لتنفيذ السحر طريقتان يتبعها الشيطان من الجن للتسلط على الإنسان، فالسحر المسلط على الإنسان دائما ما يقرن بمس داخلي أو مس خارجي، وهذا بيان ذلك مختصرا:
سحر بمس داخلي:
وذلك بأن يلج الجني داخل جسم الإنسان ويتحكم في أجهزته الداخلية.
قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) (البقرة: 275).
عن عطاء بن أبي رباح قال: (قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. ( )
ذكره البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: (إني أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها). قال الحافظ: (وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن، لا من صرع الخلط).( )
فهذه أم زفر صحابية وامرأة صالحة مبشرة بالجنة، ورغم ذلك يصرعها الشيطان، وهذا النوع من السحر مشاع بين كل الناس، ولا يحدث في حق الأنبياء، لأن دخول اجساد الأنبياء من الأمور الصعبة على الجن لفرط حصانتهم، وعلى أسوأ تقدير فالجني يعلم أنه لو دخل فلن يخرج حيا أبدا، وعلى هذا يتردد في اقتحام جسد أي نبي من الأنبياء.
سحر بمس خارجي:
وذلك بأن يؤثر الجني بواسطة خواص المادة خارج الجسم في أجهزة الجسم الداخلية للإنسان.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) (الأعراف: 201).
وعلى هذا فيغلب عمل مثل هذا النوع من السحر على المتقين من عباد الله، وهو مما يتعرض له الرسل والأنبياء، ولا يمنع أن يصنع لغيرهم من الفجار.
والراجح أن هذا النوع من السحر هو الذي أصاب أيوب عليه السلام، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ص: 41).
المفضلات