حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

    جادلهم بالتى هى أحسن عنوان لكتاب وضع فيه المؤلف خلاصة حواراته مع النصارى
    ننقل الكتاب إلى هنا مع وضع تعليقات عليه
    نضع إن شاء الله تعالى جزئية جزئية مع التعليق عليها
    و نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى تحت مظلة الأدب و الاحترام المتبادل

    مقدمة الكتاب -جزي الله مؤلفه و مترجمه خير الجزاء

    وجادلهم بالتي هي أحسن:
    حوار بين مسلم ومسيحي
    د. حسن باعقيل - ترجمة د. نبيل عبد السلام هارون

    المحتويات

    تقديم الكتاب
    *هل كان إبراهيم يهوديا أو مسيحيا؟
    *كلام الله و كلام البشر!
    *توحيد أم تثليث؟
    *المسيح بشر أم إله؟
    *هل المسيح ابن الله؟
    *هل صلب المسيح ثم قام؟
    *دعوى الخطيئة الأولى والفداء!
    *محمد رسول الله في التوراة والإنجيل:
    تمهيد (1) (2) (3)



    مقدمة المؤلف

    هذا الكتاب خلاصة حوارات متتالية دارت بيني وبين عدد من علماء ورجال الدين المسيحي, واتسمت المناقشات بالموضوعية والود والأدب الجم والحرص المفرط علي تجنب المساس بالمشاعر الدينية, مع الالتزام بالمنهج العلمي في الحوار. وأهدي الكتاب لكل باحث عن الحق المبين, وللمهتمين بدراسات مقارنة الأديان.
    د. حسن باعقيل
    يناير 1984

    تقديم الترجمة العربية

    هذه ترجمة شاملة للنص الإنجليزي, استخرجت فيها نصوص العهد القديم والعهد الجديد من النص العربي المعتمد للجمعية الدولية للكتاب المقدس:
    IBS: International Bible Society
    وروعيت فيها اختلافات النص العربي المعتمد عن النص الإنجليزي, كما روعيت فيها طبيعة اللغة والثقافة العربية ؛ وكذلك اعتبارات الملاءمة للقارئ العربي. والله ولي التوفيق.

    المترجم: د. نبيل عبد السلام هارون
    يوليو 2003
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا

    عبد المسيح: أخي عبد الله، في صبانا لم نكن نسمع كثيرا عن مثل هذه الحوارات العديدة التي تدور هذه الأيام بين رجال الدين المسيحي والإسلامي !

    عبد الله : لعل ذلك لما بين الدينين من أواصر فنحن نؤمن بالله الواحد الذي أرسل الأنبياء جميعا ، ومنهم المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته، الذي كذبه اليهود وآمنا به.

    يقول الله في كتابه العزيز:

    )َ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ( (آل عمران 145)

    ولقد دارت فعلا حوارات متتالية إسلامية مسيحية في أوروبا وكندا والولايات المتحدة وأستراليا، بل إن الفاتيكان قد شارك في مؤتمرات مع علماء المسلمين من مصر; كان أولها في روما (1970)، ثم في القاهرة (1974 ، 1978) ، كما تم لقاء مماثل مع علماء السعودية في روما (1978) ، ناهيك عن مؤتمرات كولومبو المتتالية، والعديد من اللقاءات في كنائس تستضيف علماء المسلمين للتعريف بالإسلام.

    عبد المسيح : الذي يدهشني هو أنه رغم أن عمر المسيحية الآن يمتد إلى ألفي عام; كما يرجع ظهور الإسلام إلى أكثر من أربعة عشر قرنا، لم يسجل التاريخ مثل هذه اللقاءات والحوارات، إلا في العقود الأخيرة?

    عبد الله : لا تنس أن العلاقة بين الدين المسيحي ممثلا في الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وكذلك هولندا وبلجيكا وأسبانيا والبرتغال) وبين العالم الإسلامي ومعظمه من الدول الآسيوية والأفريقية كانت طوال الأربعة قرون الماضية علاقة استعمار وهيمنة لا علاقة حوار وتفاهم.

    وقد سعى المستعمرون جاهدين عن طريق إرسالياتهم المسيحية إلى تنصير الشعوب الواقعة تحت الاحتلال بكل وسائل الإغراء والابتزاز; والتي توجه أساسا إلى الفقراء والمعدمين; كتقديم العلاج المجاني والغذاء والملبس وفرص العمل. وعبثا فشلت هذه الأموال في تحويل مسلم عن دينه.

    ومن ناحية أخرى لم يبدأ التواصل الفكري بين الإسلام والغرب المسيحي إلا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حين رحل وهاجر العديد من العمال والمثقفين من دول آسيا وأفريقيا إلى الغرب بحثا عن العمل أو للدراسة، وأتاح ذلك فرصا أوفر للتعريف بالإسلام وتبادل الأفكار.

    عبد المسيح : هل ترى ثمة دوافع أخرى لهذا الاهتمام المعاصر بالحوار وخاصة من جانب رجال الدين المسيحي والإسلامي ?

    عبد الله : أحسب أن الجهود قد أثمرت في ترسيخ قدر أكبر من التسامح والتفاهم رغم التنافس الشديد في مجال الدعوة والسعي لكسب الأنصار، فتراجع الكثير من الكُتَّاب في الغرب عما اعتادوه من أكاذيب وإساءات للإسلام ورسوله. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بدأ الكثير من المنصفين في الغرب يدركون أننا أقرب إلى المسيحيين منا إلى اليهود والملحدين، كما جاء في القرآن الكريم :

    ) َلَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ( (المائدة 82)

    كما أن بعض الطوائف المسيحية قد سلمت أخيرا بالحق عندما اعترفت لأول مرة في التاريخ بصدق انتساب رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى قيدار ابن إسماعيل عليه السلام. ويُعَرِّف معجم الإنجيل لدافيس (الذي يصدره مجلس التعليم المسيحي بالكنيسة المشيخية الأمريكية طبعة 1980) "قيدار" بأنه : " .... اسم لقبيلة تنتسب إلى إسماعيل ... (تكوين 25/13)... ومن هذه القبيلة ظهر محمد ... ". كما استقر هذا التعريف أيضا فيما جاء بدائرة معارف الإنجيل القياسية الدولية; وكذلك بمعجم الإنجيل لسميث الذي يسجل عبارة سفرالتكوين:

    (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إسماعيل مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إسماعيل، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا) [تكوين 25/13].

    ويقرر أن نسب محمد إلى إبراهيم، إنما يمتد خلال قبيلة قريش المنبثقة من قيدار ابن إسماعيل.

    وإنصافا للحق فإني أعتقد أن أفضل ما جناه الغرب من أفواج المهاجرين المسلمين لم يكن ما ساهموا به من سواعدهم وعقولهم في بناء حضارة الغرب وثروته بقدر ما كان "الإسلام" الذي بدأ يمد جذوره هناك; متمثلا في مساجد ومراكز إسلامية تشع بنورها وتجذب الكثير إلي "العودة" إلى الإسلام، وأقول "العودة" لا التحول إلى الإسلام، لأن كل مولود يولد على فطرة توحيد الله وعبادته، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه.

    وانتشار الإسلام في الغرب في عالمنا المعاصر - حيث زمام القوة والمنعة بأيدي الغرب - يثبت أن الإسلام لا ولم ينتشر بالسيف، ولا يحتاج إلى إرساليات ترصد لها الأموال وتساندها قوى السياسة والنفوذ، وكل ذلك تؤيده الإحصاءات.

    عبد المسيح : إن كانت الأديان السماوية الثلاث : اليهودية والمسيحية والإسلام كلها من عند الله الخالق الواحد ففيم إذن الاختلاف بينها وفيم الخلاف بين أصحابها ?

    عبد الله : الأصل في ذلك أن كل الأنبياء، بدءا من آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام)، قد أرسلهم الله بنفس الرسالة : "الإسلام"، والإسلام هو الانقياد والطاعة لله الواحد وما أنزله على رسله، و "الإسلام" هو الاسم الذي اختاره الله تعالى لهداية مخلوقاته، وذكره بهذا اللفظ في القرآن الكريم :

    ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ( (المائدة / 3)

    بينما لم يجئ لفظ "اليهودية" ولا "المسيحية" في أي من العهد القديم أو العهد الجديد، ولا وجود لأي منهما كمصطلح في معجم ألفاظ الإنجيل، فما جاءت كلمة "اليهودية" على لسان أي من أنبياء بني إسرائيل، كما أن المسيح عليه السلام لم ينسب إليه أنه جاء ليقيم دعائم "المسيحية" على وجه الأرض ولم يصف نفسه بأنه "مسيحي"، وإنما أطلق لفظ "مسيحي" لأول مرة قرابة عام 43م، أي بعد رحيل المسيح بسنوات عديدة، وذلك على لسان اليهود والوثنيين، واقرأ في أعمال الرسل :

    )وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، فَكَانَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ سَنَةً كَامِلَةً، وَيُعَلِّمَانِ جَمْعاً كَبِيراً. وَفِي أَنْطَاكِيَةَ أُطْلِقَ عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْمُ الْمَسِيحِيِّينَ( [أعمال 11/26].

    وتكرر ذكر اللفظ بعد ذلك علي لسان الملك أغريباس الثاني إلى بولس في أعمال الرسل:

    ( فَأَجَابَ أَغْرِيبَاسُ: «قَلِيلاً بَعْدُ، وَتُقْنِعُنِي بِأَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيّاً!») [أعمال 26/28].

    وفي المناسبتين كان إطلاق اللفظ على لسان أعداء المسيح، ثم ذكر اللفظ أخيرا على لسان بطرس في رسالته التي يواسي بها أتباع المسيح فيما يلقونه من عناء :

    (وَلَكِنْ إِنْ تَأَلَّمَ أَحَدُكُمْ لأَنَّهُ «مَسِيحِيٌّ»، فَعَلَيْهِ أَلاَّ يَخْجَلَ، بَلْ أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ لأَجْلِ هَذَا الاِسْمِ!) [بطرس الأولى 4/16].

    ومن هنا فإن "أول المسلمين" على وجه الأرض إنما هو آدم، ثم توالى ركب الأنبياء : نوح ومَن بعده إلى إبراهيم أبي الأنبياء ...

    عبد المسيح : مهلا ، كيف كان إبراهيم مسلما، من المعروف أنه يهودي !

    عبد الله : يهودي? من قال ذلك?

    عبد المسيح : لقد تعلمنا ذلك، ولا ريب أن الإنجيل يؤكد ذلك أيضا .

    عبد الله : أين جاء ذلك في الإنجيل? حتى أوفر عليك الوقت دعني أساعدك. اقرأ ما جاء في (تكوين 11/31).

    عبد المسيح : (وَأَخَذَ تَارَحُ ابْنَهُ أَبْرَامَ وَحَفِيدَهُ لُوطاً بْنَ هَارَانَ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَبْرَامَ، وَارْتَحَلَ بِهِمْ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ) [تكوين 11/31].

    عبد الله : إذن فإن إبراهيم الذي ولد في بلدة أور الكلدانية لم يكن أبدا يهوديا لسببين :

    أولا: لأن بلدة أور الكلدانية تقع في منطقة "بين النهرين" (دجلة والفرات); التي هي الآن من أراضي العراق، وثانيا: لأن كلمة "يهودي" مشتقة من اسم "يهوذا" ، الذي كان من أحفاد سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم اقرأ (تكوين 12 / 4- 5).

    عبد المسيح : (فَارْتَحَلَ أَبْرَامُ كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ، وَرَافَقَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ فِي الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ مِنْ عُمْرِهِ عِنْدَمَا غَادَرَ حَارَانَ. وَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ زَوْجَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مَا جَمَعَاهُ مِنْ مُقْتَنَيَاتٍ وَكُلَّ مَا امْتَلَكَاهُ مِنْ نُفُوسٍ فِي حَارَانَ، وَانْطَلَقُوا جَمِيعاً إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى أَنْ وَصَلُوهَا) [تكوين 12 / 4- 5].

    عبد الله : فإبراهيم عندما هاجر واغترب إلى أرض كنعان إنما كان في الخامسة والسبعين من عمره، كما يؤكد الإنجيل في (تكوين 17/8) : (وَأَهَبُكَ أَنْتَ وَذُرِّيَّتَكَ مِنْ بَعْدِكَ جَمِيعَ أَرْضِ كَنْعَانَ، الَّتِي نَزَلْتَ فِيهَا غَرِيباً، مُلْكاً أَبَدِيّاً. وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً) [تكوين 17/8]. ثم اقرأ الآن ما جاء في (تكوين 14/13).

    عبد المسيح : (وَجَاءَ أَحَدُ النَّاجِينَ إِلَى أَبْرَامَ الْعِبْرَانِيِّ الَّذِي كَانَ مَازَالَ مُقِيماً عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا أَخِي أَشْكُولَ وَعَانِرَ حُلَفَاءِ أَبْرَامَ وَأَبْلَغَهُ بِمَا جَرَى ) [تكوين 14/13].

    عبد الله : كيف إذن يقال أن إبراهيم يهودي بينما يؤكد الإنجيل أنه "عبراني"، وهي كلمة تشير إلى أولئك الذين "عبروا" نهر الفرات من الشرق إلى الغرب، واقرأ أيضا (تكوين 32/28) لترى كيف تغير اسم يعقوب إلى إسرائيل.

    عبد المسيح : (فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ إِسْرَائِيلَ (وَمَعْنَاهُ: يُجَاهِدُ مَعَ اللهِ)، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ») [تكوين 32/28].

    عبد الله : فإبراهيم إذن كان "عبرانيا"، أما ذرية يعقوب; أي إسرائيل; فهم "إسرائيليون" من أبنائه الإثناعشر تفرع منهم قبائل بني إسرائيل الإثناعشر; ومنهم قبيلة "يهوذا" أول من أطلق عليه لقب يهودي، الذي اقتصر بادئ الأمر على ذريته دون غيرهم من بني إسرائيل.

    والآن إذا أردت أن تعرف أيضا هل كان موسى عليه السلام يهوديا أم لا فاقرأ (خروج 6/16-20).

    عبد المسيح : (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ لاَوِي حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ: جِرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَقَدْ عَاشَ لاَوِي مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. أَمَّا ابْنَا جِرْشُونَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمَا فَهُمَا: لِبْنِي وَشِمْعِي. وَأَبْنَاءُ قَهَاتَ هُمْ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَقَدْ عَاشَ قَهَاتُ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. وَابْنَا مَرَارِي هُمَا مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ اللاَّوِيِّينَ بِحَسَبِ سِجِلِّ مَوَالِيدِهِمْ. وَتَزَوَّجَ عَمْرَامُ عَمَّتَهُ يُوكَابَدَ فَأَنْجَبَتْ لَهُ هَرُونَ وَمُوسَى. وَقَدْ عَاشَ عَمْرَامُ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً ) [خروج 6/ 16 -20].

    عبد الله : فموسى إذن بدوره لم يكن يهوديا إذ لم يكن من أحفاد يهوذا؛ بل كان "لاويًّا" من أحفاد "لاوي" ابن يعقوب، وموسى (اللاوي) عليه السلام هو الذي أرسله الله بشريعة التوراة إلى بني إسرائيل.

    عبد المسيح : وكيف عرفت كل هذه التفاصيل ?

    عبد الله : من القرآن الكريم، فالقرآن عندنا هو الفيصل والحَكَم الذي توزن به كافة النصوص والعقائد، وهو الذي يصحح ما أصابها بفعل البشر وأهواء البشر. والقرآن هو خاتم الكتب المنزلة من الله تعالى، وهو الكتاب الذي سَلِمَ من كل تغيير وتحريف، وقد تكفل الله بحفظه في سورة البقرة: ) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (، وفي سورة الحجر: ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (. وفي هذه الآية الأخيرة تحد معجز للبشرية جمعاء، وبرهان ساطع على صدق رسالة الإسلام، فلقد مضى أربعة عشر قرنا من الزمان وما تغيرت في القرآن كلمة وما تبدل فيه حرف، رغم سعي الكافرين وكيدهم لتحريفه وإخفاء معالمه، لقد صدق الله في قوله: ) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (؛ فقد حفظه كما وعد إلى يوم الدين.

    وعلى النقيض من ذلك تعرضت كل الكتب السماوية السابقة: توراة موسى، ومزامير داود، وإنجيل عيسى: إلى الإخفاء، والحذف والإضافة، والتعديل والتبديل، وإدخال الأسفار تلو الأسفار من أقوال البشر إليها.

    عبد المسيح : ماذا إذن يقول القرآن في أمر إبراهيم وموسى وصلتهما باليهودية ?

    عبد الله : جاء في سورة آل عمران :

    ) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلاّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ( (آل عمران /65) ، وكذلك:

    ) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( (آل عمران/67).

    كما جاء في سورة البقرة :

    ) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( (البقرة /140).

    عبد المسيح : ولكن لفظ "الله" لفظ عربي غريب على إبراهيم وموسى وسائر الأنبياء قبلهم.

    عبد الله : لا يا صديقي، لقد عرفه كل الأنبياء ابتداء من آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام)، كلهم عرفوا الله باسمه. وهو في العربية مشتق من : "الإله" بحذف الهمزة "إ"، ليصبح اسما علما على الإله الواحد الذي ليس كمثله شيء، وهو الذي ينطق بالعبرية: "إلُوها"، وإن كان اليهود يستعملون أيضا صيغة الجمع: "إلُوهيم" التي تنافي التوحيد، كما أنها بالأرامية: "ألاها" كما نطق بها عيسى عليه السلام.

    ومن هنا تعلم أن لفظ الجلالة، وإن كان غريبا علي آذان غير المسلمين من غير العرب، هو نفس الاسم الذي دعا لعبادته كافة الأنبياء وهم يدعون الناس لنفس العقيدة: الإسلام.

    ألا ترى أن هذا الاسم الأعظم "الله" هو الاسم اللائق بالتوحيد: التوحيد الذي لا شائبة فيه، فهو اسم لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث، بينما تنحرف الأهواء بأسماء أخرى له تعالى، فيقال : ربة وأرباب وإلهة وآلهة، فاسم "الله" هو اسم التوحيد، للخالق الأحد الذي أرسل لعبادته وطاعته كل الأنبياء.

    ليس هذا فحسب بل إن الكثير من شعائر وآداب الإسلام التي تبدو غريبة على غير المسلمين قد تضمنتها تعاليم كل الأنبياء، فالوضوء للص--لاة كان معروفا في بداية اليهودية كما جاء في العهد القديم :

    (لِيَغْسِلَ مُوسَى وَهَرُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ بِمَائِهِ. فَيَغْتَسِلُونَ كُلَّمَا دَخَلُوا إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَوِ اقْتَرَبُوا إِلَى الْمَذْبَحِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى) [الخروج 40/31- 32].

    وجاء في العهد الجديد : وَهَكَذَا كَانَ. فَفِي الْيَوْمِ التَّالِي أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ الأَرْبَعَةَ؛ وَبَعْدَمَا تَطَهَّرَ مَعَهُمْ، دَخَلَ الْهَيْكَلَ لِكَيْ يُسَجِّلَ التَّارِيخَ الَّذِي يَنْتَهِي فِيهِ أُسْبُوعُ التَّطَهُّرِ، حَتَّى تُقَدَّمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ التَّقْدِمَةُ الْوَاجِبَةُ ) [أعمال الرسل 21/26].

    فأنت ترى في النص الأخير حرص بولس علي التطهر (رغم ما أحدثه في تعاليم المسيح من تغيير، كما سيتبين فيما بعد).

    كما قد تعلم أن من شروط صلاة المرأة المسلمة أن تغطي رأسها، فقارن ذلك بما جاء في (كورنثوس 11/ 5، 6، 13) : (وَكُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ، وَلَيْسَ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ، تَجْلِبُ الْعَارَ عَلَى رَأْسِهَا، لأَنَّ كَشْفَ الْغِطَاءِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ تَمَاماً. فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ لاَ تُغَطِّي رَأْسَهَا، فَلْيُقَصَّ شَعْرُهَا! وَلَكِنْ، مَادَامَ مِنَ الْعَارِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ يُقَصَّ شَعْرُهَا أَوْ يُحْلَقَ، فَلْتُغَطِّ رَأْسَهَا …فَاحْكُمُوا إِذَنْ بِأَنْفُسِكُمْ: أَمِنَ اللاَّئِقِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ إِلَى اللهِ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ؟) [كورنثوس الأولى 11/5، 6، 13] .

    كذلك نحن نخلع نعالنا حين نصلي، وصلاتنا قيام وركوع وسجود ، تماما كما فعل كل الأنبياء قبل الإسلام، فاقرأ مثلا :

    (هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا) [مزمور 95/6] ، و : (فَأَكَبَّ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ سَاجِداً) [يوشع 5/14] ، و : (وَأَمَّا إِيلِيَّا فَارْتَقَى إِلَى قِمَّةِ جَبَلِ الْكَرْمَلِ وَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ وَخَبَّأَ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ) [الملوك الأول 18/42] ، و : (فافترق فَافْتَرَقَ مُوسَى وَهَرُونُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدِمَا إِلَى مَدْخَلِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ حَيْثُ انْطَرَحَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا، فَتَرَاءَى لَهُمَا مَجْدُ الرَّبِّ) [العدد 20/6] ، ثم : (فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ، فَخَاطَبَهُ اللهُ قَائِلاً) [التكوين 17/3]،

    (َقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هُنَا: اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ») [الخروج 3/5]، و : (فقال له الرب: اخلع نعليك لأن المكان الذي تقف عليه هو أرض مقدسة!) [الأعمال 7/33].

    وليس هذا فحسب بل قد ينعقد لسانك من الدهشة إذا تبين لك أن الحج في الإسلام بما فيه من طواف ببيت الله الحرام كان من شعائر الأنبياء، بما فيهم أنبياء بني إسرائيل.

    عبد المسيح : كيف كان ذلك? ولم أجد أبدا أي إشارة إلى الحج أو الكعبة في الكتاب المقدس !

    عبد الله : جاء ذلك في مواضع كثيرة ربما لم تلفت انتباهك. اقرأ مثلا :

    1- (ثُمَّ بَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ، وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي تَوَسَّدَهُ وَنَصَبَهُ عَمُوداً وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتاً، وَدَعَا الْمَكَانَ «بَيْتَ إِيلَ» (وَمَعْنَاهُ: بَيْتُ اللهِ) ) [تكوين 28/ 18 -19].

    2- (ثُمَّ قَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «اصْعَدْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَاسْكُنْ هُنَاكَ، وَشَيِّدْ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ عِنْدَمَا كُنْتَ هَارِباً مِنْ أَمَامِ أَخِيكَ عِيسُو». فَأَمَرَ يَعْقُوبُ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَكُلَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ: «تَخَلَّصُوا مِنَ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي بَيْنَكُمْ، وَتَطَهَّرُوا وَأَبْدِلُوا ثِيَابَكُمْ، ثُمَّ تَعَالَوْا لِنَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ لأُشَيِّدَ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي اسْتَجَابَ لِي فِي يَوْمِ ضِيقَتِي، وَرَافَقَنِي فِي الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُهَا». فَسَلَّمُوا يَعْقُوبَ كُلَّ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي كَانَتْ لَدَيْهِمْ وَالأَقْرَاطَ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ، فَطَمَرَهَا يَعْقُوبُ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي فِي شَكِيمَ) [تكوين 35/ 1-4].

    وتلحظ هنا أن ما فعله يعقوب عليه السلام من إزالة كل المعبودات المنكرة هو نفس ما قام به محمد صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت الحرام فاتحا فحطم الأصنام وأخرج الصور من جوف الكعبة.

    3- وذِكْر آخر للبيت الحرام وبنائه جاء في سفر التكوين: (فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَنَصَبَهُ عَمُوداً، وَقَالَ لأَقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً». فَأَخَذُوا الْحِجَارَةَ وَجَعَلُوهَا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ فَوْقَهَا. وَدَعَاهَا لاَبَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ لاَبَانَ) وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ يَعْقُوبَ). وَقَالَ لاَبَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ شَاهِدَةٌ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا جَلْعِيدَ. وَكَذَلِكَ دُعِيَتْ بِالْمِصْفَاةِ أَيْضاً لأَنَّهُ قَالَ: «لِيَكُنِ الرَّبُّ رَقِيباً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَ يَغِيبُ كُلٌّ مِنَّا عَنِ الآخَرِ) [تكوين 31/45-49].

    4- (فَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى يَفْتَاحَ، فَاجْتَازَ أَرَاضِي جِلْعَادَ وَمَنَسَّى وَمِصْفَاةَ جِلْعَادَ، وَمِنْهَا تَقَدَّمَ نَحْوَ بَنِي عَمُّونَ. وَنَذَرَ يَفْتَاحُ نَذْراً لِلرَّبِّ وَقَالَ: «إِنْ نَصَرْتَنِي عَلَى بَنِي عَمُّونَ فَإِنَّنِي عِنْدَ رُجُوعِي سَالِماً مِنْ مُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً: أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِي لِلِقَائِي». ثُمَّ تَقَدَّمَ يَفْتَاحُ لِمُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ، فَأَظْفَرَهُ الرَّبُّ بِهِمْ، وَهَزَمَهُمْ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً مِنْ عَرُوعِيرَ حَتَّى مِنِّيتَ عَلَى امْتِدَادِ عِشْرِينَ مَدِينَةً إِلَى آبَلِ الْكُرُومِ. وَهَكَذَا أَخْضَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْعَمُّونِيِّينَ. ثُمَّ رَجَعَ يَفْتَاحُ إِلَى بَيْتِهِ فِي الْمِصْفَاةِ)ٍ [القضاة 11/ 39 - 29 ].

    5- (وَتَأَلَّبَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعُهُمْ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ قَادِمِينَ مِنْ دَانَ فِي الشِّمَالِ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ فِي الْجَنُوبِ، وَمِنْ أَرْضِ جِلْعَادَ أَيْضاً، وَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْمِصْفَاة) [القضاة 20/ 1 ] .

    6- (وَأَقْسَمَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ أَلاَّ يُزَوِّجَ أَحَدٌ مِنْهُمُ ابْنَتَهُ لأَيِّ رَجُلٍ مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ. فَاجتَمَعُوا فِي بَيْتِ إِيلَ وَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ بَاكِينَ بِمَرَارَةٍ حَتَّى الْمَسَاءِ) [القضاة 21/ 1-2].

    7- (فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «ادْعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ لِلاجْتِمَاعِ فِي الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ) [صموئيل الأول 7/5].

    8- (تَابُورَ، فَيَلْتَقِيَكَ هُنَاكَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ لِيُقَدِّمُوا قُرْبَاناً لِلهِ) [صموئيل الأول 10/3].

    ولعله يتضح لك الآن أن ليس ثمة مكان على وجه الأرض يصح أن يكون هو المقصود "ببيت إيل" أو "المصفاة"، سوى مكة المكرمة التي أقامها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وفيها نشأ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، الذي نؤمن بكل ما جاء به ونتبعه، كما نؤمن بكل الأنبياء والمرسلين من قبله.

    ولعلي قد أطلت عليك بعض الشيء في أمر سيدنا إبراهيم وصلة الأنبياء كلهم ببعض وبالرسالة الواحدة: الإسلام، وربما يهمك أن تعرف المزيد عن الإسلام والمسلمين، وعن بشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما جاءت في كتابكم المقدس، وغير ذلك من الأمور، هذا إن كنت حقا تواقا للبحث والمعرفة والتماس الحق أينما كان?

    عبد المسيح : إني حقا مشوق لأن أسمع منك رغم إيماني الراسخ بعقيدتي لأني طالما جذب انتباهي كتابات لمفكرين مسلمين أثارت في ذهني العديد من التساؤلات.

    عبد الله : وهل دعاك ذلك إلى مراجعة بعض المفاهيم والأفكار المسبقة ?

    عبد المسيح : إلى حد ما، وقد أصبحت مشوقا لمعرفة المزيد عن الإسلام، وأحرص على الاطلاع على كل ما يقع في يدي من كتب، ثم طرح تساؤلاتي على أصدقائي من المسلمين دون أن يشفي ذلك غليلي بعد. وكل مرادي الآن أن أجد الإجابة التي يقنع بها عقلي وتهدأ نفسي، إجابة أساسها المنطق السليم والحقائق الواضحة لا التعصب والتقليد.

    عبد الله : أصبت يا صديقي، وإني لأقدر صدق موقفك، ولكنا كمسلمين لا ينبغي لنا أن ندفع أحدا إلى تغيير أفكاره، وإنما نعرض ما نعرف من الحق على من يريد أن يصغي إلينا فحسب.

    عبد المسيح : ولكني حر في نهاية الأمر في الوصول إلى ما يقنعني من أفكار?

    عبد الله : طبعا يا صديقي لأنه: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِِ".

    عبد المسيح : لماذا إذن ينشط المسلمون في دعوة غيرهم إلى الإسلام?

    عبد الله : هذا أمر طبيعي، فكما دعا المسيحيون اليهود إلى الاعتراف بأن عيسى هو المسيح المذكور في كتبهم فإننا ندعو المسيحيين واليهود والبشرية جمعاء للإيمان بمحمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد أمرنا صلي الله عليه وسلم بمهمة إبلاغ دعوته لكل الناس فقال: " بَلِّغُوا عني ولو آية" (أي : آية واحدة من القرآن).

    كما جاء في (سفر أشعياء 21/13) ذكر "نبوءة من بلاد العرب"، وهو القرآن الذي أصبح أمانة في عنق كل مسلم عربي أو غير عربي نشره والدعوة إليه. وقد جاء ذكر الوحي كذلك في سفر أشعياء بعدما رأى رؤيا "راكبي الحمير وراكبي الجمال" :

    (وَعِنْدَمَا يُشَاهِدُ رَاكِبِينَ فُرْسَاناً أَزْوَاجاً أَزْوَاجاً، أَوْ رَاكِبِينَ عَلَى حَمِيرٍ، وَرَاكِبِينَ عَلَى جِمَالٍ، فَلْيُصْغِ إِصْغَاءً شَدِيداً ) [أشعياء 27/7].

    وربما كانت الأولى إشارة إلى دخول المسيح إلى القدس، واقرأ:

    (وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشاً فَرَكِبَ عَلَيْهِ، كَمَا قَدْ كُتِبَ) [يوحنا 12/14]، و: (بَشِّرُوا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ: هَا هُوَ مَلِكُكِ قَادِمٌ إِلَيْكِ وَدِيعاً يَرْكَبُ عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ !») [متى 21/5].
    فإلام إذن كانت الإشارة إلى الجمال? ، إن أول ما يتبادر إلي الذهن هو مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد المسيح بأكثر من ستمائة سنة، وإذا لم نأخذ بهذه الإشارة الواضحة فإننا نكون قد نقضنا نبوءة أشعياء.

    عبد المسيح : إن تفسيرك هذا لنبوءة أشعياء يحفزني إلى مراجعة الكتاب المقدس وقراءته بعناية بالغة، ثم أواصل الحوار معك.

    عبد الله : وإني لأرحب بذلك، فأمور العقيدة هي أهم ما يشغل الإنسان لأنها ترتبط بالمصير الذي ما بعده مصير، وكل ما نحققه وننعم في هذه الحياة إنما هو إلى زوال، والدار الآخرة هي دار الخلود، والناس في هذه الأيام قد ألهتهم المادة وزخرف الحياة، فتعال ياصديقي لنعاود البحث والنقاش فيما نتفق فيه أونختلف، فنحن نعرف الله بعقولنا، ونؤمن بالإسلام بالدليل والبرهان، بل إن في كتابكم أيضا دعوة إلى إعمال العقل : (امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ وَتَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ) [تسالونيكي الأولى 5/21].

    عبد المسيح : لقد ذكرت منذ قليل عبارة "راكبي الجمال" في سفر أشعياء، واستنتجت أنها إشارة إلى محمد، فهل جاء ذكر لمحمد بعينه في الكتاب المقدس ?

    عبد الله : نعم ، كما سترى.

    عبد المسيح : في العهد القديم أم العهد الجديد?

    عبد الله : في كليهما معا، ولعله من الأوفق أن نبدأ حوارنا بقضية التوحيد; وما يتعلق بها من أطروحات كالتثليث والطبيعة الإلهية للمسيح وبنوته لله والخطيئة الأولي والفداء; وكلها أطروحات لم يأت بها المسيح بل حذر منها :

    (إِنَّمَا بَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلاَّ وَصَايَا النَّاسِ. (متى 15/9).
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    المشاركات
    14,298
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-06-2019
    على الساعة
    06:45 PM

    افتراضي

    رائع

    جزاك الله خيراً
    إن كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس رسول الله لمدة 23 عاماً .. فلماذا لم يعاقبه معبود الكنيسة ؟
    .
    والنَّبيُّ (الكاذب) والكاهنُ وكُلُّ مَنْ يقولُ: هذا وَحيُ الرّبِّ، أُعاقِبُهُ هوَ وأهلُ بَيتِهِ *
    وأُلْحِقُ بِكُم عارًا أبديُا وخزْيًا دائِمًا لن يُنْسى
    (ارميا 23:-40-34)
    وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ(تث 18:20)
    .
    .
    الموسوعة المسيحية العربية *** من كتب هذه الأسفار *** موسوعة رد الشبهات ***

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    2,651
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    02-09-2020
    على الساعة
    11:46 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اقتباس
    - وذِكْر آخر للبيت الحرام وبنائه جاء في سفر التكوين: (فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَنَصَبَهُ عَمُوداً، وَقَالَ لأَقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً». فَأَخَذُوا الْحِجَارَةَ وَجَعَلُوهَا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ فَوْقَهَا. وَدَعَاهَا لاَبَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ لاَبَانَ) وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ يَعْقُوبَ). وَقَالَ لاَبَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ شَاهِدَةٌ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا جَلْعِيدَ. وَكَذَلِكَ دُعِيَتْ بِالْمِصْفَاةِ أَيْضاً لأَنَّهُ قَالَ: «لِيَكُنِ الرَّبُّ رَقِيباً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَ يَغِيبُ كُلٌّ مِنَّا عَنِ الآخَرِ) [تكوين 31/45-49].
    ولكن الذي بنى الكعبة والمسجد الحرام هو ابراهيم عليه السلام وابنه اسماعيل عليه السلام. يقول تعالى:
    وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (127) البقرة

    فهل يستشف من العدد المذكور في سفر التكوين ان من بنى الكعبة هو يعقوب؟؟ بالطبع لن يكون ذلك صحيحا
    سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ

    ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ

    وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,554
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي

    أستاذى الفاضل السيف البتار و أخى الحبيب السوهاجى
    شرفنى مروركما
    أخى الحبيب أبو على ...أصبت و فهمت ما أريده
    أنا لا أعرض الكتاب تسليما بصحة كل ما فيه
    بل لمناقشته و سد ما به من ثغرات ليصبح صالحا تماما بالفعل لإقامة الحجة على النصارى
    لو لم تقل ما قلته فى مشاركتك لقلته أنا
    سبقتنى بها
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    2,651
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    02-09-2020
    على الساعة
    11:46 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اقتباس
    أخى الحبيب أبو على ...أصبت و فهمت ما أريده
    أنا لا أعرض الكتاب تسليما بصحة كل ما فيه
    بل لمناقشته و سد ما به من ثغرات ليصبح صالحا تماما بالفعل لإقامة الحجة على النصارى
    لو لم تقل ما قلته فى مشاركتك لقلته أنا
    سبقتنى بها
    جزاكم الله خيرا اخي الحبيب
    اعلم ان نقطة كهذه لا تمر على استاذ بعلمك مرور الكرام
    سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ

    ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ

    وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو علي الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم



    جزاكم الله خيرا اخي الحبيب
    اعلم ان نقطة كهذه لا تمر على استاذ بعلمك مرور الكرام
    حياك الله يا أبا على
    أكرمك الله
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي 2- كلام الله أم كلام البشر ?

    عبد الله : أترى حقا أن كل كلمة في الكتاب المقدس من أوله إلى آخره سواء في أسفار العهد القديم أو أسفار العهد الجديد هي من عند الله ?

    عبد المسيح : قطعا, إني أوقن أنه كله كلام الله.

    عبد الله : إذا كان الأمر كذلك فاقرأ معي ما يقوله لوقا بهذا الصدد في إنجيله (لوقا 1/ 2-3).

    عبد المسيح : (لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ، ثُمَّ صَارُوا خُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً، بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً، أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً يَا صَاحِبَ السُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسَ لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلاَمِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ) [لوقا 1 / 2- 3].

    عبد الله : إذا كان لوقا نفسه يقر بأنه لم يعاين بنفسه ما يسرده في إنجيله, بل استقاه ممن سبقوه وعايشوا الأحداث بأنفسهم, وهم جميعا بشر, فكيف يكون إنجيله من عند الله?

    عبد المسيح : ربما كان هذا الجزء وحده من كلام البشر.

    عبد الله : ولكن التاريخ يثبت أن الكتاب المقدس قد أجريت عليه العديد والعديد من التصحيحات والتعديلات عبر القرون, وأقربها ما جرى للطبعات الإنجليزية الحديثة كالنسخة المعتمدة المراجعة لسنة 1952 ثم 1971, وكذلك النسخة الأمريكية الجديدة المعتمدة, والترجمة العالمية المعتمدة. فكلها قد حذفت منها العديد من العبارات التي كانت لقرون طويلة جزءا من الكتاب المقدس في الطبعة القديمة (طبعة الملك جيمس). كما أن مؤسسة ريدرز دايجست قامت بمراجعة مستقلة حذفت فيها قرابة نصف العهد القديم وقرابة ربع العهد الجديد. وأعود لأتساءل هل يجوز أن يكون ثمة خطأ في كتاب من عند الله?

    عبد المسيح : بالطبع لا, ولكن أي نوع من الأخطاء تقصد?

    عبد الله : هب أن آية في الكتاب تروي أن شخصا ما قد مات في سن الخمسين ثم تأتي آية أخرى لتؤكد أن نفس الشخص قد مات في سن الستين, أتكون الآيتان حقا من عند الله ?

    عبد المسيح : يقينا لا , فأحد الروايتين أو كلاهما خاطئة ولا يجوز ذلك على الله.

    عبد الله : كذلك إذا كان ثمة تناقض بين عبارتين في نفس الكتاب هل يجوز أن يكون ذلك الكتاب من عند الله ?

    عبد المسيح : بالطبع لا أيضا ; فالكلام الموحى به من الله لا يجوز أن يقع به أي خطأ أو تناقض.

    عبد الله : وإلا كان من عند غير الله ?

    عبد المسيح : تماما.

    عبد الله : ولا نستطيع أن نصدق كل ما جاء به دون تمحيص ? ودعني أسألك إن كان ثمة أخطاء فمن أين جاءت ?

    عبد المسيح : ربما كانت خطأ في التدوين, أو تغيير مقصود من الكتبة بالحذف أو الإضافة !

    عبد الله : سأثبت لك الآن أن ثمة تناقضات صريحة في الكتاب المقدس, لعلك تعيد النظر في كونه كلام الله أم لا.

    عبد المسيح : مازلت أعتقد أن الكتاب المقدس كلام الله, ويستحيل أن يكون به أي تناقض.

    عبد الله : مهلا , تحقق أولا من هذه الأمثلة التي سأذكرها لك لتناقضات صريحة وردت به.

    عبد المسيح : أين ? في العهد القديم أم في العهد الجديد ?

    عبد الله : في كليهما معا, وإليك بعضا منها :

    1- ألف وسبعمائة أم سبعة آلاف فارس:

    (وَأَسَرَ مِنْ جَيْشِهِ أَلْفاً وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَعَرْقَبَ دَاوُدُ كُلَّ خُيُولِ الْمَرْكَبَاتِ بِاسْتِثْنَاءِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ) [صموئيل الثاني 8/4].

    (وَاسْتَوْلَى دَاوُدُ عَلَى أَلْفِ مَرْكَبَةٍ مِنْ مَرْكَبَاتِهِ، وَأَسَرَ سَبْعَةَ آلافِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَعَرْقَبَ دَاوُدُ كُلَّ خَيْلِ الْمَرْكَبَاتِ) [الأيام الأول 18/4].

    2- تُوعِي أَمْ تُوعو? يُورام أَمْ هَدُورام?

    (وَلَمَّا عَلِمَ تُوعِي مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ قَضَى عَلَى جَيْشِ هَدَدَ عَزَرَ، بَعَثَ ابْنَهُ يُورَامَ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ يَسْتَفْسِرُ عَنْ سَلاَمَتِهِ، وَيُهَنِّئُهُ عَلَى انْتِصَارِهِ عَلَى هَدَدَ عَزَرَ، لأَنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَ يَشُنُّ حُرُوباً عَلَى تُوعِي، وَحَمَّلَهُ هَدَايَا مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ) [صموئيل الثاني 8/ 9 -10].

    (وَعِنْدَمَا عَلِمَ تُوعُو مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ دَحَرَ جَيْشَ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، أَرْسَلَ هَدُورَامَ ابْنَهُ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ مُحَمَّلاً بِهَدَايَا مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ، لِيُهَنِّئَهُ وَيُبَارِكَهُ، لأَنَّهُ هَزَمَ هَدَدَ عَزَرَ، إذْ إِنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَ دَائِماً يَشُنُّ عَلَيْهِ حُرُوباً. (1أيام 18/9-10).

    3- 700 مركبة أم 7000 ? ، و 40.000 : فارس أم من المشاة?

    (وما وَمَا لَبِثَ الأَرَامِيُّونَ أَنِ انْدَحَرُوا أَمَامَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، فَقَتَلَتْ قُوَّاتُ دَاوُدَ رِجَالَ سَبْعِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ فَارِسٍ. وَأُصِيبَ شُوبَكُ رَئِيسُ الْجَيْشِ وَمَاتَ هُنَاكَ. وَقَتَلَ دَاوُدُ سَبْعَةَ آلافٍ مِنْ قَادَةِ الْمَرْكَبَاتِ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُشَاةِ، كَمَا قَتَلَ شُوبَكَ رَئِيسَ الْجَيْشِ)

    [صموئيل الثاني 10/18]

    (وقتل داود سبعة آلاف من قادة المركبات, وأربعين ألفا من المشاة, كما قََتل شُوبَك رئيس الجيش) [الأيام الأول 19/18].

    4- يُوشَيْب أَمْ يَشُبْعام ? ثمانمائة أم ثلاثمائة ?

    (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالِ دَاوُدَ الأَبْطَالِ: يُوشَيْبُ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ، وَكَانَ قَائِدَ الثَّلاَثَةِ، هَاجَمَ بِرُمْحِهِ ثَمَانِي مِئَةٍ وَقَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً) [صموئيل الثاني 23/8].

    (وَهَؤُلاَءِ هُمْ أَبْطَالُ دَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي، رَئِيسُ الأَبْطَالِ الثَّلاَثَةِ، هَاجَمَ بِرُمْحِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَقَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً [الأيام الأول 11/11].

    5- الرب أم الشيطان ?

    (ثُمَّ عَادَ فَاحْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَأَثَارَ دَاوُدَ عَلَيْهِمْ قَائِلاً: «هَيَّا قُمْ بِإِحْصَاءِ إِسْرَائِيلَ وَيهُوذَا») [صموئيل الثاني 24/1].

    (وَتَآمَرَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، فَأَغْرَى دَاوُدَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ) [الأيام الأول 21/1].

    6- هل أنجبت ميكال أم لا ?

    (وَلَمْ تُنْجِبْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ وَلَداً إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا( [صموئيل الثاني 6/23].

    (فَأَخَذَ الْمَلِكُ، أَرْمُونِيَ وَمَفِبيُوشَثَ ابْنَيْ رِصْفَةَ ابْنَةِ أَيَّةَ اللَّذَيْنِ وَلَدَتْهُمَا لِشَاوُلَ، وَأَبْنَاءَ مِيكَالَ ابْنَةِ شَاوُلَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ أَنْجَبَتْهُمْ لِعَدْرِيئِيلَ ابْنِ بَرْزِلاَيَ الْمَحُولِيِّ [صموئيل الثاني 21/8].


    عبد المسيح : كيف اكتشفت ذلك ? لم ألحظ أبدا مثل هذه الاختلافات. هل ثمة المزيد ?

    عبد الله : ألا تكفي هذه الأمثلة لإعادة النظر في نسبة هذا الكلام إلى الله تعالى ? حسنا, اقرأ أيضا ما جاء في سفر التكوين :

    ) فَقَالَ الرَّبُّ: «لَنْ يَمْكُثَ رُوحِي مُجَاهِداً فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ. هُوَ بَشَرِيٌّ زَائِغٌ، لِذَلِكَ لَنْ تَطُولَ أَيَّامُهُ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَطْ»( [ تكوين 6/3].

    ولكن يا صديقي كم عاش نوح ? لقد عاش نوح أكثر من مائة وعشرين عاما, واقرأ الآن
    (تكوين 9/29).

    عبد المسيح : (ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ تِسْعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً) [تكوين 9/29].

    عبد الله : يعتقد المسيحيون أن الله خلق آدم على صورته, طبقا لما جاء في سفر التكوين (1/26) :
    (ثُمَّ قَالَ اللهُ : «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا، فَيَتَسَلَّطَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ زَاحِفٍ يَزْحَفُ عَلَيْهَا». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ) [تكوين 1/ 26-27].

    ولكن ذلك يتناقض مع ما جاء في سفر أشعياء :

    (بمن بِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ وَبِمَنْ تُقَارِنُونَهُ؟ …فَبِمَنْ إِذاً تُقَارِنُونَنِي فَأَكُونَ نَظِيرَهُ؟ يَقُولُ الْقُدُّوسُ [إشعياء 40/ 18، 25].

    وكذلك ما جاء في المزامير :

    (انه من في السماء يعادل الرب.من يشبه الرب بين أبناء الله
    [مزمور 89/6].

    ومثله ما في أرميا (10/ 6-7) :

    (. أَنْتَ لاَ نَظِيرَ لَكَ يَا رَبُّ. عَظِيمٌ أَنْتَ، وَاسْمُكَ عَظِيمٌ فِي الْجَبَرُوتِ. مَنْ لاَ يَتَّقِيكَ يَا مَلِكَ الأُمَمِ؟ فَالْخَوْفُ مِنْكَ يَلِيقُ بِكَ، إِذْ لاَ يُوْجَدُ بَيْنَ حُكَمَاءِ الشُّعُوبِ وَفِي جَمِيعِ مَمَالِكِهِمْ مَنْ هُوَ نَظِيرُكَ.
    [أرمياء 10/6-7].

    عبد المسيح : ولكن كل ما ذكرته من العهد القديم فحسب ?

    عبد الله : حسنا إليك أمثلة من العهد الجديد, قارن مثلا :

    (وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لِي. وَأَنْتُمْ لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ رَأَيْتُمْ هَيْئَتَه) [يوحنا 5/37] , مع عبارة : (فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ وَأَنَا مَعَكُمْ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَافِيلِبُّسُ؟ الَّذِي رَآنِي رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ: أَرِنَا الآبَ) [يوحنا 14/9] !!!

    ثم قارن : (لَوْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي، لَكَانَتْ شَهَادَتِي غَيْرَ صَادِقَةٍ) [يوحنا 5/31], مع : (فَأَجَابَ: «مَعَ أَنِّي أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَإِنَّ شَهَادَتِي صَحِيحَةٌ، لأَنَّنِي أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ؛ أَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَعْرِفُونَ لاَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ) [يوحنا 8/14].

    وأكتفي مؤقتا بهذين المثالين المتناقضين في العهد الجديد, حتى نتعرض للمزيد منها عندما نناقش المفاهيم التي طرأت على المسيحية بمضي الزمن, مثل التثليث وتأليه المسيح وبنوته لله والخطيئة الأولى والفداء, إلى جانب ما ورد في النصوص من تعريض بالأنبياء وتشويه صورتهم ونسبة أمور إليهم لا تصح ولا تليق بهم: كعبادة آلهة غير الله, والاغتصاب وزنا المحارم والسِّفاح.

    عبد المسيح : أين قرأت ذلك?

    عبد الله : ألم يَرْوِ سفر التكوين (9/ 23-24) أن نوحا شرب الخمر حتى ثمل وتجرد عاريا من ملابسه أمام أبنائه ? :

    (فَشَاهَدَ حَامٌ أَبُو الْكَنْعَانِيِّينَ عُرْيَ أَبِيهِ، فَخَرَجَ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَا خَارِجاً. فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ رِدَاءً وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا الْقَهْقَرَى إِلَى دَاخِلِ الْخَيْمَةِ، وَسَتَرَا عُرْيَ أَبِيهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَدِيرَا بِوَجْهَيْهِمَا نَحْوَهُ فَيُبْصِرَا عُرْيَهُ. وَعِنْدَمَا أَفَاقَ نُوحٌ مِنْ سُكْرِهِ وَعَلِمَ مَا فَعَلَهُ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ...)[تكوين 9/ 23-24].

    أما سليمان فقد نسب إليه عبادة غير الله :

    (فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ ضَلَّ عَنْهُ، مَعَ أَنَّهُ تَجَلَّى لَهُ مَرَّتَيْنِ، وَنَهَاهُ عَنِ الْغَوَايَةِ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَلَمْ يُطِعْ وَصِيَّتَهُ) [ملوك أول : 11/ 9-10].

    وكذلك اتهم النبي هارون, الذي جعله الله مؤازرا لأخيه موسى في دعوة فرعون وقومه, بأنه هو الذي صنع العجل الذهبي ليعبده بنو إسرائيل :

    (.فَأَخَذَهَا مِنْهُمْ وَصَهَرَهَا وَصَاغَ عِجْلاً. عِنْدَئِذٍ قَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ». وَعِنْدَمَا شَاهَدَ هَرُونُ ذَلِكَ شَيَّدَ مَذْبَحاً أَمَامَ الْعِجْلِ وَأَعْلَنَ: «غَداً هُوَ عِيدٌ لِلرَّبِّ»)
    [خروج 32/ 4-5].

    ثم اقرأ رمي النبي لوط بارتكابه زنا المحارم مع ابنتيه :

    (وَهَكَذَا حَمَلَتْ الابْنَتَانِ كِلْتَاهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا) [تكوين 19/36].

    واتهام النبي يعقوب بالجمع بين شقيقتين تزوجهما سويا, أما النبي داود فقد اتهم بالزنا :

    (فَبَعَثَ دَاوُدُ يَسْتَدْعِيهَا. فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ وَضَاجَعَهَا إِذْ كَانَتْ قَدْ تَطَهَّرَتْ مِنْ طَمْثِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. َحَمَلَتِ الْمَرْأَةُ فَأَرْسَلَتْ تُبَلِّغُ دَاوُدَ بِذَلِكَ ) [صموئيل الثاني 11/ 4-5].

    ويلح على سؤال : كيف يبقى داود عليه السلام بعد كل ما نسب إليه على رأس سلسلة نسب المسيح عليه السلام في إنجيلي متى ولوقا ? حاشا لله, ألم يؤكد سفر التثنية على أن :
    (لاَ يَدْخُلِ ابْنُ زِنًى وَلاَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ حَتَّى الْجِيلِ الْعَاشِرِ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ ) [تثنية 23/2].

    وإذا مضينا في أمثلة تشويه صورة النبوة لوجدنا روايات عن : زنا المحارم بالإكراه كما جاء في (صموئيل الثاني 13/14) :

    (وَمَا إِنْ قَدَّمَتْهُ لَهُ حَتَّى أَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي
    يَا أُخْتِي… فَأَبَى أَنْ يَسْتَمِعَ لِتَوَسُّلاَتِهَا، بَلْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وَاغْتَصَبَهَا) [صموئيل الثاني 13/ 14].

    وعن اغتصاب بالجملة جهارا : (فَنَصَبُوا لأَبْشَالُومَ الْخَيْمَةَ عَلَى السَّطْحِ، وَدَخَلَ لِمُضَاجَعَةِ مَحْظِيَّاتِ أَبِيهِ عَلَى مَرْأَى جَمِيعِ الإِسْرَائِيلِيِّينَ ) [صموئيل الثاني 16/22].
    ولعمري لا أتصور أن إنسانا يجرؤ على ارتكاب مثل هذا العمل الأخير حتى بين أكثر الشعوب انحلالا.

    ومثال أخير لزنا المحارم تقرأه في سفر التكوين :

    (فَسَأَلَهَا: «أَيُّ رَهْنٍ أُعْطِيكِ؟» فَأَجَابَتْهُ: «خَاتَمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ». فَأَعْطَاهَا مَا طَلَبَتْ، وَعَاشَرَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ) [تكوين 38/18].

    تعليقي الأخير على هذه الروايات, التي لا تليق بمقام الأنبياء, هو أن أي مسلم مهما بلغ - ورغم ما بيننا وبين بني اسرائيل من عداء تاريخي - لا يتجاسر أن يكتب شيئا من هذا القبيل يمس أيا من أنبياء بني إسرائيل أو غيرهم (صلى الله عليهم وسلم) أو يتهمهم بأي من هذه التهم الشنيعة, فالله تعالى إنما بعث الأنبياء لهداية البشر, فهل يهتدي البشر بمن هم أحوج (طبقا لما ادُّعِيَ عليهم) للهداية والرشاد.

    عبد المسيح : لا أظن ذلك بداهة, ولكن ألم تذكر لي قبل ذلك أنك تؤمن بكل الأنبياء والمرسلين وما جاءوا به من عند الله ?

    عبد الله : نعم لا أنكر ذلك, إننا نؤمن بكل الكتب السماوية, ولكن: بنصها الأصلي الذي نزلت به; والذي اندثر أو تغير; ونعرف من هذه الكتب : صحف إبراهيم, وتوراة موسى, وزبور (مزامير) داود, وإنجيل المسيح, ثم شاء الله أن يختم الرسالات بالقرآن الكريم الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون هداية لكل الأمم في كل زمان ومكان, بينما بُعِثَ كل رسول قبله إلى أمة بعينها في عصر معين.

    وقد أكد المسيح نفسه أنه إنما أرسل إلى بني إسرائيل خاصة, كما جاء في إنجيل متى :
    ( لكِنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَجَاءَ تَلاَمِيذُهُ يُلِحُّونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «اقْضِ لَهَا حَاجَتَهَا. فَهِيَ تَصْرُخُ فِي إِثْرِنَا!» فَأَجَابَ: «مَا أُرْسِلْتُ إِلاَّ إِلَى الْخِرَافِ الضَّالَّةِ، إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ!) [متى 15/24].
    وكما تؤيده أيضا العبارة الآتية من إنجيل متى :
    (فَسَتَلِدُ ابْناً وأَنْتَ تُسَمِّيه يَسُوع, لأنَّهُ هُوَ الّذِي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ) [متى 1/21].

    بل إن المسيح قد أكد أيضا أنه لم يجئ لينقض ما سبقه من رسالات بل ليكمل :
    (لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأنبياء. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، لَنْ يَزُولَ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيْءٍ) [متى 5/ 17-18].

    عبد المسيح : ولكن يسوع قد قال طبقا لمرقس (16/15):

    (وَقَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ، وَبَشِّرُوا الْخَلِيقَةَ كُلَّهَا بِالإِنْجِيلِ») [مرقس 16/15].

    عبد الله : وذلك يتناقض مع ما أشرنا إليه تَوًّا من نصوص إنجيل متى (15/ 24) و (21/1), كما أذكرك أيضا أن كل ما جاء في الإصحاح السادس عشر من إنجيل مرقس ابتداء من الآية رقم 9 إلى 20 قد تم حذفه من الطبعات الحديثة, ففي الطبعة الأمريكية القياسية الجديدة وُضِع هذا الجزء بين أقواس مع تعليق: «إن بعضا من أقدم المخطوطات خالية من هذه الآيات», كما أن الترجمة العالمية الجديدة للكتاب المقدس التي تعتمدها جماعة شهود يهوه تقر بأن بعض المخطوطات العتيقة تضم تعليقا أو خاتمة بعد الآية 16/8 من إنجيل مرقس أو تخلو منها تماما, أما "النسخة المعتمدة المراجعة" فتعلق في نهاية الآية 8 بأن بعض المصادر القديمة ينتهي إنجيل مرقص بها عند هذه الآية, ويترتب علي ذلك أيضا أن سرد إنجيل مرقس لقصة القيامة في الآيات التالية (ابتداء من 16/9) لا يعتد به.

    عبد المسيح : ولكن يسوع قال في (متى 28/19) :

    (فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ)
    [متى 28/19].

    عبد الله : إن عبارة "جميع الأمم" إنما تعني جميع أسباط (قبائل) بني إسرائيل الإثناعشر, وإلا تناقضت مع ما جاء في (متى 15/24)
    و (متى 1/21) كما رأينا من قبل, ويتضح ذلك أيضا من الترجمة الأمريكية المعتمدة الجديدة والترجمة العالمية الجديدة الإنجليزيتين, حيث ترجمت العبارة هكذا "All the Nations" والتي تعني: الأمم المعينة (بني إسرائيل) وليس بعبارة "All nations"التي تعني: كل أمم العالم.

    لعلك ترى الآن صعوبة الاعتقاد أن هذه النصوص فعلا من عند الله?

    عبد المسيح : أحسب الآن أن الأمر يحتاج إلى إعادة تمحيص.

    عبد الله : وأنا على يقين أنك ستقتنع في النهاية بأن القرآن هو الكتاب الوحيد الباقي بنصه كما نزل من الله تعالى, وذلك عندما نستكمل مناقشة باقي القضايا التي نختلف عليها الآن.
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,306
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    12:53 AM

    افتراضي

    أظن أن التحفظ الوحيد هنا قد يكون على الاعتراض على
    (لنخلق الإنسان على صورتنا )
    فهى شبيهة بما جاء فى الحديث الصحيح
    خلق الله آدم على صورته
    و يفسرها البعض بأن المقصود صورة آدم و الآخرونبأن المقصود صورة الله
    و من قالوا أن المقصود صورة الله فقد فسروها بأن الله تعالى منح البشر من صفاته مثل السمع و البصر و العلم و لكن علمنا ليس كعلم الله و لا بصرنا كبصره سبحانه و تعالى فهو سبحانه ليس كمثله شئ
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. لم أنا مسلم يا غير مسجل؟لكل مسيحى
    بواسطة 3abd Arahman في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 125
    آخر مشاركة: 09-01-2015, 04:49 PM
  2. مسيحى يستضيف مسلم فى بيته
    بواسطة ابوالسعودمحمود في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 18-11-2012, 07:26 PM
  3. حوار جميل جداً بين شخصين واحد كان مسيحى وأسلم والتانى أسلم بعد كده على البالتوك
    بواسطة ابن عبد في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-05-2010, 04:17 PM
  4. تحاور مسلم مسيحى مهم
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-01-2006, 04:01 PM
  5. القبطى معناه مسلم أو مسيحى
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-11-2005, 06:47 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى

حوار بين مسلم و مسيحى ....نرحب بمشاركة أعزائنا النصارى