بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على افتراء الكاذب زكريا بطرس ان الاساطير من مصادر القرآن الكريم


مقدمة:
قال تعالى:

(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىَ اللّهُ إِلاّ أَن يُتِمّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)


[سورة: التوبة - الآية: 32]



ليس الإسلام حديث عهد بالاضطهاد والافتراء، بل قد تعودنا أن نسمع من غير المؤمنين كلاما اقل ما يوصف بأنه بهتانا وزورا ، فهم يحاولون بأفواههم أن يضلوا يصدوا الناس عن طريق الحق فهم وهبوا أنفسهم جنودا في حزب الشيطان فاستحوذ عليهم واستخدمهم لنصرة الباطل ، والصد عن سبيل الله متوعدهم بالنصر والفلاح وأنى لهم هذا...

قال تعالى:

(أَلاَ إِنّ حِزْبَ الشّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ)


[سورة: المجادلة - الآية: 19]




هل استسقى القرآن الكريم آياته من الأساطير ؟؟؟



يدعي هذا الأفاق أن القرآن الكريم من كلام الأساطير ، أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد ألف القرآن مما سمعه من الأساطير وعلى الرغم من سخف هذا الادعاء فقد كان دليله أكثر سخفا، فقد استشهد بما ألقاه المشركين من التهم على النبي صلى الله عليه وسلم


حيث أنهم قد اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بان القرآن ليس وحي من عند الله عز وجل بل انه كذب مفترى وساعده فيه آخرون ، وقالوا أيضا أنه أساطير الأولين كتبها


وعرضها على الناس،


وقد سجل القرآن الكريم في أكثر من موضع هذه الاتهامات وغيرها، وقد استغل دعي العلم هذا ما ورد من آيات في هذا الأمر ليعتبره دليل على أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد استقى القرآن الكريم من الأساطير حيث ذكر ما ورد في سورة الفرقان:


قال تعالى:

(وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِنْ هَـَذَا إِلاّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً *


وَقَالُوَاْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىَ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً *


قُلْ أَنزَلَهُ الّذِي يَعْلَمُ السّرّ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِنّهُ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً)


[سورة: الفرقان - الآية 4 : 6]



وعلق على الآيات موضحا بان هناك من كان يقول بان القرآن الكريم أساطير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم



وذكر أيضا ما ورد بسورة النحل



قال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّهُمْ يَقُولُونَ إِنّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ لّسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ


وَهَـَذَا لِسَانٌ عَرَبِيّ مّبِينٌ)


[سورة: النحل - الآية: 103]



وشرح الآية بشكل مبسط بان هناك من اتهم النبي بأنه يتلقى التعليم من بشر وان هذا البشر أعجمي ولكن القرآن عربي.


ثم أوضح أن من هذه الآيات التي ذكرت يتضح أمران:
الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكد بان القرآن الكريم وحيا من عند الله.
الثاني: أن هناك من المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم كان لهم رأيا آخر توجزه الآيات في النقاط التالية:
1- أن ما أتى به النبي كان كذب.
2- أن النبي افتراه مدعيا انه وحي من عند الله.
3- أعانه عليه آخرون.
4- هؤلاء الآخرون قد أملوه عليه.
5- أن هناك بشر علمه هذا الكلام.
6- أن ما أتى به كان مكتوبا في كتب الأقدمين .


ثم ذكر ما ورد بتفسير النسفي حول آيات سورة الفرقان:



{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَا } ما هذا القرآن { إِلاَّ إِفْكٌ } كذب { ٱفْتَرَاهُ } اختلقه واخترعه محمد من عند نفسه { وَأعانَهُ عليه قومٌ آخرون } أي اليهود وعداس ويسار وأبو فكيهة الرومي قاله النضر بن الحارث



{ وَقَالُواْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي هو أحاديث المتقدمين وما سطروه كرستم وغيره جمع أسطار وأسطورة كأحدوثة { ٱكْتَتَبَهَا } كتبها لنفسه { فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } أي تلقى عليه من كتابه { بُكْرَةً } أول النهار { وَأَصِيلاً } آخره فيحفظ ما يملى عليه ثم يتلوه علينا.




وتلاه النيسابوري حول اية سورة النحل:



واختلف في ذلك البشر فقيل كان غلاماً لحويطب بن عبد العزى قد أسلم وحسن إسلامه اسمه عائش ويعيش وكان صاحب كتب. وقيل: هو جبر غلام رومي كان لعامر بن الحضرمي. وقيل: عبدان جبر ويسار كانا يصنعان السيوف بمكة ويقرآن التوراة والإنجيل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر وقف عليهما يسمع ما يقرآن فقالوا يعلمانه. وقيل: هو سلمان الفارسي



خليل عبد الكريم الغير مسلم


في كتاب فترة التكوين في حياة الصادق الأمين صفحة 335


مجموعة اخرى من الاسماء التي كان لها تأثير كبير على ثقافة النبي الدينية، مما افضى الى هذا القرآن وتضم هذه القائمة القسوس والرهبان والنصارى الاتية اسمائهم:


القس ورقة ابن نوفل


الراهب بحيرى


الراهب سرديوس


الراهب عداس




الرد على هذا الأحمق


في الحقيقة أن هذه الشبهة واهية قد لا تستحق عناء الرد عليها أصلا،


فمنذ متى أصبح اتهام غير المؤمنين دليلا قائما بذاته يستدل به على شئ ؟؟؟


لا اعلم حقيقة كيف يستدل على قول المشركين بان القرآن ليس وحيا من عند الله وانه أساطير الأولين اكتتبها النبي صلى الله عليه وسلم وأعانه عليها قوما آخرون ، كدليل على أن القرآن الكريم ليس وحيا وانه من أساطير الأولين !!!!



إن هذه الاتهامات التي أوردها المشركين لمن فرط عجزهم عن تحدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإتيان بمثل ما أتى به،


فقد ورد التحدي لهم وهم من هم ، أهل اللغة العربية ، في أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي أتى به محمدا صلى الله عليه وسلم



قال تعالى: (فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ)


[سورة: الطور - الآية: 34]



أو عشر سور



قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ


وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)


[سورة: هود - الآية: 13]



أو حتى سورة



قال تعالى: (وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مّمّا نَزّلْنَا عَلَىَ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مّثْلِهِ


وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)


[سورة: البقرة - الآية: 23]



قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ


وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)


[سورة: يونس - الآية: 38]



فكما نرى أن التحدي الصريح لأهل اللغة العربية أن يأتوا بمثل ما أتى به محمدا والسماح لهم بالاستعانة بمن شاءوا مع التصريح بالجزم أنهم لن يستطيعوا فعل هذا



قال تعالى: (فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتّقُواْ النّارَ الّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدّتْ لِلْكَافِرِينَ) [سورة: البقرة - الآية: 24]



قال تعالى: (قُل لّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنّ عَلَىَ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـَذَا القرآن


لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)


[سورة: الإسراء - الأية: 88]



فلماذا لجأ المشركون إلى الحروب والاتهامات اللاذعة !!!!



الم يكن من السهل بالنسبة لهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن؟؟



إن كان هذا القرآن ليس موحى به من الله فلماذا لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله؟؟



إن كان من أساطير الأولين وهم على علم بها فلماذا لم يأتوا بمثله؟؟



إن كان محمدا قد أتى به بالاستعانة بقوم آخرون ، فلماذا لم يستعينوا أنفسهم بقوم آخرون ليأتوا مثله ؟؟؟؟



إن كل هذه الاتهامات إنما هي دليل على فشلهم أمام هذا التحدي القرآني ، الأمر الذي جعلهم يلجأوا إلى الحروب والكلام اللاذع للهروب من التحدي .



ولنا في هذا أن نستأنس بكلام الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره


لآيات سورة الفرقان:


في مسالة قولهم انه مفترى وأعانه عليه قوما آخرون




أن هذا القدر إنما يكفي جواباً عن الشبهة المذكورة، لأنه قد علم كل عاقل أنه عليه السلام تحداهم بالقرآن وهم النهاية في الفصاحة، وقد بلغوا في الحرص على إبطال أمره كل غاية، حتى أخرجهم ذلك إلى ما وصفوه به في هذه الآيات، فلو أمكنهم أن يعارضوه لفعلوا، ولكان ذلك أقرب إلى أن يبلغوا مرادهم فيه مما أوردوه في هذه الآية وغيرها، ولو استعان محمد عليه السلام في ذلك بغيره لأمكنهم أيضاً أن يستعينوا بغيرهم، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم كأولئك المنكرين في معرفة اللغة وفي المكنة من الاستعانة، فلما لم يفعلواذلك والحالة هذه علم أن القرآن قد بلغ النهاية في الفصاحة وانتهى إلى حد الإعجاز، ولما تقدمت هذه الدلالة مرات وكرات في القرآن وظهر بسببها سقوط هذا السؤال، ظهر أن إعادة هذا السؤال بعد تقدم هذه الأدلة الواضحة لا يكون إلا للتمادي في الجهل والعناد، فلذلك اكتفى الله في الجواب بقوله: { فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً }.



كما ذكر أيضا ردا على شبهة إتيان القرآن من الأساطير:



في بيان أن هذا كيف يصلح أن يكون جواباً عن تلك الشبهة؟ وتقريره ما قدمنا أنه عليه السلام تحداهم بالمعارضة وظهر عجزهم عنهاولو كان عليه السلام أتى بالقرآن بأن استعان بأحد لكان من الواجب عليهم أيضاً أن يستعينوا بأحد فيأتوا بمثل هذا القرآن، فلما عجزوا عنه ثبت أنه وحي الله وكلامه، فلهذا قال: { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسّرَّ } وذلك لأن القادر على تركيب ألفاظ القرآن لا بد وأن يكون عالماً بكل المعلومات ظاهرها وخافيها من وجوه: أحدها: أن مثل هذه الفصاحة لا يتأتى إلا من العالم بكل المعلومات وثانيها: أن القرآن مشتمل على الإخبار عن الغيوب، وذلك لا يتأتى إلا من العالم بكل المعلومات وثالثها: أن القرآن مبرأ عن النقص وذلك لا يتأتى إلا من العالم على ما قال تعالى: { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفاً كَثِيراً }

[النساء: 82] ورابعها: اشتماله على الأحكام التي هي مقتضية لمصالح العالم ونظام العباد، وذلك لا يكون إلا من العالم بكل المعلومات وخامسها: اشتماله على أنواع العلوم وذلك لا يتأتى إلا من العالم بكل المعلومات، فلما دل القرآن من هذه الوجوه على أنه ليس إلا كلام بكل المعلومات لا جرم اكتفى في جواب شبههم بقوله: { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسّرَّ }.





وبهذا علمنا أن هذه الاتهامات إنما كانت بسبب عجزهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن أو حتى سورة من مثله ، لذا لجأوا إلى أسلوب الضعيف المعاند المكابر وهو إلقاء التهم التي ليس لها أي دليل ، والإتيان بأسماء أشخاص منهم من اسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستخدموا هذا من اجل أن يلقوا تهما وفقط



فالقرآن الكريم لا يمكن أن يكون اخذ من أهل كتاب وذلك لان القرآن الكريم قد اختلف مع الكتاب المقدس الحالي - كتاب أهل الكتاب - في كثير من الأشياء فكيف يكون استقى منه أصلا ، مما يوضح ويؤكد أن القرآن لم يستقي من أهل الكتاب سواء كانوا من اليهود أو من النصارى.



والتفاسير إنما نقلت هذه التهم وأوردت أسماء الأشخاص لمجرد طرح مزاعم أهل الشرك


ليس لإثبات هذا الاتهام كما أراد أن يوحي هذا الدعي الأفاق بين طيات كلامه، فلن تجد تفسيرا واحدا يقر بغير ذلك.



واليكم مثال لقول الإمام الطبري وابن كثير والنسفي الذي استشهد به الكاذب هذا تعليقا على ما ورد بسورة الفرقان:



تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري ( وقالوا اساطير الاولين..)


حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا مـحمد بن إسحاق، قال: ثنا شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرِمة، عن ابن عبـاس، قال: كان النَّضْر بن الـحارث بن كَلَدَة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصيّ من شياطين قريش، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة، وكان قد قَدِم الـحِيرة، تعلّـم بها أحاديث ملوك فـارس وأحاديث رُسْتَـم وأسفنديار، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مـجلساً فذكّر بـالله وحدّث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمـم من نقمة الله، خـلَفه فـي مـجلسه إذا قام، ثم يقول: أنا والله يا معشر قُريش أحسن حديثا منه، فهلـموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدِّثهم عن ملوك فـارس ورسْتَـم وأسفنديار، ثم يقول: ما مـحمد أحسن حديثاً منـي قال: فأنزل الله تبـارك وتعالـى فـي النضر ثمانـيَ آيات من القرآن، قوله: { وَإذَا تُتْلَـى عَلَـيْهِ آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوَّلـينَ } وكلَّ ما ذُكِر فـيه الأساطير فـي القرآن.



وهنا ينقل لنا الإمام الطبري كلامه مفاده ان أعداء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يدعّون الأقوال لحسدهم من النبي وبغرض صرف أذهان الناس عنه ، فانه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس يعلم الناس ويذكرهم بالله كان يخلفه النضر بن الحارث محاولا أن يصرف أذهانهم عن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يؤمنوا له، فكان يلقي على مسامع الناس أحاديث تعلمها ويدعي انه أحسن حديثا من محمد صلى الله عليه وسلم.



تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير عن آيات سورة الفرقان



يقول تعالى مخبراً عن سخافة عقول الجهلة من الكفار في قولهم عن القرآن: { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ } أي: كذب { ٱفْتَرَاهُ } يعنون: النبي صلى الله عليه وسلم { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ } أي: واستعان على جمعه بقوم آخرين، فقال الله تعالى: { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } أي: فقد افتروا هم قولاً باطلاً، وهم يعلمون أنه باطل، ويعرفون كذب أنفسهم فيما يزعمون، { وَقَالُوۤاْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } يعنون: كتب الأوائل، أي: استنسخها، { فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } أي: تقرأ عليه { بُكْرَةً وَاَصِيلاً } أي: في أول النهار وآخره، وهذا الكلام لسخافته وكذبه وبهته منهم، يعلم كل أحد بطلانه، فإنه قد علم بالتواتر وبالضرورة: أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاني شيئاً من الكتابة، لا في أول عمره، ولا في آخره، وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده إلى أن بعثه الله نحواً من أربعين سنة، وهم يعرفون مدخله ومخرجه، وصدقه ونزاهته، وبره وأمانته، وبعده عن الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرذيلة، حتى إنهم كانوا يسمونه في صغره وإلى أن بعث: الأمين؛ لما يعلمون من صدقه وبره، فلما أكرمه الله بما أكرمه به، نصبوا له العداوة، ورموه بهذه الأقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها، وحاروا فيما يقذفونه به، فتارة من إفكهم يقولون: ساحر، وتارة يقولون: شاعر، وتارة يقولون: مجنون، وتارة يقولون: كذاب، وقال الله تعالى: { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } وقال تعالى في جواب ما عاندوا ههنا وافتروا: { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الآية، أي: أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخباراً حقاً صدقاً مطابقاً للواقع في الخارج ماضياً ومستقبلاً { ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ } أي: الله الذي يعلم غيب السموات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر



وهنا الإمام بن كثير يشير إلى سفاهة هذه الشبهات التي ألقاها الكافرون والتي تضمنتها آيات سورة الفرقان ويوضح زيغهم وبهتانهم حين ذكر علمهم بحال النبي صلى الله عليه وسلم وبأنه لم يسبق عليه الكذب وما كان اسمه بينهم إلا الأمين ، ولكنه متى جهر بالدعوة لدين الله الحق شرعوا في الإتيان بكل ذميمة والصقوها بشخصه ، وهو المبرأ من كل هذا من قال فيه ربناوانك لعلى خلق عظيمصلى الله عليه وسلم