عبد الستار غوري
ترجمة الأخت / مسلمة
لم يدع نبي الإسلام أبداً أن تعاليمه هي نتاج فكره الخاص. وقد دافع عنه القرآن الكريم في الآية الكريمة " وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم- صراط الله الذي له ما في السماوات والأرض ألا إلى الله تصير الأمور" سورة الشورى 52-53
وأما الشبهة التي تُثار حول تعاليمه صلى الله عليه وسلم ، وهي أن مصدرها الديانة اليهودية والنصرانية ، فإن من الجدير بالذكر أن مصادر تلك الأديان السماوية واحد وهو الوحي الإلهي ، وأن هناك وحدة في هدف تلك الأديان وهو إرشاد البشرية. لم يدّع نبي الإسلام أبداً أن ما جاء به هو دين فريد في نوعه. وقد وضح القرآن الكريم هذه الحقيقة " قل ما كنتُ بدعاً من الرسل وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليّ وما أنا إلا نذير مبين " سورة الأحقاف 9
إن التشابه في بعض الأمور الدينية بين الأديان السماوية الثلاث ناتج عن وحدة المصدر ، ومن المتعذر أن يكون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد اقتبس تعاليمه من الإنجيل وقد اعترف بعض المستشرقين بذلك ، فقد قال البروفيسور مونتجمري واط "(....) إن من المستبعد أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم قد قرأ الكتب الدينية اليهودية أو النصرانية [ص39] (....) ومن الأرجح أنه لم يقرأ أي كتاب آخر .
وقد شاركه ج.س.هجسن نفس الرأي بقوله " إن قاعدة نبوة محمد من ناحية مبدأية هي نفس تجربة وأعمال أنبياء بني إسرائيل. لكنه لم يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر. ومن الواضح أن تجربته كانت خاصة "
إن الإسلام طريقة حياة أوحى به الله من خلال نبيه لإرشاد البشرية جمعاء على مدى العصور والأزمان ، وقد حافظ دائماً على تعاليمه وأهدافه ، وكان من الممكن اعتباره سخيفاً لو اختلفت تعاليمه الأساسية التي تتناسب مع الزمان والمكان عما هي عليه ، فالله واحد وهو خالق وقيوم كل شيء ، لا شبيه ولا شريك له ، ويوم القيامة آت لا شك فيه ، كما وإن الجريمة والزنا والكذب والسرقة والقسوة...الخ كلها ذنوب قد تعرض مرتكبها للعقاب. أما الرحمة والصدق وإخراج الزكاة وخدمة جميع الكائنات والرفاهية الاجتماعية والفضائل فقد كانت حقيقة منذ مئات آلاف السنين ، وما زالت حقيقة إلى يومنا هذا وستبقى حقيقة عبر القرون القادمة. فكيف تكون تعاليم نبي مختلفة عن تعاليم نبي آخر مع وجود فترة زمنية بينهما قد تبلغ مئات بل آلاف السنين؟ وكذلك الحال بالنسبة للأحداث التاريخية ، ما عدا إحداث بعض التغيير فيها من خلال انعدام المسئولية أو الإهمال في توخي الدقة وقت تدوينها. من المهم معرفة تلك الحقيقة ، ومن واجب المستشرقين تعريف الجميع بها. يقول القرآن الكريم " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب " سورة الشورى 13
كان نبي الإسلام أُمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، ولم يكن لديه أي اتصال بأي مسئول ديني ، كما لم تتوفر لديه فرصة لتلقي العلم من أحدهم ، هناك حديث يروي أنه سافر ضمن قافلة تجارية مع عمه وولي أمره أبي طالب عندما كان في التاسعة أو في الثانية عشرة من عمره ، وقد توقفت القافلة في بصرى. وكان هناك راهب يعيش في صومعة وقد تعرف على محمد صلى الله عليه وسلم على أنه رسول رب العالمين. وعندما سُئل عن سبب ذلك ، قال إن كل شجرة وصخرة قد ركعت له ، وأن ذلك لم يحدث إلا للأنبياء. وقد أعاده أبو طالب إلى مكة المكرمة مع أبي بكر وبلال بناء على نصيحة بحيرا. لم يألوا المستشرقين جهداً في إثارة الشبهة حول تلك الحادثة ، والادعاء بأن نبي الاسلام قد اقتبس دينه من ذلك الراهب. لقد تركوا ثقافتهم وموضوعيتهم ودراستهم التحليلية ومستوى بحوثهم العالي الذي عُرفوا به وجعلوا من الحبة قُبة .
لقد روُي ذلك الحديث بواسطة سلسلة من رواة مختلفين (إسناد) ، وفي مجموعات مختلفة . وأقوى تلك الروايات رواية الترمذي ، وجميع الروايات الأخرى موضوعة بحيث أن لا أحد ممن جمعوا الأحاديث أعطاها أي اهتمام.
وهذه سلسلة رواة الحديث كما رواه الترمذي :-
روى الترمذي عن الفضل ابن سهل، عن عبدالرحمن ابن غزوان—عن يونس أبي اسحق – عن أبي بكر ابن أبي موسى عن أبيه [أبي موسى الأشعري] أنه قال : " ذهب أبو طالب إلى بلاد الشام....الخ"
قام العلامة شبلي نُعماني ومن بعده تلميذه العلامة س.سليمان ندفي بإجراء دراسة تحليلية لحادثة بحيرا في كتابهم " سيرة النبي صلى الله عليه وسلم" (7 مجلدات) باللغة الأردية ، وهذه خلاصة ملاحظاتهم التي وردت في المجلد الأول ( للشلبي) والمجلد الثالث ( لسليمان نفدي) : -
مع أن أحد الرواة – عبدالرحمن ابن غزوان – قد حصل على اعتراف من نُقاد علم أسماء الرجال (علم مصداقية رواة الأحاديث) لكن آخرين قد وجهوا له التهم. يقول العلامة الذهبي في كتابه " ميزان الاعتدال " أن عبدالرحمن يروي الأحاديث الضعيفة ، وأكثر تلك الأحاديث الغير مقبولة هو الحديث المتعلق بحادثة بحيرا. وكذلك فقد روى حديث المماليك المختلق. يقول حكيم " لقد روى حديثاً غير مقبولٍ عن الإمام الليث" وكتب ابن حبان " لقد ارتكب أخطاءً" . إن عبدالرحمن هذا قد روى ذلك الحديث من يونس ابن اسحق ، ورغم أن بعض النقاد قد أيدوا يونس لكنه يعتبر بشكل عام ضعيفاً وغير موثوق به. يقول يحيى : لقد كان مهمِلاً، واتهمه شُعبة بالغش. أما الإمام أحمد فقد صنف روايته بشكل عام على أنها غير موثوقة ولا قيمة لها. نقل يونس هذا روايته عن أبي بكر الذي بدوره روى عن أبيه أبي موسى الأشعري ، لكن ليس مؤكداً إن كان قد سمع الحديث من أبيه مباشرة ، ورفض الإمام أحمد ابن حنبل تماماً سماع أبي بكر عن أبيه ، مما جعل ابن سعد يصنف حديثه على أنه ضعيف. وبذلك فإن بالإمكان تصنيف الحديث على أنه منقطع ( أي انقطاع سلسلة الرواة).
وبعد هذا الموجز عن سلسلة رواة ذلك الحديث من كتاب سيرة النبي ، فإننا سنجري دراسة تفصيلية للرواة ، فعلينا أولاً أن نعطي وصفاً للراوي الأول أبي موسى الأشعري الذي كان أحد صحابة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، قال عنه ابن الأسير :
قالت جماعة من علماء الوراثة والسيرة الذاتية أن أبي موسى ذهب إلى مكة ، وتحالف مع سعيد ابن العاص ثم عاد إلى قبيلته. وبعد ذلك [بعد ليس أقل من 10-15 سنة] ذهب إلى مكة مع إخوته ، وتزامنت رحلته مع عودة المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة زمن فتح خيبر. يُقال أن الرياح قادت سفينتهم إلى أرض النجاشي ، حيث عاشوا لبعض الوقت. ثم انضموا إلى المهاجرين أثناء عودتهم من الحبشة إلى المدينة.
توفي أبو موسى ما بين عام 42-53 هجرية عن عمر ناهز 63 عاماً.
جمع حافظ شمس الدين محمد ابن أحمد ابن أسامة الذهبي معلومات مفصلة عن أبي موسى فقال: -
روي أن أبا موسى توفي عام 42 هـ.
يروي أبو أحمد الحكيم أنه توفي عام 42 هـ .
وفي رواية أخرى أنه توفي عام 43 هـ .
روى أبو نعيم أبو بكر ابن أبي شيبة ، ابن نمير وقعنب ابن المحرر أنه توفي عام 44 هـ .
أما الواقدي فإنه يقول إنه توفي عام 52 هـ ويقول المدائني " في عام 53 بعد المغيرة "
وذُكر في طبقات القرى " الحقيقة هي أن أبا موسى توفي في شهر ذي الحجة من عام 44 "
وقد سُجلت معلومات أخرى مشابهة من قبل المؤرخين :-
( أ ) ابن حجر العسقلاني
( ب ) ابن سعد
يتضح من ذلك أن :-
1- أبا موسى الأشعري قد توفي عن عمر ناهز 63
2- أنه توفي ما بين عام 42 – 53 هـ والأرجح أنه توفي عام 44 كما ذُكر الذهبي أعلاه
3- إذا كان قد توفي عام 42 هـ فإنه يكون قد ولد عندما كان عمرالنبي صلى الله عليه وسلم 32 عاماً أي من 20 – 23 عاماً بعد حادثة بحيرا.
4- لا يمكن بحال من الأحوال اعتبار أبي موسى الأشعري شاهد عيان للحادثة التي حدثت قبل ميلاده بمدة 20 – 34 عاماً وقبل 30 – 40 عاماً قبل بلوغه حيث أن درجة فهمه وتذكره لمثل تلك الحادثة تكون ضعيفة.
وحتى ولو لم يكن أبي موسى شاهد عيان فإن من الممكن قبول روايته لو أنه قال منذ البداية أنه سمع الحادثة من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، أو من أحد صحابته الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.
وفي غياب مثل تلك الرابطة فإن سلسلة الرواية تعتبر مقطوعة ، ويعتبر مثل ذلك الحديث "مرسل" أي تصنيفه ضعيف. وحتى لو أننا تجاهلنا تلك النقطة فإن لسلسلة الرواية عيوباً جدية أخرى تحول دون قبولها. فإن أبو بكر يروي الحديث عن أبيه أبي موسى الأشعري ، ولا يوجد دليل واحد على أنه سمع حديثاً عن أبيه وذلك لآنه توفي عام 106 هـ بينما توفي والده أبو موسى الأشعري عام 42 هـ عن عمر ناهز 63 عاماً كما روى الإمام شمس الدين الذهبي ، كما نورد هنا " يروي ابن سعد عن هيثم ابن عدي أنه مات عام 42 هـ أو لاحقاً..."
وهذا يعني أنه عاش 64 عاماً أو نحوها بعد وفاة أبيه مما يجعله لم يكن إلا صبياً وقتها.
وقد رفض الإمام أحمد ابن حنبل رفضاً قاطعاً إمكانية قبول روايته.
ويعتبره ابن سعد كاذباً ولا يؤخذ بقوله.
يقول الحافظ يوسف المزي أن اسمه كان إما عمار أو عامر. ويضيف : -
إنه روى الأحاديث عن: الأسود ابن هلال، البراء ابن عازب، جابر ابن سمره، عبدالله ابن عباس، علي ابن أبي طالب ومما قيل عنه خطأً عن أبيه أبي موسى الأشعري.
لقد نُقل الحديث من أبي بكر إلى يونس ابن إسحق. وكما ذكرنا فإنه ضعيف ولا يُعتمد عليه ومهمل بل وحتى ملفق. يقول أبو حكيم إنه غالباً ما يشعر بالحيرة والإحساس بالهذيان إزاء روايته. رغم أن بعض النقاد أيدوا وحتى قبلوا روايته إلا أن معظمهم يعتبرونه غير موثوق به. لقد جمع حافظ مِزّي معلومات مفصلة نوعاً ما عنه ، وأرى أن إلقاء الضوء على بعضها ضرورياً :-
يروي صالح ابن أحمد ابن حنبل المديني أنه كان يستمع إلى يحيى. وأنه قال عندما ذُكر يونس ابن إسحق: " كان الاهمال وعدم الاهتمام صفة متأصلة في شخصه ". يستشهد بُندار بقول سَلم ابن قتيبة "جئت من الكوفة. وقد سألني شعبة عمن رأيت هناك ، فقلت رأيت فلاناً وفلاناً ، وقابلت أيضاً يونس ابن اسحق ، ثم سألني وأي حديث نقل إليك ، فرويت له ما سمعت ، فسكت برهة قلتُ له أن يونس قال " قال لي بكر ابن ماعز" فقال شعبة " ألم يقل أن عبدالله ابن مسعود روى له ؟ (وكان ذلك مستحيلاً وبوضوح نظراً للفارق الزمني بينهما. وهذا يعني أن شعبة ينظر إليه على أنه مبتدع) . يقول أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبدالله عندما ذُكر اسم يونس ابن أبي اسحق يصنف روايته عن أبيه بأنها غير موثوقة. لقد أخبر أبو طالب أحمد ابن حنبل أن هناك إضافات على روايات الأشخاص في حديث يونس ابن اسحق. سمع ابنه اسرائيل ذلك ودَوّنه من أبي اسحق ، لكن لا يوجد أية إضافات كإضافات يونس. قال عبدالله ابن أحمد ابن حنبل " لقد سألت أبي عن يونس ابن أبي اسحق فأجاب أن رواياته ضعيفة ومشوشة (...) وأنه كذا وكذا " قال أبو هيثم أنه كان موثوقاً به ، لكن أحاديثه يصعب تصديقها واتخاذها دليلاً على شيء. وقال عنه الإمام النسائي بقوله لا ضرر من ورائه (...) توفي عام 159 أو 152 أو 158 والأصح أنه توفي عام 159.
أما الراوي التالي عبدالرحمن ابن غزوان فرغم أن معظم النقاد وضعوه في صف الرواة الأقوياء والموثوق بروايتهم ، إلا أنه لم يسلم من اللّوم فقد قال عنه الإمام مِزّي :-
قال ابن حبان عنه لقد اعتاد ارتكاب الأخطاء. فإن روايته لقصة المماليك عن الليث---عن مالك---عن الزهري---عن عروة---عن عائشة تؤلم وتزعج القلب (العقل). يقول محمد ابن جرير الطبري أنه توفي عام 207 هـ .
والآن يتبقى فقط الفضل ابن سهل ابن إبراهيم الأعرج. لقد كان راوياً قوياً ، ولكن هناك تحفظات بالنسبة له. يقول الخطيب البغدادي :-
قال لي أحمد ابن سليمان ابن علي المقرىء---أبو سعيد أحمد ابن محمد الملِني---عبدالله ابن عدي---قال "سمعتُ عبدان يقول أنه سمع أبا داود الساجستاني يقول أنه لم يُحب رواية بعض الأحاديث عن الفضل الأعرج" فسألته عن السبب. فأجاب كيف يمكن أنه لم يفوت منه أي حديث صحيح" . قال ابن عدي أنه سمع أحمد ابن الحسين الصوفي يقول أن الفضل ابن سهل الأعرج كان شخصاً ماكراً كالثعالب ومراوغاً ومخادعاً.
مما يجدر ملاحظته أنه لو أن راوياً واحداً قد وُجه له النقد ، أو أن هناك انقطاع في سلسلة رواة الحديث ، أو أن الراوي الأول لم يكن شاهد عين للحادثة ، فإن سلسلة الرواة بأكملها تصبح محل شك ، مما يجعل الرواية أو الحديث غير موثوق به.
بغض النظر عن ذكر أحد في هذا الحديث ، فإن معظم الرواة يُعتبرون بطريقة أو بأخرى مجروحين. وثانياً إن سلسلة الرواة تعتبر منقطعة. وأخيراً الراوي الأول ليس شاهد عين للحدث أو طرف فيه.
رغم وجود كل هذه العيوب وكون سلسلة الرواة في حالة مشكوك فيها ، فإن من الغريب أن عالماً باحثاً يتجرأ بل ويستشهد بذلك الحديث ويقدمه كدليل على موضوع هام هو الحادثة التي يتناولها الحديث المذكور على أنها المصدر الرئيسي لتعاليم النبي الدينية ؟
بعد القيام بدراسة خارجية لإسناد الحديث ، فإن نصه ومحتوياته يخضعان أيضاً للدراسة وهذا هو نص الحديث :-
سافر أبو طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الشام بصحبة بعض كبار رجال قريش في قافلة تجارية ، وعندما اقتربوا من الراهب بحيرا ، قرروا التوقف للاستراحة ، فذهب إليهم الراهب رغم أنه لم يكن يفعل ذلك عندما كانوا يمرون في رحلاتهم السابقة ، فهو لم يُعرهم أي اهتمام أبداً. وعندما كانوا يحطون رحالهم مر الراهب من وسطهم ، وتوجه نحو النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمسك بيده وقال "هذا رئيس العالم ، رسول رب العالمين ، وسيُعَينه الله رحمة للعالمين. فسأله كبراء قريش عن سبب قوله ذلك ، فقال "عندما ظهرتم من الممر ، فإن كل شجرة وحجر انحنت له ، ولم يحدث ذلك لأحد إلا لنبي ، وعرفته أيضاً بسبب خاتم النبوة الشبيه بالتفاحة الموجودة أسفل عظم كتفه ، ثم عاد وأحضر لهم طعام الغداء ، وكان نبي المستقبل مع قطيع الإبل. فأرسل له الراهب طعاماً. عندما حضر نبي المستقبل كانت غمامة تظله ، وعندما وصل وجد أن الرجال قد اتخذوا الأماكن الظليلة تحت الشجرة ، فجلس النبي فما كان من ظل الشجرة إلا أن انحنى فوقه. قال الراهب " أنظروا هنا! لقد خضع ظل الشجرة له ، وكان ما يزال واقفاً معهم ، ويطلب منهم عدم أخذ محمد صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الروم ، لأنهم سيتعرفون على صفاته ويقتلونه ، وفجأة ظهر سبعة أشخاص من الروم ، فرحب بهم الراهب وسألهم عن سبب زيارتهم ، فأجابوا " بلغنا أن النبي المنتظر سيأتي من مكان إقامته هذا الشهر ، ولذلك فقد أُرسل أشخاص إلى كل جهة وأُرسلنا إلى هذه الطريق". فقال الراهب "هل يوجد رئيس لكم من حيث جئتم ؟ أجابو نعم وقالوا إن فرقتهم أفضل فرقة مما جعل الرئيس يختارهم لتلك الجهة ، فسألهم الراهب" هل فكرتم ؟ هل بإمكان أحد أن يمنع إتمام مهمة قضاها الله ؟ وعندما أجابوا بالنفي حثهم على مبايعة النبي ، وبناء على طلبه أخبره الرجال أن أبو طالب هو ولي أمر محمد صلى الله عليه وسلم. ونزولاً على إصراره المتواصل بضرورة أن يعيده أبو طالب إلى مكة مع أبي بكر وبلال [أو أن أبي بكر هو الذي أرسل بلالاً معه ، وهذا لا يبدو نقلاً مناسباً] وزودهم الراهب بزيت وكعك كمئونة للطريق.