مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    3,801
    آخر نشاط
    22-12-2012
    على الساعة
    06:56 PM

    افتراضي مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

    مصطفى إنشاصي
    ---
    2ـ اليهودية ديانة وثنية

    بداية أود تصحيح الفكرة الشائعة عند المؤرخين وعلماء الآثار من مسلمين وغير مسلمين، القائلة أن اليهود أخذوا عقيدة التوحيد وفكرة "الإله الواحد" عن (الكنعانيين). فقد بات من المعروف عند المؤرخين وعلماء الآثار عن اليبوسيين أنهم أول الشعوب التي عرفت التوحيد وعبادة الإله الواحد، وكانوا يصفونه باسم "الله العلي"، وقد أشارت التوراة إلى زهد ملك اليبوسيين (ملكي صادق) وتعبده وأنه بارك إبراهيم عليه السلام قائلاً: "لتكن عليك يا إبرام بركة الله العلي، مالك السموات والأرض. وتبارك الله العلي الذي دفع أعدائك إلى يديك" التكوين 14/20-21. لذلك قال رجاء جارودي ـ مثل غيره من المؤرخين ـ في إشارته إلى مدى تأثير (الحضارة الكنعانية) في اليهود: "فحين التقى الكنعانيون والعبرانيون في المرحلة الأولى كان هناك رفض متبادل بين المؤمنين بالإله (يهوه) والمؤمنين بالإله (إيل) ثم ضعف اهتمام العبرانيين بإلههم مع استمرار توطنهم في كنعان، وقوي إحساسهم بإله المواطنين الأصليين حتى أنهم تبنوا اسمه (إيل) وجمعوه على (إيلوهيم)"[1]. أود القول من البداية: بأن هذه الفكرة فكرة خاطئة، وإلا ما كان اعتبر أنصار تلك الفكرة (اليهودية دين سماوي)! وذلك لأن بني إسرائيل الذين دخلوا فلسطين كانوا يعرفون التوحيد وفكرة "الإله الواحد" عن طريق أنبيائهم، وأجدادهم من لدن إبراهيم عليه السلام مروراً بموسى إلى داود وسليمان عليهم جميعاً السلام.

    ولكن الصواب القول: أن اليهود بعد إقامتهم في فلسطين لأن نفوسهم مريضة وجبلتهم شريرة، ولأنهم معاندون ومكابرون، وطبعهم الكفر والمعصية، فإنهم عبدوا آلهة (الكنعانيين) وذلك ما أكدته التوراة وكان كثيراً ما يغضب (يهوه) على شعبه لأنه كان يعبد آلهة (الكنعانيين). خاصة وهم قد عبدوا العجل الذي صنعه لهم السامري من ذهب وحلي نسائهم بعد أن نجاهم الله من فرعون وقومه مع نبي الله موسى، وهم تتنزل عليهم آيات ومعجزات الله ، قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} الأعراف148. وقد بقي ذلك ديدن اليهود مع جميع أنبيائهم كما تفصح عن ذلك التوراة.

    الصواب القول: أن فكرة "الإله الواحد" أو التوحيد التي استعارها اليهود من (الكنعانيين) هي فكرة وثنية، تقوم على توحيد الآلهة في إله واحد. أو تغليب إله على بقية الآلهة. وهذه العقيدة خلاف عقيدة الوحدانية التي دعا لها جميع الأنبياء والرُسل، والتي كان عليها بنو إسرائيل قبل إقامتهم في فلسطين، وتأثرهم بـ(الحضارة الكنعانية). وقد يكون أصل فكرة التوحيد عند الكنعانيين التي تعود إلى ما كان عليه (ملكي صادق)، أن يكون ملكي صادق أحد أتباع أنبياء الله هود أو صالح عليهما السلام،. اللذين يؤكد المؤرخون هجرتهما بعد نزول العقاب الإلهي بقوميهما الكافرين، حاملين معهما عقيدة التوحيد إلى فلسطين وجوارها من بلاد الشام. حيث تشير المصادر التاريخية الإسلامية إلى أن سيدنا صالح ومن آمن معه خرجوا إلى الشام حيث نزلوا المنطقة من الحِجر إلى صرح أي نحو وادي القرى "وهي مدائن صالح الحالية" إلى رملة فلسطين على 18 "ثمانية عشر" ميلاً بين الحجاز والشام[2]. أو قد يعود إلى أن (ملكي صادق) قد أمن بدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام وعبر له عن امتنانه بذلك بمباركته.

    وعليه فإن اليهودية دين وعقيدة وثنية، تقوم على الخرافة والأسطورة، وليس دينا ـ رسالة ـ سماويا بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، كما يحاول اليهود وأنصارهم من العلماء الغربيين الترويج له، ويفرضوا علينا إجراء حوارات دينية مع اليهود تحت دعوى ما يزعمون أنه (حوار الأديان السماوية) ـ مع تحفظنا على هذا المصطلح لأننا لا نؤمن بأديان سماوية ولكننا نؤمن بدين سماوي واحد دعا له جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام هو الإسلام، وأن ما سبق بعثة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت رسالات أو شرائع سماوية وليست أديان سماوية ـ وذلك لأن ما يسمى بالديانة اليهودية اليوم قد تأكد بشكل قاطع ونهائي أنها ليست الرسالة السماوية التي نزلت على سيدنا موسى عليه السلام، ولكنها دين وثني قد تم تأسيسه في بابل، بعد أن دمر نبوخذ نصر دولة يهوذا عام 586 ق.م، وحرق هيكلهم المزعوم وسباهم إلى بابل، وهي خليط من المعتقدات والخرافات والأساطير البابلية، وغيرها من الديانات الوثنية التي كانت منتشرة في منطقة الهلال الخصيب ووادي النيل آنذاك. ويعتقدون أن "يهوه" هو إلههم الخاص من دون جميع المخلوقات، وأنهم هم وحدهم "شعبه المختار" من دون بقية شعوب الأرض، لأن بقية شعوب الأرض ليسوا بشر، ولكنهم "جوييم" حيوانات خلقت على هيئة الإنسان لتليق بخدمة "الشعب المقدس للرب يهوه". أي أنه إله قبلي، ودين عنصري.

    يكفي أن نورد هذا النص من التوراة نفسها يجعل من موسى عليه السلام إله لفرعون، لنتأكد من أن الديانة اليهودية ديانة وثنية، يقول: "فَقَالَ \لرَّبُّ لِمُوسَى: (ٱنْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ)". (سفر الخروج: 7/1). هل مثل هذا القول يصدر عن كتاب سماوي مُنزل من الله تعالى؟! إن كان موسى إله فماذا يكون "يهوه" على ذلك؟! ولكن ذلك ليس غريباً على ديانة وثنية وليست سماوية، تؤمن بتعدد الآلهة وثنائيتها وتكونها من ذكر وأنثى!.

    وحقيقة عدم وحدانية الديانة اليهودية وأنها ديانة وثنية تؤمن بتعدد الآلهة، أكد عليها الكاتب اليهودي (رفائيل بتاي): "إن عامة الناس من اليهود وغيرهم مازالوا يتصورون أن الديانة العبرانية الرسمية كانت من مبدأ أمرها ديانة توحيدية بدأت بإبرام الموحد بيهوه، غير أن المتخصصين يعطون ظهور التوحيدية العبرانية تاريخاً لاحقاً لإبرام وزمانه ببضعة قرون إذ يرجعون بدايات التيار التوحيدي حتى إلى زمن أنبياء الأكابر، وبأمانة ا لعالم يتحفظ بتاي فيقول: إنه يجب أن نأخذ في الحسبان أن إرجاع بدايات التيار التوحيدي حتى إلى زمن النبيين الأكابر يجب أن يؤخذ بحذر ويحفظ نظراً إلى ما وجد طريقه إلى الديانة من عقائد باتت جزءً منها في الأزمنة التلمودية، وبالنظر إلى ما انطوت عليه من الإشارات القبالية من تعدد الشخوص في شخص الخالق". ويرى رينيه ديسو أن تعدد الآلهة لا سبيل لإنكاره في الديانة اليهودية: لأن التوحيد الإسرائيلي ليس أصلياً بل هو نهاية تطور طويل المدى ظهرت نتائجه بعد سبي بابل حيث فهم اليهود معنى التوحيد العام[3].

    كما أن كثرة الإضافات والتعديلات التي كان يُحدثها كتبة التوراة مع تطور الزمن على النصوص السابقة في أٍسفارهم وإضافة أسفار جديدة بحسب مقتضيات المرحلة جعلت البروفيسور (إلس روفكن) يقول في كتابه "صياغة التاريخ اليهودي": "أن فكرة التوحيد وتطبيقها لدى اليهود، لم ترتكز على أسس دينية أو روحية بقدر ما ارتكزت على ضرورات سياسية واقتصادية، وذلك على إثر منافسة شديدة بين زعماء اليهود بعد النفي إلى بابل كتب النصر فيها للفريسيين، وهؤلاء كانوا باتفاق جميع المؤرخين، أصحاب الأثر الكبير في صياغة تاريخ وشريعة اليهود". ويكشف أنها عقيدة وثنية تؤمن بتعدد الآلهة، قائلاً: "ظهرت فكرة التوحيد لدى اليهود ورسخت بناء على مقتضيات معينة تاريخها محدد بدقة، وهو تاريخ الكتبة والفريسيين في بابل، أي حوالي العام 400 قبل الميلاد، وهي الفترة التي (ألفوا) فيها الأسفار الخمسة الأولى من التوراة. ومن هؤلاء المشككين من يعتمد على برهان لغوي ظريف، إذ أن أول كلمة كتبت من قبل الفريسيين هي (في البدء خلق الله السموات والأرض)، (تكوين 1:1)، وفي النص العبري (في البدء خلقت الآلهة السماوات والأرض)، وفيما يلي ذلك، وبناء على استنتاج البروفيسور رفكن، اعتمد الكتبة صفة المفرد عوضاً عن الجمع لوصف الإله"[4].

    تلك هي الحقيقة التي يتفق عليها العلماء أكثر من غيرها، إذ يرون أن "إله اليهود (يهوه) هو تطور طبيعي وبطيء من مرحلة تعدد الآلهة التي مر بها اليهود، شأنهم شأن القبائل البدائية الأخرى، تلك الآلهة التي كان "يهوه" مجرد واحد منها، إلى مرحلة الإله الواحد، وقد يكون نتيجة هذا التطور تلك الحرب الشعواء التي يشنها (يهوه)، من خلال التوراة، على غيره من الآلهة والتي بقيت آثارها عالقة في أذهان اليهود المتعددي الآلهة بالفطرة". كما أن "يهوه" خلال تطوره البطيء كما يقول (هومير سميث:) قد اتخذ "في فوضى تعدد الأديان، الكثير من خصائص آلهة إسرائيل المتعددة، والصفة المشتركة لأكثر آلهة القبائل القديمة هي الحجر والنار، وتشترك هاتان الصفتان معاً لتشكلا جبلاً بركانياً، وهو رمز القوة الهائلة: "هو ذا اسم الرب (يهوه) يأتي من بعيد غضبه مضطرم والحريق شديد وشفتاه ممتلئتان سخطاً ولسانه كنار آكلة وروحه كسيل طاغ يبلغ إلى العنق فيغربل الأمم من البوار .." (إشعيا 30: 27 ـ 28)[5].

    ويؤكد الأستاذ (أندرسون) أن عقيدة التوحيد اليهودية التي أخذوها عن (الكنعانيين) كانت عقيدة وثنية، فيقول: "إن الوحدانية التي كانوا (الكنعانيون) يدركونها في ذلك الوقت لم تكن وحدانية تفكير ولكنها وحدانية تغليب لرب من الأرباب على سائر الأرباب)[6].

    ذلك لأن "يهوه" لم يكن سوى أحد آلهة (الكنعانيين) الذي صاغه كتبة توراتهم على الصورة التي تلائم جبلتهم الشريرة.

    3ـ يهوه إله اليهــود (كنـعانـي)

    قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} الأعراف148.

    يقول (شفيق مقار): لو عدنا إلى قراءة التوراة لرأينا في سفر الخروج الإصحاح الرابع عشر أنهم نزلوا أمام بعل صفون وبعل صفون هذا حسبما تشير إليه التوراة يقع على شاطئ البحر وقد رأي بنو إسرائيل هذا الإله وبعد أن نجوا من فرعون عادت لهم ذكرياتهم فطلبوا من هارون أن يعمل لهم إله كما للقوم الذين مروا بهم آلهة. ولهذا شكل بعل صفون وهو إله (كنعاني) أول خطوة على عبادة بني إسرائيل، ولما أراد الكهنة أن يبتلع يهوه كافة الآلهة السابقة كان ولا شك بعل صفون هو أحد الآلهة التي سطا عليها كتبة يهوه[7].

    وبما أنه ثبت كما يقول الأستاذ (كوجنبرت) بأن: دين العبرانيين (بمعنى اليهود) لا يمكن أن يكون تطور ونما محلياً بل كانت عناصره الجوهرية قد استقيت من آراء متراكمة ومن معتقدات كانت شائعة بين الأقوام (الساميين) في الشرق. وأن هذه الوثائق تبرهن بما لا يتطرق إليه الشك على انعزال الديانة اليهودية عن غيرها في الزمن القديم لم يكن سوى خرافة بحتة[8]. ولما كان الإله إيل إله عبده العرب منذ بداية معرفتهم وقد شملت عبادته من اليمن حتى الأناضول ومن أقصى العراقين حتى قلب أوروبا، فذلك يعني أن اليهود عمدوا إلى أحد آلهة الكنعانيين فعبدوه، وأعطوه الصفات الشريرة التي تتناسب وطبائعهم وميولهم النفسية، وكذلك غذوه باتجاهاتهم السياسية منذ البداية.

    ولم يقف الأمر عند ذلك ولكنهم أدخلوا عليه بعض التغييرات ليتناسب وطبيعتهم الشريرة، والجهل والتخلف الحضاري عن أقرانهم من الشعوب التي عاصروها، كما يقول (ول ديورانت): "يبدو أن اليهود (الفاتحين) لفلسطين عمدوا إلى أحد آلهة كنعان فصاغوه في الصورة التي كانوا هم عليها وجعلوا منه إلهاً صارماً ذا نزعة حربية صعب المراس". ويضيف عن حشر اتجاهاتهم السياسية واتخاذ الدين وسيلة وأداة للسياسة قائلاً: "وصور كاتبو أسفار موسى الخمسة، وهم الذين كانوا يتخذون الدين أداة للسياسة إله الرعب هذا إله للحرب فأصبح (يهوه) في أيديهم القوية إلهاً للجيوش يدعو للفتح و(الاستعمار) يحارب من أجل شعبه بنفس القوة التي كان يحارب بها آلهة الإلياذة"[9].

    كما يصف الدكتور (أنيس فريحة) "يهوه" الإله اليهودي: "إن (يهوه) كما تصوره الكاتب اليهودي مجرد إنسان قدير عظيم ينزل إلى الفردوس ليتحدث إلى آدم ويأمر قابيل وهابيل أن يقدما قرابين فيقبل لواحد منهما ويرفض قرابين الآخر)[10].

    ولأن "يهوه" لم يظهر في تاريخ بني إسرائيل عند غالب المؤرخين إلا بعد السبي البابلي، الذي كتبت فيه التوراة وحَشد فيها كتبتها قصص وأساطير الأمم الأخرى، وخاصة في عصري عزرا ونحميا، فإن بعض المؤرخين قال أنه أحد الآلهة الفارسية. يقول (حسن حدة): "وفي هذا الوقت ـ السبي البابلي ـ لم يكن لليهود أي وثيقة تاريخية أو غير تاريخية فكتبت التوراة عشوائياً وكيفياً وحسب تجليات الفكر الكهنوتي اليهودي. وقد كان الكهنة الذين بدءوا يكتبون ينتمون إلى اتجاهات عديدة منها الاتجاه الإيلي وفيه بقايا من ذكريات موسى. والاتجاه اليهودي وفيه التأثير بالديانة الفارسية، فيهوه ليس إلا الإله الفارسي المؤنث ياهي ولم يكن موسى يعرف يهوه ولا سمع به"[11].

    ومعلوم أن التقليد اليهوي ينسب إلى مملكة يهوذا في الجنوب، والتقليد الإيلوهيمي ينسب إلى مملكة إسرائيل في الشمال، وقد كان لكل منهما كتابه وكيانه السياسي وهيكله. وتمثل المجموعة الثانية غالبية بني إسرائيل، خاصة وأنه في التوراة أن الإله إيل هو الإله الأول الذي عرفه أنبياء وللآباء الكبار لبني إسرائيل، (إبراهيم وإسحاق ويعقوب وأبنائه). أما المجموعة الأولى فهي فئة قليلة كانت مقربة من الحكم الفارسي، وهي التي استطاعت الحصول على الوعد بأرض فلسطين ليعيدوا بناء كيانهم السياسي الذي دمره البابليون، وقد جعلت يهوه الإله المفضل والمسيطر وله السيادة الفعلية على بني إسرائيل، وإن كانت في الوقت نفسه احتفظت بالإله السابق إيل.


    4ـ يهوه له زوجة وأبناء

    كما أنه قد شاع عند كثير من المؤرخين للديانة اليهودية ونشأتها رأي يقول: أن "يهوه" لم يكن له زوجه أو ولد كآلهة (الكنعانيين). وأنه كثيراً ما كان يغضب على شعبه لأنه كان يعبد آلهة (الكنعانيين) ويشعل لها ناراً، ويبني لها معابد. وأن "يهوه" بقي عند أتباعه إله لا يُحدد ولا يُوصف، وأن طبيعته لا يحدها قيد ولا شرط، وبناءاً على ذلك لم يضعوا له تمثال، ولم يتخيلوه على أي صورة كـ(الكنعانيين) وغيرهم….إلخ. وكنت أنا نفسي أعتقد أن اليهود اتخذوا لـ"يهوه" زوجة في عهد متأخر، وخاصة في مرحلة الانفتاح الحضاري الإسلامي على جميع ديانات وثقافات وحضارات الشعوب التي كانت ضمن سيادة الدول الإسلامية، وخاصة في الأندلس،وكنت أعتقد أن سبب ذلك؛ هو عادة اليهود عندما يخافون من الانفتاح والحرية والمساواة والتعايش السلمي مع جميع أتباع الديانات والثقافات الأخرى، لأنهم يرون في ذلك ذوبانهم واندماجهم في تلك الشعوب والثقافات وفقدانهم لخاصية التفرد كـ(شعب الله المختار)، وصفة النقاء والتفوق العرقي المزعوم، فإنهم يستغلون ذلك الخوف في فرض مزيد من العزلة والقيود الفكرية والاجتماعية على أنفسهم تجاه الآخرين، ويبدؤوا في البحث عن أفكار جديدة لتطوير دينهم الخاص بهم من بين جميع شعوب الأرض وخاصة مفهوم الخلاص المسيحاني، لمواجهة العلم والاستنارة والتحرر الفكري، وذلك ما حدث في فكر "القبالاه" اليهودية التي اختارت لألههم زوجة وأبناء، كما يكشف عن ذلك البروفيسور اليهودي (إسرائيل شاحاك). الذي يؤكد على ما ذهب إليه العلماء السابقين من أن الديانة اليهودية ليست ديانة توحيدية كما يتوهم البعض ـ على حد تعبيره ـ ولكنها ديانة وثنية! فقد كتب[12]:

    "أن الديانة اليهودية هي، وكانت دائماً، ديانة توحيد كما يُعرف في الوقت الراهن كثير من العلماء التوراتيين، وكما تُبين أي قراءة متأنية للعهد القديم بسهولة، فإن هذا الرأي اللا تاريخي خاطئ تماماً. هناك في كثير من، إن لم نقل في كل أسفار العهد القديم حضور وسلطة لأرباب آخرين معترف بهم صراحة، لكن يهوه أقوى الأرباب، غيور جداً من منافسيه ويحظر على شعبه عبادتهم. ولا يظهر إلا في نهاية التوراة فقط، لدى بعض الأنبياء المتأخرين، إنكار لوجود جميع الأرباب ما عدا يهوه".

    ويواصل حديثه بالقول: أن ما يعنينا هنا ليس اليهودية التوراتية (أي ما ورد في التوراة) بل اليهودية الكلاسيكية، إن الثانية خلال بضع مئات من سنواتها الأخيرة، كانت بمعظمها بعيدة كل البعد عن التوحيد الخالص. وهذا ينطبق أيضاً على الحقائق المهيمنة في الأرثوذكسية اليهودية في الوقت الراهن، وهي استمرار مباشر لليهودية الكلاسيكية، لقد جاء انحطاط التوحيد من خلال انتشار الصوفية اليهودية (القبالاه) التي ظهرت في القرنين الثاني والثالث عشر. وبحسب اعتقاد القبالاه فإنه {لا يُحكم الكون من جانب إله واحد بل من جانب أرباب عدة ذوي شخصيات وتأثيرات مختلفة تنبثق من علة أولى بعيدة مبهمة. وإذا أقصينا كثير من التفاصيل جانباً، نستطيع تلخيص تلك المنظومة على النحو التالي: هناك أولاً إله يدعى (الحكمة) أو (الأب) ثم إلهة تدعى (المعرفة) أو (الأم) وقد انبثقا أو وِلِدا من العلة الأولى. انبثق عن زواج الاثنين زوج من الآلهة الأصغر: (الابن) يدعى أيضاً بأسماء كثيرة أخرى مثل (الوجه الأصغر) أو (المبارك المقدس)، والابنة تدعي أيضاً (السيدة) أو ("ماترونيت" وهي كلمة مشتقة من اللاتينية) و(شخينة) أو (الملكة) ..إلخ، ثمة ضرورة لتوحيد (الابن) و(الابنة) إلا إن مكائد الشيطان تحول دون ذلك، وهو يمثل في هذه المنظومة شخصية هامة جداً ومستقلة.

    وقد تولت العلة الأولى كي تتيح لهما التوحد، لكنهما أصبحا أكثر بُعداً من السابق بسبب السقوط (أو الهبوط) وتمكن الشيطان، فعلاً، من الاقتراب كثيراً من (الابنة) المقدسة وحتى من اغتصابها (سواء بالرمز أو الواقع. تختلف الآراء) وقد خُلق الشعب اليهودي لسد القطيعة التي أحدثها آدم وحواء، وفي جبل سيناء تحقق هذا الأمر لفترة معينة: و(الابن)، الذي تجسد في موسى، توحد بالابنة (شخينة). ولكن. لسوء الحظ، تسببت خطيئة العجل الذهبي بالانفصال مرة أخرى، لكن توبة الشعب اليهودي رتقت الشَق نوعاً ما.

    بنفس القدر، يقترن كل حدث في التاريخ التوراتي اليهودي باتحاد أو انفصال الزوجين السماويين. كان الاجتياح اليهودي لفلسطين (الكنعانية) ويناء الهيكل الأول والثاني ممكناً بسبب اتحادهما فقط .. وكل ما نزل باليهود من بلاءات كان بسبب انفصالهما. وواجب اليهود الأتقياء من خلال صلواتهم وأعمالهم الدينية إعادة الاتحاد السماوي الكامل، في شكل اتحاد جنسي بين الإلهين الذكر والأنثى}.

    ومن ضمن تلك الأعمال الدينية التي يقوم بها الأتقياء اليهود لإعادة الاتحاد السماوي الكامل للإلهين، وله علاقة وثيقة بالصراع العربي ـ الصهيوني وقضايا الحل النهائي، وتشكل جزءً من منظومة المعتقدات الصريحة لعديد من الساسة المتدينين، ولها تأثير غير مباشر على الزعماء الصهاينة في كل الأحزاب الصهيونية، بما فيها اليسار الصهيوني: أن الحرب ضد العرب، وطرد الفلسطينيين، أو حتى إقامة الكثير من المغتصبات اليهودية في الضفة الغربية، والإسراع في إعادة بناء ما يسمونه (الهيكل الثالث)، وغيرها من أعمال عدوانية وإرهابية، تحقق بسرعة إعادة الاتحاد الجنسي بين الإلهين الذكر والأنثى؟!.

    إلا أنه تبين لي أن اليهود اتخذوا لـ"يهوه" زوجة وأبناء منذ اللحظة الأولى التي كتب فيها (حزقيال) سفره في السبي البابلي، يقول الباحث (شفيق مقار): "ومثلما تزوج بعل بناته تزوج يهوه ابنته وحبيبته ومعشوقته إسرائيل ليكون الإله الملك العاشق بعل ثور يعقوب، وفي سفر أشعيا نص قاطع بذلك حتى بعد المعالجة التحريرية المكشوفة فالنص بعد أن يؤكد لإسرائيل أن أرضها ستصبح بعل يخبرها أنه كما يتزوج الشاب عذراء سيتزوجك يهوه، وكفرح العريس بعروسه يفرح بك بعلك حول بعلك إلى إله ناقص ذلك التمويه المكشوف". ويرى الباحث أن إسرائيل ليست إلا ابنة يهوه وزوجته وحبيبته وبوصفها زوجته فهي أم الشعب وبكونها أم الشعب التي اندفق في رحمها مني القضيب المقدس فأنجبت النسل المقدس ابن يهوه البكر شعبه الأخص الذي اجتهد عزرا في درء التنجس عنه. ويدلل مقار متابعاً النصوص التوراتية التي تدل على هذه الزيجة المقدسة في التوراة مورداً إياها نصاً نصاً. ومن هنا أتت النسبة إلى شعب إسرائيل أنهم أبناء يهوه لأن أمهم هي زوجته[13]. وتفسير ذلك عند مقار: أن أخذهم صفة زواج يهوه من ابنته لم يكن إلا سطواً على إيل الإله (الكنعاني).


    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] روجي جارودي، فلسطين أرض الرسالات الإلهية، ترجمة وتعليق وتقديم الدكتور عبد الصبور شاهين، مكتبة دار التراث، ص92.

    [2] سعد زغلول عبد الحميد "دكتور" في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت. (بلا تاريخ)، ص 112-120.

    [3] عبد المجيد ههمّو: هل اليهودية ديانة سماوية، سلسلة مصادر التوراة (7)، دار غار حراء، دمشق، ص 945.

    [4] بنيامين فريدمان، التوراة تاريخها وغاياتها، مرجع سابق، ص 79 ، 80.

    [5] المرجع السابق، ص80 ، 81.

    [6] عبد الحميد زايد، الشرق الخالد مقدمة في تاريخ وحضارة الشرق الأدنى من أقدم العصور حتى عام 323 ق. م، دار النهضة العربية، القاهرة، ص405.

    [7] عبد المجيد ههمّو: الكنعانيون والتوراة المحرفة، سلسلة مصادر التوراة (3)، دار غار حراء، دمشق، ص 255.

    [8] المرجع السابق، ص46.

    [9] ول ديورانت، قصة الحضارة-الشرق الأدنى، المجلد الأول-الجزء الثاني، مرجع سابق، ص34.

    [10] أنور الجندي، مرجع سابق، ص38.

    [11] عبد المجيد ههمّو: هل اليهودية ديانة سماوية، مرجع سابق، ص 901.

    [12] إسرائيل شاحاك، الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود، ترجمة:حسن خضر، القاهرة، سيناء للنشر، الطبعة الأولى، 1994، ص50ـ52.

    [13] عبد المجيد ههمّو: الكنعانيون والتوراة المحرفة، مرجع سابق، ص 351 ـ 252.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,540
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    3,801
    آخر نشاط
    22-12-2012
    على الساعة
    06:56 PM

    افتراضي

    شكرا أخي السوهاجي على المرور و اضيف مقال رائع للسيد حمدي الطيرة
    --------
    التصور العقائدي الوثني اليهودي(أساطير وخرافات)

    سفر التكوين هو السفر الأول في التوراة المدونة، وهو سفر أقرب إلى التصور والتخيل من الحقيقة الدينية والواقع الديني، والمتدفق في ثناياه يجد أن الربط بين أحداثه يكتنفه التناقض تارةً، والأخذ بأساطير الشعوب الأخرى مرة ثانية، ويؤكد ما جاء في قصة الخلق ما ورد في المزمور الرابع والسبعين (13) يقول فيه: "أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رؤوس التنانين على المياه، أنت رضخت رؤوس لوياتان". فالإله حسب التصور الوثني اليهودي لم يخلق السماء أو الأرض إلا بعد صراعه مع التنين ذي الرؤوس المتعددة أو الرؤوس السبعة، وهذا التجسيم للإله، وصراعه الذي يمكن أن يتصوره المرء هو تجسيم لتصارع قوتين كبيرتين قوة يمثلها (يهوه) إله اليهود، وقوة يمثلها التنين ذو الرؤوس السبعة. فإذا كان التنين بهذا الحجم الذي يستحق (يهوه) تصارع معه، فمعنى ذلك إنه كان يشكل خطراً كبيراً على مسيرة خلق الكون.
    هذا فعلاً ما نجده في أساطير الكنعانيين وغيرهم من الشعوب، فيهوه لم يستقر وضعه، ويضيع السماء والأرض، إلا بعد تصارعه مع التنين وقتله، وكسر رؤوسه السبعة. وهذا يعني أيضاً أن (يهوه) قوة لها جسمها المحدود، فالتصارع مع التنين يكون من قبل قوة تعادله، قوة أدهى وأقوى، ولنتصور هذا التخيل الوثني الواضح، قوتان تتصارعان إحداهما تنين ذو رؤوس سبعة والأخرى قوة (يهوه) الذي قد يتخيله المرء، وحشاً كبيراً هائلاً يستطيع مقارعة عدوه التنين ويقتله، وتصور التنين من قبل اليهود، لم يكن وليد خيالاتهم، إنما هو تراث وثني أسطوري استقوه من عدة مصادر، وقد ورد في أساطير الأكاديين ملحمة الخلق، حيث يقوم الإله (مردوخ) بذبح تنين العلماء (تعامت) ثم يضع نظاماً للكون، ويبني (إيزاجيلا)، ويتفق معظم الباحثين على أن الكلمة العبرية (يتهوم) المستخدمة للدلالة على عباب الماء تشير أيضاً إلى تعامت تنين العلماء، وفي رؤية أخرى ورود كلمة (لوياتان) تدل على إنها مأخوذة من إسم (لوتان الكنعاني) الذي ذبحه الإله (بعل).
    ويتصل سفر التكوين بالمزمور (104)، حيث يتحدث عن نشاط الإله (يهوه) وهو يخلق السماء والأرض، ويرسى قواعده على المياه، وهذا ما يشابه أسطورة (بعل) الكنعاني، الإله الذي يسوق السحب، وينظم الفصول بعد قتله للتنيين ذي الرؤوس السبعة، وفي سفر التكوين تظهر الإله الوثني عند اليهود، حيث يتحدث السفر عن الإله الذي يمشي في الجنة، أو يتمشى، فجاء سفر التكوين الأصحاح الثالث يقول: " وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فأختبأ آدم وإمرأته من وجه الرب الإله في وسط الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: "أين أنت؟".
    ففي هذا الحديث إشارةً واضحة إلى تجسيد الإله عند اليهود، فهو على ذلك له رجلان ورأس ولسان تماماً، كم هو أي إنسان، وعندما يختبىء آدم وزوجته بين شجر الجنة، يوحي ذلك أن اختباءهما سيحجب أنظار الإله عنهما، بمعنى أن الإله الذي يوصف بالتجسيد الآدمي البشري سوف لن يرى آدم وحواء إذا هما اختفيا وراء الأشجار، وسؤال الإله عنهما سؤال إستفهامي (أين أنت) وليس سؤالاً استنكارياً، لأن الاختفاء، وعدم رؤية الإله لهما يدل على محدودية هذا الإله، وعدم رؤيته كل شيء من خلال قدرة الخالق على رؤية ما يخلقه، وقد أشار الحديث بوضوح إلى سماع لآدم وزوجته لصوت المشي الذي صدر عن الإله، وهذا بالطبع تجسيد وثني واضح لمفهوم الرب عند اليهود وفي سياق التكوين التوراتي يقرر الإله أن آدم بعد تناوله الثمار من شجرة المعرفة أصبح كالإله، وجاء في نفس السفر يقول: " أوقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر".
    ويتساءل هنا ماذا يعني قول الإله (واحد منا) هل يعني أن هناك للآلهة خصائص محددة في المعرفة للخير والشر لا يجوز لأحد تجاوز حدوده، والدخول في معارف ذلك المجمع؟ أم أن كلمة (منا) كقصد الله وملائكته، وهل الملائكة تعرف معرفة الله؟ وإذا كان ذلك كذلك فإن هذا ينفي وحدانية الله، ويقرر أن هناك شركاء في معرفة الخير والشر، ومن بينهم هذا الرب، وهؤلاء الملائكة.
    وتؤكد التوراة قصة التزاوج الإلهي الوثني مع البشر، وهذا التزواج يحدث بين أبناء الله، وبنات الناس، ولم يكن التزاوج شرعياً، بل عن طريق الزنا والإباحية، فقد جاء في الإصحاح السادس من سفر التكوين يقول: " وحدث لما أبتدأ الناس يكثرون في الأرض وولد لهم بنان أي أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسناوات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا".
    إن هذا التخيل التوراتي لم يستند على المعرفة الإلهية، أو الإخبار الإلهي، إنما هو يستند على أساطير كنعانية، وغيرها، ولنلاحظ في هذا النص أن الناس أي البشر أنجبوا فتيات جميلات أملن أبناء الله إليهن، وكان الله اختار أن يكون للناس بنات، وله أولاد، ويهبط أبناء الله، ولا ندري من أين فيتزوجون من بنات الناس ما هو الشكل الذي تم فيه الزواج لا ندري؟!! وهل تجسد أبناء الله بأجساد بشرية، حتى تتناسب الأشكال مع الشكل البشري للناس لا ندري أيضاً، وعلى ذلك فما هو شكل الأولاد الذين أنجبهم هؤلاء، أي أبناء الله وبنات الناس؟.
    وإذا عدنا إلي الأساطير الكنعانية، فإننا سنرى أن تزاوجاً يحدث بين الإله (إيل) وبين عدد من النساء، وأن ملوك الكنعانيين كانوا أنصاف آلهة، وهناك في العرف الأسطوري يقولون أن الملك هو ابن الإله (إيل) وشقيق الإله (عناة) باعتبار أنه نصف إله، جاء نتيجة التزاوج الإلهي البشري الذي ينتج حسب الأسطورة أنصاف آلهة، وأنصاف بشر.
    وتحكي أسطورة الإله الكنعاني (إيل) أن خطايا مثتلاحقة أرتكبها إله السماء، ومن هذه الخطايا زواجه بنساء كثيرات أنجب منهن ذرية لا حصر لها، وتقول الأسطورة أن (إيل) استمال عشيرة وريا وتزوجهما، فأنجب من عشيراً سبع بنات، ومن ريا سبعة ذكور، وينسب إلى الإله (إيل) أنه أول من تزوج من إمرأة جنية مائية إسمها (عين عبريت) عفريت، ويقال أن (إيل) الإله يتزوج في شيخوخته من امرأتين تحملان منه وتنجبان له إلهين ماردين شرهين، وهما إله الخصوبة، فمسألة الزواج الإلهي البشري وردت بشكل واضح لدى الكنعانيين، ولما كان تدوين التوراة قد تم بعد السبي البابلي، أي بعد استعمار فلسطين من قبل اليهود كان من الأكيد أن كاتب التوارة صب من ذاكرته ما أسعفه به من خياله وذكرياته عن الفكر الديني الكنعاني والأساطير الكنعانية، وتلك الأساطير ظهرت قبل الغزو اليهودي التوراتي لفلسطين بكثير، ولعله من الواضح جداً أن كاتب التوراة الذي نقل إليه تراث الشعوب وأساطيرها أظهر مدى التصور الوثني اليهودي، ولهذا ما يؤكد بالطبع أن التوراة دون تحت تأثير عقائدي واضح، فاليهود البدو يتقلبون من عبادة، إلي عبادة، وذلك حسب ما يأخذونه من الشعوب وعقائدهم، لاسيما تلك التي احتكوا بها احتكاكاً قوياً كالكنعانيين والبابليين والفرس، ويرد في السفر نفسه : "وبعد ذلك دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولاد هؤلاء الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو إسم" فإذا نظرنا إلي هذا النص، وإلي ما ورد في الأساطير الكنعانية، لاسيما قول الأسطورة بأن (إيل) تزوج من امرأتين أنجبا ماردين شرهين، لوجدنا أن المنبع الوثني الأسطوري هو واحد في كلا النصين، وهذا اللقاء بين أبناء الله وبنات البشر ينجب حسب التصور الأسطوري مخلوقات أقل قوة من الآلهة، وأقوى من البشر، وهذا ما كان يحدث بالنسبة لملوك الكنعانيين الذين يعتبرون أنصاف آلهة، وأنصاف بشر.
    وعلى أساس قول التوراة الوثنية بالنسبة لهذا الزواج الوهمي الأسطوري يبين أكثر الخرافات الشرقية ،لاسيما تلك التي تتحدث عن (عوج بن عناق) الذي أوردت المصادر اليهودية القديمة أنه كان يمسك أثنى عشر رجلاً من بني إسرائيل ويضعهم على رأسه، وان موسى عليه السلام قد صعد إلي تلة حت وصل كعبة، وانه ضربه بالسيف على كعبة فنزف فمات.
    على أية حال فان التصور العقائدي الوثني اليهودي اعتمد كلياً على أساطير الشعوب، وحكايتها الخرافية، وكما قلنا سلفاً فإن مدوني التوراة لم يجدوا إلا أن يسرقوا كل ما للشعوب من تراث وينسبوه إليهم حتى ولو كان فيه ما يخالف العقل والمنطق، باعتباراهم بدواً، وليس لهم استقرار في مكان، فإنهم يحبون في تبدل عقائدهم وسيلة من وسائل استمرارهم في البقاء بين الشعوب، ويرد في سفر التكوين الإصحاح السادس يقول: "فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه، فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته" وهنا تنفي عن الله خاصيته المنفرد بها، وهي خاصية خلق الشيء، ومعرفة ماذا سيكون عليه، فالندم، والأسف ليس من صفات الله الخالق العالم، أنما هي صفات بشرية يختص بها البشر.
    وبعد أن يقوم طوفان نوح، ويعم الدمار الأرض يراجع رب التوراة نفسه، فبعد أن يندم على خلقه للإنسان، ويقرر تدمير الأرض من خلال الطوفان، يعود برحمته وندمه مرة أخرى، فيعاهد نفسه أن لا يعود يلعن الأرض، لأن ما خلقه دماراً لطوفان هائل ضخم لم يكن رب التوراة يتصور مدى فداحته، ومدى دماره فيرد في سفره التكوين الإصحاح (8) يقول فيه: "وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شريرة منذ حداثته".
    فتلاحظ أن تصور التواريين للإله هو تصور وثني يقيس الألوهية بمقياس بشري لا يتجاوزه.
    إن صفات الألوهية كما عرفناها من خلال القرآن الكريم هي صفات مطلقة، فالله له الكمال المطلق، والحق المطلق، وكذلك العدل والخير، وليس من صفاته صفة تقول إنه النادم والمتأسف، فهذه كما نعرف وندرك صفات بشرية تنطبق على المحدود البشري، ولا تنطبق على اللامحدود الإلهي المطلق، ومما تقدم نرى أن التصور التوراتي الوثني بدأ منذ اللحظة الأولى التي تصور فيها مدونو التوراة، ذلك الإله المشابه إلي حد بعيد إلهة البابليين والفرس وغيرهم، وإذا لخصنا ما أردناه نرى ما يلي:-
    1 – إن الإله التوراتي يتصارع مع قوة التنين ذي الرؤوس السبعة، وهذا ما ورد في الأساطير الكنعانية، والأساطير البابلية المستندة على الأساطير السومرية .
    2 – للإله التوراتي جسد فيه قدمان، وتمشى في الجنة، ولا يعرف أين يختبىء آدم رغم أنه خالقه.
    3 - للإله التوراتي أولاد يعشقون حسناوات من بني البشر ويتزوجونهم .
    4 – الإله التوراتي مزاجي تارةً يدمر، وتارةً يندم ويأسف على تدميره للأرض، ومحو البشرية عن وجهها .
    وتظهر عقائد الوثنية من خلال التأثير الواضح والكبير للأساطير الآرامية في سيرة يعقوب حفيد النبي (إبراهيم) حسب رأي التوراة، فبعد أن هرب ( يعقوب) من وجه أخيه (عيسو) لجأ إلى خاله (لاباني) الذي كان يسكن منطقة (حران) التي تخضع للآراميين إدرايا، ودينياً، وقد تم هناك زواج (يعقوب) من ابنتي خاله (لينة وراحيل) وعندما أراد (يعقوب) الرحيل، بعد مكوث دام عشرين عاماً عند خاله سرقت زوجته راحيل أصنام أبيها، وأخفتها، لتأخذها معها في رحلتها مع زوجها (يعقوب) إلى أرض فلسطين، فجاء في سفر التكوين الإصحاح الحادي والعشرون يقول فيه: "فسرقت راحيل أصنام أبيها، وخدع يعقوب قلب لابان الآرامي إذ لم يخبره أنه هارب".
    وفي نفس الأصحاح يقول (لابان) مخاطباً (يعقوب): "والآن أنت ذاهب لك، اشتقت إلى بيت أبيك، ولكن لماذا سرقت آلهتي" وهذا أيضاً دليل على أن (راحيل) لم تستطيع أن تستغني عن ديانة أبيها (لابان)

    وقوتها مخبأة بهذه الأصنام التي ترمز للآلهة عرقتها، وهي ملك لأبيها وارادات من ذلك أن تحافظ

    عليها مدى حياتها، لا سيما أنها ستهاجر إلى منطقة أخرى قد لا يكون فيها آلهة متمثلة بالأصنام التي كانت تعبدها، وإذا تساءلنا ما هي تلك الأصنام، وماذا تعني بالنسبة للألهة الأرامية التي يعيدها (لابان) خال (يعقوب) وابنته راحيل؟ إذا درسنا الزمن الذي وجد فيه (يعقوب) عرفنا أنه يقع تقريباً في عام (1600 – 1700 ق.م) وهذا يعني أيضاً أن الآراميين في تلك الفترة وجدوا في (كركاميش) أي (جرابلس) وفي (زنجرلي) وفي (حلب) وفي (دمشق)، وكان أهم إله عندهم الإله (حداد) أو (حدد) وهو في الأصل إله الزوابع والعواصف، وقد صنعوا له رمزاً بشكل صنم يضعونه في بيوتهم ومعابدهم، وينقلونه في حلهم وترحالهم، كما كان يفعل الأقوام المنتقلون من مكان إلى مكان، أو تلك الأقوام التي تنتقل لأجل المرعى والأمن.
    وقد كان (لابان) خال (يعقوب) يسكن (فدان آرام) التي هي مدينة آرامية في شمال (سوريا) أو فيما بين النهرين، وعندما لم يستطع (لابان) إعادة أصنامه بسبب إخفائها من قبل ابنته (راحيل) يأس في محاولته، وعقد عهد إبنيه، وبين ( يعقوب) صنع جمة من حجارة، وجعلاها شاهدة على العهد، وهذا التقليد العقائدي يتعلق بالخرافة والأسطورة، والمعتقد الأسطوري أكثر مما يتعلق بالديانة التوحيدية، فيأتي في سفر التكوين، ويقول: "فأخذ يعقوب حجر، أو أوقفه عموداً، وقال يعقوب لأخوته التقطوا حجارة، وقال للأبان هذه الرجمة هي شاهدة بيني وبينك اليوم" وقد اتفق (لابان) و(يعقوب) على تحكيم إله (إبراهيم) وآلهة (ناخور) آلهة أبيهما، أي آلهة والد (لابان) فقالت التوراة: "إله إبراهيم وآلهة ناخور آلهة أبيهما يقضون بيننا"، ويؤكد سفر التكوين مرة أخرى أن جماعة (يعقوب) امرأتيه وأولاده وعبيده كانوا جميعاً يحملون معهم أصناماً تمثل آلهة متعددة، وجاء في التكوين الإصحاح (35) يقول: "فقال يعقوب لبنيه، ولكل من كان معه أعزلوا الآلهة الغربية التي بينكم، فأعطوا (يعقوب) كل الآلهة الغربية التي تحكم، فأعطوا (يعقوب) كل الآلهة الغريبة التي في أيديهم، وهذا يعني أن (يعقوب) يعترف بوجود آلهة غير آلهة، ولكنها آلهة غريبة، وهو له إله خاص، ولغيره من الناس إله خاص بهم، ولكل اعتقاده، وميله، وهذا لا يعني أن الآلهة الأخرى مرفوضة، لأنها أقل شأناً من إله (يعقوب)، وإذا كانت مهمة (يعقوب) كنبي نشر ديانة التوحيد، ورفض الوثنية، فما مبرر طلبه من أهله جمع الإلهة الغريبة لديه؟ إن هذا إن دل على شيء، فإنه يدل على الأمور الآتية:-
    1 – أن أولاد (يعقوب) وهو الأسباط، إضافةً ليوسف وبنيامين حملوا معهم من حران عقائد قومهم الذين عاشوا بين ظهرانيهم، وهي عقائد وثنية تعتمد الآلهة الوثنية الصنمية المجسدة.
    2 – إن راحيل زوجة (يعقوب) حملت معها أوثان أبيها لتعبدها، ولكنها لم تكن وحدها التي اهتمت بأوثانها فحسب قول التوراة أن (يعقوب) طلب من بينه جميعاً جمع الآلهة الوثنية الصنمية لديه.
    3 - (يعقوب) أراد إبعاد الآلهة غير المختصة به، فهو له إله خاص، وبقية الآلهة غريبة، وهذا لا يعني أنه يرفضها، ويريد تخطيها، إنما أراد أن يبقى الآلهة الخاص.
    4 – يحاول اليهود القول بأن لبني إسرائيل إلهاً خاصاً هو إله بني إسرائيل وحدهم دون سواهم، وعلى هذا فإن هذا الإله قبلي خاص بهم، كما للقبائل إلهة خاصة.
    إن ما جاء في التوراة من تصريحات عن عقائد ضمنية وثنية ينافي، ويناقض مع ما جاء به القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية (131) (وأوحى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) صدق الله العظيم.
    ويكذب الله اليهود فيما ادعوه عن عقائد يعقوب إذ يقول في سورة البقرة الآية (132،133): "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً، ونحن له مسلمون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" فالقرآن الكريم يصرح أن اليهود كاذبون، ويطلب منهم أن يجيبوا بصدق، طالما أنهم لم يعرفوا بماذا وصى يعقوب بنيه عند موته، هل كانوا حاضرين ذلك الموت؟ ثم أن أبناء يعقوب الذين قالت عنهم التوراة كان يحملون أصناماً وآلهة غريبة معهم أجابوا يعقوب رداً على سؤاله

    ماذا تعبدون من بعدي: (نعبد إلهك، وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل، وإسحاق إلهاً واحداً، ونحن له مسلمون) فلا تعدد للآلهة، ولا إله إلا الله الذي عبده الموحدون إبراهيم وأبناؤه، والذي سيعبده كافة الأنبياء حتى محمد خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وتتجلى العقائد الوثنية الفرعونية، وتأثيرها في العقيدة اليهودية من خلال العقائد المتعلقة بالتحنيط، فيأتي في سفر التكوين والإصحاح الخمسين يقول فيه وأمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه، فحنط الأطباء إسرائيل، وكمل له أربعون يوماً، لأنه هكذا تكمل أيام المًحنطين.
    وجاء أيضاً في السفر نفسه والإصحاح نفسه يقول فيه: "ثم مات يوسف، وهو ابن منه وعشر سنين فحنطوه في تابوت في مصر" فالتحنيط الذي اختص به المصريون القدماء، ومن تأثر بعقائدهم يقوم على أساس أن حفظ الجسد مهمة دينية يقصد بها أن الإنسان يعيش حياته الأخرى في عالم الأموات فلذلك كانوا يقدمون للميت الأكل والشراب، وما يحتاجه الإنسان في تلك الحياة، لكن الأهم من ذلك أن حفظ الجسد هو تقديس لصاحبه، وهذا ما يدل على عبادة الأموات والأجداد، وهي عقيدة وثنية تجلت لدى التوراتيين من خلال تأثرهم بالمصريين القدماء، وقد جاء في التوراة أن جثة يعقوب حملت، ونقلت لتدفن عند آبائه إسحاق وإبراهيم في أرض فلسطين، وقد اهتم الكنعانيون أيضاً بتقديس الأموات وعبادتهم، فكانوا إذا ما دفنوا الميت وضعوا معه الأكل والشرب، وما يحتاجه في حياته الأخرى، وما جرى مع يعقوب جرى مع يوسف، فقد أوصى أخوته وبنيه أن يحنطوه كما حنط أباه يعقوب.
    وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن التوراتيين وطول جهودهم كانوا ينتقلون من عقيدة وثنية، إلى عقيدة وثنية أخرى، وذلك عائد إلى طبيعة العقائد التي تمتلكها الشعوب التي سكن اليهود بين ظهرانيها، وتأثروا بديانتها، وعقائدها، وللحديث بقية عن الوثنية في سفر الخروج.

مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها
    بواسطة ismael-y في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-08-2009, 01:20 PM
  2. القدس مفاهيم يجب أن تصحح
    بواسطة المهندس زهدي جمال الدين محمد في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 24-11-2007, 08:42 PM
  3. معجزة توراتية هل من تعليق
    بواسطة shrek في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 18-08-2007, 01:15 PM
  4. مثال حي على تزوير أهل الكتاب لإثبات (حقائق) توراتية ..نقش الملك التوراتي يهوآش
    بواسطة karam_144 في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-10-2006, 04:01 AM
  5. معجزة توراتية هل من تعليق
    بواسطة shrek في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-01-1970, 03:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-

مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-