السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد القهار و الصلاة والسلام على النبي المختار و على آله و صحبه الطيبين الأطهار و بعد...

فالحمد لله القائل : " وربك يخلق ما يشاء و يختار"

و الاختيار هو الاجتباء و الاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته و كمال حكمته و علمه و قدرته .

ومن اختياره و تفضيله اختياره بعض الأيام و الشهور و تفضيلها على بعض، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حرم قال تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } (36) سورة التوبة


قال قتادة في قوله " فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ " :

إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة و وزراً فيما سواها و إن كان الظلم على كل حال عظيماً ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء ،

فتأملي يا أختي إلى قول الله تعالى : " فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ " وكيف ينهانا عن ظلم أنفسنا في هذه الأشهر خاصة ،

لأنها آكد و أبلغ في الإثم من غيرها كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف لقوله تعالى { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (25) سورة الحـج

وأقسام الظلم ثلاثة أقسام :
• ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى و أعظمه الشرك بالله .
• ظلم بينه وبين الناس.
• ظلم بينه و بين نفسه .

و كل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس ، فإن الإنسان أول ما يَهُمّ بالظلم فقد ظلم نفسه .

فلنحرص على حسن استغلال هذه الأشهر و ذلك من خلال الأمور التالية :

•بعقد العزم الصادق بالتوبة و الإنابة إلى الله و الهمة العالية على تعمير هذه الأشهر بالأعمال الصالحة ، فمن صدق الله صدقه، على الطاعة و يسر له سبل الخير

•باغتنام هذه الفرصة لتزكية نفسك و تعوديها على الطاعة

•باستشعار رقابة الله عز وجل و التفكير في معاني أسمائه الحسنى ( السميع، البصير، الشهيد، المحيط، الرقيب ....)

•بالمسارعة في تصحيح مسيرك إلى الله و تحمل الصعاب و المشاق و الصبر على ذلك و من ثم تصحيح سلوكك و خلقك مع الناس (أهلك _ أرحامك_ جيرانك_ أصحابك ....) و سلامة صدرك نحوهم.

•باستحضار حرمة هذه الأشهر و تعظيمها ، فإن تعظيمها من تعظيم الله عز وجل فقد قال تعالى " {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (32) سورة الحـج .

فعظموا ما عظم الله، فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم و أهل العقل .


**وفي فضل هـــذه الاشــــهر**


قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد الفرد وهو رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ) رواه البخاري ومسلم


إن الأشهر الحرم لها فضل زماني وكما أن لمكة فضل مكاني عند الله

وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين :

1*لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو
2* لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها


ومن الأعمال العظيمة في الأشهر الحرم...


1- الحج: فأفعال الحج كلها تقع في ذي الحجة.

2- عشر ذي الحجة: التي أقسم الله بها،

3- يوم عرفة : وهو أفضل أيام العشر، ويشرع لغير الحاج صيامه.

4- عيد الأضحى : ويشرع فيه الأضحية.


5- صيام شهر الله المحرم:

فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم"،

(ويتأكد صيام يوم العاشر مع يوم قبله أو بعده ) كما ثبت في البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه .



أعاننا الله وإياكم على ذكره وشكره وعلى حسن عبادته وعلى استغلال الأزمان الفاضلة ،
واستعملنا الله وإياكم في طاعته وختم لنا ولكم عامنا هذا بالخيرات والمسرات
وأرانا نصر أمتنا وعزها وسؤددها آمين .