بقلم/ د.محمد فهد الثويني

الغيبة هي ذكرك أخاك بما فيه مما يكره سواء كان ذلك في دينه أو بدنه أو دنياه، أو ما يمت إليه بصلة، وسواء كان ذلك بلفظ أو رمز أو إشارة، وهي أمر قد نهى الله عنه ونفر عباده منه ومثله بصورة كريهة تتقزز منها النفوس فقال عز وجل: ( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)[الحجرات:12]، جعل الله أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأبعدنا الله وإياكم عن طريق الغيبة والنميمة التي قد تحصد كل ما نزرعه من أعمال الخير والبر التي نسعى لتحقيقها في هذه الدنيا لنحصدها في الدار الآخرة، ونفوز بالجنة، وننال ثواب الله الذي وعدنا به، ولكي نعلم أبناءنا البعد عن هذا الفعل المذموم يجب أن نكون قدوتهم، وإذا وجدنا هذا التصرف منهم يجب أن نسارع في نهيهم عنه وبيان أخطاره لهم.

كن قدوة لأبنائك
إن الأبناء عندما يسمعون آباءهم ومن حولهم يغتابون سيجدون أن هذا أمر اعتيادي، فيقعون في هذا الفعل الذميم، والأصل في المعاملة بين الإنسان والإنسان هي إصلاح ذات البين، ولا يصح نقل المعلومات والبيانات التي تفسد العلاقات مع الآخرين.

وقد نرى بعض الأبناء لا يعلمون أن هذا شيء خاطئ، فلم يجدوا من يحثهم ويمنعهم عنه، فهم يشاهدون هذا الأمر ممن حولهم، فعلى الآباء توعية أبنائهم بمساوئ قد تدمر المجتمع عن طريق إفساد العلاقات بين الناس بنقل الأحاديث، وقد سمعت عن الشيخ القطان في إحدى المرات أنه رفض سماع شريط قدمه له بعض الناس، وقالوا له اسمع ماذا يقول عنك (فلان؟) فقال: أنا أحبه في الله، ورفض سماع الشريط، وكثير من هذه المواقف تحدث في مجتمعنا، فمثلاً: إذا جاءك ابنك يقول لك (يمه يمه اليوم رحت عند خالتي وقالت عنك كذا) فقولي له لا يا ولدي لا تكمل تعال نذهب ونشتري لها هدية، فلابد أنها متضايقة، فيقول ( يمه اسمعي بالأول شنو قالت) فقولي ( لا يا ولدي هذه اسمها غيبة) وخذي الولد واشتري لها هدية وقولي لها (سامحيني وهذه لك وأنا غلطانة).. فيجب أن نستثمر هذا الموقف ونحوله إلى موقف تعليمي لأبنائنا، لنعلمهم السلوك الصالح، كما فعل السلف الصالح الذين كانوا يقابلون مثل هذا الكلام بهدية، وفي بعض المواقف تكون الغيبة مطلوبة كشهادة في الزواج، فلا يجب أن تحدث أمام الأبناء، فهي نعم جائزة، ولكن لا تصلح أن تقال أمام الأبناء، لأنهم لم يدركوا أن في هذا الموقف جائزة وفي غيره محرمة.

أمور يجب مراعاتها عند الغيبة المباحة
1- الإخلاص لله في النية.
2- عدم تعيين الشخص لدفع كثير من الريب، إذ ربما يستغل البعض تعيين الشخص لنشر اسمه بين الناس.
3- أن تذكر أخاك بما فيه إن كان في ذلك تحقيق مصلحة.
4- التأكد من عدم تحقيق مفسدة أكبر من الفائدة من وراء هذه الغيبة، ومن عدم وقوع فتنة تضر بالمسلمين.

تب إلى الله إذا وقعت في معصية
إذا حدث ورأى الأبناء منك غيبة أو نميمة استغفر الله أمامهم واعتذر حتى يتعلموا أن هذا الأمر سيئ، وقد نرى بعض الأبناء يكذبون ثم يقولون هذه كذبة بيضاء أو كذبة إبريل، ولكن الكذب كذب، فيجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها، وقد يكون الكذب سببه الأهل، فمثلاً يأتي الابن ويقول: يا أبي هناك شخص يطلبك على الهاتف فيقول له الأب قل له إني نائم أو إني غير موجود... من هنا يتعلم الابن هذا الموقف من أبيه، ويعتاد عليه، ويتخذ الكذب سلوكا طبيعيا دون أن يدرك أنه من السلوكيات المنبوذة، فكيف ننهى أبناءنا عن شيء يجدوننا نفعله؟ طبعا لن يتقبلوه، لذلك يجب ألا نكذب أو ننم أو نغتاب أمامهم، وإذا حدث ذلك نعتذر ونستغفر الله لهذا الذنب حتى يعلموا أنه شيء خاطئ.