من أخطر النبوءات التى اعتمدت عليها المسيحية فى إثبات أن عيسى عليه السلام هو المسيح ، تلك النبوءة التى ذكرت فى سفر "إشعياء" والتى تقول :
"ها العذراء تحبل وتلد ابنا ، وتدعو اسمه عمانوئيل"
إشعياء (7 : 14)
هذه النبوءة هى التى اعتمد عليها الإنجيل لإثبات أن المسيح عليه السلام هو عيسى ، على أساس أنه الوحيد من دون البشر الذى ولد من أنثى بلا ذكر ، وعلى الرغم من أن هذه القضية محسومة عندنا نحن المسلمين ، غير أن الإنجيل نفاها بشدة من حيث أراد أن يثبتها ، وهدمها من حيث أراد أن يبنيها ، وقد حاولنا أن نبحث عن مخرج لهذا المأزق دون جدوى ,ونحن نرجو منهم أن يثبتوا لنا من خلال نصوص الإنجيل أن العذراء قد حملت وولدت ابنا .
وقبل أن يتسرع أحد ويستشهد بما جاء فى إنجيل متى ، نباغته بأن هذه المعجزة لم تتحقق لدى بنى إسرائيل الذين من حقهم أن يرفضوا المسيح عليه السلام ؛ لأن أهم آية وعلامة لم تتحقق في المسيح وفق روايات الإنجيل ، حيث كان المنتظر أن يولد المسيح من عذراء , ولكن الإنجيل جعل مريم عليها السلام امرأة متزوجة من يوسف النجار ، وجعل ذلك الطفل ابنا ليوسف هذا ، وبالتالى حرم الإنجيل بغرابة شديدة ، وبدون إبداء أى مبرر ، حرم السيدة العذراء من هذا الشرف ، وكذلك حرم المسيح من أن يكون ابن العذراء ، بل هو وفق الرواية الإنجيلية ابن رجل وامرأة تزوجا زواجا عاديا وأنجبا طفلا عاديا ، إذن فقد كان لليهود عذرهم فى رفض هذا الطفل ، وها هى رواية إنجيل متى .
أما يسوع فقد تمت ولادته هكذا :
كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف ، وقبل أن يجتمعا معا ، وجدت حبلى من الروح القدس . وإذ كان يوسف خطيبها بارا ، ولم يرد أن يشهر بها قرر أن يتركها سرا ، وبينما كان يفكر فى الأمر ، إذا ملاك من الرب قد ظهر له فى الحلم يقول : "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأتى بمريم عروسك إلى بيتك لأن الذى هى حبلى به إنما هو من الروح القدس ، فستلد ابنا وأنت تسميه يسوع ، لأنه هو الذى يخلص شعبه من خطاياهم" حدث هذا كله ليتم ما قاله الرب بلسان النبى القائل:
"ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى عمانوئيل ! أى : "الله معنا"
إذن فيوسف و مريم فقط هما اللذان قد علما بهذه المعجزة ! أما بقية الشعب اليهودى , فقد ظل يركض في نفق الغفلة معتقدا بأن المسيح ابن لهما من زواج طبيعى جدا ، وبذلك فقد أطلق الإنجيل الرصاص على هذه المعجزة الباهرة وألقاها جثة هامدة في كفن التاريخ من خلال تلك الرواية.

كيف تتحقق المعجزة إذن ؟
لكى تتحقق المعجزة – معجزة أن امرأة عذراء تحبل وتلد ابنا دون ذكر فلابد من تحديد ملامح الإطار التالي :-
1- لا يمكن للمرأة أن تدافع عن نفسها أمام الناس , وتزعم أن هذا الطفل قد ولد بمعجزة ؛ لأن أحدا لن يصدقها ، باعتبار أن هذا أمر غير معهود ، كما أن أية امرأة مهما كانت صالحة , لن تجرؤ على مواجهة الناس وتقول : إن هذا ولد مبارك ، لأنهم ليسوا سذجا لكى يصدقوا امرأة تقف ضد كل القوانين في استهزاء تام بعقولهم , وتقول إنه ولد سماوي .
2- ولن تقبل شهادة يوسف النجار كذلك ؛ لأنه أول من توجه إليه أصابع الاتهام .
3- لابد من مصدر آخر خارجي خارق للعادة يتولى هو إعلان المعجزة , هذا هوالأمر المنطقي الوحيد , الذي يجعلنا نتقبل هذا الحدث غير المنطقي وغير المعهود , وهذا ما أشار إليه القرآن , بأن الطفل كان لا بد أن يتكلم دفاعا عن أمه ؛ لأنه هو الوحيد الذي يمكن أن تقبل شهادته ؛لأن الرضع لا يتكلمون , وإن تكلموا فبمعجزة من عند الله . إذن فرواية القرآن للمعجزة هي الوحيدة التي أثبتت المعجزة , أما رواية الإنجيل فقد انطلقت كقطار بلا سائق يدهس كل من يحاول إثبات المعجزة .
في أثناء نقاشي مع أحدهم حول هذه القضية , قال لي فلنأخذ برواية القرآن في هذه القضية فقط , ثم نحتكم بعد ذلك إلى الإنجيل فقلت له : إذا ثبت وجود فجوات أو حلقة واحدة مفقودة في موضع واحد ,هربت الحقيقة ليلا , واختبأت في عباءة المجهول , وإذا انشق الجسر في أي موضع ,فهل تستطيع الوصول إلى الشاطيء الآخر ؟