السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

زيد بن عمرو بن نفيل سيد الموحدين في عصره وحياته، فقد كان الناس يعبدون الأصنام وهو يوحد الواحد الديان، فخرج من صلبه هذا الجيل المبارك بالتوحيد، وعلى رأسهم الصحابي الجليل المبشر بالجنة سعيد بن زيد.
وسوف يبعث يوم القيامة أمة وحده )) ..
زيد هذا كان يُحيي الموءودة؛ يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مَهْ؛ لا تقتلها؛ أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها. {أخرجه الحاكم 3-404 وصححه ووافقه الذهبي}
وكان يعيب على قريش عبادتهم غير الله، وذبحهم على غير اسمه جل وعلا، ويقول لهم: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؟! إنكارًا لذلك وإعظامًا له، وقُرِّب إليه طعام فقال لأصحابه: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذُكر اسم الله عليه.
{البخاري 3614}
زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية، وفارق دين قومه، فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تُذبح على الأوثان، وتورع عن قتل الموءودة، وقال: أعبدُ ربَّ إبراهيم؛ وبادى قومه بعيب ما هم عليه.
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نُفيل شيخًا كبيرًا مُسندًا ظهرهُ إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش؛ والذي نفسُ زيد بن عمرو بيده، ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري، ثم يقول: اللهم لو أني أعلم أيَّ الوجوه أحبَّ إليك عبدتك به، ولكني لا أعلمه، ثم يسجدُ على راحته.
قال ابن إسحاق: وحُدّثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل، وعمر بن الخطاب وهو ابن عمّه قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنستغفرُ لزيد بن عمرو؟ قال: "نعم فإنه يُبعثُ أمةً وحدهُ".
{رواه أحمد (1648)}
وقال زيد بن عمرو بن نفيل في فِراق دين قومه، وما كان لقي منهم في ذلك:



أربٌّ واحدٌ أم ألفَ ربِّ
أدينُ إذا تُقُسِّمتِ الأمورُ؟
عزلتُ اللات والعُزَّى جميعًا
كذلكَ يفعلُ الجَلْدُ الصبورُ
فلا العُزى أدينُ ولا ابنتيها
ولا صَنَمي بني عمرٍو أزُورُ
ولا هُبلا أدينُ وكان ربًا
لنا في الدهر إذ حِلمي يسيرُ
عجبتُ وفي الليالي مُعجباتٌ
وفي الأيام يعرفها البصيرُ
بأنَّ الله قد أفنى رجالا
كثيرًا كان شأنهم الفجورُ
وأبقى آخرين ببرِّ قومٍ
فيربل منهمُ الطفلُ الصغيرُ(1)
وبينا المرءُ يَفْتُر ثابَ يومًا
كما يتروَّح الغُصنُ المطيرُ(2)
ولكن أعبُدُ الرحمن ربِّي
ليغفرَ ذنبيَ الرَّبُّ الغفورُ
فتقوى الله ربكُم احفظوها
متى ما تحفظوها لا تبُورُوا
ترى الأبرار دارهُمُ جنانٌ
وللكفَّارِ حاميةٌ سعيرُ
وخِزيٌ في الحياةِ، وإن يمُوتُوا
يُلاقُوا ما تضيقُ بهِ الصدورُ



وكان زيد بن عمرو قد أجمع الخروج من مكة ليضرب في الأرض يطلبُ الحنيفية دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فكانت صفيةُ بنتُ الحضرمي كلما رأته قد تهيأ للخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل. وكان يعاتبه على فراق دين قومه.

وكان الخطاب قد آذى زيدًا حتى أخرجه إلى أعلى مكة، فنزل حِرَاء مقابل مكة، ووكَّل به الخطابُ شابًا من شبابِ قريش وسُفهائهم، فقال لهم: لا تتركوه يدخل مكة؛ فكان لا يدخلها إلا سرًّا منهم، فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يُفسد عليهم دينهم، وأن يتابعه أحدٌ منهم على فراقه.

ثم خرج يطلبُ دينَ إبراهيم عليه السلام، ويسألُ الرهبان والأحبار، حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل فجال الشام كله، حتى انتهى إلي راهب بميفعة (الموضع المرتفع من البقاع) من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم؛ فقال: إنك لتطلبُ دينًا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، ولكن قد أظل زمانُ نبي يخرجُ من بلادك التي خرجت منها، يُبعث بدين إبراهيم الحنيفية، فالحق بها، فإنه مبعوثٌ الآن، هذا زمانه. وقد كان شام (أي دخل في) اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئًا منهما، فخرج سريعًا حين قال له ذلك الراهبُ ما قال، يريد مكة، حتى إذا توسَّط بلاد لخم عدوا عليه فقتلوه.
{السيرة لابن هشام (1-191-198) بتصرف}

فهذا نموذج لأسرة عريقة بالإسلام؛ كان الأب موحدًا فنشأت الأسرة على التوحيد، وكانت البشارة بالجنة لعظماء من أفرادها
فاللهم ارزقنا الجنة واحشرنا معهم.

منقول من مجلة التوحيد