نيويورك تايمز ترصد تغييرات كبيرة في المناهج الدينية الدراسية بالأردن

تحدثت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مَيل من جانب الحكومة الأردنية لإحداث نقلة كبيرة في طبيعة المناهج الدراسية الدينية التي تقدم للطلاب في الأردن، لتخلو تلك المناهج مستقبلاً مما تصفه الولايات المتحدة بأنه 'أفكار تحرض على مؤامرات شنيعة'.

وضربت الصحيفة الأمريكية أمثلة للأفكار- التي حذر العديد من المفكرين سابقا من أن الضغوط الامريكية ستطالها -والتي ستعمل الحكومة الأردنية على تصفية المناهج الدراسية الدينية منها, ومن بينها 'وجود مؤامرة تحاك في العام الغربي وتستهدف تقسيم العالم الإسلامي'، وفكرة 'اليهود متآمرون وخونة ويريدون أن يقضوا على الإسلام'، وفكرة 'العودة إلى الالتزام بالنصوص والأوامر الدينية لمواجهة التحديات'!.

وأعربت النيويورك تايمز عن وجود تفاؤل كبير من أن تنجح الحكومة الأردنية من خلال اللجان التي تشكلها لتعديل المناهج الدراسية الدينية في محو هذه الأفكار وجعلها مجرد 'ذكريات'، مشيرة إلى أن عمان إذ تقوم بهذه الخطوات فإنها تؤكد على موقفها الثابت في محاربة ما وصفته بالتطرف المتزايد والتهديدات الأمنية المتصاعدة، والرغبة في تكوين عقول التلاميذ بشكل أكثر 'انفتاحًا وتحررًا' في دولة توصف بأنها من أكثر الدول 'المعتدلة' في المنطقة العربية.

وتنقل الصحيفة عن وزير الداخلية الأردني خالد طوقان قوله: 'نريد أن ننتج جيلاً من الشباب الذي لا يأخذ إيمانه ودينه بصورة لا عقل فيها، ولكن نريد شبابًا طيبي القلب, يوقنون أن العنف ضد الإيمان وضد الدين'.
وتشير الصحيفة إلى أن المشرفين على لجان تعديل المناهج الدراسية الدينية في الأردن غالبًا ما يشددون على أن ما يقومون به هو 'تحسين' للمناهج وليس إصلاحًا لها، رغبة في الفرار من الاتهامات التي توجّه إليهم بأن هذه الخطوات إنما تتخذ في سياق ضغوطات قوية تمارس من جانب أطراف أجنبية-وهو ما اكده العديد من المراقبين-.

ويجمع المشرفون على هذه اللجان على أن أفضل وسيلة أمامهم لتحقيق مهمتهم هي في تقديم مناهج دينية تحث الشباب على رفض 'التطرف' والانفتاح على الآخر وتقبل 'الأفكار الجديدة'.

وتضيف النيويورك تايمز أنه - وعلى الرغم من الأدوار التي يمكن أن تلعبها المساجد في توجيه الشباب في العطلات الصيفية والفترات المسائية - إلا أن السيطرة القوية على عقول هؤلاء الشباب ستظل في يد المنهج الديني المقدم في المدارس, والذي يتلقاه الطلاب من خلال كتب الوزارة.

يشار إلى أن الاستراتيجية الأمريكية المعلنة‏,‏ منذ ما بعد هجمات‏11‏ سبتمبر‏2001‏‏ تصر علي إجراء تغيير واسع في البلاد العربية‏,‏ يركز أساسا علي تغيير العقول والتفكير والاتجاهات‏,‏ بعدما اعتبرت هذه الاستراتيجية أن البيئة الفكرية الثقافية الدينية‏,‏ والمناهج الدراسية‏,‏ والحملات الإعلامية والأزمات السياسية الاقتصادية الاجتماعية المتدهورة‏ هي السبب في الهجمات.

وبعدما شنت أمريكا حربين متتاليتين في أفغانستان ثم في العراق ـ ومازالت متورطة فيهما ـ فهي مصرة علي إعادة صياغة المجتمعات العربية والإسلامية‏,‏ لتخرجها مما هي فيه‏,‏ إلي ما تطمح السياسة الأمريكية إليه‏، وتركز خطة التغيير الأمريكي‏ علي تغييرات جذرية وسريعة في أربعة مجالات‏,‏ هي:‏ أولا المناهج الدراسية والتعليمية‏,‏ وثانيا الصحافة والإعلام والثقافة‏,‏ وثالثا النظم الاقتصادية‏,‏ ورابعا بنية النظام السياسي الحاكم في نهاية المطاف‏,‏ باعتباره مصدر التحكم والاستبداد في المنطقة‏، وفقًا للتصور الأمريكي.



المفكرة