(طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

(طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: (طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

  1. #1
    الصورة الرمزية احمد العربى
    احمد العربى غير متواجد حالياً اللهم اغفر له وارحمه وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    2,327
    آخر نشاط
    15-03-2009
    على الساعة
    07:07 PM

    افتراضي (طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

    من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله
    طبيعة النفس البشرية.
    حين تدرك النفس المسلمة الهدى والتقى الكامن فى أعماقها تعود إلى طبيعتها وفطرتها ، ومن هنا كانت فلسفة (الماركسية) وفلسفة الجنس (الفرويدية) وبينهما تعيش النفس الإنسانية ومن هذه المفاهيم يصدر كامى وسارتر وعشرات من كتاب القصة والمسرحية والشعر.
    هذه النفس الإنسانية ليست هى النفس المسلمة التى ما تزال تؤمن بالله وتؤمن بمسئولية الإنسان فى الحياة وجزائه الأخروى، وأمانته، وتؤمن بالضوابط والحدود والأخلاق التى تصنع الإطار الذى يتحرك فيه، ولهذا فإن ذلك كله غريب عليها معارض لها وهى حين تقرأ ما يكتب هؤلاء إنما تحس بالدهشة والدهشة مزيج من الخوف والشوق.
    أما الشوق فيصدر عن هذه النفس الشابة فى سن المراهقة المتطلعة إلى اللذات والرغائب أما الخوف فيصدر عن ذلك الإحساس الداخلى بالإيمان بالله والجزاء والحساب، وهى بين ذلك تتدافع وتتراجع ولكنها لا تسقط إذا فقدت عصر الإيمان الذى كونته الأسرة وصنعه الأب والأم.
    مع الحقيقة
    ولقد تتراوح النفس المسلمة بين الخطأ والصواب والضلال والهدى ولكنها إذا ما عرفت الحقيقة التى هى كامنة فى الأعماق عادت إلى طبيعتها وأصالتها وفطرتها.. هذا هو سر القلق الذى يملأ مشاعر شبابنا حين يقرأ عبارات لكامى أو سارتر أو فرويد تخالف فطرته الإسلامية الأصيلة غير أنه نتيجة عجزه عن معرفة (خلفيات) هؤلاء الكتاب يظن أنهم يكتبون بحسن النية والواقع غير ذلك.
    فهم أولا يصدرون عن مجتمع مختلف عن مجتمعنا ومن خلال رد فعل لتحديات لم نمر بها ذلك أن الفكر الدينى الغربى الذى فرضته تفسيرات المسيحية وهو ليس مفهوم الدين الحق المنزل وإنما من عمل القائمين عليها قد أوجد (سوء فهم) للعلاقة بين الإنسان والحياة والإنسان والمرأة.
    ومن هنا بادرة الرهبانية التى أنكرت التعامل مع المجتمعات كلية والتى افترضت فى المرأة جنسا غريبا نجسا يحسن تجنبه والانصراف عنه.
    وجاء الإسلام
    هذه القضية كان لها أبعد الأثر فى تدمير المجتمع الغربى وسقوط الحضارة حتى جاء الإسلام وبلغت أشعته أوربا وأعادت مفهوم الإرادة الإنسانية والعمل وكان للعلوم الإسلامية أثرها فى النهضة الغربية الحديثة.
    ومن ثم بدأ التحول أيضا فى مفهوم المرأة التى كرمها الإسلام وأعادلها اعتبارها غير أن المجتمع الغربى فى اندفاعاته الخطيرة قد تجاوز حدود الاعتدال وانتقل من الثورة على المرأة إلى (ثورة الجنس) كما يطلقون عليها الآن.
    وجاءت آراء الفلاسفة الماديين دافعة إلى الانطلاق والتحرر من كل القيود وجاءت نظرية فرويد الذى رد كل تصرفات الإنسان إلى الجنس وهدد البشرية كلها بخطر الأمراض العصبية إذا ترددت فى الانطلاق.
    نرى أن المجتمع الغربى له خلفيته فيما نراه اليوم من كتابات وفلسفات قرونا وهكذا وقصص التى هى تطبيق للقاعدة المعروفة رد فعل مساو فى القوة مختلف فى الغاية فقد عاشت أوروبا تحت مفهوم كراهية المرأة ونجاستها وعادت اليوم إلى مفهوم الانطلاق فى العلاقة بها إلى أبعد الحدود وإخراجها من كل الأوضاع السليمة للأسرة وإغرائها بالعرى والإباحة ودفعها إلى المواخير وشواطئ البحار وساحات الرقص واللعب تلك قضية الغرب وحده وما كان لنا فيها من مشاركة.
    ولم تكن هذه القضية واردة فى مجتمعنا الذى كرم المرأة وأعلى شأنها وأقام الأسرة وحماها بالشرف والعرض والكرامة والذى لم يقع فى مشكلة الكبت أو التحلل.
    غير أن للقضية بعدا آخر هو دوافع التلمودية الصهيونية هذه الدوافع التى أعلت من شأن الجنس والمادة وجعلت ذلك كله قوانين وفلسفات ومناهج عقلانية حتى تبرر وجوده والاستمرار فيه، ومن هنا نرى أن فلاسفة الجنس كلهم من اليهود والدعاة إلى تحطيم نظام الأسرة وتحطيم الدين، وتدمير الأخلاق وإفساد المجتمعات.
    دور كايم وسارتر وليفى بريل وماركوز بالإضافة إلى فرويد وماركس هذه الخلفية جديرة بأن تكون فى نظر شبابنا وهم يسألون عن هذا الركام المتفدق على اللغة العربية والذى يدير الرؤوس لأنه مكتوب على ورق لامع وغلاف أنيق وثمن رخيص ولأنه يتصل بالنفوس الشابة قبل أن تكتمل قدرتها على الفحص.
    وتجربتها التى تعرف بها الزيف والصواب عن القصور الشديد الذى يواجهه مجتمعنا عن وضع كتب طلبة فى أسلوب عصرى دائما فضلا عن معضلات النفس والحياة فى أيدى شبابنا تطرح أمامهم وجهة نظر الإسلام التى تلتقى مع العصر والبيئة ولا تجمد أو تتخلف.
    فلما لم يجدوا أمامهم فى فكرهم الإسلامى ما يجيب على أسئلتهم وجدوا كتابات نيتشة وماركس وفرويد يسيرة بفضل أمثال سلامة موسى وفيلكس فارس وغيرهم فتقبلتها نفوسهم لأنها كانت تحس بالفراغ بينما قصرت بيئاتهم وبيوتهم عن أن تمد لهم يد المعونة بالإيمان والعلم الصحيح.
    وإذا كان لنا أن نقول شيئا لأبنائنا الذين يتساءلون عن هذه الفلسفات المطروحة تحت اسم(النفس الإنسانية) فإنما نقول لهم إن كل ما يبرق أمام أنظارهم ليس ذهبا وأن الأسماء اللامعة لا تخدعهم وإن أحدا لم يستطع حتى الآن أن يقول للنفس الإنسانية الحق ويكشف لها عن جوهرها وهداها وطريقها وأمانتها إلا هذا الكتاب المنزل بالحق (القرآن).
    الســــــراب
    إن على شبابنا أن يعلم أن كل من يعطيه الرغبات المطلقة والكلمات البراقة والأهواء الشائقة، ومطامح الغرائز والشهوات إنما يضله ويسمم فكره ذلك أن حقيقة العطاء إنما هى إيمان بمسئولية الإنسان فى الحياة فى سبيل إقامة المنهج الربانى الذى يحقق الأمن النفسى والسعادة الحقة.
    أما هذا العطاء البشرى الذى يقدمه فرويد وسارتر فإنه لا يحقق السعادة ولا الأمن النفسى ولكنه يحقق القلق والتمزق والضياع والغثيان ذلك لأنه يفصل الإنسان عن نفسه، ويمزق وجوده ويقضى على تكامله، ويعلى من شأن جانب فيه على حساب جانب آخر، وذلك هو خطر المادية وأهوائها.
    وهو الطابع الصريح الواضح الآن للأدب الوجودى عامة هذا الإحساس بالخوف المتمثل فى أن الإنسان وحده فى هذه الدنيا، وذلك الخوف من الموت، وتلك المشاعر القلقة المضطربة إنما مصدرها الحقيقى هو انفصال الشخصية وإنكار الإيمان بالله ذلك أن الإنسان فى تكوين ذاته نفس وجسد وعقل وقلب ومادة وروح.
    فإذا جاءت الفلسفة المادية لتقول إن الإنسان نفس وعقل ومادة فقد شطرت الإنسان وأعلت منه جانبا وتجاهلت الجانب الآخر هذا الجانب لا يموت ولكنه يظل يرسل أحاسيسه ويملأ صاحبه غما وقلقا واضطرابا لأنه جانب موجود وله حق الحياة وتلك أزمة هى الحضارة والإنسان المعاصر.
    أما المسلم فإن موقفه من ذلك يختلف تماما فالمسلم يؤمن بالله سبحانه وتعالى خلقه منطين ثم نفخ فيه من روحه فهو متكامل التشكل مادة وروحا لا سبيل إلى أعلاء جانب منه على الآخر بل هو فى الحقيقة حين يؤمن ينتقل من المادة إلى الروح فيكون قادرا على البذل والعطاء، وتلك هى قدرته على التسامى من الفردية إلى الغيرية.
    ولكنه فى مفهوم الإسلام أيضا له حق الحياة والمتاع بها دون انفصال عنها أو عزلة عن المجتمع فهو متكامل جامع وهو فى فهمه للحياة وتحركه فيها إنما يجمع دائما بين الزمنى والروحى والمطلق والنسبى واللانهائى والمحدود يجمع بين معطيات الدنيا وخلود الآخرة. تلك مقدمات يسيرة بين يدى تساؤلات الشباب فى مواجهة الفكر البشرى من فلسفات ومفاهيم.
    من هنا نبدأ
    يرسم الإسلام الطريق إلى تكوين الأجيال على نحو غاية فى الأصالة وغاية فى التقدم فى نفس الوقت فهو لا يدعو إلى تربية مغلقة جافة أو إلى تقليد الآباء وهو فى نفس الوقت لا يطلق الأجيال دون أن تأخذ قدرا من الحصانة والحماية وفهم الوجه والغاية.
    ومن هنا فإن التربية الإسلامية تختلف فى منهجها عن التربية التى تقدمها المناهج والمذاهب العالمية على السواء فى أنها تجمع بين الدائرة الثابتة والدائرة المتحركة، وذلك حتى لا تنفصل الشخصية الإنسانية عن جذورها التى شكلتها الأديان والعقائد والقيم البيئية ثم تكون لها القدرة من خلال هذا الإطار الثابت المران على تقبل روح العصر من نمو وحركة وتطور وتقدم وعصرية شريطة أن يكون روح العصر قادرا على التشكيل والانصهار داخل إطار روح الأمة الأصيل.
    وتلك قاعدة أساسية من قواعد الفكر الإسلامى تقوم على التكامل والنظرة الجامعة وعلى ترابط العناصر وتفاعلها بحيث لا يطغى عنصر منها على الآخر ولا يستعلى وبحيث تحقق فى مجموعها الاستجابة لتركيب الإنسان نفسه الجامع بين المادة والروح والعقل والقلب.
    وعنصر الثبات دائما يتصل بالإنسان وخالقه وبالكون وبالتاريخ وبأول الأشياء وبالقرآن وبالفطرة وبالدين أما عنصر الحركة المتغير فهو يجعله دائما قادرا على الحياة فى البيئة والعصر مع التحول والتغير والتطور، وفى التربية تقوم القاعدة الإسلامية على ركيزتين متوازيتين:
    - الأولى: إعطاء الأبناء قدرة على الحركة إلى المستقبل.
    - الثانية: إعطاء الأبناء قوة على الثبات داخل قيم الدين والأخلاق.
    وبغير هذا الترابط الجامع يسقط أعظم عامل من عوامل السلامة والقوة فى بناء الأمم وهو عامل (الأمن النفسى) الذى اختفى تماما من الأمم التى اتخذت من المناهج البشرية الجزئية والانشطارية منهجا للحياة وللتربية.
    وذلك لأن هذه الأمم قد قبلت مبدأ التغير الدائم والتحول المستمر ففقدت قاعدتها الأصلية ومحورها الذى تدور فى فلكه وبذلك ذهبت بعيدا فى (تيه) من العسير استعادتها منه، ولا ريب أن النظرة الإسلامية الجامعة (وهى نظرة ربانية) هى أقرب ما تكون إلى سلامة القصد وأكثر ما تكون قوة على حماية البناء الاجتماعى كله من أن يتبدد أو ينهار أو تتدافعه الرياح الهوج.
    والمسلمون يؤمنون بالتقاء الأجيال وتكامل الأجيال ولا يؤمنون بصراع الأجيال وهم يفرقون بين فريضة تقديم التجربة الكاملة من أهل جيل سابق إلى جيل جديد، وبين ما يوصف بأنه(وصاية) على الأجيال الجديدة... ذلك أن من حق الأجيال الجديدة على الأجيال السابقة أمرين:
    أمانة التجربة والالتزام بإضاءة الطريق أمام النشء النامى حتى يستطيع أن يمتلك إرادته ولفت نظره إلى ما فى الطريق من عقبات، أما الجيل الجديد فمن حقه أن يقبل التجربة القديمة أو ينقدها، ولكنه لابد أن يبنى على نفس الأساس وإن كان من شأنه أن يجدد أو يغير فى الفروع والجزئيات.
    أما جوهر البناء فهو ملتزم به لأنه ليس ميراثا عن الآباء فحسب ولكن لأنه إلى ذلك قائم على دعامة منهج أصيل متميز ربانى غير وضعى ولا بشرى، ويجب أن لا يدفعنا أى دافع إلى التضحية بهذا الأساس إزاء هم أو بريق خادع من شأنه أن يخرجنا عن الإطار والضوابط والحدود التى رسمها لنا الإسلام، ويقضى تكوين الأجيال أن تتوازى فيه عوامل ثلاثة:
    - قدر من الإيمان.
    - قدر من الثقافة.
    - قدر من التجربة.
    1) فالإيمان هو العامل الأول الذى يضئ القلب ويكشف عن المهمة الحقيقية للإنسان فى الأرض لماذا جاء؟ وما هى أمانته؟ ورسالته وغايته ومسئوليته... هذا القدر من الإيمان لا يعطيه إلا الدين الحق، والقرآن هو العامل الأول فى بناء العقيدة وكشف الوجهة وتزكية النفس والقلب.
    2) ثم يجئ العامل الثانى وهو الثقافة الأصيلة التى تكشف للعقل عن دوره ومهمته فى ضوء التوحيد والإيمان والوحى، وتبسط أمامه الآفاق الواضحة لدور المسلم فى الحياة وللتحديات التى تواجهه فى هذا العصر وفى كل عصر حتى يعرف مدى المسئولية الملقاة عليه ومدى الخطر المحدق بأمته وأرضه وعقيدته،
    3) ثم يجئ العامل الثالث وهو التجربة التى تتكون مع ارتفاع السن والعمل، والاتصال بالمجتمع والناس ومن شأنها أن تزيد الإيمان والثقافة عمقا وأن تمنحهما الرصيد الذى يؤكد الحقائق ويزيدها ثباتا فى النفس والعقل.
    فإذا خرج الجيل الجديد إلى الحياة دون أن نزوده بالإيمان فإننا نكون قد فتحنا الطريق أمام الفكر البشرى ليغزو هذه النفس الناشئة وليملأ هذا الفراغ الذى عجزت عن ملئه الأسرة والأبوة والقدوة، ومن هنا يبدأ الانحراف ويبدأ الخطر ثم تكون الثقافة الزائفة الملقاة على الأرصفة هى الزاد حيث نهيئ له الزاد الأصيل.
    وفى القصة والرواية والفلسفات شبهات وأخطار وصور براقة تنفذ بسرعة إلى القلب الغض والخيال الساذج وتجد قبولا لأنها ترضى الغريزة والهوى والنفس الأمارة ومن ثم تحجب الطريق الصحيح.
    ثم لا تكون التجربة بعد ذلك إلا فى مجالات الأهواء واللذات والرغائب الصغيرة وهكذا تتعرض الأجيال الجديدة للخطر الذى يجعلها تتنكب طريق الخير فلا تعطى لأمتها ما تتطلع إليه من قوة دافعة بل تكون عاملا من عوامل الهزيمة والانحراف، ومن شأن التربية الإسلامية أن تنقل الأجيال من الأنانية إلى الغيرية ومن التطلعات الفردية إلى خدمة الجماعة فالأمة والرسالة فلا يكون الإنسان دائرا فى إطار ذاته وأهوائه ورغائب.
    ولكنه يكون فى خدمة هدف ورسالة وغاية تستوعب كل وقته وفكره وحياته، ولا يتحقق هذا إلا إذا فهم الأبناء مسئوليتهم إزاء ربهم وأمتهم وجيلهم... فليست الحياة متعة تساق، ولا لذة تبتغى، ولا تطلعا إلى شهرة أو مال أو مجد شخصى، وإنما هى (رسالة) ومسئولية والتزام وأمانة الخدمة فيها موجهة باسم الحق تبارك وتعالى لإقامة المجتمع الكريم الذى يحقق منهج الله فى الأرض.
    إن أخطر ما يواجه الأجيال فى مطالع الحياة خطر يتصل بالعقيدة وخطر يتصل بالغريزة وفى الفلسفات المنثورة تبرير للانحرافيين، وفى التربية الأصيلة فى مجال الأسرة منذ أول الخطو الحماية والحياطة وإقامة الجدار المكين الذى يحفظ العقل والنفس جميعا من مهاوى التدمير التى تواجه الأجيال.
    فإذا أمكن هذا التكوين السليم حفظ النفس والعقل جميعا من أن يستعلى شئ على العقيدة فلا ترى النفس فى تلك الصورة البراقة الزاهية ما يخلب لبها أو يخدعها ذلك أن أول عوامل الوهن أن يحس المسلم بقصوره وقصور مجتمعه وأمته عن الأمم الأخرى فيخدع بالظن بأن هذا التخلف مرتبط بهذه العقيدة وما هو كذلك ذلك أن الحقيقة هى أن التراخى عن العقيدة هو الذى أحدث التخلف وليس العكس.
    ولذلك فإن أول البناء فى تكوين الأجيال هو الإيمان بذاتية خاصة لها قيمها ووجودها وكيانها وتاريخها مختلفة عن غيرها، وإن هذا التخلف القائم هو مرحلة من المراحل جاءت بعد مراحل من القوة والتمكن شأن دور الحياة والتاريخ بكل الأمم والشعوب وأنها حالة مؤقتة وأن الالتزام بالأصل والجوهر الربانى من شأنه أن ينهى هذه المرحلة ويرد المسلمين مرة أخرى إلى مكانهم فى تاريخ البشرية وأن من يطيل أمد التخلف هو التماس مناهج الآخرين.
    إن منهج الإسلام جماع للروح والمادة والعقل والدنيا والآخرة وهو وسيلتهم إلى النجاح وسبيلهم إلى التمكن وليس لهم من دونه طريق أو سبيل تلك هى أمانة الأجيال الحقة التى يجب أن يقدمها لهم هذا الجيل ليكونوا من بعد قادرين على الدفاع عنها والحفاظ عليها والقيام بها.
    قال الله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿23﴾ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿24﴾ الأحزاب

    إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين.. .الله سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها هو البائع ، فهي بيعة مع الله ، لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ، ولا في ماله.. لتكون كلمة الله هي العليا ، وليكون الدين كله لله.


    دار الإفتاء المصرية ترد على شبهات وأباطيل أهل الباطل
    ( هنا دار الإفتاء)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    05:55 PM

    افتراضي

    بارك الله بك اخي الحبيب أحمد العربي على هذه اللفتة الطيبة من خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله



    قال تعالى في سورة العنكبوت﴿ "فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ" وقال تعالى في سورة الزمر" فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"﴾ هذه الايات الكريمة وغيرها من الايات اتت في القران الكريم بنفس المعنى اتت تحكي عن صفة من صفات النفس البشرية وهي ان الانسان بطبيعته عندما يكون في خطر او في كرب يلجأ الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والصلاة وغيرها من الاعمال التي تقربه من الله تعالى راجيا اياه ان يفرج عنه كربته ويخرجه من محنته فتراه قلقا مهموم الحال منيبا الى الله لانه يعلم ان لامنجي ولا مخلص الا الله فاذا كان الفرج رجع الانسان الى الانكار والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى الا المؤمنين بالله ايمانا صادقا الثابتين في السراء والضراء والله سبحانه وتعالى خلق الانسان ويعلم هذه الصفة الموجودة في كثير من الناس ويختبرهم بالابتلاء ليميز الخبث من الطيب وليكون في ذلك فرصة لمن يريد الهداية ان يرجع الى الله ويتوب اليه وهذا ما يحصل في هذه الايام فيما تمر فيه الامة الاسلامية من كرب وشدة وتعذيب واذلال من قبل اعداء الامة بزعامة امريكا فلا يخفى على احد ما يجري يوميا على الامة الاسلامية من قتل وسجن وتعذيب وهدم للبيوت وتشريد وحصار ونهب للخيرات وغيرها من الجرائم غير انه بعض الناس يرى ان هذا الكرب قد اشتد وان النصر قد تأخر ونحن نعلم ان النصر بيد الله ومن عنده وعندما يتاخر النصر والفرج يكون لاسباب قد ارادها الله فالله قد جعل لكل شيىء سبابا وهذه الاسباب لها دروس وعبر يمكننا استنباطها من خلال الوقوف على ايات القران الكريم واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها

    أولا :- ان يميز الله الخبيث من الطيب فيعلم الله الصادق المخلص من الكذاب المنافق قال تعالى" مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ"
    ثانيا :- ليكون في ذلك فرصة لعودة الناس الى الله سبحانه وتعالى والتوبة اليه قال تعالى " اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ"

    ثالثا :- شحن الامة بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله قال تعالى " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ "

    رابعا :- حتى يظهر الكافر المستعمر على حقيقته وينكشف القناع عن وجهه القبيح المتمثل في حقده وكرهه للاسلام والمسلمين وهذا ما يحدث اليوم فقد ظهر علينا الكفر وزبانيته المجرمين بأوضح صورة وصفهم بها الله سبحانه وتعالى وهي صورته الحقيقية البشعة حتى لا ينخدع بها المسلمون مرة اخرى لان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين قال تعالى " كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " وقال ايضا " إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً "

    خامسا :- وليعلم الناس ان لا عز ولا خلاص لهم الا بالاسلام وانهم اذا تمسكوا بهذا الدين وطبقوه فازوا في الدنيا والاخرة واذا تركوه خسروا الدنيا والاخرة وتكالبت عليهم الامم مصداقا لقول الفاروق عمر بن الخطاب :radia-icon: " نحن امة اعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة في غيره اذلنا الله " فيكون ذلك دافعا لهم لان يتمسكوا بدين الله اشد التمسك مهما مر الزمان وتغيرت الظروف فيقبلون على هذا الدين يطبقونه احسن تطبيق في ظل دولة ترعى شؤونهم وتدافع عنهم وتحفظ كرامتهم وتحمل هذا الدين العظيم الى البشرية جمعاء فيكونوا بذلك قد عرفوا الله بالشدة والرخاء

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  3. #3
    الصورة الرمزية احمد العربى
    احمد العربى غير متواجد حالياً اللهم اغفر له وارحمه وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    2,327
    آخر نشاط
    15-03-2009
    على الساعة
    07:07 PM

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الحبيب المهتدي على لمساتك الطيبة فدائماً أنت من أهل الخير ووالله إني أحبك فى الله
    مشكور مرورك أخي الحبيب
    التعديل الأخير تم بواسطة احمد العربى ; 02-07-2006 الساعة 10:39 PM
    قال الله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿23﴾ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿24﴾ الأحزاب

    إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين.. .الله سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها هو البائع ، فهي بيعة مع الله ، لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ، ولا في ماله.. لتكون كلمة الله هي العليا ، وليكون الدين كله لله.


    دار الإفتاء المصرية ترد على شبهات وأباطيل أهل الباطل
    ( هنا دار الإفتاء)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    2,687
    آخر نشاط
    24-04-2013
    على الساعة
    04:30 PM

    افتراضي

    بارك الله فيك اخي الحبيب احمد و جعله الله في ميزان حسناتك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية احمد العربى
    احمد العربى غير متواجد حالياً اللهم اغفر له وارحمه وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    2,327
    آخر نشاط
    15-03-2009
    على الساعة
    07:07 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايهاب حسني
    بارك الله فيك اخي الحبيب احمد و جعله الله في ميزان حسناتك
    فينا وإياكم أخي الحبيب إيهاب ونشكر مرورك الطيب أخانا
    قال الله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿23﴾ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿24﴾ الأحزاب

    إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين.. .الله سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها هو البائع ، فهي بيعة مع الله ، لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ، ولا في ماله.. لتكون كلمة الله هي العليا ، وليكون الدين كله لله.


    دار الإفتاء المصرية ترد على شبهات وأباطيل أهل الباطل
    ( هنا دار الإفتاء)

(طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حمل ديوان الإمام الشافعي رحمه الله
    بواسطة أبـ مريم ـو في المنتدى الأدب والشعر
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 11-03-2012, 12:01 AM
  2. تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله
    بواسطة المسلم الناصح في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-11-2008, 09:00 PM
  3. ذكاء الإمام الشافعي .. رحمه الله
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى التاريخي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-04-2008, 06:45 PM
  4. من خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-09-2005, 03:48 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

(طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله

(طبيعة النفس البشرية)من خواطر الإمام الشعراوي رحمه الله