بدعة تأليه العذراء وعبادتها
في الكنيسة الأرثوذكسية(2)
*مظاهر تأليه العذراء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
من أهم مظاهر تأليه العذراء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
أولا- تقديم ممارسات وطقوس العبادة للعذراء.
ثانيا- تلقيب العذراء بألقاب المسيح الإله.
ثالثا- إطلاق الرموز الخاصة بالمسيح الإله علي العذراء.
أولا- تقديم ممارسات وطقوس العبادة للعذراء:

1- إيقاد البخور للعذراء:
في طقس رفع البخور في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العشية وباكر وأثناء القراءات في القداس بعد أن يوقد القس ( أو الأسقف ) البخور لله في إتجاه الشرق يتجه نحو أيقونة (صورة) العذراء ناحية الشمال ويوقد(يقدم) لها البخور أيضا وهو يخاطبها قائلا:"السلام لك( أو إفرحي) أيتها الحمامة الحسنة التي حملت الله الكلمة من أجلنا. نعطيك السلام مع جبرائيل الملاك،قائلين: السلام لك أيتها الممتلئة نعمة . الرب معك . السلام لك أيتها العذراء، الملكة الحقيقية، السلام لفخر جنسنا،ولدت لنا عمانوئيل.نسألك أيتها الشفيعة المؤتمنة أن تذكرينا أمام ربنا يسوع المسيح لكي يغفر لنا خطايانا".(القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي- القمص تادرس يعقوب - ط.1/1978- ر.ا.13370/2003- ص.66).
وذلك علي الرغم من تشديد الله (ثلاث مرات) في حديثه مع موسي علي أن يكون البخور خاصا به وحده ولعبادته وحده دون غيره (قدس أقداس للرب) وتوعد من يستخدم هذا البخور (الخاص بالله) لغيره بأن يقطع من شعبه."قال الرب لموسي خذ لك أعطارا. ميعة واظفارا وقنة عطرة ولبانا نقيا. تكون أجزاء متساوبة. فتصنعها بخورا عطرا صنعة العطار مملحا نقيا مقدسا. وتسحق منه ناعما وتجعل منه قدام الشهادة في خيمة الإجتماع حيث أجتمع بك. قدس أقداس يكون عندكم.والبخور الذى تصنعه علي مقاديره لا تصنعوا لأنفسكم يكون عندك مقدسا للرب. كل من صنع مثله ليشمه يقطع من شعبه". (خر34:30-38).
وجدير بالذكر هنا أن السبب الرئيسي الذي جعل الملك التقي حزقيا يسحق الحية النحاسية المقدسة والتي صنعها موسي بأمر من الله هو أن بني إسرائيل أصبحوا يوقدون لها (البخور) وبفعلهم هذا جعلوا منها صنما يعبد وقد شهد الوحي الإلهي لهذا الملك التقي وأشاد به قائلا : "ملك حزقيا بن اّحاز ملك يهوذا... وعمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود ابوه.هو أزال المرتفعات وكسرالتماثيل وقطع السواري وسحق حية النحاس التي عملها موسي لأن بني إسرائيل كانوا إلي تلك الأيام يوقدون لها ودعوها نحشتان.علي الرب إله إسرائيل إتكل و بعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله. والتصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها موسي،وكان الرب معه وحيثما كان يخرج كان ينجح وعصي علي ملك أشور ولم يتعبد له."(2مل1:18-7).
ويوضح الوحي الإلهي أن البخور هو رمز لصلوات القديسين ( المؤمنين) التي ترتفع إلي السماء حيث العرش الإلهي كما يرتفع البخور" خرّت الأربعة الحيوانات و الأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملؤة بخورا هي صلوات القديسين. وهم يترنمون ترنيمة جديدة"(رؤ8:5-9)...."و جاء ملاك اّخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب وأعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم علي مذبح الذهب الذي امام العرش. فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك امام الله"(رؤ3:8-4). لذلك لايصح تقديم البخورلغير الله خا صة في بيته وضمن طقوس عبادته كما لا يصح تقديم الصلوات التي يرمز إليها البخور لغير الله ولايوجد شاهد واحد في كل الكتاب يبرر ذلك.


2-تقديم التسبيح والتمجيد والتعظيم للعذراء:
مع أن الله وحده هو المستحق كل التسبيح والتمجيد والتعظيم (خاصة في بيته ومكان عبادته) إذ هو القائل:"أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لاّخر ولا تسبيحي للمنحوتات"(اش8:42)،ومع ذلك فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية لا تكف ليل نهارعن تقديم التسبيح والتمجيد والتعظيم للعذراء إلي جانب الله وأحيانا قبله وأكثر منه في كل قداساتها وإجتماعاتها و وصلواتها خاصة في صوم العذراء وفي شهر كيهك (الشهر المريمي) ومن أشهر هذه التسابيح والتماجيد الخاصة بالعذراء "الثيئوطوكيات" السبعة وكلمة ثيئو طوكية مأخوذة من الكلمة اليونانية "ثيئوطوكوس" وتعني والدة الإله وهي الكلمة التي أطلقها البابا كيرلس الأول علي العذراء في مجمع أفسس المسكوني الثالث والتي ارتبطت في أذهان الناس بالألوهية وبالتالي إستحقاق التسبيح والتمجيد كما سبق وذكرنا ، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية تخصص لكل يوم من أيام الأسبوع ثيئوطوكية من الثيئوطوكيات السبع لتمجد بها العذراء في صلوات التسبحة وتصليها مجتمعة في ليالي اّحاد
شهر كيهك إلي جانب الأربعة "هوسات"(وهي تسابيح خاصة بالله) في الطقس المعروف باسم"سبعة وأربعة" والذي يكون فيه التركيز الأكبر علي شخص العذراء و أكثر من الله إلي جانب تسابيح وتماجيد اخري كثيرة للعذراء مثل "الإبصليات"و"الذكصولوجيات" و"الألحان"و" قطع الأجبية" ...الخ
ومن أمثلة التسلبح والتماجيد التي تقدم للعذراء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
· "كل واحد يعظمك ياسيدتي والدة الإله القديسية كل حين...نعظمك باستحقاق بتماجيد نبوية".(ثيئوطوكية الأحد).
· "أنت أم النور المكرمة والدة الإله حملت الكلمة غير المحوي ومن بعد أن ولدتيه بقيت عذراء.نعظمك بتسابيح وبركات".(ذكصولوجية باكر).
· "من أجل هذا نمجدك كوالدة الإله كل حين"(ذكصولوجية العذراء الأولي لشهر كيهك).
· "أنت هي أم النور المكرمة من مشارق الشمس إلي مغاربها يقدمون لك تمجيدات يا والدة الإله. السماء الثانية"(قطع باكر من صلوات الأجبية).
· "أنت هي الممتلئة نعمة يا والدة الإله العذراء.نمجدك لأنه من قبل صليب إبنك إنهبط الجحيم وبطل الموت"(قطع الساعة السادسة من صلوات الأجبية).
· "فلنسبح مع الملائكة صارخين قائلين:مستحقة.مستحقة.مستحقة. يا مريم العذراء...فلنجتمع نحن الأبناء الأرثوذكسيين لنكرم العذراء مريم والدة الإله...أيتها العذراء مريم والدة الإله القديسة الشفيعة الأمينة نحو كل جنس البشرية...نعظمك باستحقاق مع نسيبتك اليصابات قائلين: مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك."(لحن للعذراء في عيد نياحتها)رثوذكسيةأ.

(مع العذراء القديسة مريم ثيئو طوكوس- الأب متي المسكين - ط.1- ر.ا.17721/2006)
3-تقديم الصلوات والتضرعات والتوسلات والطلبات والدعوات للعذراء
علي الرغم من أن الكنيسة الأرثوذكسية تدّعي أنها لا تعبد العذراء ولكنها تكرمها وتتشفع بها فقط إلا أن الحقيقة أن طقوس هذه الكنيسة مليئة بالصلوات والتضرعات والتوسلات والطلبات والدعوات التي تقدم للعذراء مباشرة من دون الله وكأنها إلهة تسمع وتستجيب الناس في كل مكان وزمان . ومن أمثلة هذه الصلوات:
· " ياوالدة الإله أنت هي الكرمة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة.نسألك أيتها المملؤة نعمة مع الرسل من أجل خلاص نفوسنا"(صلاة الساعة الثالثة).
· "إياك أدعو أن تساعديني لئلا أخزي وعند مفارقة نفسي من جسدي إحضري عندي ولمؤامرة الأعداء إهزمي ولأبواب الجحيم إغلقي لئلا يبتلعوا نفسي"(صلاة الغروب).
· "يا والدة الإله إذ قد وضعنا الثقة فيك لا نخزى بل نخلص... ونتخذ لنا معونتك القوية في كل شئ ولتسترنا مثل الترس"(صلاة الستار).
· "أيتها العذراء الطاهرة إسبلي ظلك السريع المعونة علي عبدك و ابعدي أمواج الأفكار الردية عني و انهضي نفسي المريضة للصلاة والسهر لأنها استغرقت في ثبات عميق فإنك أم قادرة رحيمة معينة والدة ينبوع الحياة ملكي وإلهي يسوع المسيح رجائي"(صلاة النوم).
· أنت هي سور خلاصنا يا والدة الإله العذراء الحصن المنيع غير المنثلم.ابطلي مشورة المعاندين وحزن عبيدك رديه إلي فرح وحصني مدينتنا وعن ملوكنا حاربي وتشفعي عن سلامة العالم لأنك أنت هي رجاؤنا يا والدة الإله"(صلاة نصف الليل).

(كتاب الأجبية أوالصلوات السبعة النهارية والليلية).


4 - تقديم السجود للعذراء:
لا تكتفي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في طقوسها وصلواتها بتقديم البخور والتسابيح والتماجيد والصلوات للعذراء بل تقدم لها أيضا السجود إلي جانب الله الذي يستحق وحده السجود والعبادة في بيته ولا يوجد في الكتاب المقدس اّية واحدة أوموقف أو مثل واحد يبرر السجود لغير الله في بيته ومكان عبادته فوصية الله الواضحة والتي أكد عليها الرب يسوع المسيح هي:"للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد"(مت10:4).
ومن أمثلة الطقوس والصلوات التي تقدم فيها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية السجود للعذراء:
· "حكماء العتيقة و طغمات الكنيسة رتلوا التسبحة والليلويا كما يليق بها إلي الإنقضاء...أسجد تحت أقدامك يا سيدتنا كلنا والدة الإله"(لحن" برلكس الميلاد المجيد" يصلي بعد لحن"بيجينميسي").

(مع العذراء القديسة مريم ثيئوطوكوس- الاب متي المسكين - ط.1- ر.ا.17221/2006- ص.146).
5- تقديم الصوم للعذراء
أكد الرب يسوع المسيح في عظة الجبل علي أن الصوم مثل الصلاة والصدقة و باعتبارها ممارسات عبادة يجب تقديمها لله الذي يري في الخفاء " متي صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية"(مت17:6-18). ومع ذلك فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية تخصص صوما للعذراء في الفترة من 1 إلي15 مسري من كل عام . ويشهد طقس الكنيسة في هذا الصوم بأنه مخصص ومقدم للعذراء وليس لله حيث يمتلئ من التسابيح والتماجيد والصلوات والألحان والعظات والنهضات والإحتفالات الخاصة بالعذراء وينتهي بعيدها والكثيرون من الأقباط ينذرونه للعذراء ويوفون بنذرهم وصوم العذراء هذا هو حديث العهد ( بدعة حديثة) بالكنيسة القبطية الأرثوذكيبة ويؤكد ذلك الأب متي المسكين حيث يقول:" صوم العذراء من الأصوام المحبوبة جدا لدي الشعب ويكاد يقال من وجهة التاريخ الكنسي أن الشعب هو الذي فرضه علي الكنيسة لأنه حتي القرن الحادي عشر لم يكن ضمن الأصوام المفروضة بحكم القانون الكنسي ولم يأتي ذكره قط في أي كتاب ولافي أي مناسبة،كما إننا لا نجده في أي قانون من قوانين الصوم،فمثلا لا نجده في قانون "الأصوام المفروضة" لأنبا خريستوذولوس البطريرك السادس والستين في عداد بطارقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي تنيح عام 1076م. كما لا نجده في قانون الأصوام لخليفته أنبا كيرلس الثاني...الذي تنيح سنة1090م.وذلك بحسب ما هو مدون في كتابي تاريخ البطاركة لأسقف فوه ولساويروس بن القففع.أما أول ذكر لصوم العذراء فباعتباره صوما للعذاري وجاء في كتاب الشيخ الؤتمن أبو المكارم سعد الله بن جرجس بن مسعود ... والمعروف أن أبو المكارم مات سنة 1209م. وهكذا بدأ صوم العذراء في مستهل القرن الثالث عشر باعتباره صوما خاصا بالعذاري ...وهكذا لم ينتهي القرن الثالث عشرحتي أصبح لصوم العذراء وعيدها مكانة كبيرة في حياة الشعب عامة"( العذراء في اللاهوت الكنسي – الأب متي المسكين – ط.3 – ر. إ.14089/2005 – ص.17،18).

6- تقديم النذور للعذراء:
النذر هو وعد بفعل شئ ما أو تقديم عطاء معين (صدقة) في حال استجابة طلب أودعاء ما ، ولما كان الله هو وحده الذي يستطيع ان يسمع ويستجيب لكل إنسان في كل مكان وزمان إذ هو وحده غير المحدود بمكان أوزمان وهو وحده القادر علي كل شئ ، لذلك فالنذور تقدم لله وحده وكما يقول الوحي الإلهي:" لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون ولك يوفّي النذر، يا سامع الصلاة إليك يأتي كل بشر"(مز1:65) وأيضا " اذبح لله حمدا و اوف العلي نذورك ، وادعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني"(مز14:50). ومع ذلك فإن الكثيرون من الأقباط الأرثوذكس ينذرون نذورا للعذراء، خاصة قي صومها، وذلك استغاثة بها، ولكى تستجيب طلباتهم ودعواتهم ، وعن هذا يقول الأنبا غريعوريوس أسقف الدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي :"يرجع السبب الأكبر في حفظ الأكثرين لهذا الصوم إلي محبتهم للعذراء مريم، التي يسمي هذا الصوم باسمها. فهم يكرمون الصوم الذي علي اسمها تكريما لها، و تقديسا لاسمها، إستغاثة بها، وطلبا لصلواتها"(موسوعة الأنبا غريغوريوس20- العذراء مريم – ط.1- ر. إ.14796/2007- ص.390).
وهكذا نجد أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقدم كل ممارسات وطقوس العبادة غير منقوصة للعذراء( وباقي القديسين) إلي جانب الله ولا تترك منها شيئا تخص به الله، وتدعي بعد كل هذا أنها فقط تطوب العذراء وتكرمها تماما مثل الزوجة التي تقدم كل ما لديها حتي جسدها لأقارب زوجها وتقول أنها تفعل ذلك فقط لإكرامهم ."كذلك طريق المرأة الزانية،أكلت ومسحت فمها وقالت ما فعلت إثما"(أم20:30)....(وللموضوع بقية...).

د.حنين عبد المسيح
عبد للسيد الوحيد
الرب يسوع المسيح