ونقف مع تعبير قرآني فيه ذكر اخراج الحي من الميت واخراج الميت من الحي، استعمل فيه الفعل مع الحي “يخرج الحي من الميت” واستعمل الاسم مع الميت “ومخرج الميت من الحي” وذلك في سورة الإنعام الآية ،95 يقول علماؤنا: استعمال الفعل مع الحي لأن أبرز صفات الحي الحركة والتجدد، والصيغة الفعلية دالة على هذه الحركة وهذا التجدد، أما الميت فلأنه في حالة همود وسكون وثبات، فقد عبر عنه بالصيغة الاسلامية الدالة على الثبات. على ان الأمر في سورة آل عمران جاء على خلاف ذلك، إذ جاءت الصياغة في كلا الامرين: الحي والميت بالصياغة الفعلية الدالة على الحركة والتجدد كما اشار علماؤنا بذلك. قال تعالى في سورة آل عمران “وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي” جاء بالفعل الدال على التجدد في الموطنين.. الحياة والموت فما سر ذلك؟


يقول علماؤنا ان السياق في آل عمران يختلف عنه في الانعام ففي آل عمران هو في التغيير والحدوث والتجدد عموماً، فالله سبحانه يؤتي ملكه من يشاء أو ينزعه منه، ويعز من يشاء أو يذله، ويغير الليل والنهار ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، فالسياق العام هنا كله حركة وتغيير وتبديل، فالمناسب معه والأمر كذلك الصيغة الفعلية الدالة على التجدد والتغيير والحركة. قال تعالى: “قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير. تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب” آل عمران الآيتان 26 - 27.

في حين ان السياق في سورة الانعام يتعلق بصفات الله تعالى وقدرته وتفضله على خلقه، وليس كما في سورة آل عمران متعلقاً بالتغييرات والتجددات والحركة كما هو واضح في الآيتين الكريمتين اللتين أوردناهما فكان لابد ان يجيء التعبير مختلفاً في الموضعين. قال تعالى: “إن الله فالق الحب والنوى، يخرج الحيَّ من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنىَّ تؤفكون. فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم” الانعام الآيتان 95 - 96 يقول الدكتور فاضل السامرائي “يلاحظ أن البداية في آيتي الانعام بجملة اسمية، والمسند اسمي أيضاً ثم بعد ذلك يجيء السياق باسمين آخرين هما “مخرج الميت” و”فالق الاصباح ثم ذكر انه (يخرج الحي) بالصورة الفعلية لما ذكرت من حركة الحي، بخلاف ما في سياق آية آل عمران من دلالة على التغير والحركة، فالسياق مختلف ولذا تتوالى الافعال في هذه الآية؛ فوضع كل صيغة في المكان اللائق بها.

منقول من جريدة الخليج
الإمارات
31-10-2004