بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله , محمد بن عبد الله , أما بعد
فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفا بها نعمة أن هدانا الله بها الى طريقه المستقيم.
يتحدث أهل الضلال عن القرءان الكريم ويتكلمون عنه كثيرا , فمنذ عهد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قال عنه الكافرون ساحر فيسحر الناس بما يقول , ثم قالو شاعر ويؤلف ما يقول , ثم قالو وقالو وقالو ولم يكتفوا وخلف الكافرون بعد ذلك أهل الضلال فقالو كاتب ومؤلف وقالو عن القرءان أنه حرف وقالو أنه لم يحفظ وقالو وقالو وما زالو يقولون . مع أن الله قد أخرس ألسنتهم بما في القرءان إلا أنهم يريدون الدليل فوق ما قاله القرءان الكريم وللرد على هؤلاء. نأتي بتاريخ القرءان ونزوله والطرق التي حفظ بها القرءان بدأ من رب العزة جل علاه الى وقتنا الحالي حتى لا يقول قائل أن هناك تحريف أو تعديل أو حزف أو غير ذلك .
بداية فقد أنزل الله القرءان على رسوله الكريم عن طريق الوحي ( جبريل عليه السلام ) وهو من حمل الرسائل السابقة وأعتنى الله بالقرءان الكريم وقال في محكم الأيات ما يدلل على أن هذا القرءان محفوظ الى يوم الدين .


ومن مظاهر هذه العناية الإلهية:
1- منع الجن قبل بعثة النبي  من استراق السمع، ورجمهم بالشهب، قال تعالى مخبراً عن حال الجن قبل مبعث النبي  ونـزول القرآن: وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً [الجن]، وقال تعالى: وما تنـزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنَّهم عن السمع لمعزولون[الشعراء] هذه الحراسة المشددة كانت لعزل الجن ومنعهم من سماع القرآن قبل نـزوله إلى النبي  بواسطة الأمين جبريل.
2- إنـزال القرآن بواسطة أمين الوحي جبريل ، قال تعالى: نـزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين[الشعراء].
3- تكفل الله سبحانه بحفظ هذا القرآن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون[الحجر9].
4- تيسير القرآن للتلاوة والحفظ، حتى حفظه الآلاف المؤلفة من المسلمين في كل عصر من العصور، قال تعالى:  ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[القمر]
فكتاب هذا شأنه لم تكن يد التحريف لتصل إليه أو تنال منه، مهما بلغت مكانتها، حتى لو كانت يد النبي  قال تعالى: ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين[الحاقة].
وقد أعتنى رسول الله عليه الصلاة والسلام بالقرءان الكريم والشواهد على ذلك كثيرة حتى لا يتحدث أهل الضلال والكفر عن القرءان ومن هذه الشواهد :
ثانياً: عناية النبي  بالقرآن:

لقد أدرك رسول الله  جسامة المسؤولية وثقل الأمانة التي سيتحملها منذ الأيام الأولى للدعوة، كيف لا وقد قال الله تعالى له: إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً [المزمل] فكان  حريصاً كل الحرص على ما ينـزل عليه من القرآن، يُعنى به كل العناية، وفيما يلي من المباحث نرى كيف كانت عناية النبي  بكتاب الله تعالى.
1- اهتمامه بالتلقي من جبريل . ومعارضته له: لقد كان النبي  حريصاً كل الحرص على حفظ ما يوحي به جبريل إليه، خشية أن ينسى شيئاً منه، بل إنه ليتعجل حفظه ويبادر إلى أخذه ويسابق الملَك في قراءته، فقال الله سبحانه وتعالى له: لاتحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه[القيامة]. فأمره الله سبحانه إذا جاءه الملَك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له بأن يجمعه له في صدره وأن يُيَسِّره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه، قال ابن عباس: كان رسول الله  إذا أنـزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نـزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى ويحرك به شفتيه، خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره. فأنـزل الله عليه هذه الآيات.. فكان النبي  بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل( ).
وقال سبحانه في آية أخرى: ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما[طه].

2- معارضة القرآن مع جبريل عليه السلام في كل عام، حيث كان جبريل ينـزل للنبي  في رمضان من كل عام يدارسه القرآن، حتى كان العام الذي توفي فيه  عارضه القرآن مرتين.
3- اهتمامه  بتلقين الصحابة  وتعليمهم القراءة والقراءة عليهم: إن أعظم وظيفة للرسول  هي تعليم الناس كتاب ربهم، قال تعالى: هو الذي بعث في الأميينرسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.فما إن ينـزل عليه جبريل بالوحي حتى يبلغه لأصحابه ويقرأه عليهم فتتلقفه قلوبهم وعقولهم. قال تعالى: وقرآناًَ فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونـزلناه تنـزيلاً [الإسراء].وكانت طريقته في القراءة والكلام تساعد على حفظ كلامه، يقول أنس خادم النبي  يصف حديثه وكلامه  : كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه( ).
وكان  يحث أصحابه ويشجعهم على حفظ القرآن وتعلمه، قال : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)( ) وكان يثني على القراء منهم، كقوله  عن صحابته(أقرؤهم أُبي)( ) وقوله  عن ابن مسعود : (من أحب أن يقرأ القرآن غضاً –وفي رواية رطباً- كما أنـزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد)( ) وكان يقدم أهل القرآن على غيرهم في الإمارة والإمامة وقيادة الجيوش، بل وحتى في القبر كما فعل مع شهداء أحد حيث كان يقدم من كان أكثر أخذاً للقرآن من صاحبه.
إضافة إلى ترغيب أصحابه بحفظ القرآن والتسابق فيه من خلال ذكر الثواب الذي أعده الله لأهل القرآن مما لا يتسع المقام لذكره

4- اهتمامه بالسماع من الصحابة.
لم يكتف النبي  بتعليم الصحابة القرآن فقط، بل كان يتعاهد حفظهم للقرآن ويسمع تلاواتهم، ويحدثنا عن ذلك عبد الله بن مسعود  إذ يقول: قال لي رسول الله  اقرأ عليَّ القرآن. قلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنـزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذه الآية: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء 41] قال حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان( )، لماذا يحب  أن يسمع القرآن من غيره؟ لا بد أن السبب هو التأكد من حسن أخذ الصحابة للقرآن وحفظهم وتلاوتهم له .
وذات يوم كان يسير في طرقات المدينة فسمع أبا موسى الأشعري  يقرأ القرآن فوقف واستمع لقراءته، وفي اليوم التالي قال له  لو رأيتني يا أبا موسى وأنا أسمع قراءتك البارحة، لقد أُعطيت مزماراً من مزامير آل داود، قال أبو موسى قلت: أما والله يا رسول الله لو علمت أنك تسمع لقراءتي لحبرته لك تحبيراً)( ).
5- اتخاذ كتاب للوحي:
لو أراد النبي أن يكتفي في توثيق القرآن بحفظ أصحابه ودقتهم في ذلك لكان كافياً لما كانوا عليه من ضبط لكتاب الله تعالى وحرص عليه، إلا أنه  لم يكتف بذلك بل كان يتخذ كتاباً للوحي، يكتبون كل ما ينـزل عليه من القرآن، وكان في أول الأمر ينهى عن كتابة غير القرآن حتى لا يشتبه به شيء، فعن أبي سعيد الخدري  أن النبي  قال: (لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه)( ) وفي رواية الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري  أن النبي  قال: (لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، من كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه)( ). ولم ينتقل  إلى الرفيق الأعلى إلا والقرآن كله مكتوب في ما تيسر للصحابة من العظام والجلود والعسب واللخاف وغيرها من أدوات الكتابة. يقول زيد بن ثابت : كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع( ).قال البيهقي يشبه أن يكون أن المراد به تأليف ما نـزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي  فاجتمع للقرآن حفظ الصدور وحفظ الصدور تحقيقاً لوعد الله سبحانه إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

6- قراءة القرآن في الصلوات والمواعظ وخطب الجمعة:
كان النبي  يقرأ القرآن في صلاته ومواعظه وخطبه، مما جعل القرآن يتردد على أسماع أصحابه كثيراً، وبالتالي يتمكنون من حفظه من فم النبي  مباشرة فلا يقتصر الأمر على من يجالسه وقت نـزول الوحي، بل يمتد إلى كل المسلمين وقتذاك، فعن أم هشام بنت حارثة ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا على لسان رسول الله  كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس ( ).
وكان  يقرأ في العيدين بقاف واقتربت. وقرأ  بالطور وبالصافات وبالأعراف وغيرها من سور القرآن الكريم.