وفي الصباح تقابلت مع القس العجوز وأول ما قال ، قال لي :

لقد أصابني الأرق في شأن جنة عدن لأن الكتاب المقدس لم يتحدث في هذا الشأن ولا توجد أدلة ثابتة تشير بوضوح إلى مكان "جنة عدن" بالنسبة للجغرافية الحديثة ، ولكن بالرجوع إلى كتابات العلماء والدارسين في هذا الشأن توصلت بأن جنة عدن إنحصرت بين عدة دول منها :

- منطقة الشرق الأوسط بالقرب من بلاد ما بين النهرين.
- منطقة القرن الأفريقي، وحصراً في أثيوبيا.
- مدينة يافا الفلسطينية.
- جزيرة سريلانكا.
- جزر سيشل المتاخمة لسواحل شرق أفريقيا.
- مقاطعة جاكسون في ولاية ميسوري الأمريكية.
- منطقة باربانت
- منطقة ويريستول في ولاية فلوريدا الأمريكية.
- ولاية فلوريدا الامريكية.

والآن تحاول اسرائيل بمساعدة أمريكا الاستعانة بصور الاقمار الصناعية، وأجهزة المسح الطبقي المغناطيسي والليزري من أجل التوصل إلى تحديد مكان يتطابق مع الرواية الـ(توراتية) وتفسيراتها التلمودية، وذلك على النحو الذي يعطي مصداقية لأسطورة أرض صهيون.

مكسيموس : أشكرك على أهتمامك لحواري ولكن للأسف هذه المعلومات تنافي لما جاء بسفر تكوين .

فالمكان الوحيد الذي يمكن أن نتدارس حوله هو :

- منطقة الشرق الأوسط بالقرب من بلاد ما بين النهرين

إن بلاد ما بين النهرين أو بلاد الرافدين (بالإغريقية: Μεσοποταμία، "ميسوپوتاميا"، بمعنى بين النهرين) كانت من أولى المراكز الحضارية في العالم. وهي تقع حالياً في العراق وشرق سوريا ما بين نهري دجلة والفرات .

تكوين 2: 10
و كان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة و من هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس *اسم الواحد فيشون و هو المحيط بجميع ارض الحويلة حيث الذهب * و ذهب تلك الارض جيد هناك المقل و حجر الجزع * و اسم النهر الثاني جيحون و هو المحيط بجميع ارض كوش * و اسم النهر الثالث حداقل و هو الجاري شرقي اشور و النهر الرابع الفرات

فبالرجوع إلى سفر تكوين نجد بأن جنة عدن يخرج منها نهر ثم هذا النهر يتفرع منه أربعة أنهار منها دجلة والفرات .

ولكن بالرجوع إلى نهر دجلة نجده ينبع من مرتفعات جنوب شرق هضبة الأناضول في تركيا

أما نهر الفرات نجده ومنبعه بين بحيرة وان وجبل أرارات في أرمينيا وقره صو (أي الماء الأسود) غرباً ومنبعه في شمال شرقي الأناضول.

وأرمينيا تقع جنوب القوقاز، ومن الغرب تحدها تركيا وبالشرق أذربيجان وإيران في الجنوب الغربي وبالشمال جورجيا. العاصمة يريفان.

إذن جنة عدن يجب أن يتوفر بها نهر واحد ويتفرع منه نهري دجلة والفرات .

وطالما أن منبع نهر دجلة ليس له صلة بمنبع نهر الفرات وأنهم ليسا أحد رفعين من فروع نهر (أم) ، إذن : جنة عدن لم تكن على الأرض كما يدعى علماء اللاهوت واليهود .

والمفاجأة الأخرى أنه قد حاول علماء اللاهوت واليهود إيهام الرأي العام بأن كلمة "عدن" أصلها عبري يهودي، ولكنهم اصطدموا بمشكلة أن كلمة عدن موجودة بنفس المعنى في اللغات الأكادية والسومرية، على النحو الذي أسقط الأطروحة اللغوية القائلة بأن العبرية هي الأصل التاريخي اللغوي لمنشأ كلمة (عدن) ودلالتها المعنوية.

القس: مازال العلماء في بحث مستمر عن جنة عدن ولعلها تكون في اثيوبيا أو جنوب شرق اسيا.

مكسيموس :


طه
آية رقم : 123
قرآن كريم
قَالَ اهْبَطَا مِنَّهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى

فالهبوط من أعلى إلى أسفل ، وهذا يؤكد بأن جنة آدم كانت بالسماء وليست بالأرض

وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أخبرنا بأن الفرات والنيل هي من أنهار الجنة وقد جاء في كتاب بدء الخلق في صحيح البخاري في باب ذكر الملائكة: «...وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَاِذَا نَبقُهَا كَاَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرٍ، وَوَرَقُهَا كَاَنَّهُ اذَانُ الْفُيُولِ، فِي اَصْلِهَا اَرْبَعَةُ اَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَاَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ اَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَاَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ...». وجاء في صحيح مسلم أن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة»‏.

مكسيموس: لا عليك أيها القس العجوز ، فلقد قرأت من حيث انتهيت حتى وصلت إلى العدد الثامن من الفصل الثالث من سفر التكوين وإذا فيه ما حاصله إن الله جعل آدم في جنة عدن وقال له من جميع شجر الجنة تأكل وأما شجرة معرفة الحسن والقبيح فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت.

ثم خلق الله من آدم امرأته " حوا " وكانا عريانين وهما لا يخجلان لأنه ليس لهما شعور معرفة الحسن والقبيح. وكانت الحية أحيل حيوانات البرية فقالت لحوا أحقا قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت حوا: من شجر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا فقالت الحية للمرأة لا تموتان، بل إن الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفي الحسن والقبيح.

فلما أكلا منه انفتحت أعينهما " أي حصل لهما شعورا المعرفة " " وعرفنا أنهما عريانان فصنعا لأنفسهما مآزر ".

ولما انتهيت إلى هنا أطبقت سفر تكوين متضجرا ووضعته على الأرض مبهوتا قد أخذتني الحيرة التي كانت تعتريني كلما قرأت هده الكلمات المهولة.

القس : مالك يا عزيزي ، مالي أراك مبهوتا

مكسيموس: هل عند الله جل شأنه كذب وغش وخداع؟؟

القس: حاشا وكلا.

مكسيموس: كيف يقول الله لآدم: وأما شجرة معرفة الحسن والقبيح فلا تأكل منها لأنك بيوم تأكل منها موتا تموت.

وقد أكل آدم من الشجرة فلم يمت. وكيف لا يكون هذا الكلام من التوراة كذبا على الله وافتراء.

فهل ترضى أيها القس بأن تكون الحية أصدق من الله فإن التوراة تقول إن الحية قالت لحوا: لا تموتان بل يعلم الله إنه بيوم أكلكما من الشجرة تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفي الحسن والقبيح.

القس: الموت الذي خوف الله به آدم ليس هو الموت الجسماني بل هو الموت الروحي فإن آدم لما تعدى الوصية استوجب سخط خالقه وهذا هو الموت الروحي.

مكسيموس: قد رأيت هذا الكلام في كتاب جمعية الهداية المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان في الجزء الثاني صحيفة 131 ولكن نفس سفر تكوين يبين غلط هذا الاعتذار البارد. فإنها تقول: إن آدم قبل أكله من الشجرة كان لا يعرف الحسن والقبيح حتى إنه لا يميز أنه عريان ولا يخجل.

فليس له حينئذ حياة روحية بل إن ذلك همجية وموت روحي. وإن من يكون على مثل هذا الحال لا يدرك قبح المخالفة ولا يصح السخط عليه. وكيف يصح السخط على من لا يعرف الحسن لكي يعرف حسن الطاعة ويرغب فيها. ولا يعرف القبيح والشر لكي يعرف قبح المخالفة للوصية. يا ايها القس العجوز بل مقتضى العهد القديم أن أكل آدم من الشجرة أوجب له الحياة الروحية حيث صار كالله عارف الحسن والقبيح والخير والشر، وصار قابلا بمعرفته لأن يشرق في قلبه نور العرفان والإيمان والرغبة في الطاعة - فالعفو يا ايها القس العجوز - من هذا الجواب الساقط. وإني واثق بأنك تعرف غلطه ولكن لك في ذكره غرض لم أعرفه عاجلا. ويا ليتني عرفته.

القس: ولكن يمكن أن يكون معنى قوله " موتا تموت " إنه يصير ممن يعرض عليه الموت ولا يبقى خالدا وإن أكله من الشجرة يغرس في جسمه بذور الموت ويجعله مستعدا لأسباب الفناء. ومثل هذا التعبير جائز في الكلام.

مكسيموس: يا أيها القس العجوز وهذا الجواب أيضا لجمعية كتاب الهداية وإن نفس العهد القديم أيضا تبين غلطه فإنها توضح أن آدم لم يخلق للبقاء بل قد وقعت المحاذرة والتدابير الاحتياطية لئلا يأكل من شجرة الحياة فيعيش إلى الأبد ولأجل ذلك طرد من الجنة وأقيمت الحراسة على شجرة الحياة خوفا من أن يأكل آدم فتدوم حياته. كما ستسمعه. فالعهد القديم يقول. إن آدم من يوم خلق قد غرس التقدير في جسمه بذور الفناء.

والموت التقديري لازم له ومقدر على استعداد طبيعته قبل أكله من الشجرة.

القس: إن قرآن المسلمين يذكر بعض قصص العهد القديم فهل هو يذكر في قصة آدم مثل ما ذكره سفر تكوين ؟.

مكسيموس: إن القرآن قد كرر ذكر هذه القصة على حسب الدواعي لذكرها فلم يذكر أن الشجرة هي شجرة معرفة الحسن والقبيح ولم يذكر أن آدم قبل أكله منها كان لا يعقل الحسن والقبيح ولم يذكر أن الله خوفه بالموت .

فالقرآن في هذه القصة على ضد العهد القديم فينسب الكذب والخداع إلى الشيطان وأخرج من القصة كل خرافة.

القس : سامحنى يا مكسيموس فلدى بعض الارتباطات المهمة ولنتقابل مساءً لنكمل حديثنا ، روح القدس يحل عليك يا بني ويأخذ بيدك إلى الصواب ويلهمك الحق .

إلى لقاء المساء .