[CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم[/CENTER]
بيننا وبينهم النصوص ، نصوص كتابهم ، هى قاضية عليهم ، قاصمة لظهورهم ، لم نأت
بأقوال علماء المسلمين ، ولم نستشهد بنص من كتبنا ، ولا من سنة نبينا ، ليس للين فيها
ولكن لأن القوم لما لم يسلموا بصحتها وينزلوا على حكمها ، حاكمناهم إلى كتابهم
كما جاء في كتابهم " من فمك أدينك أيها العبد الشرير " لوقا 19 : 22




• جاء في بشارات العهد الجديد أن يوحنا المعمدان " هو يحيى عليه السلام " قام ليكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا أمام يسوع " هو عيسى عليه السلام " وقد قيل عنه في نبؤات العهد القديم " صوت صارخ في البرية : " أعدوا طريق الرب ، قوموا في القفر سبيلا ً لإلـهنا " إشعياء 40 : 3


• وفي العهد الجديد قيل عن يوحنا " فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل : صوت صارخ في البرية : أعدوا طريق الرب ، اصنعوا سبله مستقيمة " متى 3 : 3


نفهم من هذا أن الله يريد من العباد أن يلتزموا الاستقامة على السبيل حتى لا يضلوا فيهلكوا ، وأن لا يستسلموا لإبليس الذي يريد أن يهلك أولاد الله الذين يسيرون على طريق الله كما قال يسوع لتلاميذه " والذين على الطريق هم الذين يسمعون ، ثم يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فَيَخْلُصُوا " لوقا 8 : 12


ولهذا حذر الأولون من إبليس وعمله . قال يعقوب في رسالته : " فاخضعوا لله ، وقاوموا إبليس فيهرب منكم " يعقوب 4 : 7 وقال بولس في رسالته إلى أهل أفسس : " البسوا سلاح الله الكامل ، لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس " أفسس 6 : 11 وقال بطرس في رسالته : " اصحوا واسهروا . لأن إبليس خصمكم كأسد زائر أن يجول ملتمسا من يبتلعه هو " بطرس 1 / 5 : 8



ولكن لماذا حذر الألولون من إبليس بشدة هكذا ؟ . إن يوحنا يجيبنا عن هذا التساؤل فيقول : " من يفعل الخطية فهو من إبليس ، لأن إبليس من البدء يخطىء ، لأجل هذا ُأظهرابن الله لكي ينقض أعمال إبليس ،كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية ،لأن زرعه يثبت فيه ، ولا يستطيع أن يخطىء لأنه مولود من الله ، بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس : كل من لا يفعل البر فليس من الله " يوحنا 1 / 3 : 8 -10

هكذا اتضح لنا أن إبليس منذ بدايته يخطىء وأن أولاده هم من يخطئون ، ولا يفعلون البر ، فتبرأ الله منهم ، بل إن بولس قال لأحد المفسدين من أولاد إبليس : " أيها الممتلىء كل غش وكل خبث ! يا ابن إبليس ! يا عدو كل بر ! ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة " أعمال 13 : 10

وهكذا قال يوحنا أن من لا يفعل البر فليس من الله وقال لنا بولس أن من يعادي البر فهو ابن من أولاد إبليس ويقول أن أولاد إبليس لا يزالون يجاهدون أولاد الله من أجل أن يفسدوا سبله المستقيمة التى أمروا أن يقوموها إن اعوجوا عنها ، أو أن يصنعوها أن تركوها يوما ً من الأيام .

ولا نجد من يماري في أن يسوع قد جاء من أجل الخلاص ، وإن اخْتُلف في وسيلة التطبيق ، ففريق يرى أن يسوع أتى ليخلص العالم بأسره من خطية قد وقع فيها أبوهم الأول آدم عيه السلام وذلك عن طريق الفداء من خلال الموت على الصليب ، حاملا لعنة الناموس رغم أنه كان بارا بلا خطية .

وفريق يرى أنه قد جاء يخلص بني إسرائيل من زيغهم واعوجاجهم عن سبيل الله ، ويبشرهم بالحياة الأبدية إن رجعوا إلى ربهم كما قال هو " لم آت لأدعوا أبرارا بل خطاة إلى التوبة " مرقس 2 : 17

ولكن اليهود أرادوا أن يبطشوا به " وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه " متى 26 : 4

فهل رضي يسوع عن محاولة اغتياله أم أنكرها ؟؟ يوحنا صاحب البشارة ينقل لنا مواجهة بين يسوع وبين اليهود تحسم لنا الخلاف الدائر بين الذين اختلفوا في كيفية الخلاص . قالت اليهود له " أبونا هو إبراهيم " . قال لهم يسوع : لو كنتم أولاد إبراهيم ، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ! ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله . هذا لم يعمله إبراهيم _ يقصد القتل _ أنتم تعملون أعمال أبيكم .................... أنتم من أب هو إبليس ، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا . ذاك _ أي إبليس _ كان قتالا ً للناس من البدء ، ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق " يوحنا 8 : 39 - 44

هكذا رفض يسوع أن يقتل ، وقال لليهود أنتم أبناء أب هو إبليس ، إبليس الذي حذر الرسل الأولون منه ، إبليس الذي يريد أن ينزع كلام الله من الناس حتى لا يؤمنوا فيخلصوا ، إبليس الذي من البدء يخطيء ، إبليس الذي أظهر ابن الله من أجل أن ينقض أعماله ، أبليس الذي يعادي كل بر يرضاه الله ، إبليس الذي لا يزال يفسد سبل الله المستقيمة ، إبليس الذي مكر مع اليهود من أجل أن يشبع شهوته في قتل الناس إذ أنه قتالا للناس من البدء ، بل إنه شارك بنفسه في قتل يسوع عليه السلام كما أخبر لوقا بذلك فقال : " وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه ، لأنهم خافوا الشعب . فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الإسخريوطي ، وهو من جملة الاثنى عشر . فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم ، ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة . فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم خلوا ً من جمع " لوقا 22 : 2 - 6


والسؤال الآن : هل يمكننا القول بأن إبليس عندما شارك في قتل المسيح عليه السلام _ بزعم النصارى _ فإنه قد صنع سبل الله المستقيمة ؟؟


أعلم أنه سيخرج على من يقول : إن إبليس لم يكن يعلم بخطة الصلب والفداء وأنه لوكان يعلم لما شارك فيها بل لحاول أن يوقفها . والرد في بشارة متى يلجم المكابر فقد جاء فيه الآتي " ثم أخذه_ المفعول به هنا هو يسوع _ إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل ، وقال له " إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب : أنه يوصي ملائكته بك ، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك " فقال يسوع : مكتوب أيضا ً لا تجرب الرب إلهك " متى 4 : 6 - 7



إن إبليس كان عالما منذ البدء بأن يسوع هو ابن الله _ بالمعنى الحقيقي عند النصارى ونلزمهم بالنص طالما لم يعودوا عن قولهم وإلا فنحن نؤمن بأن ابن الله في أي نص يُعنَى بها الإنسان البار _ فلا مفر من أن إبليس قد شارك في مقتله ، بل إن العجيب أن إبليس كان عالما بالعهد القديم إذ استشهد بنص في المزامير كما جاء في النقل السابق من بشارة متى . فمن ينسب لإبليس الجهل فهو عين الجهل ، بل إن يسوع عندما أخبر التلاميذ بأنه " ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم . فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلا : حاشاك يا رب ! لا يكون لك هذا ! . فالتفت وقال لبطرس : اذهب عني يا شيطان ! " متى 16 : 21 - 23

وفى نفس البشارة عندما كان يجربه إبليس وأراه ممالك العالم ومجدها " وقال له : أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي . حينئذ قال له يسوع : اذهب يا شيطان ! " متى 4 : 8 - 10


ومازال السؤال مطروحا : هل شارك إبليس في صنع سبل الله المستقيمة عندما شارك في عملية اغتيال المسيح ، رغم أنه منذ البدء يخطىء ومنذ البدء يقتل ولا يزال يفسد سبل الله المستقيمة وهو الذي يعادي كل بر ؟؟ وقد كان عالما بأن يسوع هو ابن الله وأنه سيقتل على زعم النصارى وكما ورد في كتابهم فكيف يكون ذلك ؟! حنظلة