الشيخ محمد بن عبدالوهاب في سطور

الكاتب : السرداب

أحببت أن أضع بين يدي القارئ حقيقة للشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي أصبح يذكر وكأنه قائد ثورة التكفير في العالم وهو المجدد ،، حتى ممن هم من أبناء جلدتنا نهلوا من علمه وتربوا عليه
هاهم عبر وسائل الإعلام ينتقدونه بشكل أو بأخر ،،

حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :

فإن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ دعوة إصلاحية ظهرت إبان التخلف والجمود الفكري في العالم الإسلامي

يقول المؤرخ الأمريكي لوثروب ستوارد واصفا ً تلك الحالة :

( في القرن الثامن عشر ـ يعني الثاني عشر الهجري ـ كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ ، ومن التدني والانحطاط أعمق دركة ، فاربد جوه ، وطبقت الظلمة كل صقع من أصقاعه ، ورجاً من أرجائه وانتشر فيها فساد الأخلاق والآداب ، وتلاشى ما كان باقياً من آثار التهذيب العربي ، واستغرقت الأمم الإسلامية في اتباع الأهواء والشبهات ، وماتت الفضيلة في الناس ، وساد الجهل ، وانطفأت قبسات العلم الضئيلة ، وانقلبت الحكومات إلى مطايا استبداد ، وفوضى واغتيال ، فليس يرى في العالم الإسلامي في ذلك العهد سوى المستبدين الغاشمين ، وقام كثير من الولاة يخرجون على الدولة التي خرجوا عليها ، فكان هؤلاء الخوارج لا يستطيعون إخضاع من في حكمهم من الزعماء هنا وهناك ، فكثر السلب والنهب ، وفقد الأمن ،وجاء فوق جميع ذلك رجال الدين المستبدون يزيدون الرعايا إرهاقاً فوق إرهاق ، فغلت الأيدي ، وقعد عن طلب الرزق ، وكاد العزم يتلاشى في نفوس المسلمين ، وبارت التجارة بواراً شديداً ، وأهملت الزراعة أيما إهمال .

وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية ، وخلت المساجد من أرباب الصلوات ، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء ، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات ، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات ، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء ، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور .

وغابت عن الناس فضائل القرآن ، فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان ، وانتشرت الرذائل وهتك ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء .

ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من مدن الإسلام ، فصار الحج المقدس ضرباً من المستهزءات ، وبالجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين ، هبطوا مهبطاً بعيد القرار ، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدهى الإسلام لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان )

فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة إلى الرجوع عقيدة التوحيد الخالص ، والتمسك بهدي السلف الصالح منذ عهد الرسالة الزاهر ،وقد اعتمدت على الكتاب والسنة ، ومنهج أهل السنة والجماعة في فهم الدليل والرجوع إليه ، وما من شك أن صاحب الدعوة والفكرة لا بد له من سيف يناصره ، ويد تعضده ، وإلا فما حيلته ؟ فكان من قضاء الله وقدره أن شرف الإمام محمد بن سعود بنصرة هذه الدعوة نصراً مؤزراً، وتبعه على ذلك من جاء بعده من بنيه وأحفاده ، حتى جاء الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ فألزم الناس بتطبيق الشريعة ، والحكم بموجبها . فلقد تهيأ لهذه الدعوة من أسباب التمكين مالم يتهيأ لدعوات كثيرة قبلها وبعدها ، وهذا من فضل الله ، تهيأ لها سبب الدولة والسلطة ، وبهذا السبب قويت الدعوة ، وتمكنت ، وانتصرت ، ولذلك وجدت هذه الدعوة من الانتشار والتمكن مالم تجده دعوات أخرى : فردية وجماعية ، ولقد تركت هذه الدعوة بفضل الله بصماتها وآثارها على حركات الإصلاح التي قامت في العالم الإسلامي بطريق مباشر أو غير مباشر ، وصار لها أطيب الأثر ، واستمر نفعها ، ومن ذلك : تصحيح العقيدة الإسلامية مما علق بها من الشركيات والبدع والخرافات ، وإرجاعها إلى الكتاب والسنة ،وامتداد هذه الدعوة خارج الجزيرة العربية حتى عم نفعها مختلف بلاد العالم الإسلامي ، وكان من نتائج هذه الدعوة ما حققته من منجزات على الصعيد العلمي ، بحيث تكونت مدرسة علمية سلفية خالصة ، وكان لهذه المدرسة صداها في التأليف والتعليم والبحث والتحقيق ؛ فانبعثت الهمم للتنقيب عن كتب السلف والعناية بها ، وازدهر الاهتمام بكتي التفسير المأثور كابن كثير والبغوي ، والتفت الناس إلى الحديث وكتبه ورجاله دراسة وتحقيقاً وحفظاً ، ومن الكتب الفقهية التي صنفت في ظل هذه الدعوة المباركة : منار السبيل ، والسلسبيل في معرفة الدليل ، وحاشية الروض المربع ، والشرح الممتع ، وغيرها …

أصول دعوة الشيخ ـ رحمه الله ـ :

أوضح الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ أصول دعوته ومنها :

1. أما ما نحن عليه من الدين فعلى دين الإسلام الذي قال الله فيه :" ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه "

2. وأما ما دعونا الناس إليه فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطاباً لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" وقوله " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً "

3. وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار" وقوله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على سبيل التغليظ ،

4. وإلا فهو منزه هو وإخوانه عن الشرك " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " وغير ذلك من الآيات ونقاتلهم عليه كما قال تعالى :" وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة" أي: شرك …

5. وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس وأحمد بن حنبل رحمهم الله

6. وما جئنا بشيء يخالف النقل ولا ينكره العقل نقاتل عبدة الأوثان كما قاتلهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونقاتلهم على ترك الصلاة وعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ

7. وأما التكفير فإنما أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا الذي أكفره ، وأكثر الأمة ـ ولله الحمد ـ ليسوا كذلك

8. وأما القتال فلم نقاتل أحداً إلا دون النفس والحرمة ،

9. فإنما نقاتل على سبيل المقابلة :" وجزاء سيئة سيئة مثلها " وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرفه

10. وأيضاً ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله

11. ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر وأنواع المنكرات

المصدر : شبكة الدفاع عن السنة