نظرات في دعوة المبشرين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

نظرات في دعوة المبشرين

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نظرات في دعوة المبشرين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    640
    آخر نشاط
    31-05-2015
    على الساعة
    04:52 AM

    افتراضي نظرات في دعوة المبشرين


    للشيخ ممدوح فخري المدرس في الجامعة الاسلامية

    تميز عنصر النهضة في أوربا بالنسبة للمسيحية بظاهرتين متناقضتين، ظاهرة الإنكماش في الداخل وظاهرة الإنطلاق في الخارج وذلك حينما انجلى الصراع المرير بين الدين والعلم أو بتعبير أدق بين رجال الدين وتيار التطور العلمي الهائل الذي بدأ في أوربا، انجلى ذلك الصراع بهزيمة مروعة لرجال الدين ووضع بذلك حد لذلك الطغيان الذي مارسه أولئك الرجال باسم الدين عبر القرون وكانوا سدا منيعا أمام كل حركة فكرية حرة تحاول إخراج الناس من حكم هذا الكابوس الرهيب الذي يفرض سلطانه باسم الله، ويعتبر كل خروج عليه خروجاً على الله، ويبطش البطشة الكبرى مستهدفا الرؤوس المفكرة والعقول الكبيرة ورواد العلم والمعرفة الذين يهددونه في وجوده وكيانه.
    ولكن سنن الله الكونية لا تغالب والظلم لا يدوم ولا يستطيع أحد أن يحول بين العقل وبين إستخدام حقه الطبيعي في التفكير والإنطلاق، ولا يستطيع الطغيان أن يكون حاجزا أبديا أمام العلم والمعرفة والحرية لذلك سرعان ما انهارت السدود ((المقدسة)) أمام زحف التيار العلمي والتقدم الفكري وأزيحت الكنيسة ورجالها كعقبة رئيسية في طريق التطور وفقدوا بذلك كل سلطان لهم في المجتمع فأقصوا عن مراكز الحكم وطردوا من المدارس وانتزعت منهم أداة التوجيه والتربية وانزوت المسيحية في الكنائس والأديرة وسجنت هناك ولم يعد يسمح لها بأن تدس بأنفها باسم رجالها في شؤون الناس.
    أمام هذا الإنهزام بحث رجال الدين المسيحي عن ميدان آخر يمارسون فيه نشاطهم ويعرضون فيه بضاعتهم وقد نبذتهم أرضهم ورفضهم أهلهم وأبناؤهم.
    وكان المجال الطبيعي لهم هو البلاد المختلفة دينيا وحضاريا وكان العالم الإسلامي في مقدمة هذه البلاد المختلفة لذلك كان الهدف الرئيسي للمبشرين الذين انطلقوا في الأرض يبشرون لا بالديانة المسيحية ولكن بالإستعمار الجديد الذي كانوا يمثلون طلائعه في كل بلد، وكانت مراكزهم ومدارسهم القواعد الفكرية التي مهدت للإستعمار وروجت للغزو الفكري والحضاري وأوجدت القابلية للإحتلال وقدمت المبررات والمسوغات لهذا الغزو باسم العلم والمدنية وعلى أنه الطريق الوحيد للتقدم والرقي واللحاق بركب الحضارة، وقد خدمت حركة التبشير هذه جهتين مختلفتين:الجهة الاولى:هم المبشرون الذين وجدوا مصدرا جديد للإرتزاق بعد أن سدت في وجوههم أبواب الرزق في بلادهم ، والجهة الثانية هي الدول الإستعمارية ((اللادينية)) التي تولت طرد هؤلاء من بلادهم ثم امدتهم بعد ذلك بالمال الوفير لا إيمانا منها بدعوتهم ولكن لأن المبشرين كانوا ولم يزالوا طلائع الغزو الإستعماري والممهدين له بغزو فكري مسبق. وعلى هذا الأساس كان هذا التلاقي الغريب بين الأضداد في حركة التبشير.
    ولقد حمل المبشرون أوزارهم وجاؤوا يدعون إليها في بلاد المسلمين، جاؤوا ببضاعتهم المزجاة وتجارتهم البائرة التي لم تجد لها سوقا رائجة بين ابناء جلدتهم جاؤوا إلى بلاد المسلمين آملين أن يجدوا سوقا نافقة لبضاعة أعرض عنها أهلها وذووها جاؤوا ليجدوا أمة غنية في الأخلاق غنية في التراث العلمي العريق، ذات ماض مجيد وحضارة مشرقة تتلألأ في بطون التاريخ، ووجدوا مع ذلك كله تخلفا مريعا في ميدان العلم والأخذ بأسباب الحياة الجديدة ومسايرة ركب الحضارة، مع جهل فاضح بالدين الذي ينتمون إليه وبالتراث الذي ينسب إليهم.
    أضف إلى ذلك فقرا مدقعا يعم أمة تتحكم في مصادر الثروة في العالم تقريب. ومن هذه النوافذ الكبرى والفجوات الواسعة في حياة المسلمين تسرب المبشرون إلى بلادهم ثم إلى قلوبهم وأفكارهم وكان ذلك الإنقلاب الهائل في حياة المسلمين على أيدي المثقفين من ابنائهم الذين ربوا في محاضن التبشير وغذوا بألبانهم الفاسدة المصبوغة بصبغة العلم والمعرفة، ذلك الإنقلاب الذي يتجسد في جماهير المثقفين المرتدين من ابناء المسلمين المتنكرين لدينهم ولتاريخهم ولتراثهم الفكري والعلمي والقابلين أن يتنازلوا عن مكانتهم في التاريخ ومركزهم في العالم وأن يسيروا في ذنب القافلة يقلدون غيرهم ويحكون أقوالهم وأعمالهم بعد أن كانوا ممسكين بقيادة الإنسانية يوجهونها وجهة الخير بإذن الله.
    ولكن المبشرين لم يحملوا إلى بلاد المسلمين شيئا يفتقرون إليه ولا يجدونه عندهم فما هو المعنى الجديد الذي جاء به المبشرون ولم يجدوا لدى المسلمين ما هو أفضل منه؟
    ما هو المثل الأعلى الذي آتو به ولم يجدوا عند المسلمين أكرم منه وأمثل؟ ما هي القيم الدينية والخلقية التي أتوا بها ووجدوا المسلمين أفقر وأحوج إليها منهم، أجل لقد أتوا بالوسائل العلمية الجديدة وأتوا بمبتكرات حديثة في الميدان المادي الخالص، وببعض أنواع العلوم العصرية التي كانوا يستخدمونها في الحقيقة كستار وحجاب يستر غرضهم الأساسي وهدفهم الحقيقي وهو التمكين لأنفسهم ولأفكارهم في بلاد المسلمين وذلك بمحاربة الإسلام في نفوس أبنائه بأساليبهم الملتوية الماكرة.
    و هنا لابد من الإشارة إلى بعض الحقائق البارزة في دعوة المبشرين وإلقاء الأضواء العابرة على ما فيها من عيوب بادية تصدم العقل السليم والفطرة النظيفة للمسلمين عقيدتهم وشريعتهم ومنهجهم الكامل في الحياة ونظرتهم المتكاملة في الكون والحياة والإنسان وكل ذلك منبثق من كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام فما هي عقيدة المبشرين وما هي شريعتهم وما هو منهجهم الكامل وما هو كتابهم وما هو تاريخهم؟
    وأما عقيدتهم: ففيها الطامات الكبرى وأولى هذه الطامات عقيدة التثليث: تلك العقيدة المستعصية على العقول، وذلك اللغز المعقد الذي عجز عن حله اساطين المسيحية عبر القرون لأن كون الواحد ثلاثة والثلاثة واحد وكون كل واحد من الثلاثة هو عين الآخرين شيء تأباه مسلمات العقول وشيء يصطدم مع البديهيات بل هو مما يستحيل فهمه على الإنسان ولهذا تشبعت آراء النصارى في تفسيره فجمهورهم يقولون هذه عقيدة وردت هكذا في الكتاب المقدس، فينبغي قبولها كما هي لأنها ثبتت بالنص، وبعضهم يقول: هذه الأقاثيم الثلاثة هي كالصفات للموجود الواحد ومن هؤلاء الفيلسوف الألماني الشهير كانت حيث يقول: (أن الأب والابن وروح القدس إنما تدل على ثلاث صفات أساسية في اللاهوت وهي القدرة والمحبة والحكمة أو على ثلاثة فواعل عليا وهي الخلق والحفظ والضبط).
    وكل كلام في الحقيقة في هذا الثالوث عبث وذلك لأن العقول لم تعط القدرة على فهم المستحيلات، هذه هي العقيدة التي يريد المبشرون من المسلمين أن يقبلوها ويتخلوا في سبيلها عن عقيدتهم الواضحة التي تغزو القلوب والأرواح ببساطتها وملاءمتها للفطر السليمة والعقول المستقيمة، إله واحد متصف بكل كمال منزه عن كل نقص {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، أرسل الرسل وأنزل الكتب وكلف الناس بتعاليم وتكاليف هي في مقدورهم وجعل لهم يوما لاريب فيه يحاسب فيه كل إنسان على ما قدم بالعدل والقسطاس المستقيم. هذه هي العقيدة التي تجتذب إليها القلوب اجتذابا والتي يريد المبشرون أن يتخلى عنها المسلمون ليؤمنوا بدلا منها بعقيدة لا تجد لها مكانا أصلا لا في العقل ولا في القلب مع العلم بأن عقيدة الثالوث عقيدة وثنية معروفة في التاريخ عند المصريين والهنود وغيرهم ومن عقائدهم أيضا: الصلب والفداء: ومعنى هذه العقيدة باختصار شديد أن الناس جميعا يولدون عصاة آثمين وذلك لأنهم يرثون معصية أبيهم آدم وقد جاء المسيح وهو الإله وابن الإله ليصلب ويفتدي خطايا اتباعه الذين يولدون وهم موصومون بها. والإسلام يحل هذه المشكلة ببساطة متناهية: فيقول القرآن الكريم: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} وعند هذا انتهت هذه القصة التي جعلها النصارى معضلة مبنية على أساس التعارض بين عدل الله ورحمته وبين عدل الله الذي يصر على معاقبة آدم العاصي ورحمته التي تصر على مغفرة ذنبه، ثم لا يكون المخرج من هذا النزاع إلا بالفداء وصلب المسيح الإله وابن الإله، وكأن التوبة لم تخطر لهم على بال. وعلى هذا فالإنسان في ظل الإسلام يولد نظيفا بريئا وعلى الفطرة ولا يتحمل آثام غيره التي لم يتسبب فيها وهو يتحمل تبعة التكليف ويحاسب على ما كلف به فقط. ومن عقائدهم: عصمة الكنيسة وعلى رأسها البابا في فهم الكتاب المقدس وفيما يجتمع عليه الرأي وهذا في الحقيقة إلزام بالخطأ من إنسان يشهد العقل والحس بعدم عصمته، وجعل الكنيسة مصدرا دائما من مصادر التشريع، وهذا لا يعدو عبادة الرأي والعقل والهوى، وفرق بين عصمة الكنيسة وإجماع المجتهدين من أئمة الاسلام وذلك لأن إجماع المجتهدين لا يكون إلا على دليل ومستند من كتاب أو سنة ومن عقائدهم: توسط رجال الدين بين الله وعباده وأنهم يمنحون البركة والمغفرة بإذنه ويقسمون رحمة الله بين خلقه فيمنعونها عمن يشاؤون ويعطونها لمن يشاؤون0
    وقد استغل رجال الدين هذه المكانة أشنع إستغلال وأصبحوا يتصرفون بجنة الله وهم في الأرض وكأنهم يمارسون سلطة الله، وحادثة بيع صكوك الغفران في أوروبا كلها أمر شائع في التاريخ، حيث طبع أحد الباباوات بطاقات يبيع بموجبها مساحات من الجنة وذلك لقاء مبلغ من المال. وكراسي الإعتراف تشهد كل حين اعترافات المذنبين أمام رجال الدين بجميع الذنوب التي اقترفوها وذلك ليغفرها هؤلاء أو ليتوسطوا لمغفرتها-وقد حرر الإسلام الإنسان من هذه الوساطة وفتح أمامه أبواب السماء وأطلقه من هذه الوصاية وقد أونس منه الرشد وربطه مباشرة بربه يتصل به متى شاء وأين شاء: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
    أضف إلى ما سبق تقييد أماكن العبادة في الكنائس فقط مع ما في هذا من الحجر على عباد الله وتضييق الأرض الواسعة، مع عبادة مريم عليها السلام عند بعضهم وعبادة القديسين الذين لا يعلم عددهم إلا الله، وعبادة هؤلاء غالبا ما تكون بالتوسل بهم والإستعانة وتعظيم صورهم التي قلما تخلوا منها كنيسة0 ونحن نعلم أن الفرق المسيحية ليست مجمعة على جميع ما ذكرنا، ولكن الفرقة التي لا توافق على شيء مما ذكرناه، فإنها تقترف شيئا آخر هو أعظم بكثير مما استنكرته.
    هذه لمحات عن عقائد المبشرين ولم نقصد الإستقصاء وفيما ذكر عبرة لمعتبر. وأما شريعة هؤلاء، فلا وجود لها في الحقيقة والواقع، وذلك لأن الإنجيل خال عن كل تشريع وهو مجموعة مواعظ وإرشادات أخلاقية وهو العهد الجديد وأما العهد القديم وهو التوراة ففيها شريعة ورغم أنها شريعة محدودة وشريعة شعب خاص وتفرق بين اليهودي وغيره في المعاملة ومع ذلك فإن المنسوبين إلى المسيح عليه السلام كتلاميذ فقد نسخوا شيئا كثيرا منها وفي بعض الروايات نسخوا جميعها وذلك لما منحوه لأنفسهم من حق التشريع وهو نقلهم عن المسيح عليه السلام أنه قال لهم قبل وفاته بزعمهم: (ما حللتموه في الارض محلول في السماء وما ربطتموه في الارض مربوط في السماء).
    وقد استعملوا هذا الحق في نسخ ما شاؤوا من شريعة التوراة رغم إقرار المسيح لها: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} ومن قول المسيح المروي في الإنجيل ما جئت لأنقض الناموس (وهو التوراة) ولكن لأتمم.
    ونظرا لهذا الإفتقار إلى الشريعة التي تنظم سائر أحوال الأمة كانت الأمم المسيحية عالة على غيرها وأحيانا على غير المؤمنين في التشريع وما قيمة دعوة لا تملك تشريعا ينظم أحوال المؤمنين بها. وأما الشريعة الإسلامية فهي تحمل شهادات دولية من مجامع قانونية عالمية على أصالتها وشمولها لجميع أحوال الإنسان وقابليتها للتطبيق في كل زمان ومكان وهذه كتب التراث الإسلامي تشهد بكل ذلك، ومع هذا فالمبشرون يريدون من المسلمين العدول عن هذا الصراط المستقيم الذي تولى الله سبحانه رسمه وإقامة معالمه وأناط سعادة الإنسان به، إلى لا شيء فاعجبوا أيها الناس.
    إن المتأمل في كتب المبشرين وأسفارهم المقدسة يخرج بنتيجة حتمية واحدة وهي إن هذه الدعوة لا تملك لا عقيدة ولا شريعة وخلاصة ما تدعو إليه بعض مكارم الأخلاق كالزهد والحلم والتواضع ولين الجانب والإقبال على العبادة والتنسك وهذا لاشك جانب من الدعوة ولكن لا بد مع هذا من عقيدة تقنع العقل وتشبع القلب ومن شريعة تنظيم سلوك الإنسان وترشده في متاهات الحياة ونظرة متكاملة تعطي الإنسان تفسيرا عن هذا الكون وكل هذه الأمور تفتقر إليها دعوة المبشرين.
    بل نقول أكثر من هذا وما نحن بمبالغين وهو أن هذه الدعوة تفتقر إلى الأصول والمنابع الأولى التي تستمد منها أفكارها وآراءها ومبادئها وذلك لأن ما تعتمد عليه من كتب مقدسة ومن سيرة صاحبها الأول وهو المسيح عليه السلام لا يصلح أن يكون أساسا لدعوة متكاملة لا من حيث النقل والثبوت ولا من حيث المضمون والمحتوى.
    وأما من حيث النقل والثبوت فمن المتفق عليه عند المؤرخين والمنصفين من الناس أن أية أمة من أمم الأرض لا تستطيع أن تروي عن نبيها خبراً واحداً من كتاب أوسنة يرقى إلى مرتبة أخبار الآحاد عند المسلمين وأن بين هذه الكتب ومن أنزلت إليهم مفاوز من الإنقطاع والمجاهيل التي لا يدري عنها أحد شيئا وكذلك الأقوال المروية عنهم لا يعرف لها سند أصلا وإنما وجدت هكذا وولدت كما هي وقبلت كما وجدت وكما ولدت.
    وأما العهد القديم الذي هو التوراة فقد ضاعت بإجماع المؤرخين من اليهود والنصارى وذلك حينما غزا البابليون بيت المقدس وأحرقوا هيكل اليهود وأن التوراة الماثلة بين أيديهم فهي التوراة التي أعاد كتابتها عزيز بخارقة تمت على يديه فاليهود والنصارى عالة على عزيز هذا في أصل دينهم وهذا كما ترون شيء لا يستسيغه العلم ولا يقره وذلك أن يعيد رجل كتابة كتاب مفقود بواسطة حلم أو تجلي ملك أو بقذف نور في قلبه، أو بشر به من ماء مبارك أو أكلة من شجرة مباركة، ولابد من إثبات الكيفية التي تمت بها إعادة كتابة التوراة بشكل يرتضيه العلم ولا سبيل إلى ذلك، وتوراة اليهود تخالف توراة النصارى، وتوراة السامرة من اليهود تخالف التوراتين السابقين. والأناجيل تبلغ الأربعة المعترف بها فهي من جملة أناجيل تبلغ العشرات كتبت جميعها بعد رفع المسيح عليه السلام.
    ولم تعتمد رسميا إلا في القرن الرابع المسيحي وذلك أن اليهود قاتلهم الله حينما حرضوا الرومان على قتل المسيح ووشوا به إليهم وسعوا للقضاء عليه وعلى دعوته شدد الرومان الحملة على المسيح واتباعه فرفع المسيح عليه السلام وشرد اتباعه في الأرض وتخفوا بدينهم وفي هذه الأثناء دخل بولس اليهودي في المسيحية لإفسادها، وزعم أن المسيح تجلى له وأنه يتلقى الإنجيل من المسيح مباشرة وأنه لا يجوز أخذ الإنجيل من غيره أي من غير بولس فكتب إنجيله ودس فيه ما دس من تعاليم الوثنية الباطلة وروج لهذا الانجيل وجمع حوله أناسا يقولون بقوله فانتشرت آراؤه في الناس ووضعت في المقابل أناجيل أخرى ووقع التعارض فيما بينها وثار النزاع حول المسيح وحقيقة شخصيته وعم الجدل فعقد مجمع نيقية عام (325) لوضع حد لهذه المنازعات في عهد الملك قسطنطين الذي كان قد تنصر بتأثير أمه وعرض في هذا المجمع سبعون إنجيلا وبعد أخذ ورد وقع إختيار الملك ومن معه على الأناجيل الأربعة.
    و رفض غيرها واعتبرت غير قانونية، وإلزم الناس رسميا بهذه الأناجيل على ما فيها وهذه الأناجيل متعارضة فيما بينها وكل واحد منها يخالف الآخر ولا نكون مبالغين أبدا إن قلنا إن كل صفحة منها يوجد فيها ما يخالف غيرها من سائر الأناجيل، وهي مختلفة في الحادثة الواحدة والشخص الواحد والقصة الواحدة، وهي في الحقيقة عبارة عن تواريخ ومذكرات كتبها أناس وضعت أسماؤهم عليها أو نسبت إليهم وهي خليط من كلام المسيح وكلام الإنجيل وسير ووقائع جرت مع المسيح عليه السلام وهي مليئة بالخرافات والكفريات والضلال ويتخلل ذلك شيء من الزهديات التي تعتبر كل شيء في الإنجيل والنزاع قائم في كل ما يتعلق بهذه الأناجيل فهي غير مسلمة شكلا وموضوعا ولا نعرف تماما اللغة التي كتبت بها هذه الأناجيل ولا تاريخ كتابتها ولا الأشخاص الذين كتبوها.
    ولو كانت هذه الكتب مسلمة الثبوت من حيث السند لكان كافيا لفقدان الثقة بها الترجمات التي تعرضت لها إذ أنه من الثابت أن الترجمة تقتل النص وتفقده جوهره، والترجمة الحقيقية المطابقة للأصل لا يمكن أن توجد أصلا. ومع ما في هذه الأناجيل من الأباطيل والتحريفات فإن الله سبحانه حفظ فيها ما يقيم به الحجة عليهم من التبشير بمحمد عليه الصلاة والسلام ففي إنجيل يوحنا: (7:لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق لأني إن لم انطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن إنطلقت أرسلته إليكم0) (12: وإن لي كلاما كثيرا أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن 13وإذا جاء روح الحق ذاك فهو يعلمكم جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع ويخبركم بما سيأتي). فهذا الكلام لا يمكن حمله: إلا على محمد عليه الصلاة والسلام مع وجود إنجيل برنابا الذي يوافق القرآن في كثير مما قاله عن المسيحية ويقيم الحجة على النصارى ويخالف الأناجيل الأخرى المعتبرة في أسسها وعقائدها الكبرى، وهذا الإنجيل أكتشف في الغرب ولم يعرف في الشرق بل قالوا إنه وجد في مكتبة أحد البابوات وكان سببا في إسلام القيم على تلك المكتبة.
    هذه هي كتب المبشرين التي يريدون من المسلمين أن يتخلوا عن قرآنهم لأجلها يريدون أن نتخلى عن قرآننا الذي تعرف كل سورة منه بل كل آية متى نزلت وأين نزلت ولماذا نزلت وتعرف اللغة التي نزلت بها ودون منذ اللحظة التي نزل فيها واستظهره الناس لفورهم وتلوه في صلواتهم ليل نهار وتعلمه طلاب العلم في المساجد والمدارس وتدارسته الصبية في الكتاتيب والنساء في البيوت وانطلق به المجاهدون في أرجاء الأرض والذي لم يتعرض لترجمة أصلا فهو يحتفظ وسيبقى بحفظ الله محتفظا بطابعه الذي نزل فيه، مع خلوه من التناقض والتضارب واحتوائه لمنهج متكامل في العقيدة والشريعة والعبادة والأخلاق وإعطائه تفسيرا سليما سديدا عن الكون والحياة والإنسان مع ثبوته بجدارة واعتزاز أمام النظر العلمي المتجرد في كل ما ذكر، مع شهادة الواقع والتاريخ على تلك الجدارة {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
    {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}
    فهذا هو القرآن وهذه هي الأناجيل فيا حسرة على عباد يعطلون عقولهم ويكابرون الواقع ويستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.
    وأما الرسول الذي يزعم المبشرون اتباعه فهو المسيح عليه السلام، وهو نبي كريم وهو عبد الله ورسوله وقد أدى رسالة ربه ومهد لظهور أخيه محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن المعروف من حياة المسيح عليه السلام وهديه في شؤونه الخاصة والعامة لا يكفي بشكل من الأشكال لجعل تلك السيرة قدوة ومنهاجا لإنسان يؤمن بالمسيح ويريد أن يتبعه ورغم قصر المدة التي قضاها المسيح عليه السلام في التبليغ ورغم رفع الله له إلى السماء في سن مبكرة فإن شطرا كبيرا من تلك المدة القصيرة مجهول غير محفوظ،فبعض المواعظ والرقائق مع بعض التعديلات في التوراة لا يكفي لأمة تحتاج في كل ناحية من نواحي حياتها لمرشد يهديها سبيل الرشاد، وهل هذا المرشد إلا هذا النبي. وإذا لم تحفظ الأيام حياة النبي وسيرته بشكل مفصل وواف ومقبول، ومنقول نقلا صحيحا فكيف نتبعه. وأمام هذا تستطيع أن نقول بدون تردد في النبي العظيم محمد عليه الصلاة والسلام: أن أمته لم تفقد منه فعلا إلا جسده الشريف وأما أقواله وأعماله وشؤون حياته كلها في مجالاته الخاصة والعامة بل حتى شؤونه الشخصية البحت من أكله وشربه ونومه واستيقاظه وضحكه وتبسمه وملابسه وأوانيه ودوابه وأسماء هذه الدواب وجلوسه ومشيه واتكائه والتفاته وشكله ولونه وطوله وعرضه ولون شعره وبشره وغير ذلك من جميع شمائله وخصائصه وشئون حياته وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد كل ذلك قد دون وأحصي ودرس وسجل في كتب السير والشمائل والتاريخ بشكل لا مزيد عليه ونقل كل ذلك إلينا بطريق علمية تبهر علماء التاريخ من الأوروبيين، مع حفظ أسماء النقلة وأحوالهم وكتبهم. ومن أراد أن يتتبع حياة الرسول عليه الصلاة والسلام من قبل ولادته إلى انتقاله إلى الرفيق الأعلى ويعيش معه حياته المباركة بكل تفاصيلها الجليلة والدقيقة من شئون البيت ومداعبة الأطفال وملاطفة النساء إلى خصف النعل وغير ذلك من كل ما يخطر ببالك من شأنه ما عليه إلا أن يقرأ كتب السيرة والشمائل وحسبه من ذلك على سبيل المثال،كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله وكتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله وكتاب السيرة النبوية لابن هشام وإمتاع الأسماع للمقريزي وعيون الأثر لابن سيد الناس،مع كتب التاريخ التي لا سبيل إلى حصرها، وهذه الكتب زيادة على المعروف المشهور من كتب السنة المتداولة كالصحاح والسنن والمساند في هذه الحياة الكريمة والسيرة العطرة يجد المسلم كل ما يحتاج إليه في حياته الخاصة والعامة. وليقل بعد هذا كل عاقل هل من تكريم العقل والعدل والعلم والإنصاف أن يعدل الإنسان عن هذه السرة الكاملة والمحفوظة والمضبوطة والمنقولة نقلا صحيحا لاشك فيه إلى سيرة مجهولة ناقصة المحفوظ منها لا يفي بحاجة الإنسان في أية ناحية يستفتيها ومع جهالتها ونقصها لم تنقل نقلا صحيحا وكما أن القرآن الكريم هو الكتب السماوي الوحيد الذي حفظه الله وصانه ووضع فيه أسس السعادة والصلاح لكل زمان ومكان ويمثل بين دفتيه حكم الله خالصا وقادرا على تنظيم حياة الإنسان في كل مجالاتها، فكذلك سيرة الرسول عليه الصلاة، هي السيرة المحفوظة المتاكملة الوحيدة والقادرة على مد الإنسان بكل ما يحتاج إليه في دقائق حياته كلها. وبعد هذا كله فما الذي قدمته النصرانية للإنسان عبر التاريخ، أي حل قدمته للإنسان في مشاكله العقائدية والأخلاقية والتشريعية، وما هي القيم التي قدمتها وما هي المثل التي صدرتها، وما هي الأمجاد التي حققتها وما هي الحضارة التي نشأت في ظلها ورعايتها؟
    إن الذي يحفظه التاريخ للمسيحية من كل ذلك باختصار شديد هو ما يلي جماعة من رجال الدين في كل عصر تستطيل على الناس بسلطانها الديني وتتطاول على كراسي الحكم بغير حق وتدعي لنفسها أنها ظل الله في الأرض فتتحكم في رقاب البشر باسم الله والله من كل ذلك الظلم بريء، وتخدر الناس بالرضا بالواقع لأنه حكم الله. وتعتبر كل خروج على آرائها خروجا على الله، وتقمع جميع الحركات التحررية والعلمية، وتخنق الثورات والنهضات بهذه الحجة وتجعل حصيلة كل ذلك وسيلة لشهوات حفنة قليلة من رجال الدين برئاسة البابا، وقد كان لموقف رجال الدين من النهضة العلمية في أوربا ضرره البالغ على الديانات كلها في العالم وعلى الإسلام بوجه أخص، وذلك حينما وقفت العقول المتحجرة سدا منيعا أمام التيار العلمي المتدفق وحرمت على الناس استخدام حقهم الطبيعي في التفكير والإبداع وبررت ذلك التحجير والتحريم باسم الدين.
    كفر العلماء بذلك الدين المتحجر الذي يقاوم وجودهم ويهددهم في حياتهم وفي مبتكراتهم العلمية ويكرههم على البقاء في ظلمة الجهل والتخلف، وكنتيجة طبيعية لهذا الموقف نشأت الحركة العلمية في ظل الإلحاد ثم غزت العالم كله وهي تحمل هذا الطابع وتنفر بالتالي من كل دين ومن كل ما يمت الى الله بصلة وقد نسيت أن تميز في حركة إندفاعها وشرودها عن الكنيسة وعن دينها ورجالها أن تميز بين دين ودين وحكمت على الديانات كلها بالإعدام واعتبرتها منافية للعقل والعلم وأخرجتها بذلك من ميدان الحقائق العلمية المسلمة إلى عالم الخرافات والأحلام والشعوذة ففقدت الديانات بذلك قدسيتها وتأثيرها على الناس وأصبح الدين كالمجرم الذي أدين ووضع في قفص الإتهام وعلى أثر انزواء الدين من المجتمعات طغت فيها مردة الابالسة من الملاحدة وخرج الأمر كله بذلك من يد أهل الخير والصلاح.
    هذا ما جنته الكنيسة على الإنسانية في الماضي والحاضر وهذا ما قدمته لها، وأما قيم الإسلام ومثله العليا ورسالته التي أنقذ بها العالم والحضارة الإنسانية الشاملة التي شيد صورها والحركات العلمية التي أنبتها نباتا حسنا في ظل رعايته عبر التاريخ شيء يغنينا اشتهاره عن الإطالة فيه، ولا تزال آثاره ماثلة على مرأى من الأوروبيين في بلادهم وفي التراث العلمي العريق الذي خلفه المسلمون في مكتبتهم الزاخرة العامرة. والسؤال الذي يهجم على الإنسان الآن بعد ما تقدم هو ما يلي: إذا كانت للمسلمين هذه الحصانة في العقيدة والشريعة والكتاب والرسول وهذه الأمجاد التاريخية فكيف يتسرب إلى صفوفهم المبشرون وهم من وصفت في العقيدة والشريعة والرسول والكتاب والتاريخ؟ والجواب عن هذا السؤال هو أن المبشرين لم ياتوا إلى المسلمين بشيء أفضل مما عندهم فيما ذكر ولكنهم وجدوا في المسلمين ثغرتين كبيرتين تسربوا منهما إلى بيوت المسلمين وقلوبهم. هاتان الثغرتين هما تخلف المسلمين الإقتصادي وتخلفهم العلمي، وأما التخلف الإقتصادي فأمر ينتظم العالم الإسلامي كله والفقر المدقع عامل مشترك بين ابناء الأمة الإسلامية التي تتربع على منابع الثروات العالمية، والتخلف الإقتصادي في الحقيقة نتيجة طبيعية للتخلف العلمي الذي يعاني منه المسلمون في كل ميدان من ميادين الحياة.
    إن المسلمين بحاجة إلى الكثير من فقه المادة إن صح هذا التعبير ليعرفوا كيف يستغلون هذه الثروات الطبيعية الهائلة التي يجثمون فوقها والتي يسرقها أعداؤهم على مرأى منهم مسمع. والإنعاش الإقتصادي ليس في الحقيقة إلا جزءا من إنعاش عام يشمل جميع جوانب الحياة في الأمة، فمالم يعرف المسلمون كيف يحسنون الإستفادة من الكنوز التي يملكون مفاتيحها سيبقون في حاجة دائمة لعدوهم الذي يجود عليهم بمالهم مقابل الخروج عن دينهم والتنكر لتراثهم. وقد قيل قديما: إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك، وهذا يبين السبب الذي يبيع به بعض ضعاف الإيمان من المسلمين دينهم برغيف يبقي لهم حياتهم، والسبب هو جهلهم بدينهم وبأساليب الحياة الحديثة وبمبتكرات الحركة العلمية التي وضع أسلافهم أصولها باعتراف أعدائهم.
    وأما جهلهم بدينهم فقد سمع للمبشرين بأن يدسوا على الإسلام ما شاؤوا من مفتريات وأباطيل وبأن يشوهوا جمال الإسلام في نفوس أهله ويزعزعوا مكانه ذلك الدين في قلوب ابنائه مما يضعف روح المقاومة عندهم ويوجد لديهم قابلية الإنهزام والتبعية والذوبان مما يمهد الطريق أمام المبشرين لسلخهم عن دينهم.
    وأما عدم الأخذ بأسباب الحياة العلمية الحديثة فقد جعل المسلمين يعجبون بما لدى أعدائهم من تقدم علمي هائل يتصاغر أمامه الإنسان الجاهل، ويفتن بما يرى ويكبر في نفسه وفي عينه من تحققت تلك المعجزات على يديه ومن جلبها إلى بلاده وبالتالي وكنتيجة طبيعية يزدري ما عنده وهنا يصل المبشورن إلى الغاية المنشودة حيث تسقط عزة المسلم الجاهل أمام بريق الحضارة الخداع فيزداد تضاؤلا في نفسه وتعظيما لغيره حريصا كل الحرص على تقليد من شاد هذه الحضارة ورفع منارتها مستعدا لبذل ما لديه من دين وخلق في سبيل التشبه بهم.
    هاتان هما الثغرتان الكبيرتان في واقع المسلمين نفذ منهما المبشرون وأسيادهم المستعمرون إلى نفوس المسلمين وبلدانهم واستطاعوا أن يوقعوا في شباكهم فريقين من الناس: فريق جائع محتاج ساوموه على حياته واشتروه، وفريق جاهل غرروا به وضللوه وأما أن يكسبوا لدينهم مسلما واحدا عن إيمان وقناعة فلا سبيل إليه أبدا، لأن دينا لا يفهمه الداعون إليه أجدر أن لا يفهمه المدعون وهذان الفريقان من ضحايا المبشرين لا يؤبه لهما في الحقيقة إزاء ما استطاع هؤلاء أن يحققوه في مجال آخر بقي على ولائه الأسمى للإسلام ولكن جوهره قد تدنس بكل أباطيل المبشرين وخبائثهم، هذا المجال هو مجال المثقفين المسلمين. إن كان المبشرون قد استطاعوا أن يشتروا بعض المعوزين ويظللوا بعض الجاهلين فإنهم استطاعوا أن يشككوا الجمهور الأعظم من المثقفين ويزعزعوا إيمانهم ويهزوا يقينهم ويخدروا شعورهم الديني بحيث يكون الباقي منهم على دينه، مشلولا مخدرا قلق نهبا للصراع النفسي العنيف بين عقيدته والشبهات التي ألقيت حول هذه العقيدة وكثيرا ما انتهى هذا الأمر بهذا الصنف من المثقفين إلى الارتداد العملي عن الإسلام وإن لم يصحب ذلك تصريح بإعلان الإرتداد. وما هذه الموجة العارمة من الارتداد والتي تجتاح المثقفين المسلمين إلا حصاد طبيعي لما زرعه المبشرون من بذور التشكيك في قلوبهم ومجال التشكيك والتظليل هو أهم ما يستهدفه المبشرون ويقنعون بذلك أمام صلابة العقيدة الإسلامية وقوتها. وقد خطط المبشرون وأولياء أمورهم من المستعمرين لمن وقع في حبائلهم من المثقفين ووضعوا مقدرات الأمة الإسلامية في أيديهم وجعلوا الكثيرين منهم في مراكز الحكم والتوجيه وذلك إما ليستمروا في أداء مهمتهم التخريبية وظل هذا النوع من المسؤولين الذين ربوهم على أعينهم ونشؤوهم في حضانتهم ورعايتهم وإما لكي ينوب هذا النوع من المسئولين في القيام بمهمة المبشرين في بلاد المسلمين من حرب لدينهم وصرف لهم عن تراثهم وتاريخهم وحمل لهم على الإنسلاخ عن قيمهم في القلب والقالب.
    وقد استطاع هذا النوع الجديد من المبشرين المحليين أن يخرجوا بشكل أعظم من المبشرين الأباعد، وذلك مستترين بالفلالة الرقيقة من الاسماء الإسلامية التي تنم عما تحتها من المخازي والفضائح.
    إن المسلمين يجابهون بقوى لاطاقة لهم بها وهم على وضعهم الحالي، فهناك المبشرون المفسدون في المجال الفكري، ومن خلفهم المستعمرون المفسدون في جميع المجالات ومعهم عملاؤهم في الداخل من ابناء المسلمين المخدوعين بهم، ووراء كل ذلك اليهودية العالمية بأساليبها الماكرة التي توجه السياسة العالمية، ومع هذا الجيش الهائل من الأعداء فإن عزيمة الشباب المؤمن (ذخيرة هذه الأمة) لا تلين ولا تضعف وهي تثق بنصر الله وتأييده ولن يزيدها تكالب الأعداء وتألبهم على دينه وأمته إلا مضاعفة النشاط والجهاد والتصميم على النصر حتى النهاية.
    وبعد فهذه معلومات أولية وأساسية في هذا الموضوع وكل فقرة منه تصلح أن تكون مقالة مستقلة والفكرة ككل لا يتسع لها كتاب ولكن إن هي إلا محاولة عاجلة وعابرة مع علمي بأن المسيحية أضعف عدو يمكن أن يجابه الاسلام، وأن التيارات الملحدة التي تكتسح الشباب في العالم الإسلامي هي الخطر الحقيقي والأكيد على الإسلام ولكن نظرا لأن دعوات التبشير وإرسالياته تمد تلك التيارات الملحدة بهذا الشباب المرتد بما تتسبب به من تشكيك في الإسلام وصرف عنه وحرب له فتكون بذلك بمثابة المورد بالخامات لتلك التيارات أقتضى التنويه على أصل الخطر مع عدم الغفلة عن الفرع.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    المشاركات
    14,298
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-06-2019
    على الساعة
    06:45 PM

    افتراضي

    اقتباس
    إن التيارات الملحدة التي تكتسح الشباب في العالم الإسلامي هي الخطر الحقيقي والأكيد على الإسلام
    على الرغم من أن المقالة رائعة .... إلا أنني أختلف إختلاف كلي وجزئي مع الشيخ ممدوح فخري المدرس في الجامعة الاسلامية كاتب هي المقالة في أن هناك خطر على الإسلام .

    وأنا أوجه له من خلال هذه الصفحة بأن مع أحترامي وتقدير لمكانتك العلمية والتي أكون بجانبها نقطة في بحر .... أنه لا يوجد ألبته خطر على الإسلام .... فالإسلام حفظه الله منذ خلق آدم عليه السلام .. والإسلام دين الله .... والله ناصر دينه ولو أجتمعت الإنس والجن عليه ..... ولكن من الممكن القول أن الخطر على الشباب وليس الإسلام .

    أما بخصوص المبشرين فتوضيح الشيخ ممدوح كافي لكشف لاعيبهم ..... ولكنني أتعجب في بعض الأحيان والمواقف التي يعتنق فيها المبشرين للإسلام ... فنجدهم يعترفوا بأنهم لم يفهموا الإسلام على حق وأنهم عندما واجهوا الإسلام في حملة التبشير وجدوا أن الإسلام يحمل من القوة الإلهية ما لا يحمله كتاب آخر .

    وهذ يكشف لنا أن الحروب التي تنصب ضد الإسلام لا تأتي بثمارها الشيطانية بل تأتي بثمار أخري لا تحلوا بمنظمة التبشير .... لأنهم نسوا قول الله في شأن سيدنا عيسى عليه السلام :
    " مكروا ومكر الله والله خير الماكرين " ... فمهما كانت صلابة الحروب ضد الإسلام ولكن الله عز وجل يجعل هذه الحروب فائدة للإسلام ... كما كان الحال في 11 سبتمبر... فعلى الرغم من توجيه الإرهاب إلى الإسلام كحملة دعائية ضده ... إلا أن الله عز وجل خلق في قلوب الأمم حب التطفل لمعرفة ما هو الإسلام وما هي مبادئه .... فكانت المفاجأة هي أعتناق الكثير للإسلام .

    إذن تستشف من هذا أن كل ما هو حول الإسلام من ضلال وحقد وكراهية وحروب .. فلا خوف على الإسلام ؛ وأن الإسلام باقي رضي المشرك به أم لم يرضى ....... وقول الحق في حديث قدسي ... من لم يرضى بقضائي فليخرج من تحت سمائي .

    فالإبتلاءات إمتحان الله للمؤمن ... فمن آمن فلنفسه ومن أشرك فلنفسه .. ولن يزيد ولن ينقص من ملك الله شيء .

    بارك الله فيك أخي الغالي أبـ( مريم)ــو ... داعين الله عز وجل أن يفيق الشباب الذين ضلوا طريق الله .... وأن يعلموا أنه من ضمن عمره لحظة فليفعل ما يريد .... ومن لا يملك هذه اللحظة فليخاف الله .

    وأما من يدعو أن الكون يتحرك بمفرده دون تحكم من خالق له ... فليعلموا أن هذه الإدعاءات ما هي إلا محاولات للسعي لطرق الأهواء الباطلة ... فلو كان الكون يسير بطبيعته دون حاكم أو رابط له ... لأحرقت النار سيدنا إبراهيم .... ولا تحولت قطعت خشب من شجر إلى حية كبيرة بيد سيدنا موسى ؛ ولا فرقت البحر لنصفين .

    إذن هناك من يحكم الكون ويديره بقدرته ... يحرك نواميس الكون بأمره ... فعلى الرغم من أن خاصية النار الحرق ... ولكن بقدرته العظيمة أوقف نواميس النار وهي تحت قدم عبد وخليلة سيدنا إبراهيم .... وبقدرته وعظمته جعل قطعة خشب له معجزات تفوق قول أن الكون يسير بطبيعته .

    ولله الأمر من قبل ومن بعد
    والله أعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    640
    آخر نشاط
    31-05-2015
    على الساعة
    04:52 AM

    افتراضي

    بارك الله فيك أخى السيف البتار

    أشاطرك الرأى ولكنى فضلت أن أنقل المقالة كما هى

    وحقاً أشرت أن العديد ممن يعتنقون الإسلام هم من المنصرين

    فما شاد هذا الدين رجلاً إلا غلبه
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نظرات في دعوة المبشرين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. نظرات في رسولية بولس (4)
    بواسطة Bitter Truth في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-07-2006, 06:59 AM
  2. لماذا يركز المبشرين على تنصير الفتيات على وجه الخصوص
    بواسطة على ابراهيم عبد الكريم في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 26-06-2006, 02:41 PM
  3. تزايد نشاط المبشرين في الجزائر
    بواسطة rahma في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-12-2005, 11:24 AM
  4. أعلان الحرب على المبشرين الضالين أعداء الله
    بواسطة مجاهد في الله في المنتدى الأدب والشعر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-11-2005, 12:52 AM
  5. نظرات فى قصة أدم
    بواسطة limo2004 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-08-2005, 11:32 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

نظرات في دعوة المبشرين

نظرات في دعوة المبشرين