الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    143
    آخر نشاط
    29-04-2011
    على الساعة
    12:33 AM

    افتراضي الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ(12(
    صدق الله العظيم

    الحلقة الرابعة من (الفتنة بين الصحابة(


    مبايعة علي رضي الله عنه

    قبل أن أبدأ انصح بقراءة الحلقة الأولى والثانية والثالثة

    الحلقة الأولى
    نبوءة المصطفى بمقتل عثمان

    http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=32521

    الحلقة الثانية
    ابن سبأ يشعل نار الفتنة
    http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=33377

    الحلقة الثالثة
    حصار عثمان رضي الله عنه ومقتله
    http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=35257


    والأن نبدأ الحلقة الرابعة





    يقول القاضي ابن العربي – رحمه الله تعالى – في كتابه الماتع القيم " العواصم من القواصم" : " فلما قضى الله من أمره ما قضى ومضى في قدره ما مضى ، علم أن الحق لا يترك الناس سدى ، وأن الخلق بعده مفتقرون الى خليفة مفروض عليهم النظر فيه ، ولم يكن بعد الثلاثة كالرابع قدرا وعلما وتقى وديناً ، فانعقدت له البيعة – أي : لعلي رضي الله عنه .
    ولولا الإسراع بعقد البيعة لعلي رضي الله عنه لجرى على من بها من الأوباش ما لا يرقع خرقه ، ولكن عزم عليه المهاجرون والأنصار . ورأى علي رضي الله عنه أن ذلك فرض عليه فانقاد اليه "

    قال الحافظ الذهبي – رحمه الله تعالى – في شأن البيعة لعلي " لما قتل عثمان رضي الله عنه سعى الناس الى علي رضي الله عنه وقالوا : لابد للناس من إمام ؟ فحضر طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه والزبير بن العوام رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص ، والأعيان من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فبايعوا علياً رضي الله عنه وكان أول من بايعه : طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، ثم تتابع الناس بعد ذلك " وقد بويع علي رضي الله عنه يوم الجمعة لثمان عشرة مضت من ذي الحجة (أنظر الطبقات لابن سعد)
    تصور معي أن المدينة ظلت خمسة أيام – على الراجح من أقوال أهل السير – بدون إمام بعد مقتل عثمان رضي الله عنه
    بل وتزداد الفجيعة حينما تعلم أن الغافقي قاتل عثمان هو الذي كان يقود المسلمين ، بل ويتقدم للصلاة في مسجد النبي الأمين صلى الله عليه وسلم (تاريخ الطبري – ط الفكر والبداية والنهاية ،،،، العاوصم لابن العربي ،، تعليق محب الدين غريب ) يا لها من فتنة !
    وأستهل هذه الروايات في بيعة علي برواية واضحة ، لأنه قد قيل ما قيل وشُحنت كتب التاريخ والسير بالروايات الموضوعة التي لا يجوز بحال أن تنسب الى أصحاب سيد الرجال صلى الله عليه وسلم
    فأستهل في هذه الرويات برواية مؤثرة جداً عن علي رضي الله عنه ، رواها الحاكم في المستدرك والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق عن قيس بن عباد يقول : سمعت علياً رضي الله عنه يوم الجمل – وسأتحدث عن فتنة الجمل بالتفصيل ، ان شاء الله تعالى – يقول " اللهم إني أبرأ اليك من دم عثمان ، اللهم إني أبرأ اليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم مقتل عثمان ، وأنكرت نفسي " تدبر كلام علي رضي الله عنه
    يقول " وأنكرت نفسي ، وجاؤوني للبيعة فقلت : والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟! أخرجه مسلم
    هؤلاء – ورب الكعبة – ما كانوا أبداً طلاب مناصب أو كراسي
    يقول علي رضي الله عنه " والله اني استحي من الله ان أبايع وعثمان قتيل الأرض لم يدفن بعد ، فأنصرفوا لما قال لهم ذلك ، فلما دفن – أي عثمان رضي الله عنه – رجع الناس يسألون البيعة ، فقلت : اللهم إني مشفق مما أقدم عليه ثم جاءت عزيمة ، فبايعت – أ؟ي عزم على أهل بدر من المهاجرين والأنصار – كما سأبين الأن
    فلقد قالوا يا أمير المؤمنين فكأنما صٌدع قلبي : لما سمعت قولتهم : يا أمير المؤمنين كأن قلبي قد انصدع ! ثم قال علي " اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى "
    وفي مصنف ابن ابي شيبة – وابن عساكر- عن عبيد الله بن ابي رافع كاتب علي قال " رأيت علياً حين ازدحموا عليه حتى ادموا رجله فقال : اللهم إني كرهتهم وكرهوني فأرحني منهم ، وأرحمهم مني
    هؤلاء هم أئمة الورع ، فأنت امام إمام آخر من طراز عمر ، أمام إمام من أئمة الزهد والورع والتقى والعلم والفقه والخطابة والبلاغة والبيان ،أمام علي رضي الله عنه
    يقول : فلما قالوا : يا امير المؤمنين ، كاد قلبي أن ينصدع وانسكبت عيني بالعبرات – يعرف قدر هذه الكلمة ويعرف حجم الأمانة ويعرف خطورة الولاية ، ولم لا ؟ ألم يسمع علي رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما في " صحيح مسلم " – أن أباذر رضي الله عنه ذهب يوماً يطلب الولاية من رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب أبي ذر وقال :

    " يا أبا زر ، إنك ضعيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها " اخرجه مسلم
    ألم يسمع علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله – كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم – من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
    " ما من عبد يستر عيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " أخرجه مسلم والبخاري واللفظ لمسلم
    فالإمامة والولاية والحكم مسئولية عظيمة كبيرة وأمانة ثقيلة أسأل الله – عز وجل – أن يعين كل راع على رعيته ، وأرجو الا تنصرف الاذهان الى الحاكم فحسب ، بل انت راع وانا راع

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين –من حديث ابن عمر
    "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والراجل ف ياهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمراة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته وافمام راع ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته "أخرجه البخاري ومسلم

    فكل له مسؤولية سيسال عنها بحسب حجم هذه المسؤولية ، أسال الله أن يستر علينا وعليكم في الدنيا والآخرة
    فها هو علي رضي الله عنه لما ذهب اليه الناس رفض الخلافة وأشار عليهم بطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنه فقال الناس لعلي : انطلق معنا الى طلحة والزبير ؟ فانطلق معهم علي رضى الله عنه الى طلحة ، بدأ بطلحة وسلم عليه وقال علي رضي الله عنه : ياأبا محمد إن الناس قد إجتمعوا الىّ في البيعة أي : طلبوا مني البيعة – أما أنا : فلا حاجة لي فيها ، فابسط يدك حتى ابايعك (اخرجه الطبري) فقال طلحة – رضوان الله عليه : ياأبا الحسن ، انت اولى بهذا الأمر واحق به مني ، لفضلك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسابقتك في الإسلام
    وهل يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل ؟
    وقد حصل نفس الموقف تماماً مع الزبير ، لما رفض طلحة انطلق مع علي مع الناس الى الزبير بن العوام فقال له علي مثلما قال لطلحة فقال له الزبير مثلما قال طلحة – رضوان الله عليهم جميعاً
    فانطلق علي رضي الله عنه مع طلحة والزبير الى المسجد واجتمع الناس وبايعوا علياً رضي الله عنه

    تدبر معي هذه الرواية التي رواها الإمام أحمد في " فضائل الصحابة " بسند صحيح عن محمد بن الحنفية وهو ابن علي رضي الله عنه قال كنت مع علي رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه محصور – أي في الدار – فاتى علياً رجل فقال : غن أمير المؤمنين مقتول !ثم جاء رجل أخر فقال : غن امير المؤمنين مقتول في هذه الساعة ! قال محمد بن الحنفية : فامسكت لوسطه تخوفاً عليه فقال : خل لا أمّ لك
    فاتى علي الدار فوجد عثمان رضي الله عنه قد قتل فعاد الى داره وأغلق عليه بابه فاتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا :غن هذا الرجل قد قتل ؟- وتدبر هذه الصيغة لا تكون أبداً إلا على السنة المنافقين المجرمين ، قتلة عثمان : غن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من خليفة ولا نعلم أحداً احق بها منك ؟ قال : لا تريدوني فإني لكم وزير خير مني لكم أمير فقالوا لا والله ما نعلم أحداً أحق بها منك ، قال : فغن أبيتم عليّ فان بيتعتي لا تكون سراً أبداً ولكن أخرج الى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني قال : فخرج علي رضي الله عنه الى المسجد فبايعه الناس
    روى الإمام أحمد أيضاً بسند صحيح عن عوف رضي الله عنه قال : كنت عند الحسن البصري – رحمه الله – وكان الحسن في المدينة عند مقتل عثمان فذكروا أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم فقال ابن جوشن الغطفاني : يا أبا سعيد ،إنما أزري بأبي موسى اتباعه علياً
    قال فغضب الحسن البصري حتى تبين الغضب في وجهه وقال فمن يتبع ؟ فمن يتبع؟ فمن يتبع؟ وأخذ يكررها ،ثم قال قتل امير المؤمنين مظلوماً فعمد الناس الى خيرهم فبايعوه – أي علي رضي الله عنه (رواه احمد والخلال)
    هذه الروايات تبين وتوضح لنا بجلاء أن بيعة علي رضي الله عنه كانت في العلن ولم تكن سراً ولم تكن في الخفاء وإنما كانت في المسجد
    وروى أيضاً ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : " لما قدم علي البصرة في غثر طلحة وأصحابه قام عبد الله بن الكواء وقيس بن عباد فقالا له : ياامير المؤمنين ،اخبرنا عن مسيرك هذا – أي : الى البصرة – اوصية اوصاك بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ او عهد عهده اليك ؟ أم رأي رأيته حين تفرقت المة ؟ يعني : هل خرجت الى البصرة بوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ او بعهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ام رايك انت حينما رأيت المة قد تفرقت واختلفت كلمتها بعد مقتل عثمان ؟ قال : اللهم لا ، فلو عهد الىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لقمت به "
    وفي رواية قال " والله ما اكون اول كاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
    يعني : ساقول كلاماً صريحاً واضحاً صادقاً – قال : والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم موت فجاة ولا قتل قتلاً ولقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه اياماً وليالي ياتيه المؤذن فيؤذن بالصلاة فيامر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي بالناس وهو يرى مكاني "
    هذا كلام في غاية الدقة وحينما يقوله علي رضي الله عنه فله مغازي كثيرة ومعاني جليلة فهذا من أبلغ الردود على الروافض الذين يفضلون ويكرمون علياً على الصديق الأكبر الأمين أبي بكر رضي الله عنه
    يقول علي رضي الله عنه يامر النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أبا بكر ان يصلي بالناس وهو يرى مكاني – يعني : لو كان يرى أني اهل لهذه المكانة لقدمني على أبي بكر رضي الله عنه
    يقول علي المنصف – رضوان الله عليه ط ولقد ارادت امراة من نسائه ان تصرفه عن ابي بكر – يعني عائشة رضي الله عنها فقالت :غن أبا بكر رجل رقيق لا يستطيع أن يقوم مقامك فلوا امرت عمر يصلي بالناس فابى وغضب وقال
    "انتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل للناس ؟" أمر صريح اخرجه البخاري والترمذي ومالك واحمد والدرامي
    يقول علي " فلما قبض الله نبينا نظرنا في امورنا فاخترنا لدنيانا من اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لديننا فكانت الصلاة أصل افسلام وقوام الدين وهو امين الدين
    كلام بديع فلقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر للدين وأعظم أصل في هذا الدين بعد التوحيد هو الصلاة فهل يختار النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر للدين ولا تختار الأمة ابا بكر للدنيا
    يقول فبايعنا ابا بكر فكان لذلك اهلا لم يختلف عليه منا اثنان ولم يشهد بعضنا على بعض ولم نقطع منه البراءة فأديت لأبي بكر حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جنوده وكنت آخذ إذا اعطاني واغزو إذا أغزاني وأضرب بين يديه الحدود بسوطي فلما قبض رضي الله عنه ولاها عمر فاخذها بسنة صاحبه وما يعرف من امره فبايعنا عمر رضي الله عنه لم يختلف عليه منا اثنان ولم يشهد بعضنا على بعض ولم نقطع منه البراءة فأديت لعمر حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جنوده وكنت آخذ إذا اعطاني واغزو إذا أغزاني وأضرب بين يديه الحدود بسوطي فلما قبض عمر تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي وانا أظن الا يعدلوا بي ولكن خشي أن لا يعمل بعده دم غلا لحقه في قبره ،فأخرج نفسه وولده ، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده فبرىء منها الى رهط من قريش ستة ،أنا احدهم فلما اجتمع الرهط فذكرت في نفسي قرابتي وسالفتي وانا اظن الا يعدلوا بي فأخذ عبدالرحمن بن عوف مواثيقنا على ان نسمع ونطيع لمن ولاه الله امرنا
    انظر الى عبقرية جديدة من عبقرية عمر لما نام على فراش الموت اختار ستة من الصحابة : طلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقاص وعليا وعثمان وقال : الخلافة في هؤلاء . فتنازل طلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقاص وظلت الخلافة بين عثمان وعلي فاجمعوا أمرهم على ان تكون الخلافة لعثمان فجمع عبدالرحمن بن عوف الصحابة ، وطلب منهم العهد ان يبايعوا من اختير للخلافة فبايع الكل بما فيهم علي فقرا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه العهد والبيعة التي أخذها هؤلاء القادة الأطهار الذين جعل عمر الخلافة فيهم فاختاروا عثمان بن عفان رضي الله عنه فهل شاغب علي وانكر ؟!لا بل قال –كا سبق – في تلك العبارة الماضية الجميلة ، وانا اظن ألا يعدلوا بي . يقول : فأخذ عبد الرحمن مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه الله امرنا ، ثم اخذ عبد الرحمن بيد عثمان فضرب بيده على يده فنظرت في امري فغذا طاعتي قد سبقت بيعتي"
    سبحان الله !ألم اقل لكم : إن هؤلاء ورب الكعبة ما كانوا طلاب دنيا؟إنها امانة ، ومع ذلك حينما رأى ان الصحابة قد قدموا عثمان رضي الله عنه يقول فإذا طاعتي سبقت بيعتي
    أي : سبقت طاعته لعثمان رضي الله عنه ما كان يرجوه لنفسه من أن يبايعه الناس بمن فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
    يقول : " وإذا ميثاقي قد أُخذ لغيري ، فبايعنا عثمان ، فاديت اليه حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جيوشه وكنت أخذ إذا أعطاني وأغزوا إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي ، فلما اصيب نظرت في أمري ، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهما بالصلاة قد مضيا وهذا الذي أخذ له الميثاق قد أصيب ، فبايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين – يعني : الكوفة والبصرة
    وفي رواية – قال " ثم إن عثمان قتل ، فجاءني الناس فبايعوني طائعين غير مُكرهين "
    فهذه رواية واضحة
    ويمكن القول بأن علياً رضي الله عنه كان –بلا نزاع – أقوى المرشحين للإمامة بعد قتل عمر
    فلقد ذُكر – فيما سبق – أنه كان بين الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على انه لم يكن أحد من أصحاب النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – الموجودين بعد عثمان احق بالخلافة من علي بلا نزاع بين أئمة السنة والجماعة ،كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره
    فهو من السابقين الأولين المهاجرين وهو ابن عم النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وهو صهره .. الى غير ذلك من الفضائل التي أود أن أقف معها وقفة قبل أن أخوض غمار هذه الفتنة ، لننطلق من قاعدة صلبة قوية متينة ، فمن هو علي؟!
    فلا ينبغي أن ننطلق في هذا البحر الهائج المائج إلا ونحن على معرفة تامة بمكانة علي رضي الله عنه
    وقد قلت أن الحديث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتطلب صفاء في العقيدة وإخلاصاً في النية وأمانة في النقل ودقة في الفهم ونظرة فاحصة ومدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين
    فتعالوا معي بإيجاز شديد جداً لنتعرف على قدر علي رضي الله عنه حتى ننطلق من هذه القاعدة فنقول
    علي رضي الله عنه هو الخطيب المفوه الذي تهتز الدنيا لكلماته وهي تخرج من شفتيه كأنها نور يبدد الظلماء
    علي رضي الله عنه الفقيه العالم الذي يجري الحق على لسانه وقلبه
    علي رضي الله عنه البطل الشريف والفدائي العظيم الذي علم الدنيا شرف البطولة وحقيقة الفداء!!
    علي رضي الله عنه الذي أحب الله ورسوله واحبه الله ورسوله
    علي رضي الله عنه تلميذ بيت النبوة الذي تربى في حجر المصطفى صلى الله عليه وسلم وكفى !!
    علي الذي اضطر يوماً ويالها من لحظات قاسية على النفس حينما يضطر الشريف صاحب الشهامة والمروءة والرجولة ان يعدد مناقبه وفضائله ،إنها لحظات قاسية على الشرفاء
    أقول : فلقد اضطر يوماً ان يعدد مناقبه وان يبين للناس فضائله فقال

    محمد النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي
    وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي
    وبنت محمد سكني وعرسي منوط لحمها بدمي ولحمي
    وسبطاً أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي

    سبقتكم الى الإسلام طرا صغيراً ما بلغت اوان حلمي


    قال البيهقي (كما في الوافي)"إن هذا الشعر مما يجب على كل أحد متوان في علي حفظه ليعلم مفاخره في الإسلام" قلت : ولكن للأمانة العلمية – مع تواتر هذه الأبيات عنه رضي الله عنه إلا أن الإسناد اليه فيه ضعف كما قال الحافظ بن كثير – رحمه الله

    من كعلي؟!

    علي – رضوان الله عليه – ذلكم الشهيد المظلوم ،أسد الله الغالب كان أول من أسلم بلا نزاع
    ولا تعارض بين هذا الحديث الذي رواه الترمذي وقال " حديث حسن صحيح " من حديث زيد بن أرقم " علي اول من أسلم " أخرجه الترمذي واحمد وصححه الألباني
    وبين الحديث الذي يثبت أن أبا بكر هو اول من أسلم فابو بكر هو اول من أسلم من الرجال وعلي هو أول من أسلم من الصبيان

    أقول : في اللحظات الاولى للرسالة والنبوة كان علي رضي الله عنه في بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم يسمع القرىن من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم فينطلق علي ليردد شهادة الحق ومقولة الصدق وهو في العاشرة من عمره
    ومنذ هذه اللحظات يسجل اسم علي رضي الله عنه في سجل الأشراف الأطهار – الى أن يرث الدنيا ومن عليها العزيز الغفار – بأن علياً هو أول من أسلم من الصبيان والغلمان
    ولقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بالجنة كما في المسند وسنن ابي داود وغيرهما من حديث سعيد بت زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عشرة من قريش في الجنة :أنا في الجنة وأبوبكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة .... الحديث"

    وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه " والذي خلق الحبة وبرأ النسمة !! إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم " أن لا يحبني إلا مؤمن ،ولا يبغضني إلا منافق"
    وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه " أنت مني وانا منك"
    وفي المسند وسنن النسائي وغيرهما من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كنت مولاه فهذا مولاه – اي علي ابن ابي طالب – اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"
    وأريد أن أوجز القول في سيرته رضي الله عنه فلو توقفت مع كل ما ثبت عنه لا حتجنا الى كلام طويل

    وفي غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة تجلت بطولة أسد الله الغالب بل إن شئت فقل : ظهرت مكانة علي عند الرب العلي وعند الحبيب صلى الله عليه وسلم
    فلما حاصر النبي خيبر وطال الحصار – والحديث في الصحيحين قال النبي عليه الصلاة والسلام " لأعطين هذه الراية غداً رجلا يفتح الله على يديه " هذه شهادة يفتح الله على يديه أي : حصون خيبر "يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها .يدوكون اي يتناقشون ويخوضون ويتباحثون في هذا الرجل العظيم الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟
    وفي رواية – وهي من أجمل وأرق الروايات : يقول عمر بن الخطاب – كما في صحيح مسلم " والله ما احببت الإمارة إلا يومئذ فتساورت لها – أي فتطلعت لها – رجاء أن ادعى لها " .. لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم " يحبه الله ورسوله"
    فعمر المتجرد ما تطلع للإمارة إلا في هذا اليوم لينال هذه المنقبة العظيمة وهذه الشهادة الجليلة

    يقول سهل بن سعد – رضوان الله عليه راوي الحديث في الصحيحين " فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها " أي : الراية . ونظمت الصفوف ووقف الكل يتطلع الى النبي صلى الله عليه وسلم ، الكل يريد أن يأخذ الراية وينتظر نداء النبي لهذا الرجل الشريف الذي سيمنح الراية وشق السكون والصمت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول " أين علي بن ابي طالب ؟" ولم يكن علي موجوداً في هذا اليوم ،سبحان الله !
    فقالوا : يا رسول الله إنه يشتكي عينيه – تخلف اليوم لمرض أصابه في عينيه – فقال النبي – صلى الله عليه وسلم " أرسلوا اليه " فاتى به فبصق النبي في عينيه ودعا له فبرأ
    حتى كأن لم يكن به وجع – ولم لا؟ اليس الراقي هو المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
    ثم أعطاه الراية وقال النبي صلى الله عليه وسلم له – كما في رواية مسلم من حديث أبي هريرة " إمش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك " فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت فصرخ : يا رسول الله على ماذا اقاتل الناس؟ فقال النبي – عليه الصلاة والسلام :قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله الا الله وأن محمد رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "
    وفي لفظ الصحيحين " فوالله ! لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم "
    وسرعان ما علا هتاف النصر بصوت أسد الله الغالب علي بن ابي طالب الذي ردده النبي صلى الله عليه وسلم في أول يوم عند حصون خيبر " الله اكبر خربت خيبر ، الله أكبر خربت خيبر"
    أسأل الله أن يقر اعيننا بهذا النشيد الحلو مرة اخرى حتى نردد ما ردده النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، إنه ولي ذلك ومولاه .
    وهكذا فتح الله – عز وجل – على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه لينال هاتين النقبتين العظيمتين
    أما الأولى : هي فتح الله على يديه حصون خيبر
    وأما الثانية : شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
    وفي السنة التاسعة من الهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك واستعمل على المدينة : محمد بن مسلمة رضي الله عنه ليتولى أمرها وشانها (انظر " السيرة لابن هشام " " وتاريخ ابن عساكر" " وطبقات ابن سعد " " وزاد المعاد "والبداية والنهاية " ) وخلف النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه على أهله وهذه أيضاً رسالة ومنقبة اخرى ان يترك النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه على اهله لحمايتهم وللزود عنهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج الى سفر طويل بعيد فمع من يترك أهله ؟
    يختار النبي صلى الله عليه وسلم عليا فيغضب علي ويبكي وينطلق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ويقول "أتخلفني مع النساء والصبيان فيقول النبي صلى الله عليه وسلم "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي!"
    أي طراز من البشر كان علي لينال هذه المنقبة العظيمة هي الأخرى ؟
    وبالجملة ، فحياة علي – رضوان الله عليه – تتفجر عظمة وجلالا لكنها أيضاً في الوقت ذاته تموج بالسى والهول موجا لا سيما إذا علمنا أن طائفة من الناس قد غلت فيه فجعلته إلها وان طائفة أخرى قد جفت فيه فكفرته
    فطائفة الخوارج – كفرت علياً رضي الله عنه وطائفة من الروافض قد رفعت علياً الى مرتبة اللوهية والعبودية !!ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
    فهي حياة - بلا منازع – حافلة بالبطولات والألام معاً ، حافلة بالعظمة والمأساة ، حافلة بالباساء والضراء ، حافلة بالنصر والهزيمة حافلة بالرخاء والشدة حافلة بالبسمة والدمعة والدمعة ،حافلة بالفرح والحزن
    ولا نزاع ابداً في أن علياً – رضوان الله عليه – كان أحق الناس بالخلافة بعد موت عثمان رضي الله عنه

    وأقول : ليست سابقة علي والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمصاهرة هي المزايا الأولى والوحيدة التي تؤهل علياً رضي الله عنه لمنصب الخلافة ،لا !لكنه – بالإضافة الى كل هذا – له القدرة والكفاءة واتلذكاء والعلم والشجاعة وافقدام والمروءة والعقلية وكان له حزم اشتهر به بين جميع أصحاب النبي وكان له من صلابة في الحق وكان له من بعد نظر في تصريف الأمور ، حتى كان عمر بن الخطاب يستشير عليا في كل شيىء
    أقول : لهذا كله كان علياً – رضوان الله عليه – أجدر وأولى الناس بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنه

    وأشرع بإذن الله تعالى في الحديث عن الفتنة الخطيرة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم منذ اللحظات التي بويع فيها علي رضي الله عنه حتى وصل الى ما وصل اليه في النهاية ،أقف مع هذه الفتنة بتؤده وصبر ودقة لأُخرج الحق من بين ركام الباطل بإذن الله تعالى !!!

    إنتظروا الحلقة القادمة بإذنه تعالى


    المصدر : موسوعة الفتنة بين الصحابة - قراءة جديدة لإستخراج الحق من بين ركام الباطل للشيخ محمد حسان وهي موسوعة صوتية موجود بموقع طريق الإسلام فقط إبحثوا في جوجل

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    جزاك الله خيراً اخي الفاضل eerree
    متابعة ان شاء الله لهذه السلسلة العطرة
    رزقنا الله واياكم رفقتهم الفردوس الاعلى
    بأذن الله سأبحث عن السلسلة الصوتية
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إضحك مع المفتش كورمبو..!!! الحلقة الرابعة اشكالية ابياثار !!!
    بواسطة elqurssan في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-07-2011, 02:01 AM
  2. الدرس الثالث من دروس الفتنة بين الصحابة ( بداية الفتنة ) لاخيكم سمير السكندرى
    بواسطة سمير السكندرى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-11-2010, 05:12 PM
  3. الفتنة بين الصحابة - الحلقة الثالثة
    بواسطة eerree في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 20-10-2009, 04:06 AM
  4. الفتنة بين الصحابة - الحلقة الثانية
    بواسطة eerree في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-10-2009, 08:29 AM
  5. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22-11-2008, 10:57 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة

الفتنة بين الصحابة - الحلقة الرابعة