:: الرئيسية :: :: مقالات الموقع :: :: مكتبة الكتب ::  :: مكتبة المرئيات ::  :: مكتبة الصوتيات :: :: أتصل بنا ::
 
القائمة الرئيسية

 الصفحة الرئيسية

 منتدى الحوار

 نصرانيات

 حقائق حول الأناجيل

 حقائق حول المسيح بالأناجيل

 حقائق حول الفداء والصلب

 مقالات منوعة حول النصرانية

 كشف الشبهات حول الإسلام العظيم

 شبهات حول القرأن الكريم

 شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

 شبهات حول السنة المطهرة

 شبهات منوعة

 الإعجاز العلمي
 الأعجاز العلمي بالقرأن الكريم
 الأعجاز العلمي بالحديث الشريف
 الحورات حول الأعجاز العلمي بالإسلام

 كيف أسلم هؤلاء

 من ثمارهم تعرفونهم

Non Arabic Articles
· English Articles
· Articles français
· Deutsches Artikel
· Nederlands

 مقالات د. زينب عبد العزيز

 مقالات د. محمد جلال القصاص

 مكتبة الكتب

 مكتبة المرئيات

 مكتبة التسجيلات

 مكتبة البرامج والاسطوانات الدعوية

 البحث

 البحث في القرآن الكريم

 دليل المواقع

 أربط موقعك بنا

 اتصل بنا

إسلاميات

المتواجدون بالموقع

يوجد حاليا, 77 ضيف/ضيوف 0 عضو/أعضاء يتصفحون الموقع.

شبكة بن مريم الإسلامية - عن المسيح الحق - حقيقة يسوع الانجيل - عن تحريف الكتاب المقدس - نفي التثليث - عن الله محبه: شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

بحث في هذا الموضوع:   
[ الذهاب للصفحة الأولى | اختر موضوعا جديدا ]

شبهات حول الشفاعة
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

شبهات حول الشفاعة

لا يختلف المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الشافع المشفَّع يوم القيامة، وأن الشفاعة - في الجملة - ثابتة بالكتاب والسنة، واتفق أهل السنة والجماعة على إثباتها في أصحاب الكبائر الذين ماتوا ولم يتوبوا من ذنوبهم، في حين خالف المعتزلة والخوارج فيهم وقالوا: إن الشفاعة المذكورة في الكتاب والسنة ليست سوى رفع الدرجات وزيادة ثواب المشفوع فيهم من المؤمنين، أما أصحاب الكبائر فهم كفار في نار جهنم خالدون فيها أبدا، واستدلوا على ذلك بأدلة سنعرض لها بالنقد والتمحيص، ولكن قبل ذلك نورد من أدلة أهل السنة ما يتضح به صحة مسلكهم وسلامة منهجهم، وأن النص والإجماع معهم لا مع من خالفهم:

دلائل الشفاعة :

أدلة الشفاعة الواردة في القرآن أدلة عامة غير مفصلة، تدل بمجملها على ثبوت الشفاعة يوم القيامة، وقد جاءت الأحاديث النبوية مصرحة بذلك، فمن تلك الأحاديث:

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا ) رواه مسلم ، ولا شك أن من زنى أو سرق أو شرب الخمر لم يشرك بالله فهو ممن تناله الشفاعة إن شاء الله .

 

2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال – بخطاياهم، فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر – أي جماعات - فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل ) رواه مسلم .

3- حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي ) رواه الترمذي وأبو داود .

4- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير ) رواه البخاري ومسلم .

5- حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون ما خيرني ربي الليلة، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة، قلنا يا رسول الله ادع الله أن يجعلنا من أهلها، قال: هي لكل مسلم ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني .

فهذه الأحاديث وغيرها تثبت صراحة الشفاعة في أهل الكبائر، إلا أن المخالفين ردوا هذه الأحاديث بدعوى أنها أحاديث آحاد لا تثبت بها العقائد، وأنها على فرض صحتها محمولة على رفع الدرجات وزيادة الثواب .

والجواب عن ذلك أن يقال: كيف يصح حمل الشفاعة في الأحاديث السابقة على زيادة الثواب ورفع الدرجات ؟! وهي مصرحة بخروج المذنبين من النار ، وأن خروجهم يكون بشفاعة الشافعين، وأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، كل ذلك يرد هذا التأويل ويبطله، أما دعوى أن أحاديث الشفاعة أحاديث آحاد فدعوى مردودة على أصحابها، إذ قد نص أهل العلم على تواترها، وممن نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ ابن حجر العسقلاني ، و السخاوي ، والقاضي عياض وغيرهم، ويقول الإمام الباقلاني في تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل:" والأخبار في الشفاعة أكثر من أن يؤتى عليها، وهي كلها متواترة متوافية على خروج الموحدين من النار بشفاعة الرسول وآله، وإن اختلفت ألفاظها .. وقد أطبق سلف الأمة على تسليم هذه الرواية وصحتها مع ظهورها وانتشارها، والعلم بأنها مروية من الصحابة والتابعين، ولو كانت مما لم تقم الحجة بها لطعن طاعن فيها بدفع العقل والسمع لها على ما يقوله المعتزلة، ولكانت الصحابة أعلم بذلك وأشد تسرعا إلى إنكارها، ولو كانوا قد فعلوا ذلك أو بعضهم لظهر ذلك وانتشر ولتوفرت الدواعي على إذاعته وإبدائه، حتى ينقل نقل مثله، ويحل العلم به محل العلم بخبر الشفاعة، لأن هذه العادة ثابتة في الأخبار، وفي العلم بفساد ذلك دليل على ثبوت خبر الشفاعة وبطلان قول المعتزلة " ا.هـ .

ويؤيد ما سبق ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري من أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ينكرون على من أنكر الشفاعة، حيث ذكر من الآثار ما يؤيد ذلك فقال: " إن الخوارج - الطائفة المشهورة المبتدعة - كانوا ينكرون الشفاعة، وكان الصحابة ينكرون إنكارهم، ويحدثون بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأخرج البيهقي في البعث من طريق شبيب بن أبي فضالة قال: ذكروا عند عمران بن حصين الشفاعة، فقال رجل: إنكم لتحدثوننا بأحاديث لا نجد لها في القرآن أصلا، فغضب وذكر له - ما معناه - إن الحديث يفسر القرآن، وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن أنس قال: من كذب بالشفاعة فلا نصيب له فيها، وأخرج البيهقي في البعث .. عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: خطب عمر رضي الله عنه فقال: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار . ومن طريق أبي هلال عن قتادة قال: قال أنس : " يخرج قوم من النار، ولا نكذب بها كما يكذب بها أهل حروراء يعني الخوارج " ا.هـ ،

ومن خلال ما نقله الحافظ رحمه الله تعالى يتضح أن مسألة التكذيب بالشفاعة مسألة قديمة تصدى لها الصحابة رضوان الله عليهم، وبينوا زيفها وبطلانها.

ومع ذلك تمسك الخوارج والمعتزلة بنفي الشفاعة، واستدلوا بظواهر آيات من القرآن الكريم تنفي الشفاعة بإطلاق، فمن ذلك قوله تعالى: { فما تنفعهم شفاعة الشافعين }( المدثر: 48). وقوله تعالى:{ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون }(البقرة:28)، وبقوله:{ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون }(البقرة:123) وبقوله:{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون }(البقرة:254) وبقوله:{ وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع }( غافر:18) .

والجواب على هؤلاء أن مقتضى الفقه في الدين، واتباع سبيل المؤمنين هو الأخذ بمجموع ما ورد في الكتاب والسنة وعدم اجتزاء نصوصهما، وعدم الأخذ ببعض الكتاب والإعراض عن بعض، فإن ذلك دليل هوى ومسلك زيغ .

ونصوص الشفاعة الواردة في الكتاب على أقسام:

القسم الأول: نصوص ترجع الشفاعة لله، كقوله تعالى: { قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون }(الزمر:44).

القسم الثاني: نصوص تنفي الشفاعة بإطلاق، كالآيات التي استدل بها من أنكر الشفاعة .

القسم الثالث: نصوص تنفي انتفاع الكافرين بالشفاعة، كقوله تعالى:{ فما تنفعهم شفاعة الشافعين }(المدثر: 48)

القسم الرابع: نصوص تثبتها بقيود وتشترط لها شروطا، كقوله تعالى:{ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا }(مريم: 87 )، وقوله:{ يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا }( طه: 109) وقوله:{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له }(سبأ: 23) وقوله: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون }(الأنبياء:28)، ومجمل هذه الشروط التي تدل عليها الآيات السابقة هي: إيمان الشافع والمشفوع له، ورضا الله عنهما، وإذنه بالشفاعة .

ولا شك أن مسلك أهل العلم هو الجمع بين تلك الآيات وعدم اجتزائها أو الاستدلال ببعضها دون بعض، وعليه فالآيات التي تثبت أن الشفاعة لله جميعا لا إشكال فيها إذ مرد الأمر كله لله من قبل ومن بعد.

وأما الآيات التي تنفي الشفاعة بإطلاق فهي من المطلق المقيَّد، وتقييدها يكون بالآيات التي تثبتها بشروط، وتبقى الآيات التي تنفي انتفاع الكافرين بالشفاعة موافقة لعموم نفي الشفاعة، وهذا لا إشكال فيه، وبه تجتمع الآيات ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، وهذا الجمع بين الآيات هو ما قرره العلماء ، يقول العلامة ابن الوزير اليماني في الروض الباسم: "قوله تعالى:{ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة }(البقرة:254), فأطلق نفي الخلّة والشّفاعة في هذه الآية عن كلّ أحد, ثمّ قيّده في قوله تعالى:{ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتّقين } (الزخرف:67), وقال تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون }( الأنبياء/28), فأثبت الخلّة والشّفاعة لمن اتّقى, ولمن ارتضى بعد أن نفاهما مطلقاً, وكذلك ما ورد في خروج أهل الإسلام من النّار من صحيح الأخبار "، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية جوابا على من أنكر الشفاعة لأهل الكبائر بناء على الآيات السالفة: "وجواب أهل السنة أن هذا يراد به .. أنها لا تنفع المشركين كما قال تعالى في نعتهم: { ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين } فهؤلاء نفي عنهم نفع شفاعة الشافعين لأنهم كانوا كفارا ". ويقول العلامة الشنقيطي في أضواء البيان في تفسير قوله تعالى:{ واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون }(البقرة:48) قال : " { ولا يقبل منها شفاعة } ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقا يوم القيامة، ولكنه بيّن في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار، والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السموات والأرض . أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع ".

واحتج الخوارج والمعتزلة أيضا على إنكار الشفاعة بأن مرتكبي الكبائر كفار مخلدون في نار جهنم، لا يخرجهم الله من النار بعد أن يدخلوها لا بشفاعة ولا بغيرها .

والجواب عن هذه المسألة - التي تعدُّ من أقدم مسائل الخلاف بينهم وبين أهل السنة - قد سبق في بحث تحت محور العقيدة بعنوان: " شبهات من كفّر أصحاب الكبائر " .

وبهذا نكون قد أوضحنا بالدليل والبرهان، أن الشفاعة ثابتة لعصاة الموحدين، وأنه ليس مع من أنكرها دليل عقلي أو نقلي صحيح.

ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام أن المسلم وإن أثبت الشفاعة في أهل الكبائر وآمن بها، فلا ينبغي أن يكون إيمانه بالشفاعة سببا في تهاونه في ارتكاب المعاصي والآثام، فإن يوما واحدا في نار جهنم ينبغي للعاقل أن يعمل له من العمل الصالح ما ينجيه منه، وأن يبتعد عما يقربه إليه والله أعلم

………………………...

كتبة الاخ :المهاجم

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 5)
الرد على شبهة الصرع
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

الرد على شبهة الصرع

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد الصادق الامين وبعد

كان الوحى ينزل على رسول الله بطرق مختلفة وهذه الطرق هى :

1-الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وحيه

2- ما كان يلقيه الملك فى روعه من غير ان يراه كما قال النبى "ان روح القدس نفث فى روعى انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا فى الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق عل ان تطلبوه بمعصية الله"

3-كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه

4- ان يرى الملك فى صورته التى خلقه الله عليها

5- كلام الله له بلا واسطة وكان يوم المعراج

6- كان يأتيه فى مثل صلصلة الجرس وكان اشده عليه فيتلبس به الملك حتى ان جبينه ليتفصد عرقا فى اليوم الشديد الحر وحتى ان راحلته لتبرك به الى الارض اذا كان اكبها ولقد جاءه الوحى مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت ترضها

وقد جرى النصارى فى الطعن بكيفية نزول الوحى مجرى المستشرقين الذين ظهروا فىا لقرن التاسع عشر فة وقت كانت الموضه ايامها الصاق تهمة الصرع والهوس بكل العظماء ولكى نفند هذا الاتهام لابد لنا من تعريف الصرع اولا والصرع هو"مجموعة من الامراض المميزة باضطرابات متكررة فى الوظائف العصبية للمخ نتيجة اضطراب مستوى الكهربية فى المخ"

epilepsy:"Group of diseases charaterized by paroxysmal changes in neurological function caused by abnormalities in the electrical activites of the brain"

each episoide is called seizure ,seizure may be convulsve or non convulsne

اى ان النوبات اما ان تصحبها تشنجات او لا تصحبها تشنجات

types of epilepsy:

1- focal(جزئيه ) وهو طبعا خارج الحسابات

2- status epilepcy وهو ايضا خارج الحسابات

3- primary generalized وهذا هو المقصود

a-grand mal (tonic- clonic) وهذا هو المقصود

b- petite mal(abscence seizers) مرفوض طبعا لأنه عبارة عن فقدان للوعى بدون تشنجات

c- myoclonic وهو مرفوض ايضا لأنه عبارة عن انقباض سريع للغاية يؤثر على الجسم كله

d- atonic وهو مرفوض ايضا لأنه عبارة عن فقدان للقوة الموضوعيه تحفظ وضع الجسم

e- infantile وكل عاقل يعرف انه مرفوض من اسمه

ولنبدأ بدراسة النوع الذى يشتبه فى كونه المقصود

Grand mal( tonic - clonic)

وهو يتكون من ثلاث مراحل :

1-preconvulsive:ماقبل التشنج

خلالها يشعر المريض بخوف بدون سبب

2- covulsive: مرحلة التشنج

وتنقسم الى اربع مراحل :

-aura مقدمة

وبها هلاوس سمعية وبصرية

والهلوسة تعريفها هو "احساس ذاتى خاص بالشخص بدون مؤثر خارجى"

halhusination :" subjective sensation without external stimulus."

-loss of conciousness فقدان الوعى

-tonic stage مرحلة الانقباض

وتكون مصحوبة بانقباض عضلات الجسم متضمنه عضلات التنفس وتكون مصحوبة بازرقاق لون الجسم

-clonic stage (convution) مرحلة التشنجات

وعادة يحدث ازرقاق للجسم وكسور وعض اللسان وتبول لا ارادى وصعوبة فى التنفس

3- post convulsive stage مرحلة ما بعد التشنج

وفى هذه المرحلة ينام المريض لمدة تصل الى تسع ساعات وبعدها يعانى من صداع شديد ونسيان وارتباك وارهاق واحيانا شلل كامل مؤقت

اذا على مستوى الصورة الاكلينيكية اما على مستوى اسباب الصرع فان اسباب الصرع تختلف باختلاف الاعمار وتنقم الى :

0-2 years infant

2-12 years child

12-18 years adolescent

18-35 years young adult

above 35 years old adult وهذا هو المقصود       

وتتلخص اسباب الصرع فى هذا السن فيما يعرف ب cerebrovascular strock وهى تعرف على انها"فقدان للوعى بصورة جادة نتيجة لأنسداد احد الشرايين المغذية للمخ المتبوعة بشلل احد الاطراف او كلها"

وهى فى ابسط صورها تنتج عن شلل نصفى ز كما ان عدة نوبات من الصرع على مدى 23 عام بدون اى مضاعفات ككسور او عض اللسان او ما شابه شىء لا يصدق كما ان الموت فى هذه الحالات بدون علاج يحدث اثناء احدى النوبات

refrances :

- cecil **** book of medicine

- taber cyclopedic medical dictionary

ويتضح من السابق ان التحليل العلمى لهذه الشبهة كفيل بتفنيدها ولكن بقى شىء هو ان الرسول لم يكن وحده الذى هوجم فقد هوجم بولس ايضا وارجعوا الى ما قاله جيرالد ميسادييه الذى تكلم عن العلاقات الحميمية التى جمعت بين بولس وكل من تيوثاثى واوينزيم الذين احبهما "وفقا للجسد "على حد قوله ز ولم يكن هو الوحيد فهناك العديد من الباحثين الذين تعرضوا لها ومنهم الاب الطبيب مارك اوريزون وخصوصا ان بولس تزوج من ابنه الحاخام ثم طلقها وهاجم الزواج بعد ذلك

 فضلاً عن هذا فالصرع كان مرضًا معروفًا لعرب الجاهلية و لم يكن ليغيب عنهم كون رسول الله صلى الله عليه و سلم مصابًا به لو كان حقًا .

و الدليل على هذا رواية أم زفر الشهيرة في الصحيحين .. ففي صحيح البخاري كتاب المرضي حديث رقم 5220 :

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ .

و في صحيح مسلم كتاب البر و الصلة و الآداب حديث رقم 4673 :

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَا حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو بَكَرٍ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ قَالَتْ أَصْبِرُ قَالَتْ فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا .

قال الإمام النووي في شرحه للحديث : (( حَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي كَانَتْ تُصْرَع وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّرْع يُثَاب عَلَيْهِ أَكْمَلَ ثَوَاب )) .

و في مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث رقم 3070 :

حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَأَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ لَكِ أَنْ يُعَافِيَكِ قَالَتْ لَا بَلْ أَصْبِرُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ أَوْ لَا يَنْكَشِفَ عَنِّي قَالَ فَدَعَا لَهَا .

فهذا كله فيه دليل على كون الصرع مرضًا معروفًا للعرب الجاهليين و لم يكن يخفى عليهم إصابة الرسول صلى الله عليه و سلم به لو كان كذلك خاصةً مع وجود العديد من الصحابة ثاقبي النظر المعروفين بالفراسة و دقة النظر و الذين لم تكن تخفى عليهم أدق الملاحظات كعمر بن الخطاب مثلاً .

و الله الموفق .

.................................

....د/هشام عزمىmosslem_bكتبة الاخوة: 

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.25)
أخلاق محمد رسول الله
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

أخلاق محمد رسول الله

من الأدلة الواضحة على صدق النبي ( وصحة نبوته، أخلاقه الفاضلة، وآدابه الكاملة، وسجاياه الرشيدة، وفطرته الحميدة :

قال تعالى:( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( [القلم :4]، وقال سبحانه : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ( [التوبة:128]، وقال أيضا : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ( [آل عمران:159].

ومن ذلك أيضا قوله : ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( [التوبة:61].وجاء عن سَعْيدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أنه أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ ( ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ( ؟ قَالَ :مَنْ ؟ قَالَ: عَائِشَةُ فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا ، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ. فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ:يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ( . قَالَتْ : أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قُلْتُ:بَلَى. قَالَتْ : فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ ( كَانَ الْقُرْآنَ . قَالَ : فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ:أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ ( ...الحديث)(273).

وقد أُلفتْ في أخلاق النبي ( ، وشمائله العطرة، وصفاته الزكية، وعاداته الحميدة مؤلفات كثيرة، من أشهرها كتاب شمائل النبي ( للترمذي، ولأبي بكر المقري، ولأبي العباس المستغفري، وكتاب الأنوار في شمائل المختار للبغوي(274)،وغيرها كثير.

وهذه الأخلاق العظيمة شهد له فيها أعداؤه من كفار قريش وغيرهم، وكان متحليا بها قبل الإسلام وبعده ؛ (فإذا أنت صعدت بنظرك إلى سيرته العامة، لقيت من جوانبها مجموعة رائعة من الأخلاق العظيمة ، حسبك الآن منها أمثلة يسيرة، إذا ما تأملتها صورت لك إنساناً من الطهر ملء ثيابه ، و الجد حشو إهابه ، يأبى لسانه أن يخوض فيما لا يعلمه ، و تأبى عيناه أن تخفيا خلاف ما يعلنه ، و يأبى سمعه أن يصغي إلى غلو المادحين له : تواضعٌ هو حلية العظماء، و صراحة نادرة في الزعماء ، و تثبت قلما تجده عند العلماء . فأنى من مثله الختل(275) أو التزوير، أو الغرور أو التغرير ؟ حاشا لله !

أما هذه الأمثلة اليسيرة التي تتصل بالجانب الخلقي منه ( ، ورأينا الاكتفاء بها في الدلالة على ذدق نبوته ، فنجملها فيما يلي :

1- يتبرأ من علم الغيب :

جلست جويريات يضربن بالدف في صبيحة عرس الربيع بنت معوذ الأنصارية، وجعلن يذكرن آباءَهُنَّ من شهداء بدر حتى قالت جارية منهن : و فينا نبي يعلم ما في غدٍ . فقال : «لا تقولي هكذا ، و قولي ما كنت تقولين ». رواه البخاري(276). و مصداقه في كتاب الله تعالى : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله و لا أعلم الغيب ( [ سورة الأنعام الآية:60 ]، ( و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ( [سورة الأعراف الآية:188].

2- لا يُظهر خلاف ما يبطن :

كان عبد الله بن أبي السرح أحد النفر الذين استثناهم النبي من الأمان يوم الفتح؛ لفرط إيذائهم للمسلمين و صدهم عن الإسلام ، فلما جاء إلى النبي( لم يبايعه إلا بعد أن شفع له عثمان رضي الله عنه ثلاثاً . ثم أقبل على أصحابه فقال : « أما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حين كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ » فقالوا : ما ندري ما في نفسك ، ألا أومأت إلينا بعينك ! فقال ( : « إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ». رواه أبو داود والنسائي(277) .

3- خوفه من التقول على الله :

عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : دُعِي رسولُ الله ( إلى جِنَازةِ صبيًّ مِنَ الأنصارِ . فقلتُ : يا رسولُ الله طوبَى لهذا ، عصفورُ مِن عصافيرِ الجَنَّةِ، لم يعملِ السُّوءَ ولم يُدْرِكْه. فقال : « أو غيْرَ ذلك يا عائشةُ ، إنَّ الله خَلَق للَجنةِ أهلاً ، خلقهم لها وهم في أصلابِ آبائهم، وخلق للنارِ أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلابِ آبائهم ». رواه مسلم(278) .

وقال البخاري: بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ ( يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَيَقُولُ لاَ أَدْرِي أَوْ لَمْ يُجِبْ، حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيٍ وَلَا بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ(وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : سُئِلَ النَّبِيُّ ( عَنِ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَةُ(279).

( قَوْله : ( بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ ( يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْوَحْي، فَيَقُولُ لَا أَدْرِي , أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْي ) أَيْ كَانَ لَهُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْء الَّذِي لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِيهِ حَالَانِ:إِمَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَدْرِي، وَإِمَّا أَنْ يَسْكُت حَتَّى يَأْتِيه بَيَان ذَلِكَ بِالْوَحْيِ ،وَالْمُرَاد بِالْوَحْيِ أَعَمّ مِنَ الْمُتَعَبَّدِ بِتِلَاوَتِهِ وَمِنْ غَيْره ،وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ عِدَّة أَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث اِبْن عُمَر " جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيِّ (فَقَالَ :أَيُّ الْبِقَاع خَيْرٌ ؟ قَالَ : « لَا أَدْرِي ». فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَسَأَلَهُ فَقَالَ : « لَا أَدْرِي ». فَقَالَ : « سَلْ رَبّك »فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ انْتِفَاضَة. الْحَدِيث أَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ، وَلِلْحَاكِمِ نَحْوَه مِنْ حَدِيثِ جُبَيْر ابْنِ مُطْعمِ ،وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَس عِنْد اِبْن مَرْدَوَيْهِ ،وحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه ( قَالَ : « مَا أَدْرِي الْحُدُودَ كَفَّارَةُُُ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا ». هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِم) (280).

4- لا يدري ماذا سيكون حظه عند الله :

و لما توفي عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - قالت أم العلاء – امرأة من الأنصار - : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله . فقال ( : « و ما يدريك أن الله أكرمه ؟ » فقالت : بأبي أنت يا رسول الله ، فمن يكرمه الله ؟ قال : أما هو فقد جاءه اليقين ، و الله إني لأرجو له الخير ، و الله ما أدري و أنا رسول ما يفعل بي ».قالت : فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً ) رواه البخاري(281)، و مصداقه في كتاب الله تعالى : ( قل ما كنت بِدعاً من الرسل و ما أدري ما يفعل بي و لا بكم ( [ سورة الأحقاف الآية : 9 ] .

أتراه لو كان حين يتحامى الكذب يتحاماه دهاءً و سياسةً ، خشية أن يكشف الغيب قريباً أو بعيداً عن خلاف ما يقول ، ما الذي كان يمنعه أن يتقول ما يشاء في شأن ما بعد الموت، وهو لا يخشى من يراجعه فيه ، و لا يهاب حكم التاريخ عليه ؟ بل منعه الخُلق العظيم، و تقدير المسئولية الكبرى أمام حاكم آخر أعلى من التاريخ و أهله ( فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين ، فلنقصن عليهم بعلم و ما كنا غائبين ( [ الأعراف الآيتان : 6 ، 7 ] )(282).

ولنأخذ خلقا واحدا من أخلاقه على سبيل المثال وهو خلق الصدق:

فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ( وَرَهْطَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ( حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: « يَا صَبَاحَاهْ ».فَقَالُوا :مَنْ هَذَا فقالوا : محمد. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ :« يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ » فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ :« أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ » قَالُوا :مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ : « فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ». قَالَ أَبُو لَهَبٍ :تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا ؟! ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)(283).

فانظر إلى قولهم : (ما جربنا عليك كذبا) 0يعنى ولا حتى مرة واحدة ، قيلت هذه الكلمة أمام هذه الجموع، ولم ينكرها أحد، مع أنه عاشرهم أربعين سنة قبل أن يبعث ، ومع هذا ما جربوا عليه كذبا قط.

بل حتى من لم يعرفه كان إذا رآه علم أنه صادق :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ :لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ( الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ :قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ( ،فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ( عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ،وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ :« أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ »(284).

يقول ابن رواحة –رضي الله عنه-:

لو لم تكن فيه آياتٌ مبينةٌ كانت بداهته تنبيك بالخبر(285)

ومن سمع كلامه علم صدقه ؛ فقد روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :أَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ :إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ. فَقَالَ :لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ. قَالَ :فَلَقِيَهُ فَقَالَ :يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ ، فَهَلْ لَكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( :« إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ» . قَالَ : فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ . فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ : فَقَالَ : لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ . قَالَ : فَقَالَ : هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ . قَالَ :فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( :« وَعَلَى قَوْمِكَ ؟» قَالَ :وَعَلَى قَوْمِي . قَالَ :فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ( سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ :هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً . فَقَالَ :رُدُّوهَا ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ)(286).

واسمع لهرقل عظيم الروم –وكان من علماء النصارى- كيف استدل بهذا الخلق على صدق رسالة النبي (؛ عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ : أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ :أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ :أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا. فَقَالَ :أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ . ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ :قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ . فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ،ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ :كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ :هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ . قَالَ :فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ :لَا. قَالَ :فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ :لَا. قَالَ :فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَقُلْتُ :بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ :أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ :بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ :فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ :فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ :لَا . قَالَ :فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا. قَالَ :وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ .قَالَ :فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ :نَعَمْ. قَالَ :فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ:مَاذَا يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ :يَقُولُ : اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ، وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ :قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ : رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ . وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ : فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ : رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيه،ِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ،وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ،وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ ،وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ ،وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ؛ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ،وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، ولَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ،فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ،ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ( الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ( قَالَ أَبُو سُفْيَانَ :فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا ،فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ ،فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ . وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ، وَهِرَقْلَ سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ يُحَدِّثُ: أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ -قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ : وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ- فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ :إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَائِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ( ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ:هُمْ يَخْتَتِنُونَ. فَقَالَ هِرَقْلُ : هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ.ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ ( وَأَنَّهُ نَبِيٌّ فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرَّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ قَالَ :رُدُّوهُمْ عَلَيَّ ،وَقَالَ :إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا، أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ )(287)؛ فهرقل استدل بسيرته على صدقه ، وشهد له بالصدق أبو سفيان الذي كان في وقتها من ألد أعدائه، فهو رأس قريش وقائدهم.

إذن :من عاشره شهد بصدقه ، ومن رآه من أول وهلة شهد بصدقه ،ومن سمع كلامه شهد بصدقه، ومن سمع عنه ولم يره شهد بصدقه ، وعدوه شهد بصدقه، فهل بعد هذا مطعن فيه؟.

ومن المعلوم ضرورة أنه لا يمكن لرجل كاذب، مداوم على الكذب، ويدعي كل يوم أنه أتاه وحي جديد من الله تعالى، ومع هذا لم يستطع أحد أن يلاحظ ذلك عليه ويعرف حقيقته ، فإنه من كان في قلبه خلاف ما يبطن فلا بد أن يزل، وأن تعرف حقيقته بفلتات لسانه ولحن قوله، كما قال تعالى عن المنافقين :( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ( [محمد:30].

وقد روي عن عثمان بن عفان ( أنه قال :( ما أسر أحد سريرة إلا أبداها على صفحات وجهه وفلتات لسانه)(288).

(و اعلم أنك مهما أزحت عن نفسك راحة اليقين. وأرخيت لها عنان الشك، وتركتها تفترض أسوأ الفروض في الواقعة الواحدة، والحادثة الفذة من هذه السيرة المكرمة، فإنك متى وقفت منها على مجموعة صالحة، لا تملك أن تدفع هذا اليقين عن نفسك، إلا بعد أن تتهم وجدانك و تشك في سلامة عقلك ، فنحن قد نرى الناس يدرسون حياة الشعراء في أشعارهم، فيأخذون عن الشاعر من كلامه صورة كاملة؛ تتمثل فيها عقائده، وعوائده، وأخلاقه، ومجرى تفكيره، و أسلوب معيشته، و لا يمنعهم زخرف الشعر و طلاؤه عن استنباط خيلته(289) ، وكشف رغوته عن صريحه(290)؛ ذلك أن للحقيقة قوة غلابة تنفذ من حجب الكتمان، فتُقرأ بين السطور و تُعرف في لحن القول ، و الإنسان مهما أمعن في تصنعه و مداهنته لا يخلو من فلتات في قوله وفعله، تنم على طبعه إذا أُحفِظ أو أُحرج، أو احتاج أو ظفر، أو خلا بمن يطمئن إليه .

و مهما تكن عند امرئ من خليقة و إن خالها تخفى على الناس تعلم

فما ظنك بهذه الحياة النبوية، التي تعطيك في كل حلقة من حلقاتها مرآة صافية لنفس صاحبها، فتريك باطنه من ظاهره، و تريك الصدق و الإخلاص ماثلاً في كل قول من أقواله و كل فعل من أفعاله . بل كان الناظر إليه إذا قويت فطنته و حسنت فراسته، يرى أخلاقه العالية تلوح في محياه و لو لم يتكلم أو يعمل . و من هنا كان كثير ممن شرح الله صدورهم للإسلام لا يسألون رسول الله على ما قال برهاناً ، فمنهم العشير(291) الذي عرفه بعظمة سيرته ؛ و منهم الغريب الذي عرفه بسيماه في وجهه)(292) كما حصل لعبد الله بن سلام.

ثم إن الكاذب لو استطاع أن يكذب على كل الناس ؛ فإنه لن يكذب على نفسه ويصدِّقُ كذبه ،

ومن هذه الأمثلة على هذه الحقيقة قوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( [المائدة:67].

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :كَانَ النَّبِيُّ ( يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ( فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ( رَأْسَهُ مِنْ الْقُبَّةِ ، فَقَالَ لَهُمْ :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ».(293)، فهل هذا فعل كاذب ، كيف لكاذب أن يطرد الذين يحرسونه بزعم أن الله سيعصمه، وهو يعلم في قرارة ذاته كذب نفسه ،والعرب قد رمته عن قوس واحدة تتربص له في كل طريق ، ألا يخاف أن يغتال ؟!.

إن هذا الأمر لا يفعله إلا رجل صادق، يأوي إلى ركن شديد، واثق من أن الذي أرسله سيحميه من كل المخاطر.

ومن هذا الباب حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ ( فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ(294)، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا. قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ ،فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ ( مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ ( فَاخْتَرَطَهُ(295) ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ( : أَتَخَافُنِي ؟ قَالَ :« لَا ». قَالَ :فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قَالَ :« اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ». وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ ( فَجِئْنَا، فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : « إِنَّ هَذَا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاخْتَرَطَ سَيْفِي، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي مُخْتَرِطٌ صَلْتًا(296)، قَالَ :مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قُلْتُ :« اللَّهُ ،فَشَامَهُ –يعني أدخله في غمده- ثُمَّ قَعَدَ فَهُوَ هَذَا » . قَالَ: وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ ( )(297).

(ومن أعظم الوقائع تصديقا لهذا النبأ الحق، ذلك الموقف المدهش الذي وقفه النبي ( في غزوة حنين ، منفرداً بين الأعداء، وقد انكشف المسلمون وولوا مدبرين، فطفق هو يركض بغلته إلى جهة العدو، والعباس بن عبدالمطلب آخذ بلجامها يكفها إرادة ألا تسرع ، فأقبل المشركون إلى رسول الله ( ، فلما غشوه لم يفر ولم ينكص، بل نزل عن بغلته كأنما يمكنهم من نفسه، وجعل يقول:« أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب » (298). كأنما يتحداهم ويدلهم على مكانه، فوالله ما نالوا منه نيلا، بل أيده الله بجنده، وكف عنه أيديهم بيده)(299).

ومن لطيف الاستدلال – في هذا المقام - استدلال بعضهم لصدقه بزواجه من أكثر من تسع نسوة ؛ ووجه ذلك أن الإنسان الكاذب قد يستطيع أن يتحرز من الناس في حياته الخارجية، بحيث لا يستطيع أحد أن يجد عليه كذبا ، لكن هذا لا يحصل للإنسان مع زوجته؛ فإن العادة جرت بسقوط كلفة وانبساط الرجل مع أهله ، وزوجته أعلم الناس بحاله ، فلما كان احتمال أن هذه الزوجة تتواطأ مع زوجها في إخفاء كذبه ؛ إذن للنبي ( أن يكثر من الأزواج، فالنبي ( مع كثرة أزواجه لم تنقل إحداهن عن حياته الخاصة إلا كل كمال يمكن أن يوصف به إنسان ، فلو أمكن أن تتواطأ واحدة ، فإنه لا يمكن أن يتواطأن كلهن على ستر كذبه، وإخفاء عيبه فهذا في غاية من البعد ، لاسيما أن بعضهن كصفية بنت حيي بن أخطب، التي تزوجها بعد أن حارب قومها، وقتل منهم الكثير، ثم سباها ثم أعتقها وتزوجها ،وأم حبيبة كان متزوجا لها وهو يحارب أباها أبا سفيان ، وجويرية بنت الحارث كانت من سبايا بني المصطلق، ثم أعاناها على مكاتبتها وتزوجها(300) ، ألم يكن لهؤلاء النسوة أكبر دافع للثأر منه، ولو بتشويه صورته حتى لو بعد موته ؟ بلى ، ولكن كل هذا لم يحصل فدل على صدقه.

فهذا خلق واحد من أخلاقه ( اُستدل به على صحة نبوته ؛ فما بالك بأخلاقه الأخرى.

……………………………..

كتبة الاخ: ابو عبدالله

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.16)
هل شك النبي صلى الله عليه و سلم
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

هل شك النبي صلى الله عليه و سلم

*قال الله تعالى
﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [ يونس : 94] أشكل فهم هذه الآية على طوائف من الناس ، وقالوا : كيف يقع الشك من النبي( ص) ؟ وكيف يؤمر بسؤال الذين يقرأون الكتاب من قبله ؟ . وقد أشار ابن القيّم رحمه الله إلى هذا الإشكال ، وبيّن معنى الآية ، وذكر ما قيل في تفسيرها من جوابات لهذا الإشكال ، وما الصحيح من تلك الأقوال ، فقال : ( وقال تعالى : ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ ، وقد أشكلت هذه الآية على كثير من الناس ، وأورد اليهود والنصارى على المسلمين فيها إيراداً وقالوا : "كان في شك ، فأمر أن يسألنا" . وليس فيها بحمد الله إشكال ، وإنما أتي أشباه الأنعام من سوء قصدهم وقلة فهمهم ، وإلا فالآية من أعلام نبوته( ص) ، وليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ، ولا السؤال أصلاً ؛ فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط ، بل ولا على إمكانه ، كما قال تعالى : ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ (الانبياء: من الآية22) ، وقوله : ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ﴾ (الاسراء:42) ، وقوله : ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ (الزخرف:81) ، وقوله : ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾(الزمر: من الآية65) ، ونظائره ؛ فرسول الله (ص) لم يشك ولم يسأل . وفي تفسير سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله قال : لا أشك ولا أسأل .([1]) وقد ذكر ابن جريج ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فإن كنت في شك أنك مكتوب عندهم فاسألهم .([2]) وهذا اختيار ابن جرير ؛ قال : ( يقول تعالى لنبيه : فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما أخبرناك ، وأنزلنا إليك - من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوتك قبل أن أبعثك رسولاً إلى خلقي ؛ لأنهم يجدونك مكتوباً عندهم ، ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتبهم - فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ، كعبدالله بن سلام ، ونحوه من أهل الصدق والإيمان بك منهم ، دون أهل الكذب والكفر بك .) ([3]) وكذلك قال ابن زيد ؛ قال : هو عبدالله بن سلام ، كان من أهل الكتاب فآمن برسول الله .([4]) وقال الضحاك : سل أهل التقوى والإيمان من مؤمني أهل الكتاب ممن أدرك نبي الله .([5]) ولم يقع هؤلاء ولا هؤلاء على معنى الآية ومقصودها ، وأين كان عبدالله بن سلام وقت نزول هذه الآية ؟! ؛ فإن السورة مكية ، وابن سلام إذ ذاك على دين قومه . وكيف يؤمر رسول الله أن يستشهد على منكري نبوته بأتباعه ؟!. وقال كثير من المفسرين : هذا الخطاب للنبي ، والمراد غيره ؛ لأن القرآن نزل عليه بلغة العرب ، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره ، كما يقول متمثلهم : "إياك أعني واسمعي يا جارة"([6]) ، وكقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ (الأحزاب: من الآية1) ، والمراد أتباعه بهذا الخطاب . قال أبو إسحاق : إن الله تعالى يخاطب النبي ، والخطاب شامل للخلق . والمعنى : وإن كنتم في شك . والدليل على ذلك قوله تعالى في آخر السورة : ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ (يونس : من الآية104) .([7]) وقال ابن قتيبة : كان الناس في عصر النبي أصنافاً : منهم كافر به مكذب ، وآخر مؤمن به مصدق ، وآخر شاك في الأمر لا يدري كيف هو ، فهو يقدم رجلاً ويؤخر رجلاً ؛ فخاطب الله تعالى هذا الصنف من الناس ، وقال : فإن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد فسل . قال : ووحّد وهو يريد الجمع ، كما قال : ﴿ يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ (الانفطار:6) ، و : ﴿ يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ﴾ (الانشقاق:6) ، و : ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ﴾(الزمر: من الآية8) . ([8]) وهذا - وإن كان له وجه - ؛ فسياق الكلام يأباه ؛ فتأمله ، وتأمل قوله تعالى : ﴿ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ ، وقوله : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ (يونس:96) ، وقوله : ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ (يونس:99) ، وهذا كله خطاب واحد متصل بعضه ببعض . ولما عرف أرباب هذا القول أن الخطاب لا يتوجه إلا على النبي قالوا : الخطاب له والمراد به هذا الصنف الشاك . وكل هذا فرار من توهم ما ليس بموهوم ، وهو وقوع الشك منه والسؤال . وقد بيّنا أنه لا يلزم إمكان ذلك ، فصلاً عن وقوعه فإن قيل : فإذا لم يكن واقعاً ، ولا ممكناً فما مقصود الخطاب والمراد به ؟ قيل : المقصود به إقامة الحجة على منكري النبوات والتوحيد ، وأنهم مقرون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه ، وأن الله سبحانه أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه بذلك وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه ؛ فمن شك في ذلك فليسأل أهل الكتاب . فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة ، وأدلها على المقصود ، بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط ، ولم يسأل قط ، ولا عرض له ما يقتضي ذلك وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته : من شك فليسأل ؛ فرسولي لم يشك ولم يسأل . ) ([9]) الدراسة : تضمن كلام ابن القيم السابق مسألتين : المسألة الأولى : في المخاطب بهذه الآية : هذه المسألة فيها عدة أقوال ذكرها المفسرون ، وقد ذكر ابن القيّم منها ثلاثة : القول الأول : أن الخطاب على ظاهره للنبي (ص) ، وليس فيه دلالة على وقوع الشك ، ولا السؤال ؛ لأن الشرط لا يدل على وقوع المشروط ، بل ولا على إمكانه . فالنبي (ص) لم يشك ، ولم يسأل . وهذا ما رجحه ابن القيم رحمه الله . القول الثاني : أن الخطاب للنبي (ص) ، والمراد غيره ؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب ، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره . القول الثالث : أن الخطاب ليس للنبي (ص) ، وإنما هو للشاكين من الناس ، خاطبهم الله تعالى في هذه الآية ، وقال : فإن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد (ص) فسل . وهذا القول – وإن كان له وجه - يأباه سياق الآية – كما ذكر ابن القيّم - ؛ لأن الخطابات السابقة ، واللاحقة كلها موجهة للنبي (ص) . المسألة الثانية : في المراد بالذين يقرأون الكتاب من قبل النبي (ص) : ردّ ابن القيم على قول من قال : : إن كنت في شك من كونك مكتوباً عند أهل الكتاب في كتبهم فاسأل المؤمنين منهم كعبدالله بن سلام وغيره . ونص على أنه لا يتوافق مع معنى الآية ومقصودها ، وأنه لا يقبل من الناحية التاريخية ؛ لأن إسلام ابن سلام إنما كان في المدينة بعد الهجرة ، وهذه السورة مكية . وأيضاً ؛ كيف يؤمر رسول الله (ص) أن يستشهد على منكري نبوته بأتباعه ؟!. هذا ما ذكره ابن القيم في هاتين المسألتين ، وأما أقوال أئمة التفسير ؛ فتظهر من خلال هذا العرض : قرّر ابن جرير في أول تفسيره للآية ما نقله عنه ابن القيّم في كلامه السابق ، وذكر بعد ذلك أن النبي (ص) لم يشك ، وأن هذه الخطاب جار على أسلوب العرب في الخطاب حيث يقول القائل منهم لمملوكه : "إن كنت مملوكي فانته إلى أمري" ، والعبدُ المأمور بذلك لا يشكّ سيده القائل له ذلك أنه عبده . كذلك قول الرجل منهم لابنه : "إن كنت ابني فبرَّني" ، وهو لا يشك في ابنه أنه ابنه . قال ابن جرير : ( وهذا من ذلك ، لم يكن (ص) شاكاً في حقيقة خبر الله وصحته ، والله تعالى بذلك من أمره كان عالماً ، ولكنه جلّ ثناؤه خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضاً ؛ إذ كان القرآن بلسانهم نزل . ) ثم ختم تفسيره للآية بالتنبيه على أنه لو قال قائل : ( إن هذه الآية خوطب بها النبيّ (ص) ، والمراد بها بعض من لم يكن صحت بصيرته بنبوّته (ص) ممن كان قد أظهر الإيمان بلسانه ، تنبيهاً له على موضع تعرُّف حقيقة أمره الذي يزيل اللبس عن قلبه ..... كان قولاً غير مدفوعة صحته . ) ([10]) وبهذا يعلم أن قول ابن جرير موافق لما قرره ابن القيّم من نفي الشك عن النبي (ص) ، وأن هذا الأسلوب لا يدل على وقوع الشك ، ويتبين كذلك أنه يصحح القول الثاني . وأما المسألة الثانية ؛ فقد اختار غير ما رجحه ابن القيم ، وذكر أن المراد : المؤمنون من أهل الكتاب وبدأ ابن عطية بذكر قول قاله بعض المتأولين ، وهو أن "إن" هنا بمعنى ما النافية ، ثم ذكر أنّ هذا خلاف ما عليه الجمهور ، وهو أنها شرطية على بابها ، ثم قال مرجحاً : ( والصواب في معنى الآية أنها مخاطبة للنبي (ص) والمراد بها سواه من كل من يمكن أن يشك أو يعارض ) وقرّر ابن عطية كذلك : أنّ الذين يقرأون الكتاب من قبل هم من أسلم من بني إسرائيل ، كعبد الله بن سلام وغيره .([11]) وأشبع الرازي المسألة الأولى بحثاً ، وفصّل القول فيها تفصيلاً حسناً ، وسأذكر أهم ما أورده عند تفسيره لهذه الآية : بيّن أن في الآية احتمالين : الأول : أن يكون الخطاب فيها للنبي (ص) . والثاني : أن يكون الخطاب لغيره . وعلى الاحتمال الأول تحتمل الآية وجوهاً عدة ، هي أقوال للمفسرين . وقد ذكر سبعة وجوه ، أهمها وجهان : الوجه الأول : أن الخطاب مع النبي عليه الصلاة والسلام في الظاهر ، والمراد غيره . ويدل على صحة هذه الوجه أمور : الأول : قوله تعالى في آخر السورة : ﴿ قُلْ يأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى شَكٍّ مِّن دِينِي ﴾ (يونس: 104) ؛ فبين أن المذكور في أول الآية على سبيل الرمز هم المذكورون في هذه الآية على سبيل التصريح . الثاني : أن الرسول (ص) لو كان شاكاً في نبوة نفسه لكان شك غيره في نبوته أولى ، وهذا يوجب سقوط الشريعة بالكلية . والثالث : أنه بتقدير أن يكون شاكاً في نبوة نفسه ، فكيف يزول ذلك الشك بإخبار أهل الكتاب عن نبوته ، مع أنهم في الأكثر كفار ، وإن حصل فيهم من كان مؤمناً إلا أن قوله ليس بحجة ، لا سيما وقد تقرر أن ما في أيديهم من التوراة والإنجيل محرف . فثبت أن الحق هو أن الخطاب ، وإن كان في الظاهر مع الرسول (ص) ، إلا أن المراد هو الأمة ، ومثل هذا معتاد ؛ فإن السلطان الكبير إذا كان له أمير ، وكان تحت راية ذلك الأمير رعية ؛ فإذا أراد أن يأمر الرعية بأمر مخصوص ، فإنه لا يوجه خطابه عليهم ، بل يوجه الخطاب إلى ذلك الأمير ، ليكون ذلك أقوى تأثيراً في قلوبهم . الوجه الثاني : أن قوله : " فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ فافعل كذا وكذا " قضية شرطية والقضية الشرطية لا إشعار فيها البتة بأن الشرط وقع أو لم يقع ، ولا بأن الجزاء وقع أو لم يقع ، بل ليس فيها إلا بيان أن ماهية ذلك الشرط مستلزمة لماهية ذلك الجزاء فقط . والدليل عليه أنك إذا قلت إن كانت الخمسة زوجاً كانت منقسمة بمتساويين ، فهو كلام حق ؛ لأن معناه أن كون الخمسة زوجاً يستلزم كونها منقسمة بمتساويين ، ثم لا يدل هذا الكلام على أن الخمسة زوج ولا على أنها منقسمة بمتساويين ؛ فكذا ههنا ؛ هذه الآية تدل على أنه لو حصل هذا الشك لكان الواجب فيه هو فعل كذا وكذا ، فأما إن هذا الشك وقع أو لم يقع ؛ فليس في الآية دلالة عليه . وفائدة إنزال هذه الآية على الرسول r هي تكثير الدلائل وتقويتها ، مما يزيد في قوة اليقين وطمأنينة النفس وسكون الصدر . ولهذا السبب أكثر الله في كتابه من تقرير دلائل التوحيد والنبوة . وعلى الاحتمال الثاني : يكون المراد بالخطاب الصنف الشاك من الناس . وقد ذكر الرازي هنا ما ذكره ابن قتيبة في قوله الذي نقله ابن القيم ومع هذا التفصيل لم يصرح الرازي بترجيح أحد هذه الاحتمالات ، إلا أن سياق كلامه يدل على ميله للوجهين المذكورين تحت الاحتمال الأول . وفي المسألة الثانية ذكر الرازي أن المحققين قالوا : هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبدالله بن سلام ، وعبدالله بن صوريا ، وتميم الداري ، وكعب الأحبار ؛ لأنهم هم الذين يوثق بخبرهم . ثم قال : ( ومنهم من قال : الكل سواء كانوا من المسلمين أو من الكفار ؛ لأنهم إذا بلغوا عدد التواتر ، ثم قرؤا آية من التوراة والإنجيل ، وتلك الآية دالة على البشارة بمقدم محمد (ص) فقد حصل الغرض. ) ([12]) وبدأ القرطبي تفسيره لهذه الآية بقوله : ( الخطاب للنبيّ (ص) والمراد غيره ، أي : لست في شك ، ولكنّ غيرك شك ) ثم ذكر الأقوال الأخرى في تفسير الآية ، ومن الأقوال التي ذكرها : ( الشك ضيق الصدر ؛ أي : إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر ، وٱسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صَبْرَ الأنبياءِ من قبلك على أذى قومهم ، وكيف عاقبة أمرهم . والشك في اللغة أصله الضيق ..)([13]) ولم يصرح بترجيح أيٍّ من الأقوال التي ذكرها ، أو اختياره له ، غير أنه يفهم من طريقته في عرض الأقوال أن القول الذي بدأ به هو المعتمد عنده ، ويؤكد ذلك أنه ختم تفسيره لهذه الآية والتي بعدها بقوله : ( والخطاب في هاتين الآيتين للنبي (ص) ، والمراد غيره ) ([14]) ومما نص عليه أبوحيان هنا : · الظاهر أن "إن" في الآية شرطية ، خلافاً لمن جعلها نافية .([15]) · ( الذي أقوله : إنّ "إنْ" الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء ، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه ، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقوله تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ (الزخرف:81) · ومستحيل أن يكون له ولد ؛ فكذلك هنا : مستحيل أن يكون في شك ) وقرّر أن هذا الوجه لما خفي على أكثر الناس اختلفوا في توجيه الآية ، ثم ذكر ما ذكره المفسرون قبله من أقوال في معنى هذه الآية ([16]) واقتصر ابن كثير على ذكر قول من قال : إن رسول الله (ص) لم يشك ، ولم يسأل مبتدئاً بقول قتادة بن دعامة : بلغنا أن رسول الله (ص) قال : « لا أشك ولا أسأل »([17]) ثم قال : ( وهذا فيه تثبيت للأمة ، وإعلام لهم أن صفة نبيهم (ص) موجودة في الكتب المتقدمة التي بأيدي أهل الكتاب ... ثم مع هذا العلم الذي يعرفونه من كتبهم كما يعرفون أبناءهم يلبسون ذلك ، ويحرفونه ويبدلونه ، ولا يؤمنون به مع قيام الحجة عليهم ؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءايَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأٌّلِيمَ ﴾( يونس :96-97))([18]) وأما ابن عاشور فذكر أنه لا يستقيم من الاحتمالات في معنى الآية إلا اثنان : الأول : أن تبقى الظرفية التي دلت عليها " في" على حقيقتها ، ويكون الشك قد أطلق وأريد به أصحابه ؛ أي : فإن كنت في قوم أهل شك مما أنزلنا إليك ، أي : يشكون في وقوع هذه القصص ، كما يقال : دخل في الفتنة ، أي في أهلها . ويكون معنى ﴿ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ : فاسأل أهل الكتاب سؤال تقرير وإشهاد عن صفة تلك الأخبار يخبروا بمثل ما أخبرتهم به ، فيزول الشك من نفوس أهل الشك ؛ إذ لا يحتمل تواطؤك مع أهل الكتاب على صفة واحدة لتلك الأخبار . فالمقصود من الآية إقامة الحجة على المشركين بشهادة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قطعاً لمعذرتهم .
(أقرأ المزيد ... | 103470 حرفا زيادة | التقييم: 5)
دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة - نبوة محمد -ص-
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة - نبوة محمد -ص-

دفع الشبهات المثارة من جانب " ناهد متولي " في مناظرتها مع الشيخ منصف عن نبوة الرسول صلى الله علية و سلم و التي جرت في البال توك ))

الشبهه الأولى

اقتباس: 

 س1 : ما هو البرهان الدامغ على أن الرسول صلى الله علية و سلم .. هو نبي من عند الله حقًا ؟  

الرد : نحمد الله سبحانه و تعالى و نستعينة ..

سألت السيدة ناهد سؤالا مفادتة ..

ما هو الدليل الذي يحتاجه العقل لكي يقتنع بأن مدعي النبوة صادق لا كاذب ؟

إن مدعي النبوة هو مخبر عن الله الخالق ،لذا كان لابد له من دليل يقنع به.

والدليل كان لابد أن يكون معجزة. أي سلوكا يخرق العادة على نحو يعجز عنه الكائن الإنساني. فتتم نسبة القدرة على هذا السلوك إلى غير الإنسان ، ومن ثم يتم تصديق الرسول .

لذا يقول الأمام الجويني رحمه الله " لا دليل على صدق النبى غير المعجزة . فإن قيل : هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبى غير المعجزة ؟ قلنا : ذلك غير ممكن ! فإن ما يقدر دليلا على الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا ، و إما أن يكون خارقا للعادة : فإن كان معتادا يستوى فيه البر و الفاجر ، فيستحيل كونه دليلا ، و إن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى ، فإذا لم يكن بد من تعلقه بالدعوى ، فهو المعجزة بعينها " . الارشاد ص 331.

لذا نلاحظ أن الديانات السماوية كلها كانت معززة عند أنبيائها بمعجزات كأدلة قابلة للتصور والتصديق.

فالمعجزة إذن هي الدليل على صدق النبي. ومن ثم فبحث نبوة محمد يستلزم النظر في معجزته ، للخلوص إلى تصديقها أو تكذيبها.

هذا هو إذن المسلك المنهجي الذي ينبغي سلوكه.

إذا فما معنى المعجزة ؟ ما هي شروطها ؟

قد عرضنا سابقا إلى شرط خرق العادة ، ونستمر في تدقيق مدلول المعجزة :

يمكن أن نقول مع الأمام السيوطي إن المعجزة :

" أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدى ، سالم عن المعارضة " . ( الأتقان فى علوم القرآن 2 : 116( .

و هناك مدلولا مشتركا يجمع بين كل الكتب التي تحدثت عن أدله النبوة ، بوصف المعجزة أن بها يتحقق صدق الرسول.

أما من حيث الشروط الواجب توفرها في هذة المعجزة التي يثبت بها صدق الرسول صلى الله علية و سلم يمكن أن نتفق على خرق العادة ، وإعلان التحدي ، وعجز المخاطبين عن المعارضة (أي الأتيان بمثل ما أتى به الرسول )

إذا اتفقنا على ما سبق يمكن بعد ذلك بحث حقيقة معجزة محمد صلى الله عليه و سلم ، ونختبرها وفق المعايير الشرطية الثلاثة:

- شرط خرق العادة.

- شرط إعلان التحدي

.- شرط عجز المخاطبين عن المعارضة.

لكن قبل هذا الأختبار نحتاج إبتداء إلى الأنتقال لمعالجة مسألة أخرى هي :

ما طبيعة معجزة محمد صلى الله علية و سلم و ما وجه تمييزها عن باقي معجزات الأنبياء ؟

أو بمعنى أصح لماذا جائت معجزة الرسول صلى الله علية و سلم الرئيسية و لا أقول الوحيدة ( القرآن الكريم ) معنوية و ليست حسية كمعظم المعجزات الرئيسية لأنبياء بني اسرائيل ؟

يميز علماء أصول الدين بين نوعين من المعجزات : حسية ومعنوية.

فالمعجزات الحسية كمعجزات موسى ( العصا- اليد---) ، ومعجزة عيسى (إحياء الموتى ، وإشفاء الأبرص ...) ،لكن هذا النوع من المعجزة يبقى محصورا عند من شاهدها أو عند من تناقل إليه الخبر بطريق متواتر يجزم بعدم إمكان الشك فيه.

ثم ثمة معجزة معنوية لا حسية ، وهي ما يؤكد علماء الأصول أنها المعجزة التي اختص بها سيدنا محمد ، ألا وهي معجزة القرآن.

و يجدر بنا هنا أن نشير إلى موقف الزملاء النصارى إزاء المعجزات المعنوية , أنهم يقررون أن المعجزة يجب أن تكون حسية مثل إحياء الموتى , إنهم يريدون بذلك أن يصلون إلى كون المعجزة ليست معنوية وبالتالي يجب على المسلم أن يترك الأحتجاج بالقرآن واعتباره معجزة !!

و أنا هنا أسأل ...

أليست المعجزة المعنوية في نص كتاب إذا تحقق فيها خرق عوائد البشر في القول ، وعوائد البشر في النبوغ والعبقرية ،فجاء النص بمعطيات يستحيل على طبيعة قدرة البشر في التفكير والصياغة الأتيان بمثلها يكون النص خارقا للعادة.أي خارقا لعادات البشر في التفكير ؟

فلماذا تحصرون خرق الطبيعة في خرق العادة الجارية في الطبيعة المادية ، وتستبعد خرق العادة الجارية في طبيعة التفكير البشري ومحدوديته؟

نحن كمسلمين نعتقد أن نبي الاسلام له معجزة معنوية أساسية هي القرآن. وله معجزات حسية , و هناك ثمة معجزة أخرى ألا و هي شخصية الرسول الكريم صلى الله علية و سلم .

فيمكننا المناقشة في أي منها .

و لكن الشئ الأساسي أن معجزة محمد صلى الله علية و سلم الرئيسية هي المعجزة المعنوية و هي القرآن الكريم .

و في مداخلتي تلك سأقتصر بالحديث عن معجزة القرآن الكريم .. فهي الدليل القاطع الذي لا يقبل الشك على نبوة محمد صلى الله علية و سلم .

وهنا يطرح السؤال ما السبب في كون معجزه أنبياء بني إسرائيل حسية ، بينما معجزة النبي ص معنوية أكثر منها حسية ( القرآن الكريم ) ؟؟؟

السبب في ذلك أن الاسلام مع محمد صلى الله علية و سلم كان موضوعا ليكون ديانة خاتمة ، ومن ثم ينبغي أن تكون المعجزة مستمرة ، وهذا مما لا يتحقق بمعجزة حسية تخرق عادة كونية ،فلا يراها إلا المشاهد الحاضر ،بل لابد من معجزة معنوية تخاطب الأنسان في مختلف لحظات تطوره.

وتلك المعجزة هي القرآن الكريم .

كما أن طبيعة المعجزة الأسلامية تفيد ضمنيا انتقال البشرية إلى طور جديد ، طور إقرأ ، طور الرشد والتفكير العقلي.

أجل ثمة معجزات من قبيل الطبيعة الحسية فقط تم تعزيز النبي ص بها ، لكن معجزته الأساسية تبقى هي القرآن.

لكن ما الدليل على صحة كون المعجزة المحمدية هي القرآن؟هل قال محمد بذلك ، أم أن هذا مجرد استنتاج من قبلنا أو من قبل العلماء؟

إن الدليل على ذلك نجده صريحا في القرآن نفسه حيث يقول مجيبا مشركي قريش الذين طالبوا بآيات / معجزات مادية حسية :

"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه، قل إنما الآيات عند الله و إنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم" (50 ،51- العنكبوت) .

كما أن النبي ص يؤكد نوعية المعجزة التي اختص بها حيث يقول :

"ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً" رواه البخاري .

نأتي الآن إلى المعايير الثلاثة التي يجب اختبار المعجزة بها:

قلنا إن المعجزة لابد أن تقرن بشرط التحدي.وإلا لم تسم معجزة تصديقية.

فهل تحقق هذا الشرط لمحمد ؟

أجل . فقد جاء التنزيل القرآني بتحد سافر يتلو بعضه بعضا :

ففي البداية جاء بخطاب يتحداهم بنبرة أشعرتهم بقوة مصدر التحدي ،حيث لم يتحد قبيلته فقط ، ولا حتى جميع قبائل العرب بل جاء بخطاب أوسع في لغة التحدي ،حيث قال :

"قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً" (88 –الإسراء).

ولم تأت استجابة للتحدي .

فجاء بتحد آخر فيه اقتدار على مزيد من إظهار عجز المتحدى – بفتح الدال وتشديدها- حيث قال :

"أم يقولون افتراه، قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله" (13، 14- هود).

وهنا إظهار للعجز على نحو أكثر سفورا ،فهو لم يطالبهم بأن يأتوا بالقرآن بل فقط بعشر سور مثله.

ولم يأت الرد!!!!!

وإمعانا في إظهار إعجاز المتحدى ، جاءت آية أخرى بأقسى مما سبق :

"وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله" (23- البقرة).

ما دلالة هذا التحدي ؟

لكي ندرك دلالته جيدا. يجب أن نستحضر شيئا من تاريخ العرب ، وخاصة تاريخهم الثقافي ،فقد كانت القبائل تتبارى في سوق عكاظ بمعارضة القصائد ، وكانت تعقد محاكمات للتفاضل بين الشعراء . ولم يقل شاعر بأن قصيده لا يمكن أن يؤتى بمثله أو بأفضل منه.

لكن محمد الذي لم يسبق أن سجل التاريخ أنه كان لديه إلمام أو تجربة شعرية ، بل لم يسجل التاريخ أنه تبارى يوما في عكاظ أو غيرها بنص شعري ، هذا الرجل يأتي بنمط من القول جديد في سبكه وصياغته . ثم لا يتحدى بلغاء وشعراء قبيلته فقط ، ولا يذهب إلى مجلس معارضة شعرية ليبز من حضر فيها فقط ،بل يعلن التحدي سافرا جامعا مانعا للجميع قائلا فأتوا بسورة من مثله.

من هنا ندرك أن هذا التحدي كان جارحا لكبرياء قريش ولكبرياء العرب.بل أسقطها في الحيرة من أمر هذا القول الفريد في أي جنس من أجناس القول ينبغي تصنيفه ، أجل إنهم عجزوا عن تصنيفه .

و لو سألنا أي عالم نفسي عن ردة فعل من كان في مثل مكانة قريش الشعرية و ألقى عليهم من لا باع له في الشعر أو غيرة هذا التحدي ماذا سوف تكون ردة فعلهم إزاء ذلك ؟

سيقول أنه بلا شك سيكون الحافز الرئيس عندهم هو الرد عليه و دحرة دحرا ..

و لكن قريش عجزت , بل و قد وقد بين القرآن الكريم عجزهم بهذا التدريج السابق الذي أتينا به .

أجل إنهم عجزوا عن تصنيفه .

بل الأقتدار على الرد عليه. وهنا أورد لكي الحادثة المشهورة للوليد مع الرد القرآني عليها :

جاء في الروض الأنف :

"ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به قال بل أنتم فقولوا أسمع قالوا : نقول كاهن قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه قالوا : فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا : فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا : فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟

قال والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة .. وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته . "

ويصور القرآن هذه الحيرة تصويرا غاية في البلاغة ، وكأنك تلمس حسا هذه الأختلاجات النفسية القلقة التي انتابت الوليد إزاء تصنيف القرأن ، ثم جحوده بعد علمه بكون آيات القرأن ما هي من قول شاعر ولا مجنون :

" ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ، سأرهقه صعودا ، إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر " .

وعود إلى التحدي . فأقول :

لقد تحقق في المعجزة إذن شرط التحدي و العجز عن الرد!!

وهكذا اجتمع في المعجزة القرآنية شرط التحدي والسلامة من المعارضة.

لكن تلاحظين مما سبق أنني لم أختبر المعجزة القرآنية إلا بالشرط الثاني والثالث:

أي شرط التحدي.والسلامة من المعارضة.

وقد نجحت المعجزة القرآنية في الأختبار ،إذ ثبت وجود التحدي. كما ثبتت سلامتها من المعارضة .

ستقولين لي قد قفزت عن الشرط الأول وهو خرق العادة.

اللهم إلا من مثال حيرة قريش في تصنيف القرآني حيث خرق عوائدها وأنماطها في الكلام.

لذا قد تسألينني هل تكتفي بخرق العادة بما سبق؟

أقول لا ..

بل إن بحث موضوع خرق العادة مبحث أعمق وأوسع مما سبق ،بل عليه يستند كل موضوعنا ، وهو إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.لذا فبحث ما في القرآن من معطيات أسلوبية ومعرفية هو ما يجب أن يكون موضوع ما نستقبل من محادثات بيننا . إذا اتفقنا على مفهوم المعجزة ومعاييرها.

فما هو الذي في القرآن الكريم يفيد القطع بأنه خارق للعادة و أنة ليس بمقدور من قبل البشر ؟

سؤال كهذا لن يكفينا أبدًا في حوار كهذا , بل و لن يكفينا سلسلة من الحوارات المستمرة , فالقرآن الكريم ينطق بكل حرف فيه أنه خارق للعادة أو غير مقدور من جهة البشر ..

و لكن سوف أقوم بالتدليل على أنة لم يكتبة محمد بطريقة فريدة من نوعها نوعًا ما ..

فسوف أفترض معكِ أنه من تأليف محمد صلى الله علية و سلم .. !!

ومن ثم فكل ما سأفعل هو أنني لن أنطلق من كون محمد نبيا ، ولا من كون القرآن من عند الله. بل سأنطلق من منطلق معكوس تماما ،أي من الفرضية التي تتبناها السيدة ناهد ،بمعنى أن القرآن ليس من عند الله ، وأن محمدا هو مؤلفه ، وبالتالي فهو نبي كاذب ( حاش و كلا ) لا نبي صادق مرسل.

ثم أقدم ضد هذه الفرضية بمجموعة من الانتقادات والتساؤلات المعترضة عليها ، وأطلب من السيدة ناهد أن تفسرها لي ما دامت هي تقول أن محمدا صلى الله علية و سلم ليس نبيا ، وأن القرآن من تأليفه.

لنفترض أن محمدا ليس نبيا رسولا ، وأن القرآن من نسج تأليفه .

أمام هذه الفرضية موانع قوية صلبة تحتاج لكي تصبح حقيقة علمية وتنتقل من مستوى الأفتراض أن تتخطاها ،، وأنبه السامع أولا إلى أن ما سيسمعه ليس أدلة إنما هي فقط دعوة للتفكير في ظاهرة نبوة محمد صلى الله علية و سلم ، فالأدله كثيرة و لن أطرحها الآن لقصر المداخله , و ربما ألخصها في مداخلتي القادمة , أما الآن في تلك المداخله فسنطرح فيها كل مرة فرضيات ونختبرها فأقول مستعينا بالله عزّ و جلّ :-

عندما بلغ محمد أربعين عاما قال بكونه نبيا رسولا .ثم أخذ في عرض قرأن يقول إنه من عند الله.

لنفترض أن القرآن هذا من عند نفسه ،أي من تأليفه . فالمطلب الأول هو أن نجد في النص القرآني حضورا لشخصية محمد ومشاعره . فالقرآن ليس نص فزياء ولا نص رياضيات يغرق في الرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعرواعتقادات وحوادث ونظم مجتمعية . ومثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها.

وعود إلى القول :

لنفترض أن القرآن هذا من عند محمد صلى الله علية و سلم

فما هو الأعتراض الأول على هذه الفرضية ؟

أولا :من بين الأسباب المشككة في هذه الفرضية أننا لا نجد في القرآن شخصية محمد صلى الله علية و سلم . فنص القرآن الذي ينقل لنا حوادث واقعية عاشها محمد صلى الله علية و سلم أو عاشها المحيطون به

"قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ..."

نجده وياللغرابة ! تغيب منه الحوادث المفروض أن تحضر بقوة فيه إذا كان محمد هو مؤلف القرآن ، وذلك مثل :

اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة. حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهوالذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!!

هل يستطيع شاعر أو أديب أ ن يتجاهل ذاتيته ؟؟؟

كيف استطاع محمد صلى الله علية و سلم أ ن يتجاهل ذاتيته ولم يعبر عن مكنون وجدانه في حق خديجة في نص قرآني ؟؟؟؟

كيف لا نجد ولو ذكرا واحدا لحوادث أخرى كان لابد أن تحضر لأنها أثرت فيه واستدرت الدمع من عينه مثل موت أبنائه الذكور واحدا تلو آخر. وخاصة إبنه إبراهيم الذي احتضر بين يديه ، وتوفي وهو بين ذراعيه ينظر إليه ؟؟

كيف تغيب مثل هذه اللحظات العصيبة من نص القرآن ،ونحن نعلم أن محمد صلى الله علية و سلم لم يكن رجلا جلفا يخفي شعوره ومشاعره بل كان يفخر بإظهار هذه المشاعر والتعبيرعنها ؟؟؟

محمد صلى الله علية و سلم كان يحب زورجته خديجة وزوجته عائشة ، ،لكننا لا نجد في القرأن سورة باسميهما ،في حين نجد اسم مريم يتكرر في القرآن 44 مرة ،بل ثمة سورة كاملة باسم مريم!!! كما لانجد ذكرا لأسم فاطمة ولا الحسن والحسين مع شديد حبه لهم؟؟

لماذا؟!!!!!!

بماذا تفسيرين يا سيدة ناهد مثل هذا الغياب لوجدانية محمد صلى الله علية و سلم إذا كان القرآن من تأليفه؟؟؟؟؟؟؟

هنا تهتز عندي الفرضية الأولى وهي أن القرآن من كتابة محمد.

ولا أسقطها بالتأمل السابق فقط بل أسقطها به وبكثير غيره من التأملات والأدلة والبراهين. لكن يكفيني في هذا المقام أن أقول بناء على ماسبق إن الفرضية منذ أولى لحظات امتحانها العلمي تهتز.

وأنتظر منكِ إسنادها بتفسير ما سبق وتعليله.

ثم نتابع...

ودائما مع اختبار فرضية أن القرآن من تأليف محمد وليس وحيا !!

ثانيا :

هناك معطى آخر يشكك في هذه الفرضية ، يتمثل في حادثة الإفك :

(أقرأ المزيد ... | 92200 حرفا زيادة | التقييم: 4.75)
دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة -ووجدك ضالا فهدى-
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة -ووجدك ضالا فهدى-

تقول ا " ناهد متولي "

س 2 : (( وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى)) هذا دليل على ضلال نبى الاسلام (ص) قبل الإسلام و أنة لم يكن لا حنيفا و لا عابدا .

الرد : نستعين بالله و له الحمد من قبل و من بعد ..

أولا:

من المعلوم يقيناً لكل باحث منصف أن رسول الله (ص) ما اتجه قلبه الشريف إلى غير رب العالمين حنيفاً و ما كان من المشركين ، و هذا الحق تجزم به العقول و يشهد له المنقول، قال ابن اسحق: [ شب رسول الله (ص) يكلؤه الله و يحفظه و يحوطه من أقار الجاهلية، لما يريد من كرامته و رسالته حتى بلغ أن كان رجلاً أفضل قومه مروءة، و أحسنهم خلقاً و أكرمهم حسباً ، و أحسنهم جواراً ، و أعظمهم حلماً ، و أصدقهم حديثاً ، و أعظمهم أمانة ، و أبعدهم عن الفحش و الأخلاق التى تدنس الرجل تنزهاً و تكرماً ، حتى ما اسمه فى قومه إلا الصادق الأمين، لما جُمع فيه من الأمور الصالحة ]

و قد أعد الله تعالى الأجواء و هىء الظروف لاستقبال النبأ العظيم بمبعث النبى الكريم، فاستلزم ذلك حفظه و حفظ دعوته من قبل أن تبدأ ، و من ذلك:

أ- حادثة الفيل الشهيرة، حين أراد أبرهة الأشرم و هو أحد النصارى الأحباش غزو الكعبة المشرفة و هدمها لتكون كنيسته الخسيسة التى بناها فى صنعاء قبلة للعرب عوضاً عنها ، فهزمه الله تعالى و أرنا فيه أية خالدة تشهد لصدق الرسالة المحمدية و لعظيم مكانة بيت الله الحرام، و هذه القصة متواترة فى كتاب الله و سنة نبيه المصطفى كما هو معلوم.

ب- حادثة إتيان الملكين رسول الله (صلى الله علية و سلم) و هو طفل صغير فشقا صدره الجميل و أخرجا قلبه فغسلاه و استخلصاه من نصيب الشيطان ، قال ابن اسحق [حدثنى ثور بن يزيد عن خالد بن ممدان عن أصحاب رسول الله (ص) أنهم قالوا له: أخبرنا عن نفسك، قال: نعم ، أنا دعوة أبى إبراهيم و بشرى عيسى عليهما السلام ، و رأت أمى حين حملت بى أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ، و استرضعت فى بنى سعد بن بكر ، فبنا أنا بهم اتانى رجلان عليهما ثياب بيض معهما ظشت من ذهب مملوء ثلجاً فأضجعانى فشقا بطنى ثم استخرجا قلبى فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فالقياها ، ثم غسلا قلبى و بطنى بذلك الثلج ....الحديث] قال الحافظ ابن كثير اسناده جيد قوى

و روى أحمد هذا الخبر من طريق بقية ابن الوليد ، و كذا رواه عبد الله ابن المبارك من ذات الطريق، و رواه ابن عساكر من طريق أبو داود الطيالسى و عن أبى ابن كعب ، و رواه مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ابن مالك

و هذه الروايات جازمة فى اثبات طهارة رسول الله (ص) و عصمته من غواية الشياطين منذ طفولته

ج- حادثة الراهب بحيرى حين مرت به قافلة قريش و بها رسول الله و هو ابن اثنتى عشر سنة، فأعد لهم وليمة ، و أخذ يتفرس فى رسول الله (ص) لما رأى فيه من علامات النبوة ، قال ابن اسحق [..... حتى إذا فزع القوم من طعامهم و تفرقوا قام إليه بحيرى و قال: يا غلام ، أسألك بحق اللات و العزى ألا أخبرتنى عما أسئلك عنه؟ و إنما قال بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بها، فقال رسول الله (ص) لا تسألنى باللات و العزى شيئاً، فوالله ما أبغضت شيئاً قط بغضها....الحديث ]

د- و كذلك فى الحديث الذى رواة الشيخان و بلفظ الإمام أحمد قال (حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏ابن جريج ‏ ‏أخبرني ‏ ‏عمرو بن دينار ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏يقول ‏ لما بنيت ‏ ‏الكعبة ‏ ‏ذهب النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وعباس ‏ ‏ينقلان حجارة فقال ‏ ‏عباس ‏ ‏اجعل ‏ ‏إزارك ‏ ‏على رقبتك من الحجارة ففعل ‏ ‏فخر ‏ ‏إلى الأرض ‏ ‏وطمحت ‏ ‏عيناه إلى السماء ثم قام فقال ‏ ‏إزاري ‏ ‏إزاري ‏ ‏فشد عليه ‏ ‏إزاره )

مسند جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه باقي مسند المكثرين مسند أحمد

فهذا الحديث أيضاً يشهد لرسول الله (ص) و كيف أن ربه تعالى عصمه من عادات الجاهلية السيئة حتى و إن لم تكن عقائدية !

ملحوظة:

عجبت من استخدام بعض الجهال من عباد الصليب لهذا الحديث للطعن فى رسول الله (ص) مع أنه يحكى واقعة حدثت قبل البعثة و قبل نزول الشريعة، و مع أن الحديث يشتمل على كرامة لرسول الله لا تخفى على ناظره، فهو دليل عصمته لا مطعن فى شخصه!! ، إلا أن منهج القوم الإنتقائى الناجم عن حقدهم الدفين على نبيهم صلوات الله و سلامه عليه ، مسخ أبصارهم و جعلهم يرون الحق باطلاً و الباطل حقاً ، و كان أولى بهم أن ينظروا حال أنبياءهم السكارى العراة الزناة ، أو حال إلههم الذى خلع منشفته التى كانت تستره ليمسح بها أقدام عباده! و الذى جرده العبيد من ثيابه و كشفوا عورته المغلظة و ألبسوه ثياب الأراجوزات! الحمد لله على نعمة الإسلام

ه- وكذا من المعلوم أن رسول الله (ص) كلن يعتزل قومه و يذهب للتعبد بغار ثور مختلياً بربه يناجيه بعيداً عن الأصنام و الاوثان و رجزهم،

فكل هذه الشواهد النقلية و غيرها تعكس لنا صورة رسول الله (ص) قبل الإسلام

حتى أننا نقرأ عن صفة مولد رسول الله (ص) أنه وُلد مسروراً مختوناً رافعاً رأسه إلى السماء

روى الحافظ ابن عساكر من حديث سفيان بن محمد المصيصي عن هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كرامتي على الله أني ولدت مختونا ولم ير سوأتي أحد ثم أورده من طريق الحسن بن عرفة عن هشيم به ثم أورده من طريق محمد بن محمد بن سليمان هو الباغندي حدثنا عبد الرحمن بن أيوب الحمصي حدثنا موسى بن أبي موسى المقدسي حدثني خالد بن سلمة عن نافع عن ابن عمر قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا مختونا

 

وقال البيهقي : "أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأني محمد بن كامل القاضي شفاها أن محمد بن إسماعيل حدثه يعني السلمي حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن أبي الحكم التنوخي قال : كان المولود إذا ولد في قريش دفعوه إلى نسوة من قريش إلى الصبح يكفأن عليه برمة ، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه عبد المطلب إلى نسوة فكفأن عليه برمة فلما أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عنه باثنتين ووجدنه مفتوح العينين شاخصا ببصره إلى السماء فأتاهن عبد المطلب فقلن له : ما رأينا مولودا مثله وجدناه قد انفلقت عنه البرمة ووجدناه مفتوحا عيناه شاخصا ببصره إلى السماء فقال : احفظنه فإني أرجو أن يكون له شأن أو أن يصيب خيرا ، فلما كان اليوم السابع ذبح عنه ودعا له قريشا فلما أكلوا قالوا : يا عبد المطلب أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه ما سميته ؟ قال : سميته محمدا قالوا : فما رغبت به عن أسماء أهل بيته ؟ قال : أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض قال أهل اللغة : كل جامع لصفات الخير يسمى محمدا كما قال بعضهم

ثانياً

أما قوله تعالى ((وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى)) فإن المقصود بالضلال هنا الغفلة ، أى كنت غافلاً عما تعلمه الأن من الشرائع و أسرار علوم الدين التى لا تُعلم بالفطرة ولا بالعقل، و إنما تُعلم بالوحى، فهداك الله إلى ذلك بما أوحى إليك ، فالمعنى هو الغفلة عن العلم و هذا كقول موسى عليه السلام لفرعون حين عايره بقتل المصرى((قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)) و معلوم أن موسى ما كان مشركاً قط ، بل كان من بنى إسرائيل و هم أهل التوحيد يومئذ، قال ابن كثير { أَيْ قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيَّ وَيُنْعِم اللَّه عَلَيَّ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّة قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ " وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ " أَيْ الْجَاهِلِينَ}

و الضلال جاء بمعنى الغفلة فى مواضع شتى فى كتاب الله كقوله سبحانه عن شهادة المرأة ((أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ))

و كقوله ((قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى )) و معلوم أن الله لا يضل لأن الهدى ليس إلا إليه أساساً، و إنما المعنى أى {لا يغفل ربى ولا ينسى}، و أيضاً كقوله جل و علا فيما يحكيه عن قول عشيرة يعقوب حين أخبرهم أنه يجد ريح يوسف ((قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ )) ،

و قول الشاعر:

و تـظـن سـلـمى أنـنـى أبـغى بـها بـدلاً أراهـأ فـى الـضـلال تـهـيـم

و كذا يدل على هذا قوله سبحانه و تعالى ((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) و قوله سبحانه و تعالى (( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)) و قوله و تعالى ((.. وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ))

و قوله سبحانه و تعالى ((وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ)) .

و الحمد لله رب العالمين

.......................................

hossam magdy كتب الاخ:

 

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 3.6)
دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة -أوزار النبي -ص-
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

دفع شبهات اللئيمة عن ذات الرسول الكريمة -أوزار النبي -ص-

تقول الملعونة " ناهد متولي "

س: و ماذا عن قوله سبحانه و تعالى (( ووضعنا عنك وزرك الذى انقض ظهرك )) ... ألا يدل ذلك على كثرة أوزار نبى الاسلام ) ؟!!

الرد : بعون الله سبحانه و تعالى و بحمدة نقول

فأما قوله تعالى ( ووضعنا عنك وزرك الذى انقض ظهرك ) فان معناه ليس كما ذكر المفسرين النصارى , بل كما بين المفسرون المسلمين للوزر المذكور فى الايه عده معان معا . منها ما اختاره ابو حبان وهو من ائمه اللغه العربيه الذين يدركون اساليب اللغه واسرارها وملخص ما قال ان ذلك كنايه عن عصمه النبى صلى الله عليه وسلم من الذنوب الكبيرة فمعنى ووضعنا عنك وزرك عصمناك من الاوزار التى من شأنها ان تقصم الظهور فلم يصدر عنك اى ذنب لا قبل النبوه ولا بعدها إلا أقل الصغائر التي فسرها القرآن الكريم و السنة النبوية فقط ( و لا تعتبر ذنوب ) وذلك حسن جميل تؤيده اللغه ويعضده العقل ومثال ذلك : تقول لغه للشخص العظيم الذى لا يستطيع زيارتك قد وضعت عنك عبئ الزياره بمعنى رفعتها عنك بالمره وان لم تحصل منه مطلقا . و قد تم رفع هذا الوزر فى حديث الملك الذى جاء الى رسول الله صلى الله علية و سلم و هو فى السادسة ليشرح صدرة و ينزع عنة بذرة الشيطان .. فهو عصمة من الوزر قبل اقترافة أصلا ..

وبعضهم فسر الوزر بما كان يجده النبى صلى الله عليه وسلم من الصعوبات الشديده التى كان يضعها المشركون فى سبيل الدعوه الى الله سبحانه و تعالى وجحدهم الشديد وعدم الاصغاء الى الحق الذى يخرجهم من الظلمات الى النور وهذا الامر كان حملا عظيما على عاتق النبى صلى الله عليه وسلم فقد كاد ان يهلك اسفا على عدم هدايه قومه وعنادهم فى أول الامر حتى قال له ربه( لعلك باخع نفسك على اثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا ) .

وهذا هو معنى قوله تعالى ( ووضعنا عنك وزرك ) ولكن اين لمن لا يعلم أسرار اللغة و الصم البكم الذين لا يعقلون ان يفهموا هذه الاسرار والمعانى الدقيقه ويعلموا انه لا يصح الاحتجاج بأيه الا اذا كانت نصا فى المعنى المقصود بحيث لا تحتمل سواه , لآن الدليل اذا طرقه احتمال لا يصلح دليلا .

..................................

ismael-y كتبة الاخ:

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.5)
حمايته من كل ما يكاد به ، ونجاته من كل محاولات الاغتيال
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

حمايته من كل ما يكاد به ، ونجاته من كل محاولات الاغتيال

وهذا الدليل استدل به اليهود على صدق النبي ( :

ففي حديث عائشة عندما سحر النبي ( لبيد بن الأعصم(320) ، (أَخْرَجَ اِبْن سَعْد بِسَنَدٍ لَهُ إِلَى عُمَر بْن الْحَكَم مُرْسَل قَالَ : لَمَّا رَجَعَ رَسُول اللَّه ( مِنْ الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْحَجَّة، وَدَخَلَ الْمُحَرَّم مِنْ سَنَة سَبْع جَاءَتْ رُؤَسَاء الْيَهُود إِلَى لَبِيد بْن الْأَعْصَم - وَكَانَ حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْق وَكَانَ سَاحِرًا - فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا الْأَعْصَم , أَنْتَ أَسْحَرنَا ، وَقَدْ سَحَرْنَا مُحَمَّدًا فَلَمْ نَصْنَع شَيْئًا، وَنَحْنُ نَجْعَل لَك جُعْلًا عَلَى أَنْ تَسْحَرهُ لَنَا سِحْرًا يَنْكَؤُهُ، وفي رواية اِبْن سَعْد : فَقَالَتْ أُخْت لَبِيد بْن الْأَعْصَم : إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ ،وَإِلَّا فَسَيُذْهِلُهُ هَذَا السِّحْر حَتَّى يَذْهَب عَقْله)(321).

وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ :أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ( بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ ،فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ. قَالَ : « مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ » (322)،ورواه أبو داود من حديث جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ : أَنَّ يَهُودِيَّةً مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً(323)، ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ ( ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ( الذِّرَاعَ فَأَكَلَ مِنْهَا، وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( :« ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ ». وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَدَعَاهَا ،فَقَالَ لَهَا :« أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ ؟ » قَالَتْ الْيَهُودِيَّةُ :مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ :« أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ فِي يَدِي ». لِلذِّرَاعِ ، قَالَتْ: نَعَمْ .قَالَ : «فَمَا أَرَدْتِ إِلَى ذَلِكَ ؟ ». قَالَتْ : قُلْتُ : إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَنْ يَضُرَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ . فَعَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ( وَلَمْ يُعَاقِبْهَا)(324).

وقد بدأت هذه المحاولات من بداية البعثة :

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ( :أَنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، فَتَعَاهَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى، لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ. قَالَ : فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا، فَقَالَتْ : هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِكَ فِي الْحِجْرِ قَدْ تَعَاهَدُوا أَنْ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ، قَالَ : يَا بُنَيَّةُ أَدْنِي وَضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ الْمَسْجِدَ ،فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا : هُوَ هَذَا. فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ وَعُقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ ، وَلَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَحَصَبَهُمْ بِهَا، وَقَالَ : «شَاهَتِ الْوُجُوهُ ». قَالَ : فَمَا أَصَابَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ حَصَاةٌ إِلَّا قَدْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا)(325).

وحادثة الهجرة عندما أرادوا أن يقتلوا النبي ( قبل هجرته، فجعل النبي ( مكانه عليَّ بنَ أبي طالب ،وخرج من بيته مع أن الكفار قد أحاطوا به من كل جانب ؛إلا أن الله قد أعمى أبصارهم عنه(326) ، وفي هذا يقول سبحانه : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ( [الأنفال:30].

وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ( -في حديث الهجرة الطويل،وفيه-:الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ ، فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا . فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ ، فَقَالَ:« اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ ».فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ ، فَقَالَ:يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ .قَالَ : «فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا ». قَالَ : فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ( ، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ )(327).

قال ابن حجر : (وفي قصة سراقة مع النبي( يقول سراقة مخاطبا أبا جهل:

أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه) (328)

واستمرت هذه المحاولات في المدينة أيضا، كما تقدم في حديث لبيد بن الأعصم ، وحادثة الشاة المسمومة في خيبر في السنة الخامسة وكذلك حادثة بني النضير الذي أرادوا أن يلقوا الصخرة على النبي( وهو جالس تحت بيت من بيوتهم ، فكان هذا سببا لجلائهم من المدينة(329) .

ولم تكن هذه المحاولات قاصرة على اليهود ، بل حتى كفار قريش كانوا مستمرين في ذلك؛فـ(عن ابن شهاب قال : لما رجع كل المشركين إلى مكة ، فأقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحِجْر ، فقال صفوان : قبح الله العيش بعد قتلى بدر. قال : أجل والله ما في العيش خير بعدهم ، ولولا دين عليَّ لا أجد له قضاء ، وعيال لا أدع لهم شيئا ، لرحلت إلى محمد فقتلته إن ملأتُ عيني منه ، فإن لي عنده علة أعتل بها عليه ، أقول قَدِمْتُ من أجل ابني هذا الأسير . قال : ففرح صفوان وقال له : عليَّ دينُك وعيالك أسوة عيالي في النفقة ، لا يسعني شيء فأعجز عنهم . فاتفقا وحمله صفوان وجهزه ، وأمر بسيف عمير فصُقِلَ وسُمَّ ،وقال عمير لصفوان :اكتم خبري أياما . وقدم عمير المدينة فنزل بباب المسجد وعقل راحلته ، وأخذ السيف وعمد إلى رسول الله ( ، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار ، ففزع ودخل إلى رسول الله ( ، فقال : يا رسول الله لا تأمنه على شيء . فقال : « أدخله علي ». فخرج عمر فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله ( ويحترسوا من عمير ، وأقبل عمر و عمير حتى دخلا على رسول الله ( ومع عمير سيفه ، فقال رسول الله (لعمر : « تأخر عنه ». فلما دنا عمير قال : أنعموا صباحا -وهي تحية الجاهلية -فقال رسول الله ( : « قد أكرمنا الله عن تحيتك، وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهو السلام ». فقال عمير :إن عهدك بها لحديث. فقال :« ما أقدمك يا عمير ؟ ».قال :قدمت على أسيري عندكم ، تفادونا في أسرانا ، فإنكم العشيرة والأهل . فقال : « ما بال السيف في عنقك؟». فقال :قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئا ، إنما نسيته في عنقي حين نزلت . فقال رسول الله ( : « اصدقني ما أقدمك يا عمير ؟ » . قال : ما قدمت إلا في طلب أسيري. قال : « فماذا شرطت لصفوان في الحجر ؟ ».ففزع عمير وقال : ماذا شرطت له ؟ قال: «تحملت له بقتلي على أن يعول أولادك ، ويقضي دينك ، والله حائل بينك وبين ذلك ». فقال عمير : أشهد أنك رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله ،كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء ، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحِجْر -كما قلتَ-لم يطلع عليه أحد ، فأخبرك الله به ، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق . ففرح به المسلمون وقال له رسول الله ( : « اجلس يا عمير نواسك ». وقال لأصحابه : « علموا أخاكم القرآن » . وأطلق له أسيره ،فقال عمير : ائذن لي يا رسول الله ، فألحق بقريش ، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام لعل الله أن يهديهم ، فأذن له فلحق بمكة ، وجعل صفوان يقول لقريش: أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر . وجعل يسأل كل راكب قدم من المدينة هل كان بها من حدث ، حتى قدم عليهم رجل فقال لهم :قد أسلم عمير . فلعنه المشركون وقال صفوان : لله عليَّ إلا أكلمه أبدا ولا أنفعه بشيء . ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجهده ، فاسلم بسببه بشر كثير)(330).

وغير ذلك من المحاولات التي باءت بالفشل ، مما يدل على صدق قوله تعالى: ( والله يعصمك من الناس ( [المائدة : 67] . وهذا يدل على صدق النبي ( ، وأنه محفوظ من كل أذى حتى يبلغ دين الله كاملا، لذلك كان النبي ( يدخل في فم الأسد –كما يقال- وهو مطمئن القلب رابط الجأش، كما فعل في حنين وأحد وغيرها من المعارك، ومنع الناس من حراسته لما علم بحفظ الله ،وفي حادثة الهجرة عندما طوق المشركون الغار ، ولم يكن بينهم وبين النبي ( إلا أن ينظر أحدهم إلى قدمه ،في هذه الحال العصيبة أحس النبي ( بتوتر أبي بكر الصديق ( وشدة اضطرايه وخوفه فقال له : « لا تحزن إن الله معنا » (331).

يقول تعالى :( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة:40] .

أي ثبات هذا وأي قلب يستطيع أن يهدأ في مثل هذا الموقف ؟ إنها حقا النبوة.

ومن هذا الباب قول الله تعالى عن نوح (:( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ( [يونس:71].

وقول هود (:(...قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( [هود:54-56].

 (320) متفق عليه (البخاري : كتاب الطب، باب السحر ، رقم :5433، ومسلم: كتاب السلام ، باب السحر ، رقم: 2189)، وسيأتي نصه صفحة .

(321) فتح الباري (10/237).

(322) متفق عليه (البخاري:كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب قبول الهدية من المشركين، رقم:2617 ، ومسلم: كتاب السلام ، باب السم ، رقم :2190).

(323) مصلية : مشوية . ( لسان العرب (14/467)

(324) سنن أبي داود (كتاب الديات ، باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد به،رقم :4510) وهو صحيح لغيره كما قال الألباني في مشكاة المصابيح رقم : 5874.

(325) أخرجه الإمام أحمد (3475) وإسناده صحيح كما قال الألباني في السلسلة الصحيحة (6/781) رقم : 2824.

(326) انظر الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام ، للسهيلي (4/178)

(327) البخاري: كتاب المناقب، باب هجرة النبي صلىالله عليه وسلم وأصحابه، رقم:3911).

(328) الإصابة (3/42 ) .

(329) انظر : الرحيق المختوم في سيرة المعصوم ، للمباركفوري(ص:293)، دار الحديث، القاهرة .

(330) الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر (4/726) وذكر أنه أخرجه موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب مرسلا ،وابن إسحاق في المغازي عن محمد بن جعفر مرسلا أيضا ، وجاء موصولا أخرجه ابن مندة والطبراني عن أنس ، مما يدل أن للقصة أصلا.

(331) أخرجه البخاري (كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام،رقم:3615).

..............................................

كتبة الاخ :ابو عبد الله

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 3.66)
شهادة المنصفين من أهل الكتاب والكفار وأعدائه له بالصحة والصدق:
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

شهادة المنصفين من أهل الكتاب والكفار وأعدائه له بالصحة والصدق:

وهذا من باب أن أقوى الشهادات على صحة الشيء شهادة الخصوم ؛ فأهل الكتاب والكفار مع شدة عداوتهم للقرآن ، إلا أن منهم من اعترف به ، وأقر بصدقه وصحته، وهذا الدليل مأخوذ من قوله تعالى:

( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( [الأنعام:114].

وقوله جل جلاله:( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ( [القصص:52-53].

وقوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ( [الإسراء:106-108].

وقوله سبحانه : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( [الأحقاف:10] .

وقوله تعالى (...وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ( [المائدة:82-85].

أخرج مسلم عن أبي ذر قَالَ:قَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ( بِثَلَاثِ سِنِينَ . قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ :لِلَّهِ . قُلْتُ :فَأَيْنَ تَوَجَّهُ ؟ قَالَ :أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي ،أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ ، كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ،فَقَالَ أُنَيْسٌ :إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي . فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ (424)عَلَيَّ ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ :مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ . قُلْتُ :فَمَا يَقُولُ النَّاسُ ؟ قَالَ :يَقُولُونَ شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ –وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ –قَالَ أُنَيْسٌ :لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ ،وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . قَالَ قُلْتُ :فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ . قَالَ :فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ،فَقُلْتُ :أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ ،فَقَالَ :الصَّابِئَ . فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلٍّ مَدَرَةٍ (425) وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ،قَالَ :فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ . قَالَ :فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا ،وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ...)(426).

(وأخرج ابن إسحاق والبيهقي(427) من طريق عكرمة ، أو سعيد عن ابن عباس :أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم ،فقال :إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قول بعضكم بعضا ، فقالوا :فأنت يا أبا عبد شمس فقل ، وأقم لنا رأيا نقوم به ، فقال: بل أنتم فقولوا لأسمع . فقالوا :نقول كاهن . فقال :ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسحره . فقالوا :نقول : مجنون . فقال :وما هو بمجنون ، ولقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قال :فنقول: شاعر . قال :فما هو بشاعر ، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر . قال :فنقول : ساحر. قال :فما هو ساحر ، قد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا عقده . فقالوا :ما تقول يا أبا عبد شمس ؟ قال :والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لمعذق وإن فرعه لجنى ،فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول لأن تقولوا : ساحر . فتقولوا : هذا ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه ، وبين المرء وبين أخيه ، وبين المرء وبين زوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عند ذلك ، فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره ،فأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه ، ويصفون له القول في رسول الله فيما جاء به من عند الله : ( الذين جعلوا القرآن عضين ( أي أصنافا ( فوربك لنسألنهم أجمعين ( أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله لمن لقوا من الناس ،قال :وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله ، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها .

وأخرج أبو نعيم(428) من طريق العوفي ، عن ابن عباس ، قال :أقبل الوليد بن المغيرة على أبي بكر يسأله عن القرآن ،فلما أخبره خرج على قريش ،فقال :يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة ، فوالله ما هو بشعر ، ولا سحر ، ولا بهُذاء مثل الجنون ، وان قوله لمن كلام الله .

وأخرج ابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم(429) ، عن ابن عباس قال :قام النضر بن الحارث ابن كلدة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ،فقال :يا معشر قريش ، إنه والله لقد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله ، لقد كان محمد فيكم غلاما حدثا ، أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم : قلتم ساحر . لا والله ما هو بساحر ؛ قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم ، وقلتم : كاهن . لا والله ما هو بكاهن ؛ قد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم ، وقلتم : شاعر . لا والله ما هو بشاعر ؛ لقد روينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه ، وقلتم : مجنون . لا والله ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه ، يا معشر قريش انظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم .

وأخرج ابن إسحاق والبيهقي(430) ، عن محمد بن كعب ، قال :حُدَّثْتُ أن عتبة بن ربيعة قال ذات يوم ورسول الله ( في المسجد :يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه ، فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضها ويكف عنا ؟ قالوا :بلى يا أبا الوليد . فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله ( ،قال عتبة :يا محمد أنت خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ أنت خير أم عبد الله ؟ فلم يجبه قال :فبم تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ،فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت ، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش شئت ، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستعين بها أنت وعقبك من بعدك . ورسول الله ( ساكت ولا يتكلم ، حتى إذا فرغ عتبة ،قال رسول الله ( :يا أبا الوليد . قال :نعم . قال :فاسمع مني . قال :افعل . فقال رسول الله ( : بسم الله الرحمن الرحيم ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ( فمضى رسول الله فقرأها عليه ، فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما ، يسمع منه حتى انتهى رسول الله إلى السجدة فسجد فيها ،ثم قال :سمعت يا أبا الوليد ؟ قال :سمعت. قال :فأنت وذاك . فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض :نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم ،قالوا :وما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال: ورائي إني والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا السحر ، ولا الكهانة ،يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي ، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ؛ فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب ، فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . فقال :هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم)(431).

وهذه بعض شهادات المنصفين من المعاصرين :

-يقول إبراهيم خليل(432):( يرتبط هذا النبي ( بإعجاز أبد الدهر بما يخبرنا به المسيح –عليه السلام- في قوله عنه:(ويخبركم بأمور آتية) ، وهذا الإعجاز هو القرآن الكريم ، معجزة الرسول الباقية ما بقي الزمان ، فالقرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كل مناحيه ؛ من طب وفلك و جغرافيا وجيولوجيا وقانون واجتماع وتاريخ… ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف ..)(433) .

وقال : ( أعتقد يقينا أني لو كنت إنسانا وجوديا ، لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية، وجاءني نفر من الناس وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه ؛ لآمنت برب العزة والجبروت خالق السماوات والأرض ، ولن أشرك به أحدا)(434).

وقال بلاشير(435): (إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً و يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ، تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف ، إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المعارض الفظ في البداية للدين الجديد ،قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن ، وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد أن رتله المؤمنـون )(436).

وقالت بوتر(437) :(عندما أكملت قراءة القرآن الكريم ، غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية ، نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة ، وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة )(438).

وقالت بوتر أيضا: (كيف استطاع محمد ( الرجل الأمي ، الذي نشأ في بيئة جاهلية أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم ،والتي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها ؟ لابد إذن أن يكون هذا الكلام هو كلام الله عز وجل )(439).

قال بوكاي(440): (لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ،وذلك دون أي فكر مسبق ، وبموضوعية تامة بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ،وكنت أعرف قبل هذه الدراسة ،وعن طريق الترجمات ،أن القرآن يذكر أنواعا كثيرة من الظاهرات الطبيعية، لكن معرفتي كانت وجيزة ،وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي ، استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها ، أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث ، وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل، أما بالنسبة للعـهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتـاب الأول،أي سفر التكوين فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينـها وبين أكثر معطيات العلم رسوخـاً في عصـرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل ،فإننا نجد نص إنجيل متي يناقض بشكل جلي إنجيل لوقا،وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض)(441) .

وقال حتي(442) : (إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره،ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ،ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه . هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى)(443).

وقال أرنولد(444) :(.. (إننا) نجد حتى من بين المسيحيين مثل الفار (الإسباني) الذي عرف بتعصبه على الإسلام ،يقرر أن القرآن قد صيغ في مثل هذا الأسلوب البليغ الجميل ،حتى إن المسيحيين لم يسعهم إلا قراءته والإعجاب به)(445).

ولقد ألف الدكتور مراد هوفمان –سفير ألمانيا السابق بالرباط- كتاب (الإسلام كبديل)(446)، وفيه شهادات كثيرة على إعجاز القرآن وصدقه ، وصدق النبي ( وكمال التشريع.

إلى آخر تلك الشهادات الطويلة على صدق القرآن وإعجازه .

قارن بين هذا الكلام وكلام نصر أبو زيد عندما يقول: (إن إعجاز القرآن ليس إلا في تغلبه على الشعر وسجع الكهان ، ولكنه ليس معجزا في ذاته)(447).

............................................

كتبة الاخ: ابو عبد الله

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.5)
الرد على شبهة أن محمد صلى اللّه عليه وسلم كان مذنباً
شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

الرد على شبهة أن محمد صلى اللّه عليه وسلم كان مذنباً

أن محمد صلى اللّه عليه وسلم كان مذنباً، وكل مذنب لا يصح أن يكون شافعاً للمذنبين الآخرين. أما الصغرى فلما وقع:

في سورة المؤمن: {فاصبر إن وعد اللّه حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار}.

وفي سورة محمد: {فاعلم أنه لا إله إلا اللّه واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.

وفي سورة الفتح: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر}.

وفي الحديث: (فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت). ونحوه مما وقع في الأحاديث الأخرى.

(والجواب) أن الصغرى والكبرى كلتاهما غير صحيحتين، فالنتيجة كاذبة يقيناً، وأنا أمهد لتوضيح بطلانهما أموراً خمسة:

(الأمر الأول) أن اللّه رب وخالق، والخلق كله مربوب ومخلوق، فكل ما صدر عن حضرة الرب الخالق في حق العبد المربوب المخلوق، من الخطاب والعتاب والاستعلاء فهو في محله ومقتضى المالكية والخالقية. وكذا كل ما يصدر عن العباد، من الأدعية والتضرعات إليه، فهو في موقعه أيضاً، ومقتضى المخلوقية والعبودية والأنبياء عباد اللّه المخلصون، فهم أحق من غيرهم، والحمل على المعنى الحقيقي في كل موضع، من أمثال هذه المواضع، في كلام اللّه وفي أدعية الأنبياء وتضرعاتهم خطأ وضلال وشواهده كثيرة في كتب العهدين، سيما الزبور. وأنا أنقل على سبيل الأنموذج بعضاً منها:

[1] في الباب العاشر من إنجيل مرقس، والثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا: 17 (وفيما هو خارج إلى الطريق، ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية) 18 (فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو اللّه) انتهى بعبارة مرقس. فأقر عيسى عليه السلام بأني لست صالحاً ولا صالح إلا اللّه وحده.

[2] في الزبور الثاني والعشرين هكذا: 1 (إلهي إلهي انظر لماذا تركتني تباعد عني خلاصي بكلام جهلي) 2 (إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي وبالليل فلم تحفل بي). ولما كان آيات هذا الزبور راجعة إلى عيسى عليه السلام، على زعم أهل التثليث، فكان القائل بها عندهم هو عيسى عليه السلام.

[3] الآية السادسة والأربعون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: (ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني).

[4] في الباب الأول من إنجيل مرقس هكذا: 4 (كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا) 5 (وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الأردن معترفين بخطاياهم) 9 (وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن).

وكانت هذه المعمودية، معمودية التوبة، بمغفرة الخطايا. كما صرح مرقس في الآية الرابعة والخامسة والآية الثالثة من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا: (فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودة التوبة لمغفرة الخطايا). وفي الآية الحادية عشر من الباب الثالث من إنجيل متى هكذا: (أنا أعمدكم بماء للتوبة) الخ. وفي الآية الرابعة والعشرين من الباب الثالث عشر من كتاب الأعمال هكذا: (إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل). والآية الرابعة من الباب التاسع عشر من كتاب الأعمال هكذا: (فقال بولس أن يوحنا عمد بمعمودية التوبة) الخ.

فهذه الآيات كلها، تدل على أن هذه المعمودية، كانت معمودية التوبة لمغفرة الخطايا، فمتى سلم اعتماد عيسى من يحيى عليهما السلام، لزم تسليم اعترافه بالخطايا والتوبة منهما أيضاً، لأن حقيقة هذا الاعتماد ليست غير ذلك.

وفي الباب السادس من إنجيل متى في الصلاة التي علمها عيسى عليه السلام تلاميذه هكذا: (اغفر لنا ذنوبنا كما نحن نغفر أيضاً للمذنبين إلينا ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير).

والظاهر أن عيسى عليه السلام، كان يصلي تلك الصلاة التي علمها تلاميذه، ولم يثبت من موضع من مواضع الإنجيل أنه ما كان يصلي هذه الصلاة. وستعرف في الأمر الثاني أنه كان كثير الصلاة، فلزم أن يكون دعاؤه باغفر لنا ذنوبنا مرات كثيرة بلغت الآلاف.

والعصمة من الذنوب، وإن لم تكن من شروط النبوة عند أهل التثليث، لكنهم يدعونها في حق عيسى عليه السلام، باعتبار الناسوت أيضاً. وكان عيسى عليه السلام بهذا الاعتبار أيضاً عندهم، صالحاً ومقبولاً للّه لا متروكاً فهذه الجمل:

[1] لماذا يدعوني صالحاً الخ. [2] إلهي إلهي لماذا تركتني. [3] تباعد عني خلاصي بكلام جهلي. [4] بالنهار أدعوك فلم تستجب لي. [5] ألفاظ التوبة والاعتراف بالخطايا عند الاعتماد. [6] اغفر لنا ذنوبنا. لا تكون محمولة على المعاني الحقيقية الظاهرية عند أهل التثليث، وإلا يلزم أنه لم يكن صالحاً، وكان متروكاً للّه بعيداً عن الخلاص، بسبب كلام الجهل. غير مستجاب الدعاء، خاطئاً مذنباً. فلا بد أن يقال أن هذه التضرعات بمقتضى المخلوقية والمربوبية باعتبار الناسوت.

وفي الزبور الثالث والخمسين هكذا: 3 (الرب من السماء اطلع على بني البشر لينظر هل من يفهم أو يطلب اللّه) 4 (كلهم قد زاغوا جميعاً والتطخوا وليس من يعمل صلاحاً حتى ولا أحد).

وفي الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا: 9 (فلذلك تباعد الحكم عنا ولا يدركنا العدل انتظرنا النور فيها الظلام انتظرنا الشعاع فها سرنا في الظلمة) 12 (من أجل أن آثامنا تكاثرت قدامك وخطايانا أجابتنا لأن فجورنا معنا وآثامنا عرفناها) 13 (أن نخطئ ونكذب على الرب واندبرنا إلى خلف حتى أن لا نسلك وراء إلهنا لنتكلم بالظلم والتعدي حبلنا وتكلمنا من القلب بكلام كاذب).

وفي الباب الرابع والستين من كتاب أشعيا هكذا: 6 (وصرنا جميعنا كالنجس وكخرقة الحائض كل براتنا وسقطنا مثل الورق نحن جميعاً وآثامنا كالريح ذرونا) 7 (ليس من يدعو باسمك ومن يقوم ويمسكك أخفيت وجهك عنا واطرحتنا بيد إثمنا).. ولا شك أن كثيراً من الصلحاء كانوا موجودين في زمان داود عليه السلام، مثل ناثان النبي وغيره، ولو فرضنا أنهم لم يكونوا معصومين على زعم أهل التثليث، فلا ريب أنهم لم يكونوا مصداق الآية الرابعة من الزبور المذكور أيضاً، ووقعت في عبارتي أشعيا عليه السلام، صيغ التكلم مع الغير، وأشعيا وغيره من أنبياء عهده وصلحاء زمانه، وإن لم يكونوا معصومين لكنهم لم يكونوا مصاديق الأوصاف المصرحة، في العبارتين قطعاً أيضاً، فلا تكون عبارة الزبور وهاتان العبارتان محمولات على معانيها الحقيقية الظاهرية، بل لا بد فيها من الرجوع إلى أن تلك التضرعات بمقتضى العبودية. وكذا وقع في الباب التاسع من كتاب دانيال، والباب الثالث والخامس من مراثي أرمياء، والباب الرابع من الرسالة الأولى لبطرس.

(الأمر الثاني) أن أفعال الأنبياء كثيراً ما تكون لتعليم الأمة، لتستن بهم. ولا يكونون محتاجين إلى هذه الأفعال لأجل أنفسهم.

في الباب الرابع من إنجيل متى، أن عيسى عليه السلام صام أربعين نهاراً، أو أربعين ليلة. والآية الخامسة والثلاثون من الباب الأول من إنجيل مرقص هكذا: (وفي الصبح باكراً جداً قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك). والآية السادسة عشر من الباب الخامس من إنجيل لوقا هكذا: (وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة للّه).

ولما كان اتحاد المسيح بذات اللّه على زعم أهل التثليث، فلا حاجة له إلى هذه التكاليف الشديدة، فلا بد أن تكون هذه الأفعال لأجل التعليم.

(الأمر الثالث) أن الألفاظ المستعملة في الكتب الشرعية، مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والنكاح والطلاق وغيرها، يجب أن تحمل على معانيها الشرعية ما لم يمنع عنها مانع، ولفظ الذنب في هذا الاصطلاح الشرعي، إذا استعمل في حق ألأنبياء، يكون بمعنى الزلة. وهي عبارة عن أن يقصد معصوم عبادة أو أمراً مباحاً، ويقع بلا قصد وشعور في ذنب لمجاورة العبادة أو الأمر المباح بهذا الذنب، كما أن السالك يكون قصده قطع الطريق، لكنه قد يزل قدمه أو يعثر بسبب طين أو حجر واقع في ذلك الطريق، أو يكون بمعنى ترك الأولى.

(الأمر الرابع) أن وقوع المجاز في كلام اللّه وكلام الأنبياء كثير، كما عرفت بما لا مزيد عليه، في مقدمة الباب الرابع. وقد عرفت أيضاً في جواب الشبهة الرابعة من الفصل الرابع من الباب الخامس، أن حذف المضاف كثير في كتبهم المقدسة.

(الأمر الخامس) أن الدعاء قد يكون المقصود به محض التعبد كما في قوله تعالى: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} فإن إيتاء ذلك الشيء واجب، ومع ذلك أمرنا بطلبه. كقوله تعالى: {رب احكم بالحق) مع أنا نعلم أنه لا يحكم إلا بالحق.

وإذا عرفت الأمور الخمسة، أقول أن الاستغفار طلب الغفران، والغفران الستر على القبيح، وهذا الستر يتصور على وجهين:

الأول: بالعصمة منه لأن من عصم فقد ستر عليه قبائح الهوى.

والثاني: بالستر بعد الوجود.

فالغفران في الآيتين الأوليين بالوجه الأول، في حق النبي صلى اللّه عليه وسلم. وفي الثانية بالوجه الثاني في حق المؤمنين والمؤمنات.

قال الإمام الهمام الفخر الرازي قدس سره في ذيل تفسير الآية الثانية هكذا:

(وفي هذه الآية لطيفة، وهي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم له أحوال ثلاثة: حال مع اللّه، وحال مع نفسه، وحال مع غيره، فأما مع اللّه فوحده، وأما مع نفسه فاستغفر لذنبك واطلب العصمة من اللّه، وأما مع المؤمنين فاستغفر لهم، واطلب الغفران لهم من اللّه) انتهى كلامه بلفظه.

أو أن المقصود من الأمر بالاستغفار في الآيتين محض التعبد كما في قوله تعالى: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} وكقوله: {رب احكم بالحق} كما عرفت في الأمر الخامس.

أو أن المقصود من هذا الأمر أن يكون الاستغفار مسنوناً في أمته، فاستغفاره صلى اللّه عليه وسلم كان لتعليم الأمة.. في الجلالين ذيل تفسير الآية الثانية هكذا: (قيل له ذلك مع عصمته ليستن به أمته) انتهى.

أو أن المضاف في الآيتين محذوف. والتقدير في الآية الأولى: (فاصبر إن وعد اللّه حق واستغفر لذنب أمتك) الآية. وفي الثانية: (فاعلم أنه لا إله إلا اللّه واستغفر لذنب أهل بيتك ولذنب المؤمنين والمؤمنات الذين ليسوا من أهل بيتك، فلا بعد في ذكر المؤمنين والمؤمنات). وقد عرفت في الأمر الرابع، أن حذف المضاف كثير شائع في كتبهم، أو أن المراد بالذنب في الآيتين الزلة أو ترك الأفضل. وسمعت من الأحباء، أن بعض من بلغ سن الخرافة من علماء بروتستنت، اعترض على هذا التوجيه في بعض تأليفه الجديد وقال: فرضنا أنه ما ظهر من محمد صلى اللّه عليه وسلم ذنب من الذنوب غير ترك الأولى، فترك الأولى أيضاً ذنب على ما يحكم به كلام اللّه أعني التوراة والإنجيل فيكون محمد صلى اللّه عليه وسلم مذنباً.

قال يعقوب في الآية السابعة عشر من الباب الرابع من رسالته هكذا: (فمن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطيئة له) انتهى.

أقول: هذا منشؤه خرافة السن، لأنه لا شك أن ترك شرب الخمر حسن، حتى مدح اللّه يحيى عليه السلام على هذا، وقال الأنبياء في حقها ما قالوا، وكذا لا شك أن عدم الإذن لفاحشة مباحة بغي في غسل الرجلين ومسحهما بشعر رأسها بمحضر ملأ من الناس حسن. وكذا ترك المخالفة الشديدة بالنساء الأجنبيات الشواب، والجولان معهن في القرى الشرقية حسن، سيما إذا كان الرجل المخالط شاباً عزباً. وما فعل هذه الأمور الحسنة عيسى عليه السلام، حتى أن المخالفين طعنوا عليه كما عرفت في جواب المطعن الثالث، فيلزم على رأيه أن يكون إلهه أيضاً مذنباً. على أن هذا المعترض زاد لفظ التوراة لأجل تغليط العوام، ولا يوجد هذا الحكم في التوراة، وهو ما أورد سنداً لهذا، إلا من رسالة يعقوب التي ليست إلهامية، على تحقيق العلماء الأعلام من فرقة بروستنت، سيما على تحقيق إمامه ومقتداه لوطر، كما عرفت في الفصل الرابع من الباب الأول. فكلام يعقوب على هؤلاء العلماء ليس بحجة فاعتراضه واه بلا شبهة.

وأما الآية الثالثة فالمضاف محذوف، أو المراد بالذنب ترك الأفضل، أو المراد بالغفران العصمة.

وقال الإمام السبكي وابن عطية: أن المقصود من هذه الآية، ليس إثبات صدور ذنب وغفرانه، بل المقصود منها تعظيم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإكرامه فقط. لأن اللّه أظهر تعظيمه وإحسانه في أول هذه السورة، فبشر أولاً بالفتح المبين، ثم جعل غاية هذا الفتح الغفران وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم وإعطاء النصر العزيز. فلو فرض صدور ذنب ما يكون مخلاً لبلاغة الكلام، فمقتضاها التكريم والتعظيم. كما أن السيد إذا رضي عن خادمه يقول تارة لإكرامه وإظهار رضاه: عفوت عنك خطيئاتك المتقدمة والمتأخرة، ولا أؤاخذك عليها وإن لم يصدر عن هذا الخادم خطيئات.

وأما الدعاء المذكور في الحديث، فتوجيهه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لما كان أرفع الخلق عند اللّه درجة وأتمهم به معرفة، وكان حاله عند خلوص قلبه عن ملاحظة غير ربه، إقباله بكليته عليه أرفع حاليه، بالنسبة إلى غير ذلك كان يرى شغله بما سواه، وإن كان ضرورياً نقصاً وانحطاطاً من رفيع كماله، فكان يستغفر اللّه من ذلك طلباً للمقام الأعلى، فكان هذا الشغل الضروري أيضاً عنده، بمنزلة الذنب الذي لا بد أن يستغفر عنه بالنسبة إلى أعلى حاله، أو كان صدور مثل هذا الدعاء بمقتضى العبودية. كما أن عيسى عليه السلام أيضاً بمقتضى العبودية، نفى الصلاح عن نفسه، واعترف بالخطايا عند الاعتماد، ودعا مراراً باغفر لنا ذنوبنا، وتفوه بهذه الجمل: 1 (إلهي إلهي لماذا تركتني) 2 (وتباعد عني خلاصي بكلام جهلي) 3 (إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي) أو كان هذا الدعاء لأجل التعبد المحض كما عرفت في الأمر الخامس 4 أو كان لأجل تعليم الأمة 5 وأن الذنب المذكور فيها بمعنى الزلة، وترك الأولى، كما عرفت في الأمر الثالث، وعلى كل تقدير لا يرد شيء، وهذه التوجيهات الخمسة تجري كلها أو بعضها في الأحاديث، التي تكون مثل الحديث المذكور. وإذا لم يثبت من الآيات والأحاديث المذكورة التي استدل بها المعترض، كون محمد صلى اللّه عليه وسلم مذنباً، ثبت كذب الصغرى.

وأما كذب الكبرى، فلأن كليتها ممنوعة، لأنها إما أن يثبتها المعترض بعندية أهل التثليث، أو بالبرهان النقلي.

فإذا كان الأول فعنديتهم هذه لا تتم علينا، كما لا تتم أكثر عندياتهم على ما عرفت في الفصل الثاني من الباب الخامس.

وإن كان الثاني فعليهم بيان ذلك البرهان، وعلينا النظر في مقدماته، وأنى لهم ذلك ولا استبعاد في أن يغفر اللّه ذنوب واحد بلا واسطة، ثم يقبل شفاعته في حق الآخرين، على أن قبح الذنب عقلاً ما لم يغفر، فإذا غفر لا يبقى قبحه لوجه ما، وقد يوجد التصريح في الآية الثالثة التي نقلوها بزعمهم الفاسد، لإثبات الذنب بأن قال: {ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر}. فإن صارت ذنوب محمد صلى اللّه عليه وسلم متقدمة كانت أو متأخرة مغفورة، في هذه الدار الدنيا، فما بقي شيء مانع في أن يكون شفيعاً للآخرين في الدار الأخرى.

وإن كان الثالث فغلط يقيناً، ألا ترى أن بني إسرائيللما عبدوا العجل، أراد اللّه أن يهلك الكل، فشفع موسى عليه السلام لهم، فقبل اللّه شفاعته، وما أهلك. كما هو مصرح به في الباب الثاني والثلاثين من سفر الخروج، ثم قال الرب لموسى: اذهب أنت وبنو إسرائيل إلى أرض كنعان وأنا لا أذهب معكم، فشفع موسى فقبل اللّه شفاعته، وقال: أنا أذهب معك. كما هو مصرح به في الباب الثالث والثلاثين من سفر الخروج. ثم لما عصوا أراد اللّه مرة أخرى أن يهلكهم، فشفع موسى وهارون عليهما السلام فقبل اللّه شفاعتهما. ثم لما عصوا مرة أخرى أرسل اللّه عليهم حيات تلدغهم، فجاؤوا إلى موسى مستشفعين، فشفع لهم فقبل اللّه شفاعته، كما هو مصرح به في الباب السادس عشر والباب الحادي والعشرين من سفر العدل. فلا استحالة عقلاً ولا نقلاً في كون محمد صلى اللّه عليه وسلم شفيع المذنبين، اللهم ابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وارزقنا شفاعته يوم القيامة

...............................................

كتبة الاخ: ابو عبدالله

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 1)

أسم القسم للمقالات

  • من قال ان الله محبة ؟
  • متى ترك إبراهيم حاران قبل أم بعد وفاة أبيه
  • القرآن والثالوث للمستشار محمد مجدى مرجان, شماس أسلم يدافع عن دين التوحيد
  • دفاعاً عن نبى الله لوط وابنتيه
  • حقيقة الروح القدس في الشرائع الألهية
  • الثالوث القدوس .. عند ثيوفيلس الأنطاكي 180 م
  • بحث عن الروح القدس التى تسمى الاقنوم الثالث
  • إله المحبة مستوجب نار جهنم؟
  • تابع:إله المحبة مستوجب نار جهنم؟
  • حقيقة الكفن المقدس بتورينو !
  • أسم القسم للمقالات

  • الرد على شبهة الكلمة التي قيلت للمتطهر من الزنا
  • التشكيك فى صحة الأحاديث والأستغناء عنها بالقرآن
  • الرد على : فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين
  • إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن دون السنة
  • الرد على شبهة:إرضاع الكبير
  • الرد على : الداجن أكل القرآن
  • الرد على : الجنة تحت ظلال السيوف
  • الرد على : ثَلاَثَةِ أَحْجَار
  • الرد على شبهة الطاعنين فى حديث "خلوة النبى !!
  • الرد على شبهة الطاعنين فى حديث "اللهم فأيما مؤمن سببته ..
  • أسم القسم للمقالات

  • حكم تناول خميرة البيرة
  • هذه بضاعتنا: الإسلام دين المحبة والرحمة الحقيقيين - وسائل نشر المحبة فى دين الاس
  • هل هذا الحديث الشريف يثبت لاهوت المسيح كما يدعي النصارى؟
  • القتال في الإسلام ضوابط وأحكام
  • الرد على:الملائكة تلعن المرأة
  • الرد على مثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانكم
  • الرد على : المرأة ضلع أعوج
  • حقيقة الجزية
  • رد شبهة المساواة بين المرأة و الكلب
  • الرد على : الموت هو كبش أملح يذبح يوم القيامة
  •   أسم القسم للمقالات

  • خرافات النصارى حول الحروف المقطعة بالقرأن الكريم
  • حقيقة استواء الرحمن على العرش وإلى السماء
  • نزول الله إلى السماء الدنيا بلا انتقال ولا تجسيد
  • شبهات حول قضية النسخ
  • الرد على شبهة :(وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )
  • هل "يهوه" هو اسم الله الأعظم ؟؟؟
  • الرد على الأخطاء اللغوية المزعومة حول القرآن الكريم
  • الرد على شبهة:لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
  • رد على من انكر تحريم الخمر
  • بيان كذب المدعو بنتائوور بخصوص مخطوط سمرقند
  • 87 مواضيع (9 صفحة, 10 موضوع في الصفحة)
    [ 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 ]
     
     


    انشاء الصفحة: 7.50 ثانية