هل كانت الدنيا في حاجة الى الإسلام بعد المسيحية؟؟؟؟؟

لأن القضية قضية خلود في الجنة او خلود في النار

نناقش هذا الموضوع بعيداً عن التشنجات والعصبية وحبل القاء الشبهات الوهمية الطويل وتعالوا نناقش الموضوع بالمنطق




أنه بعد غرق اليهود في المادية التي جعلتهم يعبدون عجلاً رغم رؤيتهم للمعجزات العينية على سبيل المثال كان لابد من وجود عقيدة تسمو بالإنسان سمواً روحيا ليتخلص من المادية فكان الطور الطبيعي للإنسانية أن تتطلب الهداية في رسالة المسيحية التي لا تدعو الى التوحيد والتنزيه فحسب بل تجعل الله الحبيب الأسمى الذي يتجه اليه وجدان كل إنسان فيتلاشى من قلبه حب كل حبيب سواه ولا يبقى للحس وجاهه سلطان على قلب ذلك المحب ولا للطقوس قيمة لأنه إذا حضر المحبوب لم يكن لتملي رسمه على الورق أو مناجاة طيفه معنى.



وأعني بالمسيحية هنا ما جاء به المسيح من نصوص كلامه لا ما أُلحق بكلامه وسيرته من التأويل.

فالمسيحية بهذا الإعتبار هي دين القلب الإنساني



ولهذا نجد دعوة السيد المسيح خالية من المراسم والطقوس كما خلت من تشريع المعاملات لأن موضوع المعاملات والحياة الدنيا برمتها لم تدخل له في حساب بشقيها من مال وقصاص.

ولكن لأن البشرية لم تنضج لهذا الدور نضوجاً واحداً متساوياً لأن عقيدة القلب الخالص من كل علائق المادة هي بطبعها عقيدة الأفراد الأفذاذ . أما السواد من الناس فللحس على قلوبهم أبداً سلطان غير مجحود ولا مردود

لهذا بقيت المسيحية في حقيقتها دين قلة من الأفراد ميسرين لها وكانت نتيجتها المنطقية تلك الرهبانية المنعزلة عن الدنيا ومعاناتها . أما السواد من الناس فراحوا يلبسون اوثانهم الحسية وعقائدهم المادية طيالس العبادة الجديدة فتمثلوها كما تصورها لهم عقولهم وإطمأنوا الى هذا التصوير .

ولهذا لم يستطع السواد الإرتفاع الى المستوى الروحي العالي الذي هو مضمون دعوة السيد المسيح.

ولم يسلموا – لتعلق قلوبهم بالدنيا وغشيان المادة وسلطانها على تفكيرهم – من ظهور عقابيل التجسيم والتنطس في المواسم تتخذ عناوين الدين الجديد وتتزيا بزيه لأنها نظم تقابل حالات النفس التي لم تنضج بعدُ لدعوى الروح الخالصة من قيد الجسد وشهواته.

والإنسان قد وقف بعد اليهودية والمسيحية موقفاً لا يحسد عليه كثيراً بسبب ما التصق به من وزر أبيه الأول آدم ، ذلك الوزر الذي أعتبر خطيئة أولى وخطيئة باقية موروثة لا بد لها من كفارة وفداء حتى لا يذهب بجريرتها أبناء الجنس البشري كافة !!!!فكان لابد من عقيدة ترفع عن كاهل البشر هذه اللعنة وتطمئنهم الى العدالة التي لا تأخذ البرىء بالمجرم أو تزر الولد بوزر الوالد وتجعل للبشرية كرامة مضمونة

إن المسئولية هي أساس الكرامة الإنسانية وأساس كل حرية وكل أخلاق ممكنة وهذا ما قطع به الإسلام ووضع به الحجر الأساسي لكرامة بني آدم

إن فكرة الخطيئة الموروثة هي فكرة قاسية تسمم ينابيع الحياة كلها ورفعها عن كاهل الإنسان منة عظمى ،بمثابة نفخ نسمة حياتية جديدة فيه بل هو ولادة جديدة حقاً ورد اعتبار لا شك فيه .إنه تمزيق صحيفة السوابق ووضع زمام كل إنسان بيد نفسه



وبعد هذه الفلسفات التي أُدخلت على المسيحية كان لابد للناس من عقيدة جديدة يجتمع اليها العقل والقلب جميعاً ، وتصحح ما تردوا فيه من الأخطاء في تفهم ما سبق من عقائد ورسالات

كان لابد من دين جديد يؤكد وجود الله وانه خالق الخلق وانه الكامل المتفرد بالكمال بيده الأمر وهو على كل شيء قدير ويؤكد وحدانية الله توكيداً يقضي على عقابيل التعدد في تصور الإله ... ويلزم كذلك أن يؤكد هذا الدين التنزيه لله حتى لا ينزلق الناس الى التجسيم الذي طالما وقعوا فيه بعد كل دعوة للتوحيد بسبب غلبة الحس عليهم

هذا من جهة مضمون العقيدة الجديدة

أما من جهة موقعها من الناس فينبغي أن يتجه الدين الجديد الى الناس كافة لا فرق بين شعب وشعب ولا بين جيل وجيل ولا بين طبقة وطبقة

ولا تكون الدنيا في هذا الدين الجديد رجساً بل هي من ملك الله وطيبات نعمائه ،فالله صاحب الدنيا كما هو صاحب الأخرة وهو سبحانه خالق الحس بما يفرضه من دوافع الحياة ومطالبها وهو فاطر طلبها في النفس ... وإنما هي الحدود الشرعية يفرضها الله في دينه فإذا السعي في سبيل الدنيا على سنن تلك الحدود وقد أمسى تحصيلا للمثوبة في الأخرة بالطاعة والإحسان

هذا الدين المرموق هو دين البشر

وكان الإسلام هو الذي انبرى للنهوض برسالة هذا الدين



لا يدع القرآن شائبة من ريب في مسألة وحدانية الله وفي ذلك نقض لعقائد الشرك وتصحيح لعقائد أهل الكتاب أيضاً ...فقد سار أتباع المسيح الى القول بألوهيته وأنه ابن الله وان الإله الواحد جوهر واحد في ثلاث اقانيم هي الله الأب والله الأبن – وهو المسيح – والروح القدس

وشبهوا ذلك السر الإيماني بالشمس وكيف انها حقيقة واحدة تقع على الحواس قرصاً ونوراً وحرارة..

ولم يرد على لسان المسيح في اقواله الواردة في بشارات حواريه (الأناجيل) إشارة الى شىء من ذلك بل كان يدعو نفسه على الدوام "ابن الإنسان|

وأما البنوة لله عز وجل فما ورد لها ذكر الا على سبيل المجاز المطلق وبمعنى يشمل البشر كافة حين أوصى أن تكون صلاة الناس الى الله بادئة بقولهم "يا ابانا الذي في السماء"... وما اقرب هذا ان يجعل رعاية الأبوة مطلقة شاملة لجميع الكائنات وما أبعد هذا أن يكون ذلك السر أو اللغز المعقد الذي اختلف فيه اقوال المفسرين من الكهان وعلماء اللاهوت وقد ادى هذا اللبس الى فتنة بل فتن بين صفوف اتباع المسيح والمنتسبين اليه وجمعت المجامع ووقعت المذابح وصار الإيمان سبيلاً الى الفرقة لا الى الألفة واجتماع العقول والقلوب على عقيدة يطمئن الجميع اليها

وناهيك بعقيدة لبابها المحبة حتى للأعداء .. تكون مثار ذلك كله

وناهيك بعقول السواد منهم كيف لا تنزلق الى الشرك من باب هذا " السر" الذي يجعل من الواحد ثلاثة أقانيم!

لابد من رد الناس الى بساطة الأعتقاد ولابد من نفي اللبس وشوائب الريب عن جوهر هذه العقيدة وهو التوحيد مطلق التوحيد

إذن تعين ان يأتي الدين الجديد يحسم هذا الإختلاف فما كلن سبحانه فرداً في جنس ولا واحدا في سلالة من نوعه . حاشا! بل جل عن النظراء والأكفاء . من ذا الكفء لله؟



وهكذا بدت العقيدة الإلهية في الإسلام ناصعة البياض في تجردها من الشرك وشبهاته ومن النقص وشوائبه على نحو حاسم كانت البشرية في حاجة اليه بعد الذي انتاب المؤمنين بالأديان من اختلاف وبلبلة

لقد تمت فكرة التوحيد وتم خطاب العقل وتم البلاغ الى الناس كافة احمرهم وأسودهم وتمت كرامة الإنسان وصلته بربه وبدنياه بالإسلام وتركت لهم مصالحهم المرسلة يعالوجونها على ذلك الأساس حسبما يستجد لهم من الأمور فكل رسالة بعد ذلك قول معاد ليس فيه جديد ولذلك كان من الطبيعي ان يكون رسول الله محمد خاتم الرسل لأن رسالته خاتمه للرسالات.

الى من يدين بغير الإسلام

تذكروا فالقضية إما خلود في الجنة أو خلود في النار والمصير يبدأ بمجرد الموت الذي ربما يأتيك وانت نائم (إنقذ نفسك وأهلك)