في شهر أبريل 1996 , قرر الشيخ أحمد ديدات -رحمه الله- تلبية دعوة مركز الدعوة و التربية الاسلامية بسيدني لزيارة دعوية إلى أستراليا, يقدم لكم موقع أحمد ديدات دوت كوم تقريرا حول الرحلة و ما تابعها من ردود أفعال في الأوساط المسيحية في أستراليا
رحلة دعوة و مهمة التحدي
لم يكن الشيخ أحمد ديدات يعرف الكلل و الملل للسفر في تبليغ خطابه الذي عاهد نفسه على تقديم حياته له, بل كان حريصاً أن يصل كلامه و حجته إلى أكبر عدد من الناس يدعوهم إلى التوحيد, إلى دين الله الخالص, فقد تكلم في أكبر مدن العالم كنيويورك وشيكاغو و لندن و كوبنهاجن, وصل صوته إلى أقاصي الأرض من أدغال إفريقيا في غينيا و زامبيا إلى أوساط آسيا في هونغ كونغ.. إلى شمال القارة الأمريكية في كندا, و تجمع الآلاف من النصارى لسماع كلامه, ووزع الملايين من النسخ من كتبه مجانا. ولعل آخر حدث لامع في هذه المسيرة الديداتية الدعوية قبل أن يقع طريح الفراش, هي رحلته الدعوية إلى أستراليا سنة 1996, والتي كانت حدثا بارزا في أستراليا , ليس فقط لأن الشيخ أحمد ديدات تحدى كبار علماء اللاهوت و قساوسة أستراليا للمناظرة, و لكن للزمن الذي وافق زيارة ديدات لأستراليا, و هو يوم عيد المسيحيين, يوم الجمعة العظيمة ( The Good Friday ), اليوم الذي يزعم فيه النصارى أن المسيح قام فيه من الموت بعد حادثة الصلب المزعومة.
الضجة الإعلامية الكثيفة
كيف يستطيع المسيحيون أن يسكتوا على داعية إسلامية شهير من جنوب إفريقيا يختار أعظم يوم عند النصارى ليستأجر أكبر قاعة في سيدني, و يتحداهم في عقيدتهم ليثبت لهم أن هذا العيد, وهذا اليوم , ماهو إلا خرافة و أسطورة ابتدعها لهم أسلافهم, فهم لها تابعون .. أم كيف يتستطيع القساوسة و أرباب الكنائس أن يكبحوا جمام غضبهم و هذا التحدي في أقدس يوم عندهم ليأتي من يتحداهم في المناظرة و الحوار من كتابهم المقدس ؟ بل كيف تستطيع وسائل الإعلام و الجرائد أن تسكت على هذا الحدث الهام و هذا التحدي الذي منيت به المسيحية في أستراليا في يوم الإقامة من سنة 1996 ؟
إنه حقا حدث اهتزت له أستراليا, وقامت ثورة الكنائس ضد أحمد ديدات و لم تقعد, وراحت وسائل الإعلام تلاحق أحمد ديدات حتى في غرفة نومه بالفندق, لتثيره بالأسئلة و تغدق الجرائد صفحاتها بالتقارير لمهاجمة هذه الحملة الدعوية التي قام بها الداعية أحمد ديدات.
" إني سعيد جدا بهذه الحملة و هذه الضجة الإعلامية المثارة ضدي, لو لم تكن هذه الأخبار و الحملة , ما سمع أحد بوجودي في أستراليا و لا جاء أحد إلى محاضراتي و لقاءاتي .. إنها دعاية مجانية من وسائل الإعلام يشكرون عليها" يقول الشيخ أحمد ديدات معلقا على الحرب الاعلامية ضده, ثم يضيف قائلاً: "هذا أمر مشجع بالنسبة لي, الجميع ينتقدني , في القنوات التلفزيونية , في الجرائد و الإذاعات, لو كانوا أهملوني و لم يلقوا لي بالاً لما كان أحد سمع أحد بمجيئي إلى أستراليا"
تقول إحدى مقدمة أخبار التلفزيون الأسترالي ( Today ): " إن زيارة أحمد ديدات إلى أستراليا تعتبر إهانة للمسيحيين. – ثم تستطرد قائلة- : في بلد ديمقراطي معروف بحرية التعبير كأستراليا ليست الإهانة في محاضراته, لكن الإهانة في التوقيت الذي اختاره".
ديدات على تلفزيون أستراليا
س: ماهو الهدف من زيارتكم لأستراليا ؟
ديدات: الهدف من زيارتي لأستراليا هو أن أعلم الناس, قومي و المسيحيين في هذا البلد على حد سواء عن العلاقة بين الإسلام و المسيحية, لأن الإسلام هو العقيدة اللامسيحية الوحيدة التي تجعل الإيمان بالمسيح عيسى عليه السلام من أسس هذه العقيدة , و تلزم أتباعها بذلك. لا يكون المسلم مسلما إن لم يؤمن بالمسيح عيسى, إن الكثير من الناس لا يعرفون أن القرآن الكريم يعظم من شأن عيسى عليه السلام, هذا القرآن الذي يدعي البعض أنه من تأليف محمد صلى الله عليه و سلم, ذكر المسيح عليه السلام في القرآن أكثر من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم نفسه! المسيح عليه السلام عدد المرات التي ذكر فيها اسمه أكثر بنسبة خمسمائة بالمائة (500%) من عدد المرات التي ذكر فيها اسم محمد صلى الله عليه و سلم !
س: تعتقدون أن ما حدث في هذا اليوم- يوم الإقامة- و ما يعتقده المسيحيون حول إقامة المسيح من الموت ليس صحيحا ؟
ديدات: نعم , ليس صحيحا.
س: إذن, ما هو اعتقادكم ؟
ديدات: نحن نؤمن أن المسيح عليه السلام نبي عظيم من أنبياء الإسلام, نؤمن بمولده المعجز الذي لا يؤمن به الكثير من الطوائف و مفكري المسيحية في هذا الزمان, نحن نؤمن بأنه ولد من غير أب, و أنه أحيا الموتى باذن الله ,و أنه أبرأ الأكمه و الأبرص باذن الله, الكثير من المسيحيين لا يعرفون أننا نؤمن بكل هذا, الشيء الوحيد الذي يعرفونه هو أننا نختلف معهم, لكن .. لماذا يختلف المسلمون مع المسيحيين ؟ هل من أجل أن نتميز عنهم ؟ هل من أجل المرح و الفكاهة ؟ مالذي يجعل المسلمين و المسيحيين مختلفون ؟
س: لكنكم لا تؤمنون أن المسيح صلب , ولا أنه مات على الصليب , و لا أنه عاد إلى الحياة في هذا اليوم ؟
ديدات: نعم صحيح, لا نؤمن بكل هذا. إن المسيحيين يؤمنون بأنه في هذه الأيام الثلاثة التي هي يوم الصلب, يوم السبت, و يوم الأحد الذي هو يوم الإقامة, في هذه الأيام الثلاثة, هناك ثلاثمائة نبوة من نبوات العهد القديم قد تحققت!, لكني أسأل: و النبوة الكبرى التي لم تتحقق , ماذا نقول عنها ؟ فأنا هنا من أجل هذه النبوة الكبرى التي انفلتت !.
س: لكن المسيحيين في أستراليا مستاؤون جدا, هل لي أن أسألكم: ألا تعتبرونه أمرا حساسا لمشاعر المسيحيين أن تختاروا يوم إقامة الرب يسوع المسيح من أجل تتكلموا و تفندوا مزايا هذا اليوم ؟
ج: لا , لا , ليس لي أي نوايا من هذا القبيل, لقد دعيت إلى أستراليا منذ شهور , ولم أستطع تلبية الدعوة إلا في هذا الوقت نظرا لامتلاء برنامجي, لكنها صدفة عجيبة أن يكون موضوعي حول يوم إقامة المسيح في يوم الإقامة عندكم !
س: مصادفة عجيبة جدا !!
ج: نعم عجيبة , لكن , لم لا ؟ إنها مصادفة واقعية, لنفرض أنه في يوم عيد الميلاد, وفي بهجة المسيحيين بمولد المسيح, نأتي و نتكلم عن صلب المسيح, و أنه ضُرب, وسُمر و عُلق و أُُهين , وبصق على وجهه! إن هذا الأمر غير لائق بالنسبة إلى المسيحييين, أمر لا يفيد, لكن الواقعية تقتضي أن نتكلم عن ميلاد المسيح في يوم ميلاد المسيح , ونتكلم عن مسألة صلب المسيح في يوم صلب المسيح, إن هذه المصادفة أكثر واقعية!!
س: لكن ألا تعتبرون أنتم الدعوة التي دعاها سماحة القديس البابا يوحنا و هو في إيران إلى الحوار مع المسلمين, وكان ذلك في شهر ومضان , إلا تعتبرون ذلك مسيئا ؟
ج: أبدًا, أبداً, له أن يطلب ما يشاء , في رمضان أو غير رمضان.
س: هل لي أن أسألكم, أننا جميعا نؤمن بإله واحد, لكننا نتكلم لغات مختلفة , و نسكن بلدانا مختلفة, و لنا ثقافات مختلفة, لماذا علينا أن نجبر بعضنا البعض على عقيدة واحدة أو منهج واحد ؟ أليس لنا أن نتفق مع اختلاف عقيدتنا و أدياننا ؟
ج: لا, ليس هناك إجبار أبداً, الإجبار شيء و التبليغ شيء آخر, لكن كل صاحب عقيدة يريد الناس كلهم أن يتبعوا عقيدته, فهو يبلغ و يبشر بعقيدته للناس, المسيحيون يريدون العالم كله أن يكون مسيحيا, هناك حوالي 35 ألفا جمعية تبشيرية صليبية في صحارى إفريقيا, متحملين الشقاء و التعب, هؤلاء مدعمون من الكنائس و المنظمات المسيحية الأمريكية, إنهم يريدون جعل إفريقيا كلها مسيحية, في سنة 1977 كان هناك في أندونيسيا حوالي 6 آلاف جمعية صليبية تبشيرية من أجل تحويل 15 مليون إندونيسياً إلى المسيحية , ولقد نجحوا إلى حد ما في ذلك, وهو يطمحون إلى جعل إندونيسيا بلدا مسيحيا, وهذه مهمة و غاية مقدسة عند المسيحيين, كذلك الإسلام !, كما أن المسيحية دينا تبشيريا ,الإسلام كذلك دين تبشيري , فكما أن المسيحيين يريدون مشاركة غيرهم في عقيدتهم, كذلك نحن المسلمون نريد مشاركة غيرنا في عقيدتنا, و الإسلام – و لا أدري إذا كنت تعرفين- هو الدين الأسرع انتشارًا في العالم, في أمريكا, و بريطانيا , وفي كل مكان في الغرب.
س: شكراً لك السيد ديدات على هذا اللقاء معنا في نشرة الأخبار
أحمد ديدات : الذي أريد أن أخبر المسيحيين هو أن ما يعتقدونه في هذا اليوم لم يحدث أبداً, و أدلتي من الكتاب المقدس نفسه !
التحدي الأكبر الشجاع , والرفض الجبان !
مع ضوضاء التحدي والضجة الواسعة للقساوسة ضد رحلة ديدات الدعوية في أستراليا, كان رد الشيخ أحمد ديدات طلب إلى جميع قساوسة أستراليا إلى الانضمام لهذه الرحلة و قبول المناظرة في مسألة صلب المسيح, لكنهم رفضوا جميعهم, وقد طلب الشيخ أحمد ديدات من جميع طوائف المسيحية في أستراليا المناظرة و الحوار و هو يتحمل جميع تكاليف إيجار القاعات, لكن لم يجد أحمد ديدات قسيسا شجاعا يمكن أن يفند ما جاء به ديدات , رغم أن الشيخ أحمد ديدات وجه هذه الدعوة إلى أكابر القساوسة و أعالي درجاتهم في الكنيسة الذين يفترض أن يكونوا أعلم الناس بالعقيدة المسيحة و قد أمضوا عقودا من الزمان في البحث و الدارسة.
راهب الكنيسة الأنجليكانية القديس بيتر هولينجورث
ماذا لو أحد المسيحيين استأجر قاعة سيدني من أجل الهجوم على محمد و على نقد القرآن في وسط رمضان, و الهجوم على العقيدة الاسلامية, ماذا سيحدث ؟ أقول لكم.. لا أمانع من أن انضم إلى سلمان رشدي !
الأرشبشوب القديس الأعظم الدكتور هاري غودهيو :
أرفض المناظرة ليس جبناً و لا ضعفاً, لكن السيد ديدات لم يحترم مشاعر المسيحيين أن أعلن دورته التبشيرية هذه في أعظم يوم عند مشاعر المسيحيين.
الكاردينال الأعظم إدوارد كلانسي -الرئيس العام للكنيسة الكاثولكية بأستراليا:
أرفض المناظرة ليس جبناً و لا ضعفاً, لكن السيد ديدات لم يحترم مشاعر المسيحيين أن أعلن دورته التبشيرية هذه في أعظم يوم عند مشاعر المسيحيين.
الأرشبشوب القديس الأعظم الدكتور هاري غودهيو:
ماذا لو أحد المسيحيين استأجر قاعة سيدني من أجل الهجوم على محمد و على نقد القرآن في وسط رمضان, و الهجوم على العقيدة الاسلامية, ماذا سيحدث ؟ أقول لكم.. لا أمانع من أن انضم إلى سلمان رشدي !
و يغادر الشيخ أحمد ديدات أستراليا بعد أيام دعوية ألقى فيها محاضرات في سيدني و بريزبان ليعود بعدها إلى جنوب إفريقيا, ولم يلبث طويلا أن سقط طريح الفراش, نسأل الله ان يرحمه و أن يجزيه خير الجزاء
المفضلات