺ :
" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "
فَطبَّقَ هذه الآية رسول الله ﷺ كما قالت عائشة رضي الله عنها : كان عمل رسول الله ﷺ عمله ديمة .
رواه البخاري
والديمة في كلام العرب :
تطلق على المطر إذا استمر نزوله فترة طويلة ،
ففي رمضان كنا نُبكر للمسجد ، ونقرأ جزء كبيرا من القرآن ، ونقوم الليل مع الإمام حتى ينصرف ، ونُحافظ على السنن الرواتب ، وهجرنا المعاصي ،
وتصدقنا بشيء من أموالنا ؛
فقد ذقنا السعادةَ والأُنسَ ولذةَ القرب من الله ،
فهل سنخرج من طريق السعادة وننحرف عن الجادة ؟!
فأوصي نفسي المُقصرة وإخواني وأخواتي بوصية الله سبحانه وتعالى لعيسى عليه السلام :
" وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا " دمت : أي مستمرا ،
فكن بعد رمضان أُخيَّ أشد منك عبادة من رمضان لأن الدقيقة الواحدة تُقربك من الآخرة وتُباعدك من الدنيا،
والموت يأتي بغتة فكن على استعداد دائم لإجابة داعي الرحيل ،
قال الحسن رحمه الله :
ياقوم المداومة المداومة فإن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ : " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "أ.هـ .
إن العبد الصالح هو الذي يعبد ويجتهد في السنة كلِها ،
يقول ابن رجب :
هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير الآجال، ومواقيت الأعمال، ثم تنقضي سريعًا، وتمضي بعيدًا، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل باقٍ لا يزول، ودائمٌ لا يحول، هو في جميع الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقًيب مشاهد أ.هـ


فيا عبد الله : إياك أن تستبدلَ قُربك بُعدا ، وحُبك بُغضا ، فإن الله يُحب التوابين ،
وإياك أن تعود إلى السيئات التي أحسِبُك طُهِرت منها ، والمعاصي التي أحسبها مُحيت من صحيفتك .
الله أسأل أن يجعلنا ممن وفق لطاعة الله ، وممن صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا .