‏ (100)لا يقاتلونكم جميعـا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر‏...‏
‏*‏ الحشر‏:14)*‏
بقلم : الدكتور‏ ‏زغـلول النجـار
هذه الآية الكريمة جاءت في أوائل النصف الثاني من سورة الحشر‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ نزلت في السنة الرابعة من الهجرة النبوية الشريفة‏,‏ وعدد آياتها أربع وعشرون بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم الحشر بسبب حشر يهود بني النضير إلي بلاد الشام حين أخرجهم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من جواره بالقرب من المدينة المنورة‏,‏ وإن لجأت طائفة منهم إلي يهود خيبر‏.‏
ويدور المحور الرئيسي للسورة حول غزوة بني النضير التي وقعت في ربيع الأول سنة‏4‏ هـ‏(‏ الموافق أغسطس سنة‏635‏ م‏),‏ وطردهم من الجزيرة العربية‏,‏ وفضح مسلك المنافقين‏,‏ والثناء علي الأخوة الإسلامية الحقيقية بين كل من المهاجرين والأنصار‏,‏ وبيان أحكام الفيء‏,‏ ووصية المؤمنين بالتزام التقوي والخشوع لله‏,‏ والتفكر في تدبيره الحكيم‏,‏ والاستعداد للاخرة‏,‏ وبالثناء علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ وتسبيحه‏,‏ وتنزيهه عن كل وصف لا يليق بجلاله‏,‏ وبيان عدد من أسمائه الحسني‏,‏ وصفاته العليا‏.‏

وتبدأ سورة الحشر بتأكيد حقيقة أن كل ما في السماوات والأرض يسبح لله‏(‏ تعالي‏)‏ العزيز الحكيم ويمجده وينزهه عن كل وصف لا يليق بجلاله‏,‏ تسبيحا فطريا تسخيريا لغير المكلفين من الخلق‏,‏ وتسبيحا إراديا اختياريا للمكلفين منهم‏,‏ فقال‏(‏ تعالي‏):‏
سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم‏(‏ الحشر‏:1).‏

ثم أتبعت ذلك بذكر إخراج يهود بني النضير من جزيرة العرب‏,‏ وقد وصفتهم بوصف الذين كفروا‏,‏ وكانوا يحقدون علي الإسلام والمسلمين‏,‏ ويجاهرون بحقدهم عليهم‏,‏ وكراهيتهم لهم‏,‏ ولكنهم لم يكونوا أهل قتال لجبنهم وحرصهم علي الحياة الدنيا‏,‏ فلجأوا إلي الدس والتآمر لإيقاع الأذي بالمسلمين دون أن يقاتلوهم‏.‏ وكانوا قد عاهدوا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ حين قدم المدينة أن يقفوا علي الحياد بينه وبين كفار قريش بدعوي أنهم لا قبل لهم بهم‏,‏ فلا يكونون معه ولا عليه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ فلما انتصر المسلمون في يوم بدر قال اليهود‏:‏ إنه النبي المنعوت في التوراة لا ترد له راية‏,‏ ولكنهم نكصوا علي أعقابهم بعد هزيمة المسلمين في معركة أحد‏,‏ فنقضوا عهدهم مع رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وأظهروا له العداوة والبغضاء‏,‏ وتحالفوا مع كفار قريش ضده‏,‏ وتآمروا علي قتله وقتل أصحابه ولكن الله‏(‏ تعالي‏)‏ حفظه وحفظهم‏.‏
وكان كعب بن الأشرف‏(‏ أحد زعماء يهود بني النضير‏)‏ قد فجر في عدائه لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وأفحش في هجائه والتآمر عليه وتأليب الأعداء ضده فخرج في أربعين من أعوانه قاصدين كفار قريش للتحالف معهم علي مقاتلة المسلمين‏,‏ وعندما علم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بنقضهم لعهدهم معه‏,‏ أهدر دم كعب بن الأشرف‏,‏ وأمر أخا له من الرضاعة بقتل كعب فقتله‏.‏

ثم كان أن ذهب رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ مع عشرة من كبار أصحابه‏(‏ رضي الله عنهم أجمعين‏)‏ إلي محلة بني النضير‏,‏ يطلب منهم المشاركة في أداء دية قتيلين بحكم ما كان بينه وبينهم من عهود في أول مقدمه علي المدينة المنورة‏,‏ فاستقبلوه بالترحاب واعدين بأداء ما عليهم من حقوق‏,‏ بينما كانوا يدبرون في السر أمرا لاغتياله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ واغتيال من معه‏,‏ فأجلسوهم إلي جدار من بيوتهم‏,‏ وتهامسوا فيما بينهم‏:‏ إنكم لن تجدوا الرجل علي مثل حاله هذه‏,‏ فمن منكم يأخذ هذه الرحي ثم يعلو هذا البيت فيلقي عليهم تلك الرحي فيريحنا من محمد وأصحابه‏,‏ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش‏:‏ أنا أقوم بذلك‏,‏ فقال لهم سلام بن مشكم‏:‏ لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم به‏,‏ وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه‏,‏ ولكنهم صمموا علي تنفيذ مؤامرتهم الخسيسة‏.‏
ونزل جبريل‏(‏ عليه السلام‏)‏ ليعلم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بما هموا به‏,‏ فنهض مسرعا متوجها إلي المدينة‏,‏ ولحق به أصحابه فأخبرهم بما هم به اليهود من غدر‏.‏

وما لبث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ أن حاصر محلة بني النضير‏,‏ فتحصنوا داخل جدرهم وحصونهم‏,‏ وأمر الرسول بخروجهم من المدينة وأمهلهم عشرة أيام فمن وجد منهم بعد ذلك في المدينة ضربت عنقه‏,‏ فوافق اليهود علي الخروج‏,‏ ولكن نفرا من المنافقين في المدينة ـوعلي رأسهم عبدالله بن أبي بن سلولـ قاموا بإرسال رسالة إلي اليهود أن أثبتوا وتمنعوا ولا تخرجوا من دياركم فإن معنا ألفين يدخلون معكم حصونكم‏,‏ فيموتون دونكم‏,‏ وسوف ينصركم يهود بني قريظة وحلفاؤكم من غطفان‏,‏ فتشجع اليهود وبعث زعيمهم حيي بن أخطب إلي رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ يرفض الخروج ويصر علي المقاومة‏,‏ ففرض المسلمون عليهم الحصار‏,‏ وبدأ اليهود المتحصنون بجدرهم في رمي جيش المسلمين بالنبل والحجارة وكانت كثافة نخيلهم في البساتين المحيطة بحصونهم عونا لهم علي ذلك‏,‏ فأمر رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بقطعها وتحريقها‏.‏ وتخلي يهود بني قريظة عن نجدتهم‏,‏ وتخلي عنهم كذلك رأس النفاق عبدالله بن أبي بن سلول ومن معه من المنافقين وحلفائهم من غطفان‏,‏ فاضطروا إلي التسليم بالخروج بعد حصار دام لعدة ليال‏,‏ فأمرهم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالخروج بأنفسهم وذراريهم وما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح‏,‏ فقبلوا بذلك وأخذوا في هدم الجدران التي اتخذوها حصونا وقت الحصار‏,‏ وفي تخريب بيوتهم بأيديهم ليحملوا الأبواب والشبابيك وجذوع السقف والأوتاد‏,‏ حتي لاتقع في أيدي المسلمين‏,‏ وخرجوا بما حملوا إلي خيبر‏,‏ وذهب أغلبهم إلي بلاد الشام‏(‏ الحيرة‏,‏ وأريحاء‏,‏ وأذرعات‏,‏ وغيرها‏)‏ إلا رجلين منهم أسلما فأحرزا أموالهما‏.‏

وفي هذا نزل قوله تعالي‏:‏
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار‏.‏ ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار‏.‏ ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب
‏(‏ الحشر‏:2‏ ـ‏4).‏

وفي تخصيص غنائم لحرب قال‏(‏ تعالي‏):‏
للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون‏(‏ الحشر‏:8).‏

وفي الإشادة بموقف الأنصار يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏Z‏ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم‏(‏ الحشر‏:10,9).‏

وفي ذم النفاق والمنافقين يقول‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
ألم تر إلي الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون‏.‏ لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون‏(‏ الحشر‏:12,11).‏

وفي تأكيد جبن كل من اليهود والمتهودين وحرصهم علي الحياة الدنيا‏,‏ وعلي خلافهم فيما بينهم يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
لا يقاتلونكم جميعا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏(‏ الحشر‏:14).‏

ثم توجه سورة الحشر الخطاب إلي الذين آمنوا وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون‏Z‏ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون‏(‏ الحشر‏:19,18).‏
وتؤكد الآيات أن أصحاب النار وأصحاب الجنة لا يستوون‏,‏ فأصحاب الجنة هم الفائزون‏.‏

وفي تعظيم القرآن الكريم يقول ربنا‏(‏ تبارك اسمه‏):‏
لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون‏(‏ الحشر‏:21).‏
وتختتم سورة الحشر بتسبيح الله‏(‏ تعالي‏)‏ وتوحيده وتمجيده‏,‏ وذكر جانب من أسمائه الحسني‏,‏ وصفاته العليا التي لا تليق إلا بجلاله‏,‏ مؤكدة مرة أخري ما ذكرته في مطلع السورة المباركة من أن الله‏(‏ تعالي‏)...‏ يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم‏(‏ الحشر‏:24).‏

من ركائز العقيدة في سورة الحشر
‏(1)‏ أن جميع من في السماوات ومن في الأرض يسبح الله‏(‏ تعالي‏)‏ العزيز الحكيم تسبيحا فطريا تسخيريا لغير المكلفين‏,‏ وتسبيحا إراديا اختياريا للمكلفين‏,‏ فإذا لم تنطق به ألسنتهم فإن كل ذرة في خلايا أجسادهم تنطق بذلك رغم أنوفهم‏.‏
‏(2)‏ أنه ما من حدث يحدث علي الأرض أو في السماوات إلا بعلم الله‏.‏
‏(3)‏ أنه من يشاق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب‏,‏ وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ رؤوف رحيم‏.‏
‏(4)‏ أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ يسلط جنده علي من يشاء من خلقه وهو علي كل شيء قدير‏.‏

‏(5)‏ أن علي كل مسلم أن يؤمن بما جاء به الرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وأن ينتهي عما نهي عنه‏,‏ ومن أوامره الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله‏,‏ وباليوم الآخر‏,‏ وبالجنة والنار‏,‏ وبأن أصحاب النار وأصحاب الجنة لا يستوون‏,‏ وأنه حذر من الشيطان الذي هو للإنسان عدو مبين‏.‏
‏(6)‏ أن من صدق الإيمان نصرة الله ورسوله أي نصرة الإسلام الذي أنزله الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ ونصرة المسلمين في كل مكان مهما يكن الثمن‏.‏
‏(7)‏ أنه ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏(‏ الحشر‏:9).‏
‏(8)‏ الإيمان بضرورة تعظيم القرآن الكريم‏.‏

‏(9)‏ الإيمان بوحدانية الله وبتنزيهه عن الشرك وعن كل وصف آخر لا يليق بجلاله‏,‏ وإثبات ما أثبت لذاته العلية من الأسماء الحسني والصفات العلي‏.‏

مـــــن أقـــــــوال المفســــــــرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏
لا يقاتلونكم جميعا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏(‏ الحشر‏:14).‏
‏*‏ ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما مختصره‏:...‏ يعني أنهم من جبنهم وهلعهم‏,‏ لا يقدرون علي مواجهة جيش الإسلام‏,‏ بل إما في حصون أو من وراء جدر محاصرين‏,‏ فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة‏,‏ ثم قال تعالي‏:(‏ بأسهم بينهم شديد‏)‏ أي عداوتهم فيما بينهم شديدة كما قال تعالي‏:(‏ ويذيق بعضهم بأس بعض‏),‏ ولهذا قال تعالي‏:(‏ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي‏)‏ أي تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين‏,‏ وهم مختلفون غاية الاختلاف‏,...(‏ ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏)....‏

‏*‏ وجاء في تفسير الجلالين‏(‏ رحم الله كاتبيه‏)‏ ما نصه‏:(‏ لا يقاتلونكم‏)‏ أي اليهود‏(‏ جميعا‏)‏ مجتمعين‏(‏ إلا في قري محصنة أو من وراء جدر‏)...(‏ بأسهم‏)‏ أي حربهم‏(‏ بينهم شديد تحسبهم جميعا‏)‏ مجتمعين‏(‏ وقلوبهم شتي‏)‏ متفرقة خلاف الحسبان‏(‏ ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏)‏ فأهل الباطل مختلفة آراؤهم وأهواؤهم‏,‏ لا يجتمعون إلا في عداوة أهل الحق‏.‏
‏*‏ وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ ما نصه‏:...‏ ولا تزال الأيام تكشف حقيقة الإعجاز في تشخيص حالة المنافقين والكافرين حينما التقي المؤمنون بهم في أي زمان وفي أي مكان‏,‏ بشكل واضح للعيان‏.‏ ولقد شهدت الاشتباكات الأخيرة في الأرض المقدسة بين المؤمنين المجاهدين وبين اليهود مصداق هذا الخبر بصورة عجيبة‏.‏ فما كانوا يقاتلونهم إلا في المستعمرات المحصنة في أرض فلسطين المحتلة‏,‏ فإذا انكشفوا لحظة واحدة ولوا الأدبار كالجرذان‏,‏ حتي لكأن هذه الآية نزلت فيهم ابتداء‏,‏ وسبحان العليم الخبير‏!.‏

وتبقي الملامح النفسية الأخري‏(‏ بأسهم بينهم شديد‏)...(‏ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏)‏ علي خلاف المؤمنين الذين تتضامن أجيالهم‏,‏ وتجمعهم آصرة الإيمان من وراء فواصل الزمان والمكان‏,‏ والجنس والوطن والعشيرة‏.‏
والمظاهر قد تخدع فنري تضامن الذين كفروا فيما بينهم‏,‏ ونري عصبيتهم بعضهم لبعض‏,‏ كما نري تجمع المنافقين أحيانا في معسكر واحد‏.‏ ولكن الخبر الصادق من السماء يأتينا بأنهم ليسوا كذلك في حقيقتهم‏;‏ إنما هو مظهر خارجي خادع‏,‏ وبين الحين والحين ينكشف هذا الستار الخداع‏,‏ فيبدو من ورائه صدق الخبر في دنيا الواقع المنظور‏,‏ وينكشف الحال عن نزاع في داخل المعسكر الواحد‏,‏ قائم علي اختلاف المصالح‏,‏ وتفرق الأهواء‏,‏ وتصادم الاتجاهات‏.‏ وما صدق المؤمنون مرة‏,‏ وتجمعت قلوبهم علي الله حقا إلا وانكشف المعسكر الآخر أمامهم عن هذه الاختلافات‏,‏ وهذا التضارب‏,‏ وهذا الرياء الذي لا يمثل حقيقة الحال‏.‏ وما صبر المؤمنون وثبتوا إلا وشهدوا مظهر التماسك بين أهل الباطل يتفسخ وينهار‏,‏ وينكشف عن الخلاف الحاد‏,‏ والشقاق والكيد‏,‏ والدس في القلوب الشتيتة المتفرقة‏!‏
والقرآن الكريم يقر هذه الحقيقة في قلوب المؤمنين‏,‏ ليهون بها من شأن أعدائهم‏,‏ ويرفع منها هيبة هؤلاء الأعداء ورهبتهم‏...‏ فهو إيحاء قائم علي حقيقة‏,‏ وتعبئة روحية ترتكن إلي حق ثابت‏.‏ ومتي أخذ المسلمون قرآنهم مأخذ الجد هان عليهم أمر عدوهم وعدو الله‏,‏ وتجمعت قلوبهم في الصف الواحد‏,‏ فلم تقف لهم قوة في الحياة‏.‏ والمؤمنون بالله ينبغي أن يدركوا حقيقة حالهم وحال أعدائهم‏.‏ فهذا نصف المعركة‏,‏ والقرآن الكريم يطلعهم علي هذه الحقيقة في سياق وصفه لحادث وقع‏,‏ وفي سياق التعقيب عليه‏,‏ وشرح ما وراءه من حقائق ودلائل‏,‏ شرحها يفيد منه الذين شهدوا ذلك الحادث بعينه‏,‏ ويتدبره كل من جاء بعدهم‏,‏ وأراد أن يعرف الحقيقة من العالم بالحقيقة‏!‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحم الله كاتبه‏)‏ ما نصه‏:(‏ لا يقاتلونكم‏)‏ أي اليهود‏...‏ لا يقدرون علي قتالكم‏(‏ جميعا‏)‏ أي مجتمعين‏...(‏ إلا في قري محصنة‏)‏ بالخنادق والحصون ونحوها‏,(‏ أو من وراء جدر‏)‏ يتسترون بها دون أن يصحروا لكم ويبارزوكم لفرط رهبتهم منكم‏...,(‏ بأسهم بينهم شديد‏)‏ أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلي الشدة والبأس‏,‏ ولكن إذا لقوا العدو انهزموا‏,(‏ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي‏)‏ أهواؤهم متفرقة فيما بينهم‏....‏
‏*‏ وجاء في كل من المنتخب في تفسير القرآن الكريم وصفوة التفاسير كلام مشابه لا أري حاجة إلي تكراره‏.‏

من الإشارات المعجزة في الآية الكريمة
تكشف الآية الكريمة عن طبيعة النفسية اليهودية‏,‏ فقد برع اليهود في التعصب الأعمي ضد كل من سواهم‏,‏ بل ضد الإنسانية بصفة عامة‏,‏ كما برعوا في تدبير المؤامرات‏,‏ ونقض المعاهدات‏,‏ وتزييف التاريخ‏,‏ وتحريف الدين‏,‏ والافتراء علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ وعلي كتبه وأنبيائه ورسله‏,‏ وفي تربية ناشئتهم علي الاستعلاء الكاذب فوق الخلق‏.‏ وقد أفاض القرآن الكريم في تحديد ملامح الشخصية اليهودية‏,‏ التي صاغت تلك الشخصية عبر التاريخ‏...‏ ولذلك كان خوفهم من الأمم المحيطة بهم شعورا مسيطرا دوما عليهم فعاشوا عبر التاريخ وراء القري المحصنة‏,‏ والجدر المرتفعة‏,‏ والموانع والعوائق المتعددة‏,‏ أو في حوار وأزقة معزولة‏,‏ وأحياء مغلقة‏(‏ عرفت باسم الجيتووات اليهودية‏,‏ مفردها جيتو‏)‏ كأقليات منبوذة‏,‏ مطهدة‏,‏ من جميع أبناء الأمم التي عاشوا بينها‏.‏

قري اليهود المحصنة في القديم
جاء في الإصحاح الثاني والعشرين‏/5‏ من سفر إشعياء في العهد القديم‏(‏ طبعة دار الكتاب المقدسـ لبنان‏)‏ إشارات عديدة إلي نقب الأسوار‏,‏ وإلي هدم البيوت لتحصينها ووضع خنادق بين سورين لمياه البركة العتيقة‏,‏ وهذا نفس ما يقوم به المحتلون لأرض فلسطين اليوم‏.‏ وجاء في الإصحاح السابع والثلاثين من السفر نفسه إشارات إلي تخريب مدن محصنة حتي تصير روابي خربة‏.‏
وجاءت أحداث كل من يهود بني قينقاع‏,‏ وبني النضير‏,‏ وبني قريظة‏,‏ وخيبر وأحداث غيرهم مؤكدة هذا الوصف القرآني المعجز للنفسية اليهودية في الوقت نفسه بالحرص الشديد علي الدنيا‏,‏ والخوف المرتعد من الموت وذلك بسبب كثرة ذنوبهم‏,‏ وآثامهم‏,‏ ومؤامراتهم‏,‏ وخياناتهم‏,‏ ومبارزتهم لله بمختلف صنوف المعاصي‏,‏ ولذلك لا يقاتلون أعداءهم أبدا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر‏.‏ وذلك لأنهم مثلوا ركازة الكفر عبر التاريخ‏,‏ فقد كفروا بالله علي عهد موسي فعبدوا العجل‏,‏ وكفروا بأنبيائهم فقاتلوهم وقتلوهم‏,‏ وكفروا بنبي الله عيسي فأغروا الرومان به‏,‏ وشوهوا صورته‏,‏ ونالوا من عرض أمه الصديقة‏,‏ شرفها الله‏,‏ وحرفوا رسالته‏,‏ وكفروا بخاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ فحاولوا قتله وسمه ولكن الله‏(‏ تعالي‏)‏ حفظه بحفظه الذي لا يزول ولا يحول‏,‏ وألبوا عليه أهل الكفر والشرك‏,‏ ونقضوا كل عهودهم معه‏,‏ وحاولوا الدس عليه وعلي رسالته لولا أن الله تعالي قد تعهد بحفظها فحفظت‏.‏

قري اليهود المحصنة وجدرهم العالية في العصر الحديث
‏(1)‏ قبل نكسة يونيو‏1967‏ م‏:‏
‏*‏ بتاريخ‏29‏ ـ‏31‏ أغسطس سنة‏1897‏ م عقد المؤتمر الصهيوني العالمي الأول في مدينة بازل في سويسرا‏,‏ وقرر إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية‏,‏ والمطالبة بإنشاء وطن قومي لليهود علي أرض فلسطين العربية المسلمة‏.‏
‏*‏ وبتاريخ‏1917/11/2‏ م أصدرت الحكومة البريطانية وعد بلفور اللعين‏.‏

‏*‏ وبتاريخ‏1922/7/24‏ م أقر مجلس عصبة الأمم المتحدة مشروع صك الانتداب البريطاني علي أرض فلسطين من أجل تسهيل هجرة اليهود والمتهودين من جميع دول العالم إلي هذه الأرض المباركة‏,‏ وتمكين القوات البريطانية المحتلة للأرض فلسطينهم من تلك البلاد‏.‏
‏*‏ وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بسنتين أي في سنة‏1947‏ م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الجائر‏(‏ رقم‏181)‏ والقاضي بتقسيم فلسطين إلي دولة عربية وأخري يهودية‏.‏
‏*‏ في‏1948/5/15‏ م أعلنت الحكومة البريطانية انتهاء انتدابها علي أرض فلسطين وانسحابها منها‏,‏ إلا أنها لم تنسحب عمليا إلا من المناطق التي سلمتها إلي اليهود والمتهودين وفيها‏,‏ جميع المعسكرات البريطانية بكامل معداتها وأسلحتها وقواعدها الاستراتيجية وكل أجهزة الدولة‏,‏ بالإضافة إلي المستعمرات المحصنة تحصينا رهيبا بالأسوار والجدر والخنادق والأسلاك الشائكة وحقول الألغام‏,‏ فأعلن الصهاينة قيام دولة لهم علي أرض فلسطين فور مغادرة المندوب السامي البريطاني ميناء حيفا‏,‏ وتسابقت الدول الكبري علي الاعتراف بها وفي مقدمتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي الذي انهار‏,‏ وسوف تلحق به الولايات المتحدة إن شاء الله تعالي‏.‏

‏(2)‏ بعد نكسة يونيو‏1967‏ م
‏*‏ في صباح الخميس الخامس من يونيو‏1967‏ م وبموافقة الولايات المتحدة الأمريكية قام سلاح الجو الصهيوني بهجوم مباغت علي جميع المطارات العسكرية والمدنية في كل من مصر وسوريا والأردن‏,‏ ووسط هول المفاجأة تم احتلال كل فلسطين وشبه جزيرة سيناء بأكملها‏,‏ والمرتفعات السورية‏,‏ ومساحات من الأردن‏.‏
‏*‏ وبتاريخ‏1967/6/27‏ م صدر قرار من الكنيست بضم القدس الشرقية واعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل‏.‏

وعلي الرغم من وقوف أغلب دول العالم من وراء هذه المظالم ووجود قناة السويس كمانع مائي يصعب عبوره إلا أن نفسية اللص السارق للأرض‏,‏ وطبيعة الجبان الخائف من الموت دفعتهم إلي إقامة جدار خط بارليف علي طول الضفة الشرقية لقناة السويس كمانع حصين ليس له مثيل في العالم‏,‏ في قلب ساتر ترابي ناتج من حفر القناة وتطهيرها يتراوح ارتفاعه من ستة إلي ثمانية عشر مترا بطول تلك الضفة الشرقية للقناة‏,‏ وعلي الرغم من وجود خط المضايق الجبلية إلي الشرق‏,‏ والبحر الأبيض المتوسط إلي الشمال‏,‏ وكل من هضبة العجمة وخليج السويس إلي الجنوب‏,‏ وقام الصهاينة بإقامة عدة نقاط حصينة في جوف هذا الساتر الترابي الضخم يبلغ عددها‏22‏ موقعا حصينا تضم‏31‏ نقطة قوية تبلغ مساحة كل منها أكثر من أربعة آلاف متر مربع علي هيئة منشأة هندسية معقدة تتكون من عدة طوابق خرسانية مسلحة بقضبان السكك الحديدية وألواح الصلب وغائرة في الأرض‏,‏ لترتفع حتي تصل إلي قمة الساتر الترابي‏,‏ وكل طابق مفصول عن الذي يليه بطبقة من القضبان الحديدية والخرسانة المسلحة‏,‏ والأتربة والأحجار‏,‏ وشكائر الرمال‏,‏ وسبعة صفوف من البلاطات الخرسانية فوق بعضها البعض‏,‏ ثم طبقة أخيرة من الردم السميك‏,‏ وسور من الأسلاك الشائكة وصناديق معبأة بالحجارة‏.‏

ويصف ثلاثة من قادة حرب رمضان المجيدة‏,‏ هم اللواءان حسن البدري وطه المجدوب والعميد أركان حرب ضياء الدين زهدي‏,‏ في كتابهم المعنون حرب رمضان وصفا موجزا لأحد هذه الحصون‏,‏ وهو المعروف باسم موقع الكيلو متر‏10‏ جنوب بورفؤاد جاء فيه‏:‏
يلف الحصن من الشمال والجنوب خمسة عشر نطاقا من الأسلاك الشائكة التي تفصل بينها حقول ألغام كثيفة‏,‏ أما من الغرب فتوجد ثمانية نطق من تلك الأسلاك الشائكة المفصولة بحقول الألغام‏,‏ والحصن مزود بأجهزة الإنذار‏,‏ والشراك الخداعية‏,‏ ويرتفع الساتر الترابي أمام الحصن إلي‏18‏ مترا‏,‏ ويحيط به من جميع الاتجاهات‏,‏ ويقع بداخل الحصن الكثير من الدشم والملاجئ والأسلحة الصغيرة‏,‏ والرشاشات المتوسطة والثقيلة المبنية في جسم الساتر الترابي علي طول محيط الحصن‏.‏

ويصل عدد الملاجئ للأفراد والمعدات الثقيلة إلي‏24,‏ ودشم الرشاشات إلي‏26,‏ ودشم الأسلحة المضادة للطائرات إلي‏4,‏ بالإضافة إلي عدد من مصاطب الدبابات‏,‏ وللأسلحة المضادة للدبابات‏.‏
وملاجئ الأفراد مصممة لمقاومة جميع الأسلحة دون الذرية منها‏,‏ وبها كل وسائل التهوية والتدفئة والإضاءة‏,‏ والاتصال التليفوني‏,‏ والتطبيب والتمريض والإسعافات اللازمة والإعاشة‏,‏ والترفيه‏,‏ والتخزينات التي تكفي المدافعين عنها لأشهر طويلة من الحصار إذا حوصرت‏.‏

وترتبط جميع الدشم والملاجئ بخنادق عميقة‏.‏ وهذه الملاجئ مجهزة للوقاية من الأسلحة الكيماوية‏,‏ وغازات الحرب‏.‏
ويخرج من الحصن مواسير ضخمة تتصل بخزانات وقود خاصة في الخلف وتخترق الساترالترابي لتلامس صفحة الماء في قناة السويس لتحويلها إلي كتلة من نار تصل درجة حرارتها إلي‏700‏ درجة مئوية لا تبقي ولا تذر‏.‏

ويذكر الكتاب أن هذا وصف موجز لحصن واحد من اثنين وعشرين حصنا امتدت علي طول القناة‏(175‏ كيلو مترا‏).‏
ولم يكتف الجيش اليهودي بجدار خط بارليف‏,‏ وبخط المضايق الجبلية إلي الشرق منه‏,‏ فأقامت بينهما خطين دفاعيين آخرين يقع الأول علي مسافة‏300‏ ـ‏500‏ م‏,‏ ويقع الثاني علي بعد‏3‏ ـ‏5‏ كم من القناة‏,‏ وقد أنشئا بمواصفات الخط الأول نفسه‏.‏
وقد استطاع جيش مصر الباسل تدمير كل تلك التحصينات المنيعة في ساعات معدودة‏,‏ وفر الجبناء كالجرذان المذعورة ولم تنفعهم حصونهم المنيعة‏.‏

‏(3)‏ إنشاء جدار أمني إسرائيلي علي أرض فلسطين المحتلة‏:‏
‏*‏ في شهر مايو‏2001‏ م قامت القوات الإسرائيلية المحتلة لأرض فلسطين باجتياح الضفة الغربية‏,‏ أصدرت حكومة هذا الكيان الغاصب قرارها الغاشم بإقامة منطقة عسكرية عازلة بينهم وبين الفلسطينيين‏,‏ سميت باسم الجدار الأمني الإسرائيلي‏,‏ وصممت بتحصينات بالغة التعقيد لتمتد علي طول الخط الأخضر مع تعديلات عديدة يبتلع بها اللص الصهيوني أكثر من‏58%‏ من مساحة الضفة الغربية‏,‏ بها مائة وثمانون ألف دونم من أجود الأراضي الزراعية‏,‏ ومناطق عديدة تتميز بوفرة المياه تحت السطحية‏,‏ وعشرات القري الفلسطينية والمستعمرات التي بنيت اغتصابا علي أراضي الضفة الغربية‏,‏ وذلك بغض النظر عما سوف يسببه هذا الجدار من تمزيق المدن الفلسطينية وتحويلها إلي كنتونات معزولة محاصرة‏,‏ وتمزيق النسيج الاجتماعي لشعب فلسطين‏,(‏ الي‏8‏ معازل محاصرة‏,14‏ جيتو محاطةبأكثر من‏46‏ حاجزا عسكريا‏.126‏ طريقا مغلقا‏)‏ والحيلولة دون إقامة أية دولة فلسطينية في المستقبل القريب‏.‏
‏*‏ وفي‏2002/6/23‏ م بدأ الصهاينة بالفعل في بناء هذا الجدار الأسمنتي بارتفاع ثمانية أمتار‏,‏ وبعدد من الأبراج المرتفعة التي تعلوه علي مسافات متقاربة‏,‏ والمزودة بآلات تصوير للمراقبة‏,‏ وأحاطوا الجدار بمنطقة عازلة يتراوح عرضها بين‏50‏ م و‏60‏م تضم في الجانب الفلسطيني حاجزا من الأسلاك الشائكة‏,‏ وخندقا يصل عمقه إلي أربعة أمتار‏,‏ ثم طريقا غير معبد لدوريات الجيش المحتل‏.‏ ويشرف علي هذا الطريق سياج من الأسلاك الشائكة بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر مزود بأجهزة رادار كاشفة‏;‏ وعلي الجانب الآخر من الجدار أقيم حاجز من الأسلاك الشائكة المزودة كذلك بآلات تصوير للمراقبة‏,‏ ويقدر أن يصل طول الجدار بتعرجاته المختلفة إلي ألف كيلومتر‏,‏ وقد تم حتي اليومبناء‏128‏ كم منه‏.‏

وكما انهار جدار خط بارليف في ساعات محدودة تحت أقدام أبطال الجيش المصري فسوف يهدم أبطال الانتفاضة الفلسطينية هذا الجدار إن شاء الله‏(‏ تعالي‏)‏ في القريب العاجل‏,‏ ولن يكون في بناء هذا الجدار حماية للغاصب المحتل كما لم يغن عنهم خط بارليف فتركوه كالجرذان المذعورة بعد ساعات محدودة من اقتحامه في سنة‏1973.‏
وهنا تتضح روعة التعبير القرآني الذي يصف النفسية اليهودية والمتهودة الجبانة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

لا يقاتلونكم جميعا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم لا يعقلون‏(‏ الحشر‏:14).‏
وتاريخ هؤلاء اليهود يؤكد صدق القرآن الكريم بهذه الإشارة الربانية الصادعة‏,‏ فالحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والصلاة والسلام علي النبي الخاتم الذي تلقاه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏.‏