درس في الهجرة

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى , فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ". رواه البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي .
نأخذ من هذا الحديث نقطة واحدة وهي الهجرة ؛
* الهجرة لغة : الترك , , أو الخروج من أرض إلى أخرى. أو الانتقال من محل إلى آخر, وفي الاصطلاح مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام خوف الفتنة , وطلب إقامة الدين . وفي الحقيقة مفارقة ما يكرهه الله تعالى إلى ما يحبه قال صلى الله عليه وسلم " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه " , وقد حدثت الهجرة في الإسلام علي مرتين : الأولى الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرة الحبشة. والثانية الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان كالهجرة من مكة إلى المدينة , وذلك بعد أن استقر صلى الله عليه وسلم بالمدينة فهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين , فكانت الهجرة في تلك الفترة واجبة لتكثير عدد المسلمين والفرار بالدين من الفتن , إلى أن فتحت مكة وصارت دار إسلام , فانتهت الهجرة , لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية "

وخلاصة ما نقوله في الهجرة , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى المدينة المنورة , أقام فيها مسجدا وآخى بين المهاجرين والأنصار , ووضع ميثاقا ينظم العلاقة بين المقيمين بها , وبذلك أسس نقطة البداية لحضارة إسلامية شملت العالم بأسره فيما بعد وأضاءت أركانه بشتى أنواع المعارف والعلوم , وهذه هي آثار الهجرة النبوية العطرة التي يجب علينا أخذ العبرة والدروس منها ؛ لأن الحديث عن الهجرة النبوية يجب ألا يقف عند مظاهر الاستعداد لها وسرد أحداث السفر , بل يجب أن نستخلص منها معاني عظيمة نوظفها في عصرنا الحاضر , حتى نكون بحق أننا نسير علي خطى رسولنا الكريم .
فهل خطر ببال المسلمون اليوم الذين يهاجرون إلى الغرب ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى يؤثروا في من حولهم وينشروا لغتهم وثقافتهم ودينهم بدلا من أن يتأثروا و وينسلخوا من عروبتهم وثقافتهم .
هذه هي الدروس التي يجب أن نفهمها ونستخلصها من الهجرة , وقد غابت عن مهاجر هذا عصر .
نسأل الله أن يوفقنا إلى نصرة ديننا ونبينا وعروبتنا في عصر تكالبت فيه أمم الكفر حقدا علينا . والله ولي التوفيق .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته