دعوى تعارض القرآن مع الحقائق الكونية أو حقائق العلم التجريبي :
من المطاعن على القرآن دعوى أنه يتعارض مع الحقائق الكونية أو حقائق العلم التجريبي الحديث ، وعليه فإن القرآن ليس من كلام الله تعالى ؛ لأن الله جل جلاله يعلم كل شيء ، وقد ذكر الطاعنون لهذا أمثلة سيأتي ذكرها .
بادئ ذي بدأ لابد من وضع بعض القواعد لهذه المسألة :
1- لابد أن تكون هذه المعلومات التجريبية وصلت مرحلة الحقيقة العلمية المستقرة المتفق عليها(820) ، فلا يجوز أن نجادل القرآن بنظريات تفسيرية لبعض ظواهر الكون ، أو أن القضية العلمية عبارة عن تجارب لم تصل إلى حد الحقيقة الثابتة القطعية ، مثل نظرية أن أصل الإنسان قرد ثم مر بمراحل حتى وصل إلى هذا المستوى(821) ، التي تتعارض مع كون ابتداء خلق الناس كان من آدم الذي خلقه الله تعالى مرة واحدة من غير تدرج .
2-لابد أن يكون هذا التناقض من كل وجه بحيث لا يحتمل حمل اللفظ على معنى آخر ، فإن دلالة القرآن الظنية المعنى مما يمكن حملها على عدة معان(822) ، ومن هذه المعاني معان لا تخالف العلم ، مثل دعوى أن الأرض تدور حول الشمس ، المناقض لقوله الله تعالى : ( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن . .( فنسب فعل الدوران للشمس ، وهذا غير صحيح ؛ فإن اللفظ ليس قاطعا في هذا المعنى ، بل إنه ابتدأ بقول : (وترى الشمس( أي أن هذا الأمر بالنسبة لرؤية الإنسان ، وسياق الآية كما هو ظاهر ليس مقصودا في إثبات دوران الأرض حول الشمس أو العكس ، فلا ينبغي تحميل النص ما لا يحتمل .
فإذا كانت المسألة في حقيقة علمية ثابتة ، وهى تعارض نصا قرآنيا من كل وجه ، فهنا تحصل المناقضة .
وكعادتنا نبدأ أولا بالردود الإجمالية ثم التفصيلية :
1-أن العلم والقرآن لا يمكن –عقلا- أن يتعارضا ؛ وذلك لأن مصدرهما واحد وغايتهما واحدة ، فمصدرها هو الله سبحانه وتعالى ، فالله هو الذي خلق هذا الكون وما فيه من معارف وعلوم ، وهو الذي شرع هذا الدين وما فيه من أخبار وأحكام ، وما كان من الله فإنه لا يتناقض ، (فالقرآن والكون - وهما مصدر الحقائق الدينية والعلمية - كلاهما من عند الله وصنعه ، أنزل القرآن بالحق كما خلق الكون بالحق ، فلا ينبغي للإنسان طلب الحق إلا فيهما ، ومن ثم لا يتصور تصادم الحق مع نفسه)(823) .
ويتفقان أيضا في الغاية والهدف ، وهو إسعاد البشرية وتذليل صعوبات الحياة ، فما اتفق في المصدر والغاية لا يمكن أن يتعارضا فيما بين ذلك ، فالعلم الصحيح لا يعارض القرآن ، بل هما أخوان متعاونان(824) .
2-إن المنصفين من أهل الملل الأخرى شهدوا بأن القرآن لا يتعارض مع العلم أبدا .
يقول إبراهيم خليل : ( يرتبط هذا النبي ( بإعجاز أبد الدهر بما يخبرنا به المسيح –عليه السلام- في قوله عنه : (ويخبركم بأمور آتية) . وهذا الإعجاز هو القرآن الكريم، معجزة الرسول الباقية ما بقي الزمان ، فالقرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كل مناحيه ؛ من طب وفلك وجغرافيا وجيولوجيا وقانون واجتماع وتاريخ… ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف . . )(825) ، وقال : (أعتقد يقينا أني لو كنت إنسانا وجوديا ، لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية ، وجاءني نفر من الناس ، وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه ؛ لآمنت برب العزة والجبروت ، خالق السماوات والأرض ولن أشرك به أحدا)(826) .
وقال بوتر : (عندما أكملت قراءة القرآن الكريم ، غمرني شعور بأن هذا هو الحق ، الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية ، نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة ، وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة )(827) .
وقال بوتر أيضا : (كيف استطاع محمد ( ، الرجل الأمي الذي نشأ في بيئة جاهلية ، أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم ، والتي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها ؟ لابد إذن أن يكون هذا الكلام هو كلام الله عز وجل )(828) .
وقال حتي : (إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره ، ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ، ولا يمكن أن يقلد ، وهذا في أساسه ، هو إعجاز القرآن . . فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى)(829) .
ولقد ألف الدكتور مراد هوفمان –سفير ألمانيا السابق بالرباط- كتاب (الإسلام كبديل)(830)، وفيه شهادات كثيرة على إعجاز القرآن وصدقه وصدق النبي ( وكمال التشريع .
ومن الذين تخصصوا في هذا المجال ، وكان من أشد الناس عداوة للقرآن والرسول( الدكتور موريس بوكاي ، وكان كلما جاءه مريض مسلم يحتاج إلى العلاج الجراحي ، فإنه إذا أتم علاجه يقول له : ماذا تقول في القرآن ، هل هو من الله أنزله على محمد أم من كلام محمد نسبه إلى الله افتراء عليه؟ فإذا أجاب المريض بأنه من الله ، وأن محمدا ( صادق ، قال : أنا أعتقد أنه ليس من الله وأن محمدا ليس بصادق . وبقي على ذلك زمانا حتى جاءه الملك فيصل بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية الراحل ، يقول بوكاي : فعالجته جراحيا حتى شفي ، فألقيت عليه نفس السؤال ، فقال لي : هل قرأت القرآن ؟ فقلت : نعم مرارا وتأملته . فقال لي : بلغته أم بترجمة ؟ فقلت : بالترجمة . فقال : إذن أنت تقلد المترجم ، والمقلد لا علم له ؛ إذ لم يطلع على الحقيقة ، لكنه أخبر بشيء فصدقه ، والمترجم ليس معصوما من الخطأ والتحريف عمدا ، فعاهدني أن تتعلم اللغة العربية وتقرأ القرآن بها وأنا أرجو أن يتبدل اعتقادك الخاطئ هذا . قال : فتعجبت من جوابه ، ووضعت يدي في يده وعاهدته على ألا أتكلم في القرآن حتى أتعلم العربية ، وذهبت من يومي إلى الجامعة الكبرى بباريس ، وتعلمت اللغة العربية في سنتين ، وأنا آخذ يوميا درسا حتى يوم عطلتي ، ثم قرأت القرآن بإمعان ، ووجدته الكتاب الوحيد الذي يضطر المثقف بالعلوم العصرية أن يؤمن بأنه من الله ، لا يزيد حرفا ولا ينقص ، وأما التوراة والأناجيل الأربعة ففيها كذب كثير لا يستطيع عالم عصري أن يصدقها)(831). وكانت ثمرة هذه الدراسة العميقة للقرآن تأليف كتابه المشهور "التوراة والإنجيل والقرآن بمقياس العلم الحديث" ، ومما قاله بوكاي في هذا الكتاب : (لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ، وذلك دون أي فكر مسبق ، وبموضوعية تامة بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ، وكنت أعرف - قبل هذه الدراسة وعن طريق الترجمات - أن القرآن يذكر أنواعا كثيرة من الظاهرات الطبيعية ، لكن معرفتي كانت وجيزة ، وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث ، وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل ، أما بالنسبة للعـهد القديم ، فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتـاب الأول ، أي سفر التكوين فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينـها وبين أكثر معطيات العلم رسوخـاً في عصـرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل ، فإننا نجد نص إنجيل متى يناقض بشكل جلي إنجيل لوقا ، وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض)(832) .
- ثانيا : الرد التفصيلي :
1- لعل من أقدم الطعون في دعوى تعارض القرآن مع العلم التجريبي ، ما ادعاه بعضهم من معارضة قوله تعالى عن العسل : (فيه شفاء للناس ( [النحل : 69] .
قال القرطبي : (اعترض بعض زنادقة الأطباء على هذا الحديث ، فقال : قد أجمعت الأطباء على أن العسل يُسهِل فكيف يوصف لمن به الإسهال ؟ فالجواب أن ذلك القول حق في نفسه لمن حصل له التصديق بنبيه عليه السلام(833) ، فيستعمله على الوجه الذي عينه وفي المحل الذي أمره بعقد نية وحسن طوية, فإنه يرى منفعته ويدرك بركته, كما قد اتفق لصاحب هذا العسل وغيره كما تقدم . وأما ما حكي من الإجماع فدليل على جهله بالنقل ؛ حيث لم يقيد وأطلق . قال الإمام أبو عبد الله المازري : ينبغي أن يعلم أن الإسهال يعرض من ضروب كثيرة, منها الإسهال الحادث عن التخم والهيضات; والأطباء مجمعون في مثل هذا على أن علاجه بأن يترك للطبيعة وفعلها, وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت ما دامت القوة باقية, فأما حبسها فضرر, فإذا وضح هذا قلنا : فيمكن أن يكون ذلك الرجل أصابه الإسهال عن امتلاء وهيضة ، فأمره النبي ( بشرب العسل ، فزاده إلى أن فنيت المادة فوقف الإسهال ، فوافقه شرب العسل . فإذا خرج هذا عن صناعة الطب أذِن ذلك بجهل المعترض بتلك الصناعة . قال : ولسنا نستظهر على قول نبينا بأن يصدقه الأطباء ، بل لو كذبوه لكذبناهم ولكفرناهم وصدقناه ( ; فإن أوجدونا بالمشاهدة صحة ما قالوه ، فنفتقر حينئذ إلى تأويل كلام رسول الله ( وتخريجه على ما يصح ، إذ قامت الدلالة على أنه لا يكذب)(834) . وقد أجاب ابن حزم -رحمه الله- على ابن النغريلة اليهودي بأن كلمة (فيه شفاء) نكرة فلا تلزم العموم(835) ، وقد تقدم معنا كلام الأمام الداني(836) أن (ال ) في كلمة (للناس) ليست للعموم بل للجنس .
وهذه هي الطعون العلمية التي ذكرها المجلس الملي النصراني ورد الدكتور شلبي عليها : -
2_ الأرض ثابتة لا تتحرك :
(جاء في سورة لقمان : (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم (. وجاء هذا في سورة أخرى . . وقال (( رجال المجلس الملي )) : إن العلم يثبت أن الأرض تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة فكيف يقول القرآن إنها راسية وثابتة(837) ؟
الجواب : (معنى تميد تضطرب وتتزلزل ، ولا يراد بالميدان مجرد حركة متزنة ، والمصدر الثلاثي (فعلان ) يأتي لإفادة هذا المعنى ، مثل ميدان وغليان وثوران وجولان . . . وهكذا ، والآية تذكر أن الله ثبت الأرض حتى يستطيع البشر أن يستقروا عليها في نومهم ، ويزرعوا ويرعوا ماشيتهم ، ولو كانت مضطربة ما استطاع الناس أن يطمئنوا عليها وأن يعملوا هذه الأعمال .
نحن ننام في الطائرة وفي القطار وفي السفينة ، فإذا اضطرب واحد منها استيقظنا وشعرنا بالتعب ، وقد نطلب من السائق أن يعمل شيئاً يسكنها لتثبت ، ولا يعني تثبيته أنه يقف ولا يتحرك ، بل أن ينقطع اضطرابه ، وسيذكر القوم بعد معترضين على القرآن أنه ذكر (وكل في فلك يسبحون (، و(كل (كلمة تشمل الشمس وتوابعها من القمر والأرض والكواكب الأخرى ، فالقرآن إذن يقرر حركة كل هذه الكواكب)(838) .
3_ الكواكب في حجم الحجارة :
(جاء في القرآن : (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين( [الملك:5] ، وجاء أيضاً : (ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين([الحجر:16-18] ، وقال رجال المجلس : إن القرآن جعل النجوم والكواكب في حجم الحجارة ، ترمي بها الملائكة الشياطين ، والعلم الحديث يثبت أن كل كوكب عالم ضخم .
والذي في الآية أن هناك أجساماً نارية تصيب الشياطين ، ولم يذكر أن الشيطان يسقط عليه نجم أو أن الملائكة ترميه به ، والعلم الحديث ، ورواد الفضاء يتحدثون عن النيازك التي ترى في الفضاء الواسع مذنبات مضيئة ، ومنها الناري الذي ينطفئ ويتفتت في سيره ، وبعضها يصل إلى الأرض ، وهي تشبه المقذوفات البركانية ، والذين درسوا جغرافية فلكية يعرفون هذا ، فهذه المقذوفات قطع تنفصل من الكواكب وتتحرك في الفضاء ، خصوصاً إذا كان النجم أو الكوكب قريبا من الأرض ، والله تعالى يصيب بها من يشاء ويحفظ بها من يشاء ، وقد تكون قطعاً باردة ولكنها مضيئة كالقمر . أما سمع نوابغ العصر أصحاب تيموثاوس أن الذين نزلوا على سطح القمر رأوا هناك جهات ساكنة نارها ، وأخرى ملتهبة ؟ وأنهم رأوا الأرض مشعة كما نرى نحن القمر ؟ وأن الفضاء مليء بقطع نارية سابحة ، ومنها ما يصل إلى الأرض ؟ )(839) .
4_ الفضاء سطح أملس قابل للسقوط وكذلك الأرض :
(ذلك لأنه جاء في القرآن (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن( [الطلاق:12] ، وجاء : (والله الذي جعل لكم الأرض بساطاً( [نوح:19] ، وجاء : (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون([البقرة:21] ، ( الذي جعل لكم الأرض فراشاً( [البقرة:22] ، وجاء هذا ومثله في آيات أخرى ، وخطؤه في نظر رجال المجلس أن الأرض كوكب واحد وليس سبعة ، وكذلك السماء !
والآية الأولى جاءت في ختام سورة الطلاق ، وهي تلفت الأنظار إلى قدرة الله تعالى البالغة : (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ( .
آية عجيبة رهيبة تبين ضآلة الإنسان في هذا الكون العظيم ، ويقف غير واحد من الكتاب مذهولاً أمام التعبير ، وأمام مدلوله ، وأمام هذا الإعجاز القرآني .
ما هذه السماوات ؟ وما هذه الأرضين ؟كل ينظر من زاوية خاصة ، وكل يجد في الآية ما يبهره .
قد تكون السماء التي توصل علمنا إليها بكل ما فيها من كواكب ونجوم وأفلاك إحدى سماوات سبع ، والكرة الأرضية التي نعيش عليها هي أيضاً كذلك ! إن علم الفلك الحديث يؤيد هذا ، ويذكر أن المجموعة الشمسية التي يتعلق بها عالمنا هذا ليست إلا واحدة من مجموعات أخرى لا يعلمها إلا الله الذي خلقها .
فهذا إعجاز قرآني ؛ إذ لم يكن محمد يدرس فلكاً ولا يعرف شيئاً عن هذه المستكشفات الحديثة .
وفي اللغة العربية يذكر العدد لإرادة التكثير ، ويعبرون عنه بأنه عدد لا مفهوم له ، وهذا كما تقول لصديقك : زرتك ألف مرة ولم تزرني . فأنت لا تريد ألفاً بعدده ، وإنما تريد زرتك مرات كثيرة ، فإذا حملنا العدد في الآية هذا المحمل ، فالمعنى أن الله خلق سماوات كثيرة وأرضين كثيرة ، وهذا حق وواضح .
وقد يكون المراد بالسبع الأرضين أنواعا مختلفة من تربة الأرض ، ويسمى كل نوع أرضاً ، وهذا وهذا كما تقول : أصبح فلان ثرياً يملك أراضي كثيرة ، والأرض أنواع بحسب تربتها وما بكل تربة من عناصر تكونت منها ، بعضها رملي وبعضها جيري ، وببعضها معادن حديدية وبالأخرى عناصر نحاسية وهكذا ، كما قال تعالى : (ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود( [فاطر:27] .
وقد يراد من أنواع الأرض ما تصلح لإنباته ، فأرض بها غابات وأرض بها زهور ، وثالثة قاحلة لا تنبت شيئاً .
وآية سورة البقرة : (الذي جعل لكم الأرض فراشاً( [البقرة:22]. . ليست الوحيدة التي تذكر هذا في القرآن ، بل هناك آيات أيضاً أخرى تذكر هذا ، ومعنى (فراشا( : أي مبسوطة تحت أقدامنا ، منبسطة كالفراش ، ننام عليها ونمشي ونزرع ، ونستقر أيضاً أنعامنا ومساكننا ، ولو جعلها الله سبحانه وتعالى كثيرة التعاريج شديدة التحدب ، ما استطعنا أن نستريح عليه ، ولا أن نجري كل هذه الأعمال ، فالآية تذكر نعمة من نعم الله علينا ، وليس في هذا ما يفيد أن الأرض قابلة للسقوط !
وأما الآية التي في سورة الأنبياء ، فقد جاءت ضمن آيات غاية في الروعة والإعجاز العلمي الفلكي ، ولها يعجب الكثيرون كيف قرر القرآن هذه الحقائق منذ ذلك الزمن السحيق . فاقرأ قوله تعالى : (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفاً محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس كلٌ في فلكٍ يسبحون( [الأنبياء:30-33] . كانت السماوات العديدة والأرض جزءاً واحداً ، ففتقها الخالق وفصل بعضها عن بعض : تبارك الله ، وصدق نبيه الكريم ! ما كان ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى !!
في العصر الوسيط عصر الإظلام العقلي ، والركود العلمي يقرر القرآن الكريم بحق أحدث النظريات العلمية ، التي لم يهتد إليها العلم الحديث إلا من زمن قريب !
هذه الكواكب كلها بما فيها الأرض كانت قطعاً نارية ، انفصلت من الشمس أثناء دورانها الأبدي الجبار ، فتناثرت في الفضاء الذي لا يعلم مداه إلا الله ، واستغرقت ملايين الأعوام وبلايينها حتى بردت قشرتها الخارجية ، وشق الله بها الأنهار والبحار ، وأنزل عليها ماء الأمطار ، فدبت بها بعد ملايين السنين أيضاً صور الحياة المختلفة من النباتات الدنيئة والطحالب ، ثم الحيوانات المختلفة ، منها ما انقرض ومنها ما بقي ، هكذا جعل الله من الماء كل شيء حي ، كل شيء من النباتات والطيور والديدان والحشرات والأفاعي والوحوش والأناسي ، كلها من الماء وتقوم حياتها عليه .
هذا إبداع الله وخلقه ، قدر سبحانه وهدى ، ولم يأت شيء من أعماله بطريق المصادفة .
أما التوراة فتقول : ( في البدء خلق الله السماوات والأرض ، وكانت الأرض خربة وخالية ، وعلى وجه الأرض ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه ) .
هكذا بدأ وأنشأ الله السماوات والأرض جميعاً دفعة واحدة ، ولم يذكر شيء عن الماء .
تعبير ساذج وتفكير وثني ، لا يفهم إلا الشيء المتجسد ؛ أين كان الله إن كانت روحه ترف وتحوم حول الماء ؟ أكان بلا روح ، أم هو الذي تجسد فصار هذا الحيز الضئيل كالحمامة ؟ خلق الكون كله وهو جزء صغير منه .
( وقال الله : ليكن نور . فكان نور ، ورأى الله النور أنه حسن ) !
لم يكن يعرف أنه سيكون حسناً ، ولكن لما ظهر له أعجبه . عمل من طريق الصدفة البحتة ، وتجربة نجحت وجاءت بشيء جميل .
أهذه هي البلاغة ؟! لا فصاحة تعبيرية ولا حقيقة علمية .
ونقرأ بقية هذه البداية فنجد : أن الله فصل بين النور والظلمة ، وسمى النور نهاراً والظلمة ليلاً ، وقال لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ، ولتظهر اليابسة . ودعا اليابسة أرضاً .
وهكذا يمضي سفر التكوين مضطرباً في الكلمات القليلة التي بدأ بها .
في البداية خلق السماوات والأرض وكانت الأرض خربة ، وبعد ذلك خلق وسط الماء شيئاً جامداً أسماه أرضاً ، وسمى بعضاً منه سماء .
وهل يؤيد هذا علم أو يتسع له عقل ؟ خلق السماوات والأرض ، ثم خلق شيئاً سماه أرضاً وسماء!
كانت الفكرة القديمة أن العالم كله ماء ، وأن الأرض طافية فوق الماء كحبة العنب ، وهو تفكير نشأ عن نظر محدود . وسفر التكوين وبقية الكتاب المقدس _أو الذي يسمى الكتاب المقدس _ من وضع بشري متأخر .
ومع اضطراب التعبير ، وسقامة الأسلوب ، ومخالفة المعنى لحقائق العلم يعجب تيموثاوس التقي الذكي به ويعيب القرآن .
(أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون( [سورة الأنبياء :30 ].
(وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون( [سورة الأنبياء:32]. .
والسماء هي كل شيء نراه فوقنا ، وفهم تيموثاوس أن السماء لا تكون إلا بمعنى الفضاء ، وهو جهل فاضح ، لقد كان العرب يقولون لمحمد ( أسقط السماء علينا كسفاً ؛ أي قطعاً ، فهل كانوا يعنون الفضاء ؟
ونحن ننظر إلى الأعلى ليلاً ونهاراً فنرى الكواكب السابحة ، لا نستطيع نحن ولا تستطيع الجن والإنس أن تغير من نظامها شيئاً ، أو تعدل فيه أدنى تعديل ؟ كما أننا لا نستطيع حتى الوصول إليه ، لقد كان من أعاجيب العلم أن وصل الناس إلى أرض القمر ، والقمر تابع للأرض وكوكب ضئيل ! فأين الجهد البشري من هذه الكواكب البعيدة الجبارة ؟ وأين هي ؟ وما مدى العلم بها ؟
صدق الله (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً( ) [سورة الاسراء :30 ]. (840) .
5-قرر القرآن أن جبل (( قاف )) يحيط بالأرض كلها
وذلك في أول سورة ( ق ) قي قوله تعالى : (ق والقرآن المجيد( . وهذا خطأ ؛ لأن العلم يبين أن أعلى قمة هيس ( إفرست )(841) .
وهذه خرافة مصدرها كتاب اليهود ! الذي يتحدث عن جبل قاف الخرافي .
أما القرآن فلم يذكر جبالاً ولا قمماً ، والحرف ( ق ) أحد الحروف الكثيرة التي بدئت بها سور من القرآن مثل : ص ، ن ، حم ، الر . . وهكذا .
ولكن الصيغة المادية البحتة التي تركتها التوراة المزيفة في ذهن القوم ، وجهت ذهنهم هذا الاتجاه المادي البحت ، وإذا كانت هذه خرافة منشؤها كتاب يهودي ، فكيف يؤاخذ بها القرآن ؟! إن كتب اليهود هي كتب المسيحيين ، فليوجه القوم اللوم إلى أنفسهم ، أما أن يكونوا هكذا جاهلين ، ثم يحملون جهلهم على القرآن ، فهذا ما لا يقبله غير عقولهم)(842) .
وهذه طعون علمية أخرى من كلام المستشرقين ، فيما ذكره الأستاذ ميلر بروز (رئيس قسم لغات الشرق الأدنى وآدابه ، وأستاذ الفقه الديني الإنجيلي في جامعة ييل) في بحث له بعنوان : (مقترحات في موضوع العلاقة بين الدين والعلم في الإسلام )(843) ، وقد أجاب عليها أستاذنا الدكتور بلتاجي على النحو التالي :
6-قال ميلر : (من الذائع المشهور أن النتائج التي وصل إليها العلم الحديث عن أصول العلم ، تخالف كل المخالفة ما هو مقرر في الكتاب المقدس ، وفي القرآن من أن الله خلق العالم في ستة أيام ، صحيح أن القرآن يقرر أن يوما عند الله كألف سنة مما يعد الإنسان ولكن هذا لا يحل المعضلة ؛ فإن فترة الزمان المتطاولة التي مر بها الكون في وجوده ، لا يمكن أن تضغط في ستة آلاف أو ستة ملايين سنة)(844) .
الجواب :
(أ- الآيات التي أشار إليها ميلر بروز تقرر أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ، لكنها لا تعرض لعمر الكون المخلوق منذ خلقه الله تعالى حتى يومنا هذا ، لكن ميلر بروز في كلامه السابق يخلط بين الأمرين ، مشيراً إلى ( معضلة ) لا وجود لها ، حيث يتكلم عن ( فترة الزمان المتطاولة التي مر بها الكون في وجوده ، والتي لا يمكن أن تضغط في ستة آلاف أوستة ملايين سنة ) ، فمال الآيات القرآنية التي يشير إليها وعمر الكون ؟!
إنها تقرر فحسب الزمن الذي خلق الله تعالى فيه الكون ، دون أن تعرض لما بعد الخلق من الزمن الذي مر على الكون المخلوق حتى يومنا هذا .
فالتناقض الذي يتكلم عنه هذا المستشرق إنما جاء نتيجة لخلطه بين الأمرين ، وتحميل الآيات القرآنية غير ما تحمله من معنى . وذلك أمر غاية في الوضوح لكل من يراجع نصوص الآيات المشار إليها ثم يراجع كلام المستشرق عنها)(845) .
ب- إن ميلر بروز ـ أو غيره ـ لا يستطيع أن يعرض بشيء من التكذيب لما قررته هذه الآيات ، من أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ؛ لأن فعل الخلق وزمانه سبقا الوجود البشري ، فلا يستطيع أحد إطلاقاً أن يزعم أنه شهد – بأي وسيلة – أو رصد كيفية خلق السماوات والأرض وزمانه ، وعلم البشر المادي – بكافة فروعه – نشأ بعد أن تم الخلق ، وليس هناك أمامه سبيل ما لمعرفة تفصيلات خلق السماوات والأرض وما بينهما – من حيث الزمان – إلا ما أخبر به الوحي الصادق عن الله تعالى في هذه الآيات ، وفيما يتصل بها من أحاديث نبوية صحت روايتها عن النبي ( ، ولا يملك الإنسان – في علمه البشري وسيلة أخرى يسترجع بها كيفية الخلق أو زمانه ليقيس عليها ما ورد في الوحي ، ومن هنا لا يستطيع العلم البشري بحال أن يصل في هذه القضية إلى شيء يستند عليه في تكذيب ما ورد في الوحي ؛ لأن الوحي يحكي هنا عن أمر ( غيبي ) لم يشهد البشر ولا يصل إليه علمهم المادي بحال ، كما قال تعالى : (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً ( [سورة الكهف :30 ].
فكل زعم بمحاولة التشكيك في الله تعالى : خلق السماوات والأرض في ستة أيام زعم باطل بدءاً ، يستوي في بطلانه مع دعوى الكفار القدماء ، بأن الملائكة – الذين لم يشهدوا خلقهم أو يحيطوا بهم علماً – إناث ، وقد رد الله تعالى عليهم بقوله : (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم سنكتب شهادتهم ويسألون(.
أما ما يشير إليه ميلر بروز من (النتائج التي وصل إليها العلم الحديث عن أصول العالم) فليس في هذه النتائج – وهي محض فروض في ذاتها – ما يعرض لشيء عن مقدار الزمن الذي خلق الله فيه السماوات والأرض ، وإن كان فيها تقديرات فرضية لعمر الكون المادي ، وتلك قضية أخرى كما سبق أن قررنا)(846) .
7-قال ميلر : (الإنسان نفسه لم يخلقه الله دفعة واحدة منفصلا عن خلق الحيوان ، ولكه جاء نتيجة لتطور طويل من الأشكال الدنيا للحياة ، فكيف إذن نتغلب على هذا الإشكال)(847) .
(ج) أما ما يشير إليه ميلر بروز من نظرية النشوء والاتقاء لداروين في قوله : "إن الإنسان نفسه لم يخلقه الله في دفعة واحدة منفصلاً عن خلق الحيوان ، ولكنه جاء لتطوير طويل من الأشكال الدنيا للحياة ) ـ فإنما يشير في نظرية لم تكن في وقت من الأوقات حقيقة علمية قطعية يمكن أن تقاس عليها النصوص الدينية ، فهي لم تزد في وقت ما ـ منذ قيل بها ـ عن أن تكون مجرد فرض لم يقم عليه أبداً دليل قاطع ، أو قريب من القطع واليقين ، ومنذ أعلنها داروين وجد لها معارضون من رجال العلم التجريبي ؛ لأنه لم يقم أبداً دليل محسوس على صحتها ، وإنما هي فرض عقلي فسر به داروين بعض الظواهر والمشاهدات ، لكن لم يرصد أحد من المؤمنين بها إطلاقاً تطوراً مادياً يقطع بصحتها ، بل على العكس من ذلك فقد طالعتنا وكالات الأنباء في أكتوبر 1974م (شوال 1394هـ) أن أعضاء بعثة الآثار الفرنسية البريطانية ، التي تقوم بسلسلة من الحفائر في إثيوبيا قد اكتشفوا بقايا هيكل عظمي لإنسان ، يرجع تاريخها إلى حوالي أربعة ملايين سنة ، وقال أعضاء البعثة إن هذا الكشف سيغير تماماً النظريات السابقة المعروفة عن أصل الإنسان ( جريدة الأخبار القاهرية في 28/10/1974 ص1) .
ومما لاشك فيه أن أول ما يغيره هذا الكشف نظرية داروين ، فهل يستقيم بعد هذا أن يطعن إنسان في صدق الوحي القرآني في الخلق ، مستنداً إلى استنتاج فرضي لعالم طبيعي ، لم يثبته هو أو غيره بصورة قاطعة ، بل وجدت اكتشافات تطعن في صحته ؟ومن هنا لا تصلح هذه النظرية ـ على أي نحو ـ لتكون مقياساً تقاس عليه نصوص القرآن الكريم في الخلق .
ومنهجنا في كافة النظريات البعيدة عن وصف اليقين ، هو أننا ننزه القرآن ابتداءً عن أن يقال في تأويله شيء يتصل بمحض الفروض والاستنتاجات القابلة للتغيير ، بل الإلغاء أصلاً .
وبهذا يتبين أن كلام ميلر بروز وأمثاله عن ( خلق الإنسان في تطور طويل من الأشكال الدنيا ) ـ كقضية مسلم قطعاً بصحتها ـ شنشنة كاذبة تعرفها من هؤلاء وهي تقوم على جعل ( الظنون والتصورات ) حقائق قاطعة مسلماً بصحتها ، وينبغي ألا يخدع هذا المنهج القائم على التعمية والتجهيل بحقائق الأمور - أحدًا من الباحثين الذين يحترمون عقولهم)(848) .
8- في قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا( [الكهف : 86] .
يقول خلف الله : (بان للعقل الإسلامي أن مسألة غروب الشمس في عين حمئة ، لا يستقيم وما يعرف من حقائق هذا الكون)(849) .
-الجواب :
قد قدمنا أن لا يصح الأخذ بالألفاظ المحتملة وادعاء أنها تعارض العلم ،
(فالتعبير القرآني المحكم المعجز يقول (وجدها تغرب )ولم يقل إنها تغرب ؛ حتى يكون هذا تعبيرا عن الحقيقة الكونية المطلقة )(850) .
قال ابن كثير –رحمه الله- : (قوله : (وجدها تغرب في عين حمئة( أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه )(851) .
وقال القرطبي –رحمه الله- : ( قال القفال : قال بعض العلماء : ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا ، ووصل إلى جرمها ومسها ؛ لأنها تدور مع السماء حول الأرض ، من غير أن تلتصق بالأرض ، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض ، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة ، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق ، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة ، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ؛ ولهذا قال : "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا" ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهـم)(852) .
فالدعاء أن هذه الآية تعارض العلم لاشك أنه ادعاء باطل .
وهكذا ؛ لو نظرت إلى معظم طعونهم في القرآن بدعوى معارضته للعلوم الحديثة ، فإنها لا تكاد تخرج عن الضابطين الأوليين في هذا المبحث ؛ إما أنها نظريات لم تصل حد الحقيقة المسلمة ، أو تحميل لفظ القرآن ما لا يحتمل .
والله تعالى أعلى وأعلم .

والله سبحانه هو الموفق والهادي إلي سواء السبيل .