كيف كان ليل سلفنا ؟


يا راقد الليل مسرورًا بأوله *** إن الحوادث قد يطرقن أسحارًا

كيف كان ليل سلفنا ؟ هاهو أحدهم؛ وهو [رياح بن عمر القيسي] عليه رحمة الله، أحد التابعين، تزوج امرأة صالحة، وأراد أن يختبرها، أراد أن يختبرها هل هي من اللاتي تركن إلى زخارف الدنيا؟ هل هي الصائمة القائمة أم هي المشغولة بقيل وقال وبالأزياء والموديلات وما أشبه ذلك من زخارف الدنيا؟ يوم جاء الصباح ما كان منه إلا أن رآها تعجن عجينها، وتعمل عمل البيت تقُومُ ببيتها، فقال: يا [دؤابة]، -واسمها دؤابة- أتريدين أن أشترى لك أَمَة لتخدمك؟ قالت: يا رياح إني تزوجت [رياحًا]، وما تزوجت جبارًا عنيدًا، ثم جاء الليل، قام يتناوم، فقامت ربع الليل الأول، وقالت له: يا رياح قم، قال: أقوم، ثم نام مرة أخرى، فقامت الربع الثاني، وقالت: يا رياح قم، فتناوم –أيضًا- مرة أخرى، ثم قامت ربع الليل الثالث، ثم قالت: يا رياح قم، فقال: أقوم ولم يقم، فقالت: يا رياح قد فاز المحسنون، وعسكر المعسكرون، يا ليت شعري من غرَّني بك؟، يا ليت شعري من غرني بك؟، تقول اتغريت فيك ووقعت بإنسان لا يقوم الليل -مع أنه يقوم الليل، ولكنه أراد أن يختبرها-. فهل جعلنا لثلث الليل الآخر منا لو ركعتين علّ الله أن يرضى علينا بنظرة رحمة، وبنظرة عطف فيرحمنا في الدنيا والآخرة، فنسعد في الدنيا والآخرة سعادة الأبد. نسأله الله -سبحانه وبحمده- أن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم.