من منكم قد سمع عن أبو قدامة وصاحبة الشكال وابنها؟؟؟

هذه القصة مذكورة في كتاب " صفوة الصفوة" .. وذكره ابن النحاس في "مصارع الأشواق" وذكرها الدكتور / محمد العريفي دكتور العقيدة والمذاهب المعاصرة في كتابه من روائع العريفي

إنها حقاً قصة مؤثرة جداً جداً مما جعلني أكتبها اليكم رغم أنها طويلة بعض الشيىء

والقصة عن رجل من الصالحين إسمه أبوقدامة الشامي..
كان رجلاً قد حُبب اليه الجهاد والغزو في سبيل الله .. فلا يسمع جهاد بين المسلمين والكفار ولا بغزوة في سبيل الله لنصر الإسلام إلا وسارع وجاهد مع المسلمين هناك..
جلس أبو قدامة يوماً في الحرم المدني فسأله سائل فقال يا أبو قدامة حدثنا بأعجب ما رأيته من أمر الجهاد والغزو.. أنت رجل قد أكثرت من الجهاد في سبيل الله .. ومن حضور المعارك التي كانت بين المسلمين والكفار .. فحدثنا باعجب ما رأيته من أمر الجهاد والغزو

فقال أبو قدامة : إني محدثكم عن ذلك : خرجت مرة مع أصحاب لي الى الرقة .. لنقاتل بعض المشركين في الثغور – والثغور هي مراكز عسكرية تجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها – قال : فلما نزلت في الرقة .. وهي مدينة في العراق على نهر الفرات – اشتريت جملاً أحمل عليه سلاحي .. ووعظت الناس في مساجدها .. وحثثتهم على الجهاد في سبيل الله والإنفاق لنصرة الإسلام الذي جعلهم الله تعالى قائمين عليه .. قال : فلما تكلمت في بعض مساجدها .. ودعوت الناس للخروج للقتال في سبيل الله
ثم جنّ عليّ الليل اكتريت منزلاً أبيت فيه .. فلما ذهب بعض الليل فإذا بباب المنزل يُطرق علي .. قال : فعجبت عجباً شديداً ... من هذا الذي يطرق علي الباب ؟ فأنا رجل غير معروف في هذه البلاد .. وليس لي بأحد إتصال ولا معرفة .. فمن هذا الذي سيأتي الي في هذه الظلمة ؟! قال:

فلما فتحت الباب وأنا وجل .. فإذا بإمرأة متحصنة عفيفة قد تلفعت بجلبابها .. فلا ترى منها شيئاً .. فلما رأيتها فزعت منها وقلت : يا أمة الله ... ماذا تريدين رحمك الله ؟

قالت لي : أنت أبو قدامة ؟

فقلت نعم
قالت : أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور؟
قلت نعم
قال فلما سمعت مني ذلك دفعت الىّ رقعة وخرقة مشدودة ثم انصرفت باكية
قال فعجبت والله من شأنها ... والخرقة بين يدي..
فنظرت في هذه الرقعة فإذا مكتوب فيها
يا أبا قدامة إنك قد دعوتنا اليوم الى الجهاد ... وأنا امرأة لا أستطيع الجهاد ولا قدرة لي على ذلك .. ولم أجد مالاً أزودك به لتذهب به الى المجاهدين .. فقطعت أحسن ما فيّ وهما ضفيرتاي .. ثم صنعت منهما شكالاً – يعني حبلاً – يربط بهما الفرس فأنفذتهما اليك لتجعلهما قيد فرسك
لعل الله تعالى يرى شعري قيد فرسك في سبيله أن يغفر الله تعالى لي وأن يدخلني الى الجنة
قال أبو قدامة فعجبت والله من حرصها وبذلها لكل ذلك في سبيل الله .. وشدة شوقها الى المغفرة والجنة .. مع انها صنعت أمراً غير مشروع في الدين .. أن تقص شعرها بهذه الطريقة .. لكن شوقها الى الجنة غلبها على ذلك
قال : فجعلت هذه الخرقة في بعض متاعي .. ثم لما اصبحنا وصليت الفجر خرجت أنا وأصحابي من الرقة
فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك
فإذا بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول : ياأبو قدامة .. ياابو قدامة
قف عليّ يرحمك الله
قال فقلت لأصحابي : تقدموا أنتم عني وأنا أرجع انظر في خبر هذا الفارس .. فلما رجعت اليه .. بدأني بالكلام وقال : الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً الى أهلي
قال فقلت له ما تريد رحمك الله ؟
قال أريد الخروج معكم للقتال
فقلت له اسفر عن وجهك انظر اليك فان كنت كبيراً يلزمك القتال قبلتك .. وان كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك
فقال : فكشف اللثام عن وجهه
فإذا بوجه مثل القمر واذا هو شاب غلام عمره سبع عشرة سنة
فقلت له يا بني ؟ عندك والد؟
فقال : ابي قد قتله الصليبيون وانا خارج اقاتل الذين قتلوا ابي
فقلت له : اعندك والدة ؟
قال نعم
فقلت ارجع الى امك فأحسن صحبتها فغنك اذا احسنت صحبتها فإن الجنة تحت قدمها .. قال ابو قدامة : فتعجب مني
وقال : سبحان الله أما تعرف أمي؟
قلت له لا والله ما اعرف أمك

فقال أمي هي صاحبة الوديعة
قلت أي وديعة ؟ قال : هي صاحبة الشكال . قلت أي شكال؟!
قال : سبحان الله .. ما أسرع ما نسيت !! أما تذكر المرأة التي أتت اليك البارحة ثم اعطتك الكيس والشكال .. الحب الذي تربط به فرسك ؟
قال أبو قدامة : فقلت : بلى ما خبرها؟
قال : تلك والله أمي .. أمرتني أن أخرج الى الجهاد .. وأقسمت عليّ أن لا أرجع اليها ...
وقالت لي : يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الأدبار .. وهب نفسك لله .. واطلب مجاورة الله .. ومساكنة أبيك وأخوالك في الجنة .. فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ .. ثم ضمتني الى صدرها ورفعت بصرها الى السماء ..
وقالت : إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي .. سلمته اليك
فقربه من أبيه وإخوانه
ثم قال أبو قدامة : فعجبت والله من هذا الغلام .. ثم عاجلني الغلام بقوله : فسألتك بالله يا عمي ... ياابا قدامة .. ألا تحرمني الغزو في سبيل الله معك .. أنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد
فإني حافظ لكتاب الله ... عارف بالفروسية والرمي .. فلا تحقرني لصغر سني
قال أبو قدامة : فلما سمعت ذلك منه لم استطع أن أرده .. فأخناه معنا
فوالله ما رأينا أنشط منه
إن ركبنا فهو اسرعنا
واتن نزلنا فهو انشطنا .. وهو في كل احواله .. في الطريق وفي النزول .. لا يفتر لسانه عن ذكر الله جل جلاله أبداً
فنزلنا منزلاً لما اقبلنا الى الثغور مع غروب الشمس .. وكنا صائمين فأردنا أن نطبخ فطورنا وعشاءنا .. قال : فلما نزلنا أقسم الغلام علينا أن لا يصنع لنا الفطور إلا هو .. فاردنا أن نمنعه عن ذلك .. إذ هو لا يزال في تعب شديد من طول الطريق وعسره .. لكنه أبى علينا ذلك .. فلما نزلنا قلنا له : تنح عنا قليلاً حتى لا يؤذينا دخان الحطب .. قال : فجلسنا ننتظر الغلام فابطأ علينا شيئاً يسيراً .. فقال لي بعض أصحابي : يا أبا قدامة اذهب الى صاحبك فانظر لنا خبره فما هذا بصنع فطور ولا طعام .. قد ابطأ علينا كثيراً
قال : فلما توجهت اليه فإذا الغلام قد أشعل النار في الحطب .. ووضع من فوقها القدر .. ثم غلبه التعب والنوم .. ووضع رأسه على حجر ثم نام .. فلما رأيته على هذا الحال .. كرهت والله ان أوقظه من منامه .. وكرهت ان ارجع الى اصحابي وليس معي طعام لهم .. فلما رأيت حاله كذلك قلت في نفسي : أنا أكمل الفطور لأصحابي .. فأخذت اصنعه شيئاً يسيراً وأسارق الغلام النظر خلال ذلك .. فبينما أنا انظر االى الغلام إذا لاحظت شيئاً يسيراً وأسارق الغلام النظر خلال تبسمه فتعجبت والله من تبسمه وهو نائم .. قال : ثم بدأ الغلام يضحك ... ثم اشتد ضحكه .. ثم استيقظ من منامه .. قال : فلما رأيت الغلام على ذلك عجبت والله ...
فلما استيقظ ورآني فزع الغلام ... وقال : يا عمي ابطأت عليكم ..
قلت له : ما أبطأت علينا .. قال : دع عنك صنع الطعام .. أنا أصنعه لكم .. أنا خادمكم في الجهاد .. قلت له : لا والله ... لا تصنع فطوراً ولا طعاماً حتى تحدثني بشأنك ... ما الذي جعلك في منامك تضحك ؟! ما الذي جعلك تتبسم ؟! هذا أمر عجيب!!
فقال الغلام : يا عمي .. هذه رؤيا رأيتها..
قلت له بالله عليك ما هذه الرؤيا؟
قال دعها بيني وبين الله تعالى
قلت له : أقسمت بالله عليك أن تحدثني بهذه الرؤيا
فقال الغلام : رأيت يا عمي في منامي أني قد دخلت الى الجنة .. فإذا هي في حسنها وبهائها كما أخبر الله عز وجل في كتابه ... فبينما انا أمشي فيها .. وأنا في عجب شديد من حسنها وجمالها .. فإذا رأيت قصراً يتلألأ أنواراً .. لبنة من ذهب ولبنة من فضة .. وإذا شرفاته من الدر والياقوت والجوهر ... وأبوابه من ذهب .. وإذا ستور مرخية على شرفاته .. وإذا بجوار يرفعن الستور .. وجوههن كالأقمار .. قال : فلما رأيت حسنهن أخذت أنظر اليهن .. وأتعجب من حسنهن وجمالهن .. قال : فإذا بجارية كأحسن ما أنت راء من الجواري .. تحدث صاحبتها التي عن يمينها .. وتشير الىّ وتقول : هذا زوج المرضية .. فسألتها .. قلت لها أنت المرضية ؟ فقالت : أنا خادمة من خدام المرضية .. تريد المرضية ... أدخل الى القصر .. تقدم يرحمك الله
قال : فتقدمت .. فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر .. قوائمه من الفضة البيضاء .. عليه جارية وجهها كأنه الشمس .. لولا أن الله ثبت علىّ بصري لذهب عني ولذهب والله عقلي من حسنها وجمالها .. ومن بهاء السرير وجمال الغرفة
قال : فلما رأتني الجارية بدأتني بالكلام والحديث
فقالت : مرحباً بولي الله وحبيبه ... أنا لك وأنت لي
قال : فلما رأيتها وسمعت كلامها اقتربت منها .. فلما كدت أن أضع يدي عليها
قالت لي : يا خليلي يا حبيبي أبعد الله عنك الخنا..
قد بقي لك في الحياة شيىء .. وموعدنا معك غداً بعد صلاة الظهر..
قال فتبسمت من ذلك وفرحت والله منه
قال أبو قدامة : فلما سمعت هذه الرؤيا من مثل هذا الغلام قلت له : رأيت خيراً إن شاء الله
قال أبو قدامة : ثم إننا أكلنا فطورنا .. ثم ركبنا على دوابنا .. ومضينا الى أصحابنا المرابطين في الثغور
قال : فلما نزلنا عندهم وبيتنا عندهم قمنا وصلينا الفجر
ثم حضر عدونا .. فقام قائدنا وصف الجيوش بين يديه
ثم تلى علينا صدراً من سورة الأنفال ...
وذكرنا باجر الجهاد في سبيل الله وبثواب الشهادة في سبيل الله .. فما زال يحثنا على الجهاد والقتال .. قال : فبينما أنا أتأمل في الناس حولي فإذا بكل واحد منهم يجمع حوله إخوانه واقرباءه
أما الغلام فلا أب يدعوه اليه ولا عم يقربه اليه ولا أخ يجعله بين يديه .. فأخذت أرقبه وانظر في حاله
فلما نظرت فغذا الغلام في مقدمة الجيش
فأخذت أشق الصفوف مشياً اليه .. فلما وصلت اليه
قلت له :: يا بني .. ألك خبرة بالقتال والجهاد؟
قال : لا .. هذه أول معركة وأول مشهد أراه وأقاتل الكفار فيه
فقلت له : يا بني .. إن الأمر على خلاف ما في بالك وذهنك .. إن الأمر قتال وإن الأمر دماء وصهيل وجولات أبطال ورمي نبال
يا بني فكن في أخر الجيش .. فإذا كان نصر انتصرت معنا .. وان كانت هزيمة لم تكن انت أول مقتول
قال : فنظر الىّ عجباً وقال : انت تقول لي ذلك
قلت له : نعم .. أنا أقول لك ذلك
فقال : يا عم .. هل تريدني أن أكون من أهل النار؟\
فقلت له : لا .. أعوذ بالله .. والله ما جئنا الى الحهاد إلا هرباً من النار وطلباً للجنان
قال : فقال لي إن الله يقول " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ(15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(16) الأنفال

هل تريدني أن أولهم الأدبار فيكون مأواي جهنم ؟
فقال أبو قدامة : فعجبت والله من حرصه ومن تمسكه بهذه الأيات .. فقلت له : يا بني إن الآية مخرجها على غير كلامك .. فأبى على ان يرجع .. فأخذت يده أجبذه حتى أرجعه الى أخر الصفوف .. فجعل يجبذ يده مني..
ثم بدأ القتال .. فحالت الخيل بيني وبينه .. فلما بدأ القتال جالت الأبطال ورميت النبال وجردت السيوف وتكسرت الجماجم .. وتطايرت الأيدي والأرجل .. واشتد علينا القتال حتى اشتغل كل منا بنفسه
حتى إن السيوف والله من شدة الحر فوقنا حتى كأنما هو تنور يشعل فوق رؤوسنا .. إن السيوف والله لا تثبت في أيدينا .. فما زال القتال يشتد علينا .. قد انشغل كل منا عن الأخر بنفسه
ومازال يشتد علينا ويزيد حتى زالت الشمس ودخل وقت اصلاة الظهر .. ثم هزم الله تعالى الصليبين ..
قال : فلما هزمهم اجنمعت مع اصحابي .. ثم صلينا الظهر
فبدأ كل واحد من الناس يبحث في أقربائه واحبابه
أما الغلام فلا أحد يسأل عنه ولا ينظر في خبره
فبينما الحال على هذا قلت : والله لأنظرن في خبره .. لعله مقتول أو جريح أو لعل بعض هؤلاء الكفار أخذه أسيراً وذهب به معهم لما هربوا وولوا الأدبار
فبدأت أمشي بين القتلى والجرحى .. واتلفت بينهم انظر
فبينما انا على ذلك اذ سمعت صوتاً يصيح من ورائي ويقول : ايها الناس .. ابعثوا اليّ عمي ابي قدامة .. ابعثوا اليّ عمي ابي قدامة .. فالتفت الى مصدر الصوت .. فإذا الجسد جسد الغلام .. وإذا الرماح قد تسابقت اليه .. والخيل قد وطئت عليه .. فمزقت اللحمان وأدمت اللسان وفرقت الأعضاء وكسرت العظام وإذا هو يتيم ملقى في الصحراء .. فاقبلت والله اليه .. وانطرحت بين يديه .. ثم صرخت باعلى صوتي وقلت .. ها أنا أبو قدامة .. ها أنا أبو قدامة
فقال الحمد لله الذي احياني الى ان أوصي اليك فاسمع مني وصيتي
قال أبو قدامة : فبكيت والله على محاسنه وجماله .. وبكيت والله رحمة بأمه المقيمة في الرقة .. التي فجعت عام أول بأبيه وأخواله .. وستفجع هذا العام به ..
فأخذت طرف ثوبي أمسح الدم عن وجهه وجماله
فلما شعر بذلك رفع بصره اليّ
وقال : يا عم تمسح الدم بثوبك !! امسح الدم بثوبي لا بثوبك يا عمي
قال أبو قدامة فبكيت والله ولم أجر جواباً
ثم قال بصوت ضعيف : يا عم .. اقسمت عليك اذا انا مت ان ترجع الى الرقة .. ثم تبشر أمي بأن الله قد تقبل هديتها اليه
وان ولدها قد قتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر .. وأن الله إن كتبني في الشهداء فإني ساوصل سلامها الى أبي وأخوالي في الجثم قال : يا عمي إني أخاف الا تصدق أمي كلامك فخذ معك بعض ثيابي التي فيها الدم .. فإن أمي اذا رأتها صدقت اني مقتول
وقل لها إن الموعد الجنة ان شاء الله تعالى
يا عم .. انك اذا رجعت الى بيتنا ستجد اختاً لي صغيرة عمرها تسع سنوات
ما دخلت انا المنزل الا استبشرت هي وفرحت .. ولا خرجت انا الا بكت وحزنت .. وقد فُجعت بمقتل ابي عام أول وفجعت بمقتلي هذا العام .. وانها قالت لي عندما رأت عليّ ثياب السفر .. ورأت امي تلف الثياب عليّ : ياأخي .. لاتبطىء علينا وعجل الرجوع الينا .. فإذا رأيتها فطيب صدرها بكلمات
وقل لها : يقول لك اخوك : الله خليفتي عليك
قال أبو قدامة : ثم تحامل الغلام على نفسه وضاق نفسه في صدره .. وضعف صوته حتى لم أعد أفهم شيئاً من كلامه
ثم تحامل الغلام على نفسه وقال : يا عم صدقت الرؤيا والله
صدقت الرؤيا ورب الكعبة .. والله إني لأرى المرضية الأن عند رأسي وأشم ريحها

قال : ثم انتفض صدره .. وتصبب العرق من جبينه ثم شهق شهقات .. حتى اشتد عليه الشهاق .. قال : ثم مات الغلام بين يدي
قال أبو قدامة : فأخذت بعض ثيابه التي فيها الدم .. وجعلتها في كيس .. ثم دفناه ولم يكن عندي هم أعظم من ان ارجع الى الرقة وابلغ رسالته لأمه
قال فرجعت الى الرقة وانا لا اعرف اسم امه ولا اين مسكنهم ومأواهم
فبينما انا أمشي في طرقات الرقة اذا وقفت الى منزل .. وقفت عند بابه فتاة صغيرة
عمرها تسع سنوات تنظر في الغادين والرائحين .. ما يمر بها احد ترى عليه اثر السفر الا سالته وقالت يا عمي .. من اين اقبلت ؟ فيقول لها : اقبلت من الجهاد .. فتقول : أمعكم اخي ؟ فيقول : ما ادري مة أخوك .. ثم يمضي عنها
ومازالت على ذلك تسال واحدا تلو الأخر ويكون نفس الرد
فلما رايت حالها كذلك اقبلت اليها
فلما رات علي اثر السفر وبيدي الكيس قالت لي : يا عم .. من اين اقبلت ؟ قلت لها : اقبلت من الجهاد
قالت : معكم أخي ؟
قلت : اين أمك ؟ قالت امي بالداخل .. قلت : قولي لها تخرج اليّ
قال فلما خرجت الي العجوز فاذا هي متلفعة بجلبابها .. فلما سمعت صوتها وسمعت صوتي
قالت لي : يا ابا قدامه .. اقبلت معزياً أم مبشراً
فإن كنت قد اقبلت تخبرني ان ولدي قد قتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر فانت والله مبشر .. اذا تقبل الله هديتي اليه التي اعددتها منذ سبع عشرة سنة
وان كنت قد اقبلت تخبرني ان ولدي رجع سالماً معه الغنيمة فانت والله معز .. اذا لم يتقبل الله هديتي اليه
قال ابو قدامة : فقلت لها : بل أنا والله مبشر
ان ولدك قد قتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر وقد وطئت عليه الخيل وقد اخذ الله من دمه حتى رضي .. فقالت ما اظنك صادقاً .. قال : وهي تنظر الى الكيس والطفلة تنظر الينا .. قال : ففتحت الكيس ثم اخرجت الثياب اليها يتسقط منها لحم وجهه وشعره .. قال فقلت لها اليست هذه ثيابه ؟ اليست هذه عمامته ؟ اليس هذا قميصه الذي البستيه اياه بيدك؟
قال : فملا رأت ذلك العجوز قالت الله أكبر .. وفرحت
أما الصغيرة فقد شهقت ثم وقعت على الأرض
قال : فلما وقعت على الأرض .. مازالت تشهق .. ففزعت أمها ودخلت الى البيت واحضرت ماء ترشه عليها .. اما انا فحلست عند رأسها اسكب الماء واقرأ القرآن فوالله مازالت تشهق وتنادي باسم اخيها وابيها .. وامها عند رأسها تبكي
فما زالت والله تشهق .. وما غادرتها إلا ميتة
قال : فلما ماتت امسكت امها بيدها .. ثم جرتها الى داخل البيت .. ثم اغلقت الباب في وجهي
ثم سمعتها تقول : اللهم إني قد قدمت زوجي واخواني وولدي في سبيلك .. اللهم فلعلك ان ترضى عني .. وان تجمعني بهم في جنتك

حقاً المشتاقون الى الجنة لهم مع ربهم أخبار وأسرار

أين نحن من هؤلاء ونحن نتصيد الرخص فنؤخذ بمن قال بجوز الإختلاط ومن قال بجواز سماع الأغاني ومن قال بجواز اخذ الربا لأنه ضرورة من ضرورات العصر ومن قال بجواز كشف الوجه.

فقط نتصيد الرخصة ونفرح بها بعد ان نستفتي هوانا لا عقولنا


اللهم أرحمنا يارب