تعمشقتْ الهواجسُ في ذرَّات فكري, لم أعد قادرة على التَّماسك, فجأة خطرت ببالي هنيَّة ,أجل سأستدعيها لتساعدني في إخراجي من دائرة الخوف تلك0
وعندما تأكدتُ من خروج عزَّام من المزرعةهممتُ بالذَّهاب لاستدعاء هنيَّة, ولكنني أحسستُ فجأة بتماسك داخلي ينتابني ,وعودة الوعي لي بعد ابتعاد عزَّام عن البيت 0
جلست على السَّرير رابطة الجأش, ورحت أفكر بهدوء فيما يجب أن أفعله في تلك الورطة والمصيبة التي رماني بها الوغد عزَّام 0
بدأت بدراسة كلِّ الإحتمالات التي قد أتعرَّض لها عندما يصبح الأمر بيد الشرطة ,كان مصيرُ عزَّام يهمني, فقد يخرج من القضية بريئاً , وقد أتَّهم أنا بقتله وقد وقد وقد0
أخيرا قررتُ عدمَ إخبار الشِّرطة , وعدم اتهام عزَّام بقتل سامي, وسأخبر الجميع بأنَّني وجدت سامي ميتا في غرفته ولن يكذِبني أحد, فالكل يعلم كم أحبه0
لم أخرج من غرفتي بل ظللت أزرعها ذهاباً وإيابا إلى أن سمعت دقات السَّاعة في الصَّالة تعلن الثَّانية عشرة ليلا0
بقيتُ في غرفتي أنتظر هنيَّة, فقد تعوَّدتْ في مثل هذا الوقت من كلِّ ليلة ,عندما يكون سامي في مكتبه, وقبل أن تنام أن تأتي إليه وتسأله إن كان بحاجة لشيء 0
انتظرتها خلفَ باب غرفتي, ورحتُ أنظر من ثقب القفل فرأيتــُها تصعد الدَّرج, وتمشي باتجاه غرفة سامي فأطفأت النور في جناحي, وعدت أراقبها من خلال ثـُقب القفل0
نقرَتْ على الباب عدة نقرات, وانتظرتْ بعض الوقت ,ثُمَّ عادتْ تنقر مرة ثانية ,وثالثة, ثُمَّ مالبثتْ أن فتحتْ الباب ودخلتْ الغرفة, فقد كانتْ تفعل ذلك عندما لا تسمع ردَ سامي عليها, فتعرف أنه خرج من الغرفة, فتدخلها لترتيبها 0
وعندما سمعتُ صراخها , أدرتُ المفتاح في القفل كي تستطيع دخول الغرفة عندما تأتي لإخباري بما رأتْ, وأسرعتُ إلى سريري , واندسستُ بداخله , وتصنـَّعت النُّوم0
سمعتها تفتح الباب بعنف وهي تصرخ خائفة :سيِّدة سناء 00سيِّدة سناء 0
لم أجبها فعادتْ تناديني ويدها تلمس الغطاء فوق كتفي :سيدة سناء 00أرجوك أصحي سيِّدتي 00
تململت في سريري وأنا افتح عينيَّ بتثاقل,وعندما التقت عيناي بعينيها جلستُ في السَّرير ونهرتهاقائلة : كيف دخلت غرفتي ومن أذن لك بهذا ؟
فأجابتني مرتجفة: السَّيِّد سامي 00السَّيِّد سامي 0
فسألتها:أهو الذي أرسلك إليَّ؟
فقالت :إنَّه00إنَّه
أمست بكتفيها أهزُّها بعنف وأنا أقول :مابهِ مابهِ؟
أجابتني :إنه 00إنَّهُ لايتحرَّكُ0
غادرتُ سريري وأنا أدفع بها عنِّي مسرعة باتجاه غرفة زوجي لأرتمي فوق صدره ,وأفرغ دموع قلبي فوق وجهه الحبيب, فقد كنت أعلم أنه فارق الحياة قبل ساعتين ,وما حجبني عنه خلالهما إلا غاية في نفسي
0
وعندما دخلتُ غرفته, وجدته ميتا وهوجالسٌ خلف مكتبه , ولا أثر لوقوع جريمة 0تمَّ دفنُ سامي بهدوء وسط أحزان العائلة, ولم نستدع طبيبا شرعيا لإعطائنا تقريراًطبيا يثبت أن الوفاة طبيعية من أجل التَّصريح بالدَّفن ,فقد طلبت من أخي عامر أن يحضر التقرير الطُّبي من قبل ابن عمِّي أنيس, فهو طبيب صحة, وكُتِبَ في التَّقرير أنَّ الوفاة كانت بسبب أزمة قلبية فشعرت بارتياح يعلو وجه عزَّام رغم الحزن المصطنع الذي كان يبديه لنا عندما كنا نطلب منه بعض مستلزمات العزاء0
اضطرت والدتي وأختي سماح للبقاء عندي في البيت بعدأن رفضتُ الذ َّهاب إلى منزل والدي بحَجَّةِ أنني سأتمُّ أشهر العدة في بيت زوجي ,وكان أخي سعيد يأتي إلينا كلَّ يوم للإطمئنان علينا , وكذلك أ بي الذي كنت أجبره بدموعي على المبيت معنا في بعض الأيَّام,وأثناء هذه المدَّة بقيت هنيَّة وعزَّام يقومان بخدمتنا بجدِّ ونشاط0
يتبع
بقلم
بنت البحر
بنت البحر
يكفيكم فخراً فأحمد منكم***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن
المفضلات