بسم الله الرحمن الرحيم
رمضان والفطر أولا والأضحى ثانيا وماذا بعد ؟؟
بقلم : عاهد ناصرالدين
قبل شهرين وعشرة أيام تقريبا ودعنا شهر رمضان الكريم،هذا الشهر الذي كثرت فضائله وخيراته وهو مظهر من مظاهر وحدة المسلمين .
وقد حدث اختلاف عظيم في فطر المسلمين في ثلاثة أيام مختلفة (السبت والأحد والاثنين)
والمشهد نفسه يتكرر في عيد الأضحى لهذا العام على ثلاثة أيام أيضا (الخميس في ليبيا، الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي ، السبت في المغرب ) ، وذلك أمام مرأى ومسمع العالم عامة والمسلمين بخاصة، والمشكلة انه يستحيل أن يبدأ الشهر بثلاثة أيام مختلفة، فالشهر القمري هو تسعة وعشرون يوماً، وإذا لم ير الهلال تكمل العدة ثلاثين يوماً.
إن ما حصل في هذا العام في عيدي الفطر والأضحى يؤكد على أن المشكلة ليست فقهية ؛بل سياسية ذلك أن العالم الإسلامي اليوم كل دولة فيه تعتبر نفسها كلاً وليس جزءً من الأمة الإسلامية، وإن نصّت بعض الدساتير فيها على غير ذلك، فصارت كل دولة تتخذ قراراتها دون مراعاة لسائر المسلمين، لأنها تعتبر نفسها كياناً مستقلاً عن سائر المسلمين ولا حق للمسلمين خارج كيانها للتدخل فيه، ومن ذلك إعلان الصيام وإعلان الإفطار، فترى كل دولة تعلن وكأنه لا يوجد مسلمون في غيرها، وهذا هو السبب في بقاء الإختلاف بين الدول في العالم الإسلامي، ولو أن هذه الدول تعتبر نفسها أجزاء من كلٍ لربما توحدت المواقف في كثير من المسائل والقضايا كنصرة المستضعفين من المسلمين الذين قد ضاعوا بسبب هذه الدويلات. ونحن لو فكرنا قليلاً نجد أنه مثلاً لو ثبت هلال شوال في منطقة وادي حلفا في أقصى شمال السودان ولم يثبت في أسوان بأقصى جنوب مصر، فإن أهل الخرطوم سيفطرون، ولكن لماذا لا يفطر أهل أسوان وهم أقرب لوادي حلفا، فنحن إخوة ولا عبرة باختلاف المطالع، وهذه الحدود الوهمية صناعة الكافر المستعمر ولا ينبني عليها شرع، فلا فرق بين المسلمين أينما سكنوا فكلنا أمة واحدة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أبصرت الهلال الليلة، فقال : »أتشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله ؟ قال: نعم، قال: قم يا فلان فأذن بالناس فليصوموا غدا» رواه ابن خزيمة.
كان القمر من قبل يطلع على بلاد الشام أو الحجاز طلعة واحدة عندما كانت أمة الإسلام أمة واحدة ، لها خليفة واحد ، ولكن عندما تم هدم دولة الخلافة ، وعقدت معاهدة سايكس بيكو التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ، بعد ذلك سارع القمر ( السياسي ) للإلتزام بها ذراعاً بذراع ، وشبراً بشبر !!! تماماً كما التزم بذلك حكامها ، وصار يُهل على بلاد الشام – بعد المعاهدة – بأكثر من مطلع ، تماما كما قسمها الكافر المستعمر ، فصار يطلع على (سورية) مطلعاً مغايراً لمطلع لبنان.
والعجب العجاب أنك تجد في البلد الواحد من يصوم ومن يفطر كالعراق ،وتجد من يعيش في رفح المصرية يكون مفطرا في حين من يعيش في رفح الفلسطينية يكون صائما أو بالعكس ، وما الذي يفصل بينهما غير التقسيم السياسي ؟!!
والأعجب من هذا كله أن يصبح للمسلمين ثلاثة أيام لعرفات وأخرى ليوم النحر !!!!!
وماذا بعد أيها المسلمون ؟؟ وإلى متى يبقى هذا الحال ؟؟
إلى متى تبقى معاهدة سايكس بيكو التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ،
إلى متى تبقى تتحكم بالمسلمين وبعباداتهم ؟؟ .
إن ما يجري في بدء الصوم ونهايته ومؤخرا في الأضحى ما هو إلا استخفاف بمشاعر المسلمين ؛بل بشعائر الإسلام التي أمر الله – عزوجل – بتعظيمها {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32 .
إنه وإن كان لا يروق للمستعمرين أمر وحدة المسلمين ولا مظاهرها في بدء الصوم وفي نهايته ، وفي الوقوف على جبل عرفات وفي عيد الأضحى ،فعمدوا لإيجاد ما يتنافى مع هذه الوحدة رغم توفر الأدلة التي توجب البدء في يوم واحد، ورغم توفر إمكانات الرؤية والإتصال بين المسلمين لإيصال خبر ثبوت هلال رمضان أو هلال شوال أو هلال ذي الحجة.
فالواجب على المسلمين تجاه هذه المهازل أن يكونوا أمة واحدة كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فيجب على المسلمين أن يكون لهم إمام واحد يأمرهم أن يتحروا الرؤية وعند ثبوتها يأمر فلاناً أن أعلم المسلمين في العالم ببدء رمضان ونهايته ،أعلمهم بأن الوقوف على جبل عرفات يوم كذا ويوم النحر الذي يليه .
هذا هو الواجب أن يكون للمسلمين خليفة واحد يعظم شعائر الله ، ويتمسك بكتاب الله وسنة رسوله؛ فعن أبي نجيح العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة، وجلت منها القلوب، وزرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.