ضرب الزوجه
جزاك الله خيرا
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
من صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن
يضرب زوجته بلا مسوغ، وجعل لها الحق
الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن
ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله تعالى:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء.
وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن
شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها)رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث من أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء؛
إذ كيف يليق بالإنسان أن يجعل امرأته وهي كنفسه مهينة بحيث يضربها
بسوطه،مع أنه يعلم أنه لا بد له من الاجتماع والاتصال الخاص بها.
ولا يفهم مما مضى الاعتراض على مشروعية ضرب الزوجة بضوابطه،
ولا يعني أن الضرب مذموم بكل حال.
لا، ليس الأمر كذلك؛ فلا يطعن في مشروعية الضرب إلا من جهل هداية الدين،
وحكمة تشريعاته من أعداء الإسلام ومطاياهم ممن نبتوا من حقل الغرب،
ورضعوا من لبانه، ونشؤوا في ظله.
هؤلاء الذين يتظاهرون بتقديس النساء والدفاع عن حقوقهن؛
فهم يطعنون في هذا الحكم، ويتأففون منه، ويعدونه إهانة للمرأة.
وما ندري من الذي أهان المرأة؟ أهو ربّها
الرحيم الكريم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها
ضربوا بها وجه الثرى؟إن هؤلاء القوم يستنكفون من مشروعية
تأديب المرأة الناشز، ولا يستنكفون أن تنشز المرأة، وتترفع على زوجها،
فتجعله وهو رأس البيت مرؤوساً، وتصر على نشوزها، وتمشي في غلوائها،
فلا تلين لوعظه، ولا تستجيب لنصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره.
تُرى كيف يعالجون هذا النشوز؟ وبم يشيرون
على الأزواج أن يعاملوا به الزوجات إذا تمَرَّدْنَ ؟
لعل الجواب تضمنه قول الشنفرى الشاعر
الجاهلي حين قال مخاطباً زوجته:
إذا ما جئتِ ما أنهاكِ عنه ***فلم أنكر عليك فطلقيني
فأنتِ البعلُ يومئذٍ فقومي ***بسوطك لا أبا لك فاضربيني
نعم لقد وجد من النساء وفي الغرب خاصة
من تضرب زوجها مرة إثر مرة، والزوج يكتم أمره،
فلما لم يعد يطيق ذلك طلَّقها، حينئذٍ ندمت المرأة،
وقالت: أنا السبب؛ فلقد كنت أضربه، وكان
يستحيي من الإخبار بذلك، ولما نفد صبره طلَّقني!
وقالت تلك المرأة القوامة: أنا نادمة على ما فعلت،
وأوجه النصيحة بألا تضرب الزوجات أزواجهن!
لقد أذن الإسلام بضرب الزوجة كما في قوله تعالى:
(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)النساء: 34.
وكما في قوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع:
(ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه،
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح).
ولكن الإسلام حين أذن بضرب الزوجة لم يأذن
بالضرب المبرح الذي يقصد به التشفي،
والانتقام، والتعذيب، وإهانة المرأة وإرغامها
على معيشة لا ترضى بها.
وإنما هو ضرب للحاجة وللتأديب، تصحبه
عاطفة المربي والمؤدب؛ فليس للزوج أن
يضرب زوجته بهواه، وليس له إن ضربها
أن يقسو عليها؛ فالإسلام أذن بالضرب بشروط منها:
أ- أن تصر الزوجة على العصيان حتى بعد التدرج معها في التأديب .
ب- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير؛
فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا
يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب
وهو لم يجرب الهجر؛ ذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.
ج- أن يستحضر أن المقصود من الضرب
العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛ فيراعي التخفيف
فيه على أحسن الوجوه؛ فالضرب يتحقق باللكزة،
أو بالمسواك ونحوه.
د- أن يتجنب الأماكن المخوفة كالرأس والبطن والوجه.
هـ - ألا يكسر عظماً، ولا يشين عضواً،
وألا يدميها، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد.
و- ألا يتمادى في العقوبة قولاً أو فعلاً إذا هي ارتدعت وتركت النشوز.
فالضرب إذاً للمصلحة لا للإهانة،
ولو ماتت الزوجة بسبب ضرب الزوج لوجبت
الدية والكفارة، إذا كان الضرب لغير التأديب المأذون فيه.
أما إذا كان التلف مع التأديب المشروع فلا ضمان عليه،
هذا مذهب أحمد ومالك.
أما الشافعي وأبو حنيفة فيرون الضمان في ذلك، ووافقهم القرطبي وهو مالكي.
وقال النووي رحمه الله في شرح حديث حجة الوداع السابق:
(وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأته للتأديب، فإن
ضربها الضرب المأذون فيه فماتت وجبت
ديتها على عاقلة الضارب، ووجبت الكفارة في ماله).
ومن هنا يتبين لنا أن الضرب دواء ينبغي مراعاة وقته،
ونوعه، وكيفيته، ومقداره، وقابلية المحل، لكن الذين
يجهلون هداية الإسلام يقلبون الأمر، ويلبسون الحق بالباطل.
ثم إن التأديب بالضرب ليس كل ما شرعه الإسلام من العلاج،
بل هو آخر العلاجات مع ما فيه من الكراهة؛ فإذا وجدت امرأة ناشز
أساءت عشرة زوجها، وركبت رأسها، واتبعت خطوات الشيطان،
ولم ينجع معها وعظ ولا هجران فماذا يصنع الرجل في مثل هذه الحال؟
هل من كرامته أن يهرع إلى مطالبة زوجته كل ما نشزت؟
وهل تقبل المرأة ذلك، فينتشر خبرها،
فتكون غرضاً للذم، وعرضة للَّوم؟
إن الضرب بالمسواك، وما أشبهه أقلُّ ضرراً
على المرأة نفسها من تطليقها الذي هو نتيجة
غالبة لاسترسالها في نشوزها، فإذا طُلِّقت
تصدع بنيان الأسرة، وتفرق شملها، وتناثرت أجزاؤها.
وإذا قيس الضرر الأخف بالضرر الأعظم كان
ارتكاب الأخف حسناً جميلاً، كما قيل:
وعند ذكر العمى يستحسن العورُ.
فالضرب طريق من طرق العلاج يجدي مع
بعض النفوس الشاردة التي لا تفهم بالحسنى،
ولا ينفع معها الجميل، ولا تفقه الحجة، ولا تقاد بزمام الإقناع.
ثم إذا أخطأ أحد من المسلمين سبيل الحكمة،
فضرب زوجته وهي لا تستحق، أو ضربها
ضرباً مبرحاً فالدين براء من تبعة هذه النقائص،
وإنما تبعتها على أصحابها.
هذا وقد أثبتت دراسات علم النفس أن بعض النساء
لا ترتاح أنفسهن إلا إذا تعرضن إلى قسوة وضرب
شديد مبرح، بل قد يعجبها من الرجل قسوته، وشدته،
وعنفه؛ فإذا كانت امرأة من هذا النوع فإنه لا يستقيم
أمرها إلا بالضرب.
وشواهد الواقع والملاحظات النفسية على بعض
أنواع الانحراف تقول: إن هذه الوسيلة قد تكون
أنسب الوسائل لإشباع انحراف نفسي معين،
وإصلاح سلوك صاحبه، وإرضائه في الوقت ذاته؛
فربما كان من النساء من لا تحس قوة الرجل
الذي تحب أن يكون قواماً عليها إلا حين يقهرها عضلياً.
وليست هذه طبيعة كل إمرأة، ولكن هذه الصنف
من النساء موجود، وهو الذي يحتاج إلى هذه
المرحلة الأخيرة؛ ليستقيم على الطريقة.
ولتكن الكلمة الطيبة صدقتك على زوجتك ومن حولك
وليكن إيمانك بالله حقاً والطمع والحرص بعيدان عنك
وهدفك مرضاة الله عز وجل تكن أسعد الناس.
*اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
*اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت،
وشر ما لم أعمل.
*فمن عفا و أصلح فأجره على الله.
*ما كان الرفق في شئ إلا زانه
ولا كان العنف في شئ إلا شانه .
*من خير المواهب العقل، ومن شر المصائب الجهل.
المفضلات