
-
الدفاع عن الأنبياء
YOUNESS
وردت الشبهة فى قوله تعالى (( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) و قوله تعالى (( إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ )) ، فقالوا : كيف يعصى يونس أمر ربه ؟ و كيف يظن أن الله القادر على كل شىء لن يقدر عليه ؟
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
قال الإمام ابن حزم فى الملل (فأما يونس عليه السلام فلم يغاضب ربه ، و لم يقل تعالى أنه ذهب مغاضباً ربه ، فمن زاد هذه الزيادة كان قائلاً على الله الكذب و زائداً فى القرأن ما ليس منه ، و هذا ما لا يجوز فإنما هو غاضب قومه و لم يوافق ذلك مراد الله تعالى و إن كان يونس لم يقصد بذلك إلا رضاء الله عز و جل،و الأنبياء يقع منهم السهو بغير قصد و يقع منهم الشىء يراد به وجه الله فيوافق خلاف مراد الله تعالى))
و هذا هو المعنى الصحيح و الذى يتضح جلياً بفهم قوله تعالى ((فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)) ، "جاء رجل فسأل ابن عباس: كيف يظن نبى الله يونس أن الله لن يقدر عليه؟ فقال ابن عباس: ليس هذا، ألم تقرأ قول الله تعالى ((وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ))
قال الإمام القرطبى فة تفسير قوله تعالى ((فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ))
[قِيلَ : مَعْنَاهُ اسْتَنْزَلَهُ إِبْلِيس وَوَقَعَ فِي ظَنّه إِمْكَان أَلَّا يَقْدِر اللَّه عَلَيْهِ بِمُعَاقَبَتِهِ . وَهَذَا قَوْل مَرْدُود مَرْغُوب عَنْهُ ; لِأَنَّهُ كُفْر . رُوِيَ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر حَكَاهُ عَنْهُ الْمَهْدَوِيّ , وَالثَّعْلَبِيّ عَنْ الْحَسَن . وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَقَالَ عَطَاء وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَكَثِير مِنْ الْعُلَمَاء مَعْنَاهُ : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُضَيِّق عَلَيْهِ . قَالَ الْحَسَن : هُوَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : " اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر " [ الرَّعْد : 26 ] أَيْ يُضَيِّق . وَقَوْله " وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقه " [ الطَّلَاق : 7 ] . قُلْت : وَهَذَا الْأَشْبَه بِقَوْلِ سَعِيد وَالْحَسَن . وَقَدَرَ وَقُدِرَ وَقَتَرَ وَقُتِرَ بِمَعْنًى , أَيْ ضُيِّقَ وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ وَالْمَهْدَوِيّ .
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ الْقَدْر الَّذِي هُوَ الْقَضَاء وَالْحُكْم ; أَيْ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعُقُوبَةِ ; قَالَهُ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَالْفَرَّاء . مَأْخُوذ مِنْ الْقَدْر وَهُوَ الْحُكْم دُون الْقُدْرَة وَالِاسْتِطَاعَة]
فكلمة نقدر عليه لا تشير ههنا إلى معنى الإستطاعة فهذا ما لا يظنه أحاد الناس فضلاً عن نبى ، و إنما تشير إلى معنى التضييق، فيونس عليه السلام لما دعى قومه للتوحيد و نفروا منه و أذوه تركهم غضباناً لله و لم يظن أن الله يحاسبه و يضيق عليه لذلك، و إنما حاسبه الله لأنه لم يصبر عليهم و خرج منهم قبل الإذن ، كما قال تعالى ((فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ )) و قد نبه رسول الله (ص) إلى هذا الأمر و حذر من أن يسىء إنسان الظن بنبى الله يونس فقال عليه الصلاة و السلام: ((لا يقولن أحدكم إني خير من يونس )) رواه البخارى
عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه "قال - يعني الله تبارك وتعالى - لا ينبغي لعبد لي (وقال ابن المثنى : لعبدي) أن يقول : أنا خير من يونس بن متى، عليه السلام"رواه مسلم.
و قال عليه الصلاة و السلام: ((ما ينبغي لنبي أن يقول : إني خير من يونس بن متى)) صحيح أبو داود للألبانى
و قال عليه الصلاة و السلام ((ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)) صحيح ابن ماجة
و هذا من تعظيم رسول الله (ص) لشأن اخوانه الأنبياء و دفاعه عنهم عليهم صلوات الله أجمعين
و هفوة نبى الله يونس هذه لو صدرت عن غيره لاعتبرها فى ميزان الفضيلة و لكن يونس عليه السلام أوخذ يها نظراً لرفيع مقامه كما نقول دائماً (حسنات الأبرار سيئات المقربين) ، و فعاقب الله تعالى نبيه يونس بموجب (التربية الخاصة) لتزكية نفسيه الطاهرة و السمو بها عن كل شائبة، و قد تضرع عليه السلام إلى ربه منيباً معترفاً بخطئه فقال عليه السلام " لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين .." فاستجاب له ربه تعالى و جعل دعاءه هذا مأثوراً لرفع الكرب إلى يوم القيامة، ..."
MOISE
الأولى:
وردت الشبهة فى قوله تعالى (( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ..)) فقالوا: كيف يقتل موسى نفساً ؟
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
فإن موسى عليه السلام لا تثريب عليه في قتل القبطى لسببين:
الأول: أنه تدخل عليه السلام لنصرة مؤمن مستضعف إستغاثه من يد كافر متجبر
الثانى: أن موسى لم يقصد قتله و إنما قصد ردعه فمات فلا تعمد ههنا و بالتالى لا تناقض مع عصمته الشريفة، و لعل الإشكال نشأ فى عقول القوم بسبب الرواية التوراتية التى تظهر موسى فى صورة القاتل المتعمد المتربص الذى استطلع الأجواء ثم أقدم على جريمته.(( ». 11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ لأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيّاً يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيّاً مِنْ إِخْوَتِهِ 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ فَقَتَلَ لْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي لرَّمْلِ)) خروج 2: 11
أما الرواية القرأنية فلم تقل أن موسى قتله كى لا يشكل المعنى بل قال تعالى ((.فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ .)) قال القرطبى و ابن كثير عن قَتَادَة قال : " وكزه بِعَصَاهُ" وَقَالَ مُجَاهِد : "بِكَفِّهِ ; أَيْ دَفَعَهُ وَالْوَكْز وَاللَّكْز وَاللَّهْز وَاللَّهْد بِمَعْنًى وَاحِد , وَهُوَ الضَّرْب بِجُمْعِ الْكَفّ مَجْمُوعًا كَعَقْدِ ثَلَاثَة وَسَبْعِينَ" ))
فما فعله موسى هو أن وكز القبطى و كان شديد القوة عليه السلام فلم يحتمل القبطى فمات، و هذه أول مرة فى التاريخ يتم فيها الإشارة إلى هذا التفريق بين القتل العمد و القتل الخطأ و ما يعرف بالضرب المفضى إلى الموت، فالقرأن العظيم هو أول من فرق بين هذه الحالات الثلاث و لم يسبقه أى نظام قانونى فى العالم فى بيان هذا التشريع العادل الراقى و لله الحمد و المنة
الشبهة الثانية:
وردت الشبهة فى الحديث البخارى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ((أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت قال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال أي رب ثم ماذا قال ثم الموت قال فالآن قال فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر))
فقالوا كيف يعتدى موسى عليه السلام على ملك الله ؟ و كيف يرفض قدر الله؟!
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
أولاً
قال ابن خزيمة: {الجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ , وإنما بعثه إليه اختبارا وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت , وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن , وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء , ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول , ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه . }
ولخص الخطابي كلام ابن خزيمة وزاد فيه أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة , وأن الله رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ،
قلت : و هذا هو الصواب قطعاً خاصة و أن الملاك لم يأت موسى بصورته و إنما جاءه متشكلاً فأنكره موسى ، كما أنه لم يبدأ بتخييره قبل قبضه و معلوم أنه ما قُبض نبى قبل تخييره ، فكان الحال أن فوجىء موسى برجل فى بيته يطلب موته!!
و الدليل أن موسى عليه السلام لم يفعل ذلك كرهاً لقضاء الله كما يزعمون أن الله تعالى ما عاقبه ولا عاتبه على ذلك ، بل أكرمه فأرسل إليه الملك مرة أخرى و قد عاد كاملاً سليماً فعلمه موسى حينئذ ، فلما خيره أن يموت فى الحال أو أن يضع يده على متن ثور و يكون له بكل شعره غطتها يده سنة رد موسى قائلاً: (( أى رب ثم ماذا ؟ قال:ثم الموت، قال:فالآن)) أى أن موسى فضل الموت فى حينه و الالتحاق بالرفيق الأعلى عن العيش فى الدنيا لألاف السنين الأخرى، فكيف يقال أنه كان يكره الموت بعد ذلك؟!
و مرة أخرى نذكر بما ورد فى حديث الشفاعة الكبرى و فيه أن الناس يأتون موسى عليه السلام يستشفعونه فيصرفهم و يذكرهم بخطيئة واحدة اقترفها و هى قتل القبطى ((فيقول : لست هناكم، ويذكر قتل النفس بغير نفس، فيستحي من ربه فيقول : ائتوا عيسى عبد الله ورسوله))
فلو كان فعله مع الملك تجاوزاً لكان أولى بالذكرمن قتل غير مقصود لنفس جائرة، و مع ذلك فموسى لا يذكر إلا هذه المسألة فقط و يعدها خطيئة بيد أنها ليست كذلك كما أوضحنا من قبل ، و أن الله اصطفاه و جعله رسوله و كليمه بعد ذلك كما قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً )) و كما قال تعالى فى ثناءه على موسى ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ))
إلا أن هذا هو شأن الأنبياء فى إستعظامهم لكل خطأ غير مقصود لشدة تعظيمهم لحق الله تعالى و حرماته
ثانياً
أعجب ممن يتحدثون عن كراهية الموت و الإعتراض على قضاء الله بينما نجد فى كتبهم أن المسيح قد رفض الموت و طلب من الله أن يدفع عنه هذه الكأس المرة
((35 ثم تقدم قليلا وخرّ على الارض وكان يصلّي لكي تعبر عنه الساعة ان امك 36 وقال يا ابا الآب كل شيء مستطاع لك .فاجز عني هذه الكاس .ولكن ليكن لا ما اريد انا بل ما تريد انت .)) مرقس 35:14، 36
و كذلك نجد يائساً ساخطاً على الصليب! فصرخ فى ربه قائلاً: ((34 وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ألوي ألوي لما شبقتني .الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني .)) مرقس34:15
SOLOMON
جاءت الشبهة فى ما نقلته بعض كتب التفسير عند قوله تعالى ((وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ))
و هى روايات تزعم أن سليمان عليه السلام كان له خاتم يكمن فيه سر ملكوته فتشكل الشيطان فى هيئته مرة و أخذ الخاتم من زوجته التى كانت تحفظه بينما كان سليمان يقضى حاجته، فتسلط الشيطان على ملك سليمان و جار و ظلم، بينما كذب الناس سليمان و افتقر حتى وجد الخاتم فى جوف سمكة اصطادها يوماً ، و عاد إليه ملكه ، و من هذه الروايات ما أورده السيوطى عن قتادة و مجاهد فى الدر المنثور ، قال:{ وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيّه جَسَدًا " قَالَ شَيْطَانًا يُقَال لَهُ آصَف فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَيْفَ تَفْتِنُونَ النَّاس ؟ قَالَ أَرِنِي خَاتَمك أُخْبِرك فَلَمَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ نَبَذَهُ آصَف فِي الْبَحْر فَسَاحَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَذَهَبَ مُلْكه وَقَعَدَ آصَف عَلَى كُرْسِيّه وَمَنَعَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ نِسَاء سُلَيْمَان فَلَمْ يَقْرَبهُنَّ وَلَمْ يَقْرَبْنَهُ وَأَنْكَرْنَهُ قَالَ فَكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَسْتَطْعِم فَيَقُول أَتَعْرِفُونَنِي ؟ أَطْعِمُونِي أَنَا سُلَيْمَان فَيُكَذِّبُونَهُ حَتَّى أَعْطَتْهُ اِمْرَأَته يَوْمًا حُوتًا فَفَتَحَ بَطْنه فَوَجَدَ خَاتَمه فِي بَطْنه فَرَجَعَ إِلَيْهِ مُلْكه }
و كذا رواه عن قتادة قال {...َكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُل الْخَلَاء أَوْ الْحَمَّام لَمْ يَدْخُل بِالْخَاتَمِ فَانْطَلَقَ يَوْمًا إِلَى الْحَمَّام وَذَلِكَ الشَّيْطَان صَخْر مَعَهُ وَذَلِكَ عِنْد مُقَارَفَة قَارَفَ فِيهَا بَعْض نِسَائِهِ قَالَ فَدَخَلَ الْحَمَّام وَأَعْطَى الشَّيْطَان خَاتَمه فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْر فَالْتَقَمَتْهُ سَمَكَة وَنُزِعَ مُلْك سُلَيْمَان مِنْهُ وَأُلْقِيَ عَلَى الشَّيْطَان شَبَه سُلَيْمَان قَالَ فَجَاءَ فَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيّه وَسَرِيره وَسُلِّطَ عَلَى مُلْك سُلَيْمَان كُلّه غَيْر نِسَائِهِ قَالَ فَجَعَلَ يَقْضِي بَيْنهمْ وَجَعَلُوا يُنْكِرُونَ مِنْهُ أَشْيَاء }.
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
لاشك عقلاً و نقلاً فى كون هذه الخرافات من أكاذيب بنى إسرائيل و أباطيلهم،و أن ابن عباس و غيره تلقوها عن مسلمة أهل الكتاب و ليس أدل على ذلك مما ذكره السيوطى فى تفسيره قال: { و أخرج عبدالرازق، و ابن منذر، عن ابن عباس قال: أربع أيات من كتاب الله لم أدر ما هى؟ حتى سألت عنهم كعب الأحبار..... و ذكر منها : و سألته عن قوله تعالى ((وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ)) قال: الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذى فيه ملكه، فقذف به فى البحر، فوقع فى بطن سمكة، فانطلق سليمان يطوف إلى أن تصدق عليه بتلك السمكة فاشتواها ، فأكلها ، فإذا فيها خاتمه، فرجع له ملكه} ،
و كعب الأحبار من مسلمة أهل الكتاب المشهورين بحكاية ترهات الإسرائيليات شأنه فى ذلك شأن وهب ابن منبه و غيره.
- و قد نوهنا مراراً أن مثل هذه الروايات - و إن وردت- عن نفر من الصحابة الكرام فهذا لا ينفى كونها نفسها من الإسرائيليات التى تناقلوها عن مسلمة أهل الكتاب، و لا حجة فى أخبار أمم السابقة إلا بما وصل إلينا صحيحاً فى كتاب الله و سنة رسول الله (ص)
و قد نبه إلى ذلك أيضاً الإمام القاضى عياض
YOUSSEF
الشبهة :
وردت الشبهة فى قوله تعالى ((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )) فزعموا أن يوسف عليه السلام عزم القيام بالفاحشة ، و ساعدهم على الإسهاب فى بهتانهم بعض الروايات الباطلة المنقولة عن مسلمة أهل الكتاب و بعض الصحابة أوردها و تبناها ابن جرير و صاحب الدر المنثور و غيرهما ، مفادها باختصار أن يوسف عليه السلام حل سراويله فصيح به: يا يوسف لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش، و قيل : رأى كفاً مكتوباً عليها أيات قرأنية بالعبرية، و قيل : رأى صورة يعقوب على الحائط، بل و زعموا أنه لما لم يرعوا من رؤية صورة أبيه عاضاً على أنامله ضربه أبوه يعقوب فخرجت شهوته من أنامله !!
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
فإن هذه الروايات الباطلة لا تعدو أن تكون من أكاذيب و افتراءات الإسرائيليات و لم يصح أى من هذه الخرافات على الإطلاق على لسان رسول الله عليه الصلاة و السلام ، و إنما وردت موقوفة كما أن بعض طرقها تصل إلى وهب بن منبه و هو من مسلمة أهل الكتاب المشهورين بكثرة اسرائيلياتهم و كذا كعب الأحبار ، و كان ابن عباس و ابن عمر و غيرهم من الصحابة الكرام يحدثون عنهم أخذاً برخصة ذلك، حتى انه روى عن بعض الصحابة أنه كان يملك حمل بعيرين من كتب القوم! و هذه مسألة فصل فيها أئمة المحققين،
و قد نبه لهذا الامر ثلة من كبار المفسرين كالامام ابن كثير و القاسمى و السعدى و السنوسى و أبو السعود و الزمخشرى و غيرهم....، قال القاسمى{ هذا و قد ألصق بعض المفسرين المولعين برواية كل غث و ثمين ما تلقفوه من أهل الكتاب و بعض المتقولين من تلك الروايات الباطلة التى أنزه قلمى عن نقلها لردها، و كلها خرافات و أباطيل} و ليس أدل على بطلان هذه الرويات من تهافتها و اختلافها ، و الحق أبلج و الباطل لجلج ، و كذلك ينكشف زيفها من خلال الرواية الموضوعة الأخرى التى نسبت إلى النبى عليه الصلاة و السلام زوراً أنه لما قرأ: ((ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)) قال: لما قال يوسف ذلك قال له جبريل: ولا يوم هممت بما همت به؟
و حاشا لله أن يكون رسول الله (ص) قد تلفظ بشىء من هذا العبث ، و هو الذى نزه اخوانه الأنبياء و أكرمهم فى كل موضع، و قال فى مديح صبريوسف على البلاء ((لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي)) و قال عليه الصلاة و السلام عن يوسف أيضاً ((فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله))
و قد نسى من دس هذه الرواية (الموضوعة) أن قوله تعالى ((ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ)) ليست مقالة سيدنا يوسف عليه السلام و إنما هى مقالة امرأة العزيز ، و هو ما يتفق مع سياق الأية، ذلك: أن الملك لما أرسل رسوله إلى يوسف لإحضاره من السجن قال له: ارجع إلى ربك، فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهم فأحضر النسوة، و سألهن، و شهدن ببراءة يوسف، فلم تجد امرأة العزيز بداً من الإعتراف بفعلتها و أن يوسف هو الذى استعصم فلم تقع الفاحشة ((قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ )) فكل ذلك من قولها ، و لم يكن يوسف حاضراً بل كان فى السجن ، فكيف يعقل أن يصدر منه ذلك فى مجلس التحقيق الذى عقده العزيز؟
و قد انتصر لهذا الرأى السديد الإمام ابن تيمية و ألف فى ذلك تصنيفاً على حده، و قال الإمام ابن كثير فى تفسيره: {" ذَلِكَ لِيَعْلَم أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ " تَقُول إِنَّمَا اِعْتَرَفْت بِهَذَا عَلَى نَفْسِي لِيَعْلَم زَوْجِي أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ فِي نَفْس الْأَمْر وَلَا وَقَعَ الْمَحْذُور الْأَكْبَر وَإِنَّمَا رَاوَدْت هَذَا الشَّابّ مُرَاوَدَة فَامْتَنَعَ فَلِهَذَا اِعْتَرَفْت لِيَعْلَم أَنِّي بَرِيئَة " وَأَنَّ اللَّه لَا يَهْدِي كَيْد الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئ نَفْسِي " تَقُول الْمَرْأَة وَلَسْت أُبَرِّئ نَفْسِي فَإِنَّ النَّفْس تَتَحَدَّث وَتَتَمَنَّى وَلِهَذَا رَاوَدْته لِأَنَّ " النَّفْس لَأَمَّارَة بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِم رَبِّي " أَيْ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّه تَعَالَى " إِنَّ رَبِّي غَفُور رَحِيم " وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الْأَشْهَر وَالْأَلْيَق وَالْأَنْسَب بِسِيَاقِ الْقِصَّة وَمَعَانِي الْكَلَام وَقَدْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره وَانْتُدِبَ لِنَصْرِهِ الْإِمَام أَبُو الْعَبَّاس رَحِمَهُ اللَّه فَأَفْرَدَهُ بِتَصْنِيفٍ عَلَى حِدَة وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول " قَالَ لِيَعْلَم أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ فِي زَوْجَته " بِالْغَيْبِ " الْآيَتَيْنِ أَيْ إِنَّمَا رَدَدْت الرَّسُول لِيَعْلَم الْمَلِك بَرَاءَتِي وَلِيَعْلَم الْعَزِيز " أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ " فِي زَوْجَته " بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّه لَا يَهْدِي كَيْد الْخَائِنِينَ " الْآيَة وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الَّذِي لَمْ يَحْكِ اِبْن جَرِير وَلَا ابْن أَبِي حَاتِم سِوَاهُ قَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ لَمَّا جَمَعَ الْمَلِك النِّسْوَة فَسَأَلَهُنَّ هَلْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُف عَنْ نَفْسه ؟ " قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء قَالَتْ اِمْرَأَة الْعَزِيز الْآن حَصْحَصَ الْحَقّ " الْآيَة قَالَ يُوسُف " ذَلِكَ لِيَعْلَم أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ " فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام : وَلَا يَوْم هَمَمْت بِمَا هَمَمْت بِهِ ؟ فَقَالَ " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي " الْآيَة وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَابْن أَبِي الْهُذَيْلِ وَالضَّحَّاك وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالْقَوْل الْأَوَّل أَقْوَى وَأَظْهَر لِأَنَّ سِيَاق الْكَلَام كُلّه مِنْ كَلَام اِمْرَأَة الْعَزِيز بِحَضْرَةِ الْمَلِك وَلَمْ يَكُنْ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدهمْ بَلْ بَعْد ذَلِكَ أَحْضَرَهُ الْمَلِك }
التفسير الصحيح للأية:
- بدأت الأيات الكريمات بقوله تعالى ((وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ)) قال أبو السعود: قوله (معاذ الله) يعكس تقوى قلبه و هو اجتناب منه على أتم الوجوه و إشارة إلى التعليل بأنه منكر هائل يجب أن يعاذ بالله تعالى للخلاص منه، و هذا من شفافية نفس يوسف الزكية فقد أراه الله القبيح فى صورته الحقيقية ، و ذلك ما يفتقر إليه الكثيرون لذا جاء فى دعاء أبى بكر الصديق رضى الله عنه ((اللهم أرنا الحق حقاً. و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه.))
وقوله ((إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ)) فيه تمام الإعتراف بفضل الله و استحضار مراقبته و خشية عقابه لذا قال بعدها ((إنه لا يفلح الظالمين))، و قيل : الضمير يعود على العزيز و و لو كان كذلك فهو إنتقال سديد لذكر بعض أسباب الإمتناع المقنعة لامرأة العزيز ، فكيف تطلبين منى خيانة سيدى الذى أكرمنى و كفلنى فى بيته و طالبك بإكرامى و أنت زوجته؟ فكانت هذه الكلمات الموجزة أدق أرشاد لها بألطف طريقة
- و قوله تعالى (( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)) الهم هو أول العزيمة و أعلاه الهمة، قال البغوى: الهم همان (1) هم ثابت معه عزم و رضا و هو مذموم مأخذ به و هذا هو مقصود امرأة العزيز (2) و هم هو الخاطر و حديث النفس بغير تصميم و هو غير مأخذ به ، قال أبو السعود: { همه بها: ميله إليها بمقتضى الطبيعة البشرية ميلاً جبلياً لا يكاد يدخل تحت التكليف لا أنه قصدها قصداً إختيارياً، ...و الأنبياء ليسوا معوصومين من حديث النفس و الخواطر الجبلية و لكنهم معصومون من طاعتها و الإنقياد إليها و لو لم توجد لديهم دواعى جبلية لكانوا إما ملائكة و إما عالم أخر ، و لا يصلحون قدوة للبشر حينئذ، و لما كانوا مأجورين على ترك الملاهى لأن الترك مع وجود الداعى هو العمل المتعبد به المشتمل على جهاد النفس }
و قوله (هم) بعد (همت) من قبيل المشاكلة اللفظية مع اختلاف الدلالة المعنوية و هذا كقوله تعالى (( و مكروا و مكر الله )) و قوله ((و جزاء سيئة مثلها..)) و قيل: العبارة فيها تقديم و تأخيرو هو أسلوب مشهور فى لسان الكوفيين و أعلام البصريين فيكون المعنى (( لولا أن رءا برهان ربه لهم بها)) ، فقوله تعالى ((و هم بها)) جواب مقدم، قال ابن حيان و غيره: { أى قاربت الإثم لولا أن الله عصمك }
و معروف فى العربية أن (لولا) حرف امتناع لوجود، أى امتناع الجواب لوجود الشرط، فيكون الهم ممتنعاً لوجود البرهان الذى ركزه الله تعالى فى فطرته، و المقدم إما الجواب أو دليله على خلاف بين النحويين
- و قوله تعالى ((كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء )) قال العلامة أبو السعود: { هذه أية بينة و حجة قاطعة على أن يوسف لم يقع منه هم بالمعصية ولا توجه إليها قط} و لنتامل بلاغة النص القرأنى إذ لم يقل ((كذلك لنصرفه عن السوء و الفحشاء)) لأن هذا المعنى يفيد أنه ذهب إلى الفحشاء فصرفه الله عنها ، لذا قال تعالى ((كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء)) و هذا دليل عدم إقدامه على السوء قط بل إن الله صرف السوء عنه,و كذلك المغايرة بين السوء و الفحشاء يبرىء يوسف من كل شبهة ، لأن الفحشاء هى الإثم الكبير و السوء لفظ أعم يضم الفواحش و غيرها، و قد أخبر الله تعالى أنه صرف عنه كليهما، فيوسف عليه السلام لم يرتكب الزنا ولا مقدماته
- و قوله تعالى (( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)) دليل قاطع على أن الأنبياء الذين هم صفوة عباد الله المخلصين الطاهرين يعصمهم تعالى من إرتكاب الفواحش، و هذه الأية لا تزكى
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة faridabdin في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 18
آخر مشاركة: 13-03-2013, 05:59 PM
-
بواسطة العميد في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 13-10-2008, 11:16 AM
-
بواسطة ismael-y في المنتدى الذب عن الأنبياء و الرسل
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 14-09-2007, 06:45 AM
-
بواسطة ismael-y في المنتدى شبهات حول المرأة في الإسلام
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 21-11-2006, 02:33 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات