بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله أجمعين.
بعد أن هداني الله تعالى إلى الإسلام، أكتفي أخي المسلم أن أعرض عليك تلك الظلمات التي كنت أتخبط بها، كي تعرف نعمة النور والهداية التي تتمتع بها تحت راية لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، تصديقاً لقوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) [البقرة]، لأن الحق والنور والهداية واحد هو اتباع أوامر الله عز وجل، الظلمات وطواغيتها كثيرة ومتعددة.
وكنتُ قد ولدتُ من أسرة على غير الإسلام؛ وبدأت أتعرف على الإسلام من خلال المعارف المدرسية في مراحل الدراسة الأولى، واستقبلت هذه المعارف بصورة تلقائية عفوية بدون أن أعتبرها تتعارض مع ما توارثته من بيئتي، والحقيقة أن هذا الفهم يعتبر خطوة متقدمة في حالتي هذه، إن أن ما يُشاع ويُقال ويُفترى على الإسلام ورسوله ووحي كتابه في ثقافة غير المسلمين، سواء هنا أو أي مكان آخر ويروج لها رجال دينهم ويتلقاها العامة بدون اعتراض أو مناقشة، هي أن القرآن الكريم ليس سوى كلام سُرق أو نقل عن الراهب بحيرة وأعاد صياغته ورقة بن نوفل، وأن هذا الرسول الكريم هو مُدعي نبوة، ومن يريد الاستزادة من هذا يرجع إلى كتاب (قس ونبي) لأحد قسسهم، أو يرجع إلى ردود قديسهم يوحنا الدمشقي، حيث يعتبر أن الإسلام هو إحدى الهرطقات الخارجة عن ملتهم.
وأشير هنا إلى كثرة الانشقاقات والاضطرابات التي عاشوا فيها عبر تاريخهم، بحيث يكفي لأي جهة تختلف أخرى في مسألة أو أكثر مع جهة أخرى تنعتها بالهرطقة، أي المروق عن الملة، ولقد سمى يوحنا الدمشقي الإسلام الهرطقة (101) مائة وواحد؛ وذلك في أوائل العصر الأموي؛ وعلى ذلك كم أصبحت عدد الهرطقات بعد ذات التاريخ حتى يومنا هذا؟
ولقد تحرك شيء في داخلي عندما سمعت لأول مرة وأصغيت إلى آذان الفجر في ليلة ما مع نداء التوحيد وقول المؤذن (الصلاة خير من النوم)، وكان ذلك في بداية المرحلة الثانوية ... وجاءت إثرها معلومات من خلال المنهاج الدراسي كان لها الأثر بأن باعدت بيني وبين ما توارثته وأخذت تقربني شيئاً إلى الإسلام عندما أطلعت أن فارس الشدياق قد اعتنق الإسلام وأضاف إلى اسمه (أحمد)، وهو أحد المشرفين على تعريب وتنقيح طبعة جديدة مما يسمى الكتاب المقدس وسألت نفسي لماذا أسلم هذا الأديب؟ وتبع ذلك ما علمته عن الشاعر القروي رشيد سليم الخوري وما كان عليه من حيرة وشك من دينه، حيث طلب أن تكتب سورة الفاتحة على شاهد قبره، وجاء بعدها الدكتور القبطي نظمي لوقا عندما درسنا كتاب (محمد رسول الله)، وأسأل الله أن يكون قد اتخذ خطوة واضحة نحو الإسلام؟.
والحقيقة لم يكن لي اهتمام بقراءة ما يُسمى بالكتب المقدسة، سواء العهد القديم أو الجديد بل بالأحرى كنت أعتبر أن العهد القديم ليس له علاقة بالمسيحية، بقي هذا حتى نهاية دراستي الجامعية، وجاءت الإشارة الأولى لتنبهني إلى الاطلاع على كتب العهد الجديد.
وقد تنبهت إلى مقدمة طبعة كاثوليكية من العهد الجديد؛ حينما عرفت أن هذه المسماة أناجيل كتبت ما بين (70) إلى (120) سنة بعد الميلاد، فأخذت أتسائل ماذا كانت يقرأ الأتباع الأوائل لسيدنا عيسى؟ وكيف كانوا يتعبدوا؟ وكيف كانت أحوالهم؟. وجاءني الجواب بعد البحث في كتبهم ومراجعهم الكنسية فماذا كان الجواب؟
الجواب أن هؤلاء الأتباع كانوا يهوداً، بل أن المسيح نفسه كان يهودياً على شريعة سيدنا موسى، وقد قال: ما جئت لأنقض الناموس بل جئت لأكمّله، وأن الذي حصل بعده أن هؤلاء الأتباع بقي على يهوديتهم وأنهم آمنوا بشخصه كرسول ونبي متمم للشريعة؟! وبقوا على شريعة الختان وتحريم الخنْزير وعبادة إله واحد، وتعاقب عدة أجيال في أرض فلسطين التي هي أرض الرسالة، وعرف في تلك الحقبة أساقفة الختان، وخلافهم كان مع بقية اليهود أنهم اعترفوا بأن المسيح نبي مصدق وليس مدعي نبوة أو دعي. وللأسف أصبح الحال مع هؤلاء وغيرهم من اليهود أن رفضوا دعوة سيدنا محمد أيضاً بعد ستة قرون، وهذا ما سبق الإشارة إليه في مقالة يوحنا الدمشقي خلال العصر الأموي.
الآن فتحت أبواب الشك على مصراعيها، وأخذتُ أبحث بدأبٍ وإصرار على ما تحتويه كتبهم من أفكار وتزوير، وتكشفت الحقائق أمام ناظري من تزوير وكذب على الإسلام ونبي الإسلام.
وأصبح اعتناقي للإسلام مسألة وقت فقط، الوقت الكافي كي أنتزع نفسي مما علق بنفسي وعقلي وبيئتي والاستزادة من الحقائق التي أدرأ بها عن نفسي أمام قسسهم وكهنتهم، لقد ناقشتهم كيف نشأت وتطورت دعوتهم، ومن ثم كيف تشرذمت يوماً بعد يوم ومن هم الجناة الحقيقيين على دعوة سيدنا عيسى ورسالته؟.
كانت الوقفة الأولى مع ما جرّه شاول (بولس) بعد أن تسلط على هذه الدعوة وألغى دور الحواريين أو التلاميذ الذين وكل لهم المسيح الدعوة وأعطى سمعان لقب الصخرة أو صفاء وهو أحد الأثنى عشر حواري ليجلسوا على كرسي أسباط بني إسرائيل الأثني عشر، ولكن كيف يتم توزيع العدد أحد عشر على اثني عشر كرسي، وقد خرج يهوذا الخائن من المجموعة، فكان شاؤول نصب نفسه كخائن جديد بدلاً عن الخائن السابق بل وفرض نفسه كزعيم لهم يفرض سلطته وانحرافاته على المجموع.
وفي تفصيل بعض الأحداث التاريخية كما جاء في كتاب أحد القسس (يوسف الدره الحداد) فقد أوضح وبطريقة ملتوية أن الذين تسموا (نصارى) وبقوا على شريعة الختان وأقاموا في أورشليم كانوا يؤدوا شعائرهم وعباداتهم في معابد اليهود وقد تم طردهم على يد الأمبراطور هدريان من فلسطين سنة 135م مع بقية اليهود، والتجأ الفارين منهم إلى الصحراء العربية، وأرض الحجاز وكان ورقة بن نوفل أخر هؤلاء الجماعات، ولكن شاول بدهائه وانحرافه عن الناموس؟! ذهب يدعو الأمم الوثنية ويشجعهم على ما هم عليه من تقديسهم للأصنام والأرباب وتنازل عن روح التوحيد وتطبيق الشريعة؟! وكانت دعوته في آسيا الصغرى وعلى سواحل البحر الأبيض، حيث انطلقت أول تسمية للمسيحية والمسيحيين من أنطاكيا في أواخر القرن الميلادي الأول. إذن فإن كلمة مسيحيين وبالتالي الأتباع الذين سُموا بهذا الاسم قد جاءت متأخرة ردحاً من الزمن.
وأشير هنا إلى حقيقة تاريخية ذكرت عندهم وأكدوها أن بولس قبل بدءه بالدعوة في آسيا الصغرى ذهب إلى إرض العرب أو ARABIA حسب أكثر من ترجمة، وأقام هناك مدة ثلاث سنوات قبل أن ينطلق إلى دعوة الأمم الوثنية في آسيا الصغرى.
أسأل نفسي وأسأل أي باحث لماذا كلمة أرض العرب أو الجزيرة العربية تذكر من وقت إلى آخر مرة في هروب النصارى أو اليهود إلى الحجاز أو (المدينة المنورة) يثرب سابقاً، ومرة في إقامة شاول هذه السنوات (أقول ربما في مخطوطاتهم التي أخفوها أو اندرست تحتوي على إشارات بأن هنا دعوة خاتمة ورسول خاتم يظهر أو يأتي من بلاد العرب...).
الوقفة الثانية: كانت عندما تبنى الإمبراطور قسطنطين هذه الجماعات وبدأ في تجميعها لتأسيس فكر يناسب فكره الوثني ويتماشى مع طموحاته العسكرية والسياسية، ولكنه صُدم عندما اسمع أكثر من قول وأكثر من فكر من هذه الجماعات التي كانت معزولة عن بعضها البعض أثناء ما كانت محاربة من قبل السلطات الرومانية في السابق، حيئذ دعي إلى اجتماع يضم كل الأساقفة (أي رؤساء المجموعات الدينية) ليخلص إلى رأي واحد، ويصل الآن في دعوته محاربة أصحاب الفكر التوحيدي (أريوس وأتباعه)، وكان مجمع نيقيه سنة 325م، وتم تغليب الأفكار الوثنية على الأفكار التوحيدية بدعم الامبراطور نفسه، (علماً أن قسطنطين لم يعتنق المسيحية، ويقال أنه تم تعميده وهو فراش الموت)، وكان أول ما طلع به هذا المؤتمر هو قانون الإيمان أو دستور الإيمان، وأهم ما جاء فيه أن المسيح مولود وغير مخلوق، وكانت الخطوة الأولى لعقيدة التثليث التي لم تنضج بعد.
ومع متابعتي في التعرف على انحرافات عقائدهم وتعدد مذاهبهم وانقسامهم حسب فهمهم للأفكار الفلسفية التي فرضت نفسها من خلال المدارس الفلسفية في أنطاكيا والإسكندرية وأثينا، واستحداث ألفاظ جديدة لم تستوعبها اللغة اليونانية أصلاً وبالتالي لغات الشعوب الأخرى في سواحل سوريا أو مصر أو فلسطين؛ انقسمت المفاهيم حسب الجماعات العرقية واللغوية، بل إن هذه الجماعات العرقية انقسمت هي الأخرى، فتكونت الكنيسة القبطية في مصر والكنيسة النسطورية في سوريا، ولحقها فيما بعد الكنيسة الأرمنية، وظهر جماعة أساقفة الخيام (المتنقلين مع البدو في بلاد العرب)!!
وكل كنيسة لها فهمها وتفسيرها الخاص للمفردات التي أدخلت على المسيحية.
ومن هذه الكلمات لفظة (أقنوم) بالسرياني أو كلمة hypostasis اختلف في معناها الحرفي في اللغة اليونانية أو السريانية، وقد كان هذا أحد الأسباب في اختلاف التفسيرات التي عانت منها المسيحية ولازالت تعاني في تفسير لاهوت وناسوت المسيح حسب ضلالاتهم، وعلى أي حال فإن التمويه الزائد من جانب المراجع الدينية عندهم عدم استعمال الكلمة العربية المقابلة لكلمة أقنوم (والتي تعني الشخصي) حتى لا يواجهوا عند شرحهم أن الله جل جلاله في ثلاث أقانيم أي ثلاثة أشخاص...
وبالعودة إلى مقررات المجامع عندهم فبعد أن اخترعوا نظرية ولادة المسيح وليس خلقه جاؤوا بفكرة التعريف الروح القدس بأنه الإله الثالثة منبثق وكانت نقطة الخلاف من أين انبثق الكنيسة الغربية اعتبر الروح القدس منبثق من (الأب والابن معاً) والكنيسة الشرقية اعتبرته منبثق من الأب فقط، وهذا الخلاف أدى إلى الانشقاق الأكبر بين الكنيسة سنة 1054م.
والحقيقة لم يقف الخلاف عند هذه المسألة بل تفجرت الخلافات داخل الكنيسة الغربية بما يُسمى بثورة الإصلاح الديني على يد (لوثر) حيث رفض كثيراً من مقولات الكنيسة الأولى.
واختصار للأمر سأذكر بعض من القضايا الخلافية التي لا تزال قائمة بينهم، لدرجة أن عدد الكنائس والفرق أصبح لا يكاد يحصى، وأشير هنا إلى بعضها، إذ أن كل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى بحث كاملة أنت أخي المسلم في غنى عنه كما يلي:-
1- تقديس الصور والتماثيل، وقد جرت حروب دامية بسبب ذلك.
2- تقديس الخمر والخبز وتحولهما لجسد ودم المسيح حسب زعمهم.
3- نظام الكهنوت واختلاف الرتب والهيئات وطرق العبادة ومشاركة الجمهور.
4- تقديس السيدة مريم من اعتبارها (أم الله) أو (والدة الله) Theotolos، أو أو (عروس الله) تعالى الله عما يصفون إلى اعتبار عند جماعات أخرى امرأة عادية أو دون ذلك.
5- عدد الكتب المقدسة عند كل طائفة واللغة المرجعية المعتمدة.
6- القبلة أو الجهة المعتمدة عن كل فئة وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) [البقرة].
7- اختلافهم حول طبيعة المسيح، وكيفية اختلاط اللاهوت بالناسوت، وهل له مشيئة واحدة أو مشيئة إلهية أو بشرية... الخ.
وعلى ذلك فقد سجلت كل كنيسة عبر تاريخها سجلات دامية عن القتل والتنكيل، سواء بشكل حروب دينية، خاصة في أوروبا، استمرت لما بعد ثورة لوثر بين الكاثوليك والبروتستانت أو قبل ذلك أخذت شكل حروب قومية وسياسية.
أمام هذه الخلفية المضطربة من تاريخهم وعقيدتهم إذ يتم شطب أو إضافة أي مادة من عقيدتهم وإخراج بعضهم بعض من الملة، وكان لا بد من إعادة قراءة كتبهم المقدسة للوقوف على أصول هذه الخلافات إن كان لها أصول.
وبدأت بما يُسمى إنجيل لوقا، جاء في الفصل الأول (لما كان كثيرون قد أقدموا على تدوين قصة الأحداث التي تمت بيننا ... رأيت أنا (أي لوقا) أيضاً بعدما تفحصت كل شيء أن أكتب إليك تلك الأحداث ... يا صاحب السمو (أو أيها الصديق) ثاوفليس.
إذن فهذه كتابة رسالة خاصة من شخص اسمه لوقا إلى صديق له اسمه ثيوفيلس، فهل يعقل أن تكون هذه الرسالة كلام مقدس بل إنجيل تعتمد عليه الأجيال المتعاقبة، وأين هذا الكلام من كلام الله تعالى في محكم كتابه عند قوله لرسوله الأمين صلى الله عليه وسلم: "قل هو الله أحد" و "قل يآ أيها الكافرون"، ولو أردت أن أستعرض ما جاء في هذا الإنجيل من تناقضات وأخطاء لما وسع له المقال الآن، ولكن يكفي أن أذكر بأن لوقا هذا لم يكن من الحواريين، وعاش ومات في آسيا الصغرى وأتم كتابة هذا الإنجيل في أواخر القرن الأول ميلادي، ويكفي أن أشير إلى الاختلاف الكبير في نسب المسيح لما كتبه مع ما جاء في إنجيل متى.
وأما إنجيل متى فيكفيك أخي المسلم ما جاء في الفصل الأول منه وارتباط نسب المسيح حسب روايته مع (فارص وزارح) أبناء يهوذا من ثامارا؛ وكذلك من هي ثامارا وما علاقتها بيهوذا، ثامارا زوجة ابن يهوذا، ويهوذا (ابن سيدنا يعقوب) زنا في زوجه ابنه وأنجب منها وزارح الذي نسب إليها المسيح حسب متى.
وعلى هذا فإن مراجعة هذه الأناجيل يحتاج إلى دراسة مستقلة، ولقد قمت بكتابة مقال نشر في مجلة منار الإسلام عدد ربيع الآخر 1424هـ عن مفهوم الوحي عند المسيحية وتناقضات التدوين، يمكن الرجوع إليه للزيادة في توضيح الأمر.
وبعد هذه الرحلة الفكرية والبحث المستمر عبر التاريخ وعبر الواقع كان لا بد أن أرى شعاع النور شمس الحقيقة تسطع لتنير دربي نحو الحق والسير على الصراط المسقيم في هذه الدنيا، وأردد بملء فمي أمام المحكمة الكنسية في عمان رافضاً كل أقاويلهم لأقول لهم أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
بقي عندي سؤال كبير أوجهه إلى كل من يعتبر نفسه مسيحياً:-
أولاً: إذا كانت الكتب التي يعتبرها مقدمة (العهد الجديد) والتي تم تأليفها وكتابتها بعد حياة سيدنا عيسى عليه السلام ما بين (40-90سنة) فماذا كانت كتب الأتباع الأوائل قبل ذلك؟
ثانياً: إذا كانت كلمة مسيحي قد أطلقت على طائفة في أنطاكيا في أواخر القرن الأول فماذا كان اسم الأتباع الأوائل في فلسطين؟
ثالثاً: إذا كان الأتباع الملتحقين بالمسيح والتفوا حول يعقوب أخو المسيح (أخو الرب)، وتابع بعدها ما يسمى أساقفة الختان وكانوا يتبعوا الشريعة الموسوية في الختان وبقية الأمور فهل نترك ذلك كي نوافق شاول على مساومة الأمم الوثنية والتنازل عن أسس العقيدة التي تقول (أنا هو الرب إلهك ... لا يكن لك آلهة أخرى غيري لا تنحت لك تمثالاً ولا تضع صور لما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت ولا تسجد لهن ولا تعبدهن، لا يكن لك إله غيري، لا تسجد لمنحوت ولا تمثال.... الخ؟
رابعاً: كيف كانت طريقة عبادة الأوائل، هل كانت معابدهم مزينة بالصور والتماثيل؟ وهل كان لديهم هذه التعقيدات في سلك الكهنة؟ وهل كانوا على نمط أي كنيسة من الكنائس المتعددة حالياً بل كانوا يؤدون عباداتهم على نفس طريقة اليهود وفي معابد اليهود؟ وكيف تحولت إلى ما هو عليه من أحوال الكنائس خاصة في تقديم ... الذي صاغها قديسهم يوحنا الذهبي ... في القرن الرابع ميلادي [راجع المنجد للأعلام، ص 754، خدمة الليتورجيه أي خدمة القُداس التي صاغها]
خامساً: كنت أبحث عن عقيدة الأوائل وعباداتهم من صلاة وصيام في كتب وكنائس وتراث وآثار الإنجيل الأولى فلم أجده، ولكن دلني عليه أحد مراجعهم عندما طرحت عليه مطلقتي بأنني أصلي صلاة المسلمين وأصوم صيام المسلمين فكان جوابه هذه ليست صلاة وعبادة المسلمين هذه صلاة وصيام المسيحيين الأوائل؟!
الهوامش:-
1) نيقية: تسمى أزنبق الآن، مدينة على الساحل الجنوبي للبحر الأسود في آسيا الصغيرى (تركيا حالياً) عقد فيها المجمع المسكوني الأول الذي حرم أريوس (325م) داعية التوحيد والمجمع الثاني 788م والذي حرم محاربي الصور.
2) شاول أو بولس: ادعى أن المسيح دعاه وهداه بعد أن كان يضطهد أتباع المسيح وقد أخذ زمام المبادرة والدعوة بين الأمم (غير اليهود) مع أنه ليس من تلاميذ أو حواري المسيح؛ اختلى في الجزيرة العربية؟! (لا يوجد تفصيل لذلك) لمدة ثلاث سنوات قبل أن يبدأ دعوته وتسلطه على الحواريين بما فيهم بطرس.
3) لم يتم توضيح كيف أدخل المسيح تلاميذه الاثني عشر بما فيهم يهوذا الخائن كي يجلسوا على كراسي أسباط بني إسرائيل الإثنا عشر.
4) ذكرت كلمة نصارى في كتب العهد الجديد (أعمال الرسل) مرة واحدة: عن كتاب المسيح في العالم الغربي (التاريخ الكبير 3:27)، وهم أتباع المسيح من اليهود وقادهم بعد المسيح يعقوب بن يوسف مؤسس أساقفة الختان حسب شريعة سيدنا موسى، واستمروا حتى عام 135م، حيث طردوا مع باقي اليهود، ويُقال أنهم ذهبوا إلى الحزيرة العربية، وكان ورقة بن نوفل من بقاياهم. (وللمرة الثانية تذكر الجزيرة العربية في أدبياتهم بدون شرح أو تعقيب، وأرجو من عند إضافة أو توضيح أن يتفضل يشرح هذا؟!)
5) قانون الإيمان أو دستور الإيمان: بدأ صياغة هذا القانون في مجمع نيفيه سنة 325م واستمروا في الإضافات والتعديلات حتى طغت مشكلة انبثاق الروح القدس والتي تعرف عندهم Filioque أي الإبن، وأدت بالتالي إلى الانشقاق الأكبر بين كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية عام 1054م.
6) أقنوم: كلمة سريانية يستخدمها رجال الكنيسة العرب بدون تعريبها إلى اللغة العربية للتمويه ومعناه (شخص) وهي ترجمة للكلمة اليونانية hypostasis، وحسب زعمهم فقد قالوا أن الله جل جلاله له ثلاث أقانيم أو أشخاص.
7) جاء في كتاب ناموس الكتاب المقدس، ص 242، "والكلمة نفسها" التثليث أو الثالوث لم ترد في الكتاب المقدس، ويُظن أن أول من صاغها أو اخترعها واستعملها هو ترنليان في القرن الثاني ميلادي.
8) قال المسيح لسمعان والذي لقبه بالصخره أو (صفا) ومن ثم ترجم اسمه (والأسماء لا تترجم بالأصل) إلى Peter أو بطرس، أنت صخرتي وعليك أبني كنيستي" وبالتالي فإنه هو الموكل من المسيح حسب كتبهم ببناء الكنيسة وليس بولس أو شاول المزعوم.
9) يحتوى العهد الجديد على أربعة أناجيل، وأقدم نسخة لها في مكتبة الفاتيكان وتعود إلى القرن الخامس ميلادي:
أ‌. إنجيل متى كتب سنة 68م لليهود بالأحرف الأرامية.
ب‌. إنحيل مرقس كتب باللغة اليونانية ومرقس نفسه ليس من حواري المسيح.
ت‌. إنجيل لوقا: لوقا نفسه كان روماني وعاش ومات في آسيا الصغرى، التقى مع بولس وكتب على لسان بولس وغير بولس.
ث‌. إنجيل يوحنا: قام يوحنا بكتابة إنجيله في سنة 120م بناءً على دعوة وجهت له للرد على بدعة الدوسيت فهل هذا يمثل المسيح أو كلام المسيح.
10) يوحنا الذهبي (قس) (347-407م) من آباء الكنيسة ومعلمها ولد في أنطاكيا وإليه تُنسب ( ) أو مراسم الخدمة الدينية المشهورة في الكنيسة الأرثوذوكسية، المنجد ص 754، وأضيف هنا أن لكل كنيسة طريقتها وألحانها في تنظيم الصلوات الجماعية (الخدمة الدينية)، فمنها من يُضيف الآلات الموسيقية، ومنها من تجاوز ذلك، خاصة الكنائس الجديدة، إذ أصبحت اجتماعاتهم الدينية أشبه بندوات عادية، خاصة وأن هذه الكنائس لم تعد تعترف بسر الأفخارستيا (القربان المقدس) الذي لا يزال يُعمل به في الكنائي السابقة، ولكن كلٌ يطبقه بطرقتها الخاصة.
11) أنطاكيا: انتشرت المسيحية في هذا المدينة وقد دعي هناك المسيحيون بهذا الاسم أو مرة ... وقد وبخ بولس في أنطاكيا بطرس (الذي دعاه المسيح صخرة) قاموس الكتاب المقدس، ص 25.
12) العهدا لقديم: تلك الكتب التي تم كتابتها قبل المسيح، وهي عند اليهود على ثلاثة أشكال: النسخة الكهنوتية، والنسخة الأولهيم، والنسخة السامرية، وتختلف هذه النسخة عن سابقتها اليهودية بستة ألاف موقع [قاموس الكتاب المقدس، ص 242].
وأما بالنسبة للنسخ المعترف بها لدى النصارى:-
أ‌. تعترف الكنائس الشرقية بالنسخة السبعينية، وهي مترجمة عن اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، وتحتوي على 46 كتاب أو سفر.
ب‌. تعتمد الكنسية الفاتيكان بالنسة اللاتينية المترجمة عن النسخة اليونانية السبعينية.
ت‌. تعتمد الكنائس الإنجيلية التي تكونت بعد حركة لوثر على الترجمة الألمانية المترجمة عن النسخة العبرية مباشرةً، وتم ذلك في القرن السابع عشر، وتحتوي على 39 كتاب أو سفر، وبالتالي فإن الاختلافات بين طوائف النصارى تضاف إلى الاختلافات القائمة بين النسخ المأخوذة عنها، وكذلك في عدد الكتب المعتمدة.
والحمد والصلاة وعلى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوكم: أبو سامر/ عبد الله طعيمه حداد
E-mail: saiad_sado@yahoo.com
E-mail: adel_50@gawab.com