في حوار خاص مع الجزيرة نت
الزنداني: أميركا تذبح شعاراتها عن حقوق الإنسان



الشيخ الزنداني: الإصلاح يكون من الداخل وينبع من إرادة الأمة (الجزيرة)

حاوره عبده عايش
الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس مجلس شورى حزب الإصلاح اليمني المعارض، عرف عنه نشاطه في مجال الدعوة والإرشاد ودعواته بتطبيق الشريعة الإسلامية وعودة الأمة إلى جذورها، أضيف اسمه ضمن القائمة الأميركية للشخصيات التي تمول الإرهاب.

وهو ما أثار جدلا كبيرا في اليمن وخارجها، الجزيرة نت التقته وسألته عن هذه الاتهامات وعن العديد من القضايا على الساحتين العربية والإسلامية.



كيف تنظرون للاتهامات الأميركية التي وجهت ضدكم، وإدراج إسمكم في قائمة داعمي وممولي ما يسمى الإرهاب؟


- أنظر إليها كما أنظر إلى اتهامات أميركا للعراق بأن فيه أسلحة دمار شامل، وبما توجهه أميركا من اتهامات باطلة لكثير من الدول والهيئات والأشخاص، حتى كاد أن يصبح من المعروف في الدنيا أن أميركا هي صاحبة الاتهامات الباطلة ومُصنّعة الاتهامات الكاذبة.



إذن كيف تردون على هذه الاتهامات؟ وما هو موقف الحكومة اليمنية منها؟ وهل لمستم دورا إيجابيا في الدفاع عنكم باعتباركم مواطنا يمنيا؟


- إن القانون والدستور الأميركي والوثائق الأميركية، فضلا عن القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان ومبادئ حقوق الإنسان الدولية والمواثيق الأوروبية والعربية والعالمية والدستور اليمني كذلك، وقبل ذلك ديننا الإسلامي، كل ما سبق يجمع على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وحكومتنا طالبت أميركا منذ عام بأنه إذا كان لديها اتهامات ضد الشيخ الزنداني فقدموها لنا ونحن سنقاضيه أمام القضاء اليمني، وأنت تعرف أن أميركا لا تملك دليلا على اتهاماتها ضدي، وهي تعرف كيف توجه اتهامات فقط، ولأنها تستشعر أنها قوية ولا يوجد من يقول لها لماذا تتهمين فلانا أو علانا، فهي ما قدمت دليلا ضدي ولا برهانا لأنها لا تملك شيئا من ذلك.


ثم ماذا؟


- بعد ذلك فوجئت عندما راجعت الصحف اليمنية وخاصة صحف الحكومة والحزب الحاكم، فوجدت أن التهم التي قدمت في مجلس الأمن الدولي هي بعض مقالات صحفيين في هذه الصحف، فشكوت الأمر إلى الرئيس علي عبد الله صالح، وقلت له إن التهم الموجهة لي هي ما تقوله صحفنا الحكومية الرسمية، فقال هذا من باب المماحكات السياسية، والصحف لا تقف عند حد ولا تلتزم بالضوابط التي يجب أن تلتزم بها، وقال سوف نكتب لأميركا ونقول لها إذا كانت اتهاماتكم قائمة على ما تنشره الصحف اليمنية فهي لا معنى لها ولا اعتبار لها، مع العلم أن من ضمن الأدلة التي اعتبرتها المحكمة إدانة للشيخ المؤيد هي ما نشرته الصحف اليمنية الرسمية ضده، وبهذا أتساءل من الذي يتهمني؟ صحف حكومتنا التي تطالب الأدلة من مجلس الأمن الدولي، أم مجلس الأمن الذي يعتمد على هذه الصحف؟



ما هو رأيكم في الحكم الأميركي الصادر ضد الشيخ محمد المؤيد بعد إدانته بتهمة دعم حركة حماس الفلسطينية، رغم تبرئته من التهمة الرئيسية المتعلقة بدعم تنظيم القاعدة؟


- الانطباع الذي عندي ألمسه عند كثير من الناس، بل لا أجد شخصا لا يستنكر هذا الحكم ضد الشيخ المؤيد، وواضح بهذا الحكم التحيز الذي وصل إليه القضاء، فبينما المدعي العام الأميركي كان يطالب بحبس الشيخ محمد المؤيد 40 عاما، على أمل أن المحكمة ستخفف هذه المدة، فإذا بالقاضي يزيد على ما يطالب به المدعي العام ويبلغ بها إلى 75 عاما، والرجل المؤيد في الخمسينيات، فمتى سيخرج، إنه حكم مؤبد، وما القضية التي ثبتت ضده؟ هي قضية مشروعة في بلاده (اليمن) فرئيس الدولة والحكومة والشعب وسائر الشعوب الإسلامية تؤيد الحركات الفلسطينية والشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال والعدوان الإسرائيلي، إذن التهمة للشيخ المؤيد بدعم حماس تعد تهمة موجهة لكل العرب والمسلمين، ولو ظفر بأي مسلم وبأي مسؤول عربي أو إسلامي لصدر ضده نفس الحكم الذي وقع على المؤيد.

هذا الحكم الأميركي يتعارض مع القانون الدولي الذي لا يُجرم على فعل مشروع في بلد آخر، وهو حكم شائن لأن فيه انحيازا كاملا للعدو الصهيوني الذي احتل بلاد المسلمين وطرد الشعب الفلسطيني، ولا يزال الصهاينة يمارسون الظلم والعدوان والقتل والتشريد إلى يومنا هذا.



إذن في نظركم ما هو الهدف من اتساع الحملة الأميركية ضد ناشطين إسلاميين ودعاة بدعم الإرهاب؟


- يجب أن تجيب أميركا والدول التي تسير في ركابها على سؤال بماهية الإرهاب، حتى نعرفه، وبعد التعريف نعرف من الإرهابي، وإذا كان المقصود بالإرهاب الاعتداء على الأبرياء، أو كما أعرفه أنا فأقول إنه استعمال السلاح خارج القانون أو الشريعة لمن يحكم بالشريعة، فإذن سيعرف من الإرهابي، أما أن يبقى تعريف الإرهاب في بطن الشاعر، ولا يعرفه غير أميركا وهي التي توزع الاتهامات بالإرهاب على من تشاء وترفعه عمن تشاء فهذا هو الظلم والاستبداد، والتاريخ يثبت لنا أن كل تسلط أو ظلم واستبداد وطغى لا يدوم.

وبالنسبة لتوزيع أميركا لاتهامات بالإرهاب على ناشطين إسلاميين ودعاة وعلماء يرفضون سياستها العدوانية على الأمة الإسلامية، فهذا لأنها هي التي تفعل ذلك وتوجه هذه التهم، وهي من ناحية أخرى تذبح شعاراتها التي تتشدق بها حول حقوق الإنسان، لأن من حقوق الإنسان أن يعبر عن رأيه بكامل الحرية، ومن حق الإنسان أن يدين بدينه، وأن يعلم دينه لأبنائه، فإذا كانت أميركا تتنكر لمبادئها التي تعلنها فهي وصمة عار في وجهها، وأما علماء الإسلام فقد علّمهم دينهم ألا يرضخوا لأي ابتزاز أو ظلم أو جور، وأن يثبتوا على دينهم وأن يتمسكوا به.



إلام تعزو حالة الضعف العربي والإسلامي الراهنة في مواجهة التدخلات الخارجية؟

- إن وجد هذا الاستسلام فهو من قبل بعض الحكام أو كثير منهم، وذلك بسبب ضعف هؤلاء الحكام وعجزهم عن حماية أنفسهم وبلدانهم من أي هجوم أميركي تقرره الإدارة الأميركية، كما قررت وزورت وافترت الأكاذيب على العراق، فهؤلاء الحكام يخشون أن يلحقوا بحكام العراق السابقين، وكل ذلك سببه ضعف الحكام، وضعفهم سببه تفرقهم.



أنتم في كثير من الأحيان دعوتم لإقامة وحدة إسلامية، فما هي أبرز مقومات هذه الوحدة التي تدعون إليها؟


- هناك قواسم مشتركة بين المسلمين، في تاريخهم ومصالحهم ومستقبلهم، وقواسم مشتركة في عقائدهم ودينهم، وهي أكثر ما تكون بين دولة وأخرى، وإذا كان البعض يقول إن الوحدة الدستورية هي أعلى درجات الوحدة، وفوقها الوحدة العقائدية، فالأمة الإسلامية تتمتع بالوحدة الدستورية لأن القانون والشريعة فيها واحدة، ولأن العقيدة واحدة، والتاريخ شهد لهم بالوحدة الجغرافية في زمن كانت وسائل المواصلات فيه الناقة والجمل والسفينة الشراعية، فلماذا يحرم المسلمون من إنشاء اتحاد على غرار الاتحاد الأوربي؟ لماذا نرى تكتلات دولية بين أقوام مختلفين في العقائد واللغات والتاريخ، ويحظر ذلك على المسلمين؟!

وعلى الحكام استفتاء شعوبهم، هل تريدون قيام اتحاد إسلامي أم لا؟ فإذا قالت الشعوب إنها تريد اتحادا إسلاميا فعلى الحكام أن يحترموا إرادة هذه الأمة، وعليهم أن يترجموها إلى واقع عملي محسوس بإقامة برلمان إسلامي موحد، وسوق إسلامية مشتركة ويسيروا في ذلك خطوة خطوة.

ونقول لهؤلاء الحكام لا تخافوا على عروشكم وكراسيكم، أنت ملك، وأنت رئيس، كما أنت ستبقى، ولك خصوصيات فهي لك، ولكم علاقات سياسية معينة، فنحن نتسامح معها، ولكن بيننا قواسم مشتركة، تعالوا نتفق على ما نحن متفقون ومجمعون عليه، والذي نحن مختلفون فيه من عروش وكراسي وخصوصيات وتفصيلات، فنتركها لأصحابها ولا نمسها، ولكننا ننشيء اتحادا إسلاميا يجمع المسلمين حتى ترفع المذلة والهوان عنهم.



هناك من يقول إن الغرض من هذه الحرب الاستباقية هو الحيلولة دون قيام مارد إسلامي قد يكون اتحادا إسلاميا، وقد يواجه وينازع الحضارة الأوروبية الأميركية، ما رأيكم بمثل هذا الطرح؟


- الحضارة ميراث إنساني، وأصول الحضارة الأوروبية مأخوذة من المسلمين، ونحن إذ نستعيدها منهم وننتفع بثمارها، فميراث قدمناه سلفا لهم، ونحن نقاضيهم اليوم برد الدين الذي عليهم، وهذا لا خلاف فيه ولا صراع، ولكن الصراع يأتي من الظلم والبغي، والعدوان والطغيان ومصادرة الحريات، واحتلال الأوطان، وهذا هو المرفوض عندنا.

أما إنهم يقومون بخطوات استباقية بمحاربة الإسلام والمسلمين، فأنا أنصح الأميركان وغيرهم، وأقول لهم: احذروا أن تحاربوا الله ورسوله، لأن كل الذين حاربوا الله ورسوله باؤوا بالفشل والخذلان، ولعل أقرب مثال على ذلك الاتحاد السوفياتي السابق الذي أصبح أثرا بعد عين بعد محاربته للإيمان بالله والأديان.



في الآونة الأخيرة ظهرت دعوات أميركية أوروبية لإقامة حوار مع الحركات الإسلامية في المنطقة، وقد رأى البعض أن هذه الدعوات تكتيكية لإخافة الأنظمة القائمة في المنطقة ومحاولة لابتزازها بتقديم مزيد من التنازلات، أنتم ما رأيكم؟

- بأي اعتبار تم ذلك، هل باعتبارها حركات إسلامية معتدلة؟ أم باعتبارها حركات متطرفة؟ أولا نريد أن نعرف كيف ينظرون إلينا، ومع ذلك فديننا دين التفاهم ودين العقل، والحوار.

وخوفا من أن تكون هذه المحاورة فخا من الأميركان لإيقاع الحركات الإسلامية في أخطاء جسيمة، أو تلبيسها بعض هذه الأخطاء، أقترح على الحركات الإسلامية بأن تقبل بالمحاورة وتضع لها شروطها، ومن أهم هذه الشروط إطلاع الحكومات على هذه الحوارات، حتى لا يسرب الأميركان معاني تفيد بأن الإسلاميين يتآمرون على هذه الحكومات في المنطقة مع قوى أجنبية، وأن تكون هناك شفافية في المحاورة حتى تطلع الشعوب عليها لكي لا يكذب على الشعوب بأن الإسلاميين قد بدؤوا يتحولون إلى دور العمالة والخيانة وبيع بلادهم ودينهم.

وثمة طلب ثالث أطلبه وهو إشراك العلماء في المحاورة حتى لا تقع الحركات الإسلامية في أخطاء تخالف العقيدة والإيمان، وتخالف أحكام الشريعة، فتزل أقدامهم في هذا الأمر، فتتفرق صفوفهم، وتختلف مواقفهم، ويتفرق من حولهم الصف الإسلامي.



هل يعني هذا أن الحركات الإسلامية تقبل بالدعوات الأميركية لإحداث ديمقراطية وتغيير في المنطقة؟


- كل شخص يحب لوطنه الخير، ويحب له أن يدخل مرحلة استقرار، ومرحلة الاستقرار تبدأ من تطبيق الدستور، مرحلة الاستقرار السياسي تتحقق باحترام إرادة الأمة في اختيار حكامها، واحترام حقها في مشاورتهم ومراقبتهم ومقاضاتهم إذا أساؤوا أو ظلموا، وعزلهم إذا أساؤوا وعجزوا، هذه كلها مبادئ لها مكانة في ديننا وشريعتنا، وتحققها في واقع الأمر يمنع التسلط والاستبداد والظلم، ويحفظ أموال الأمة ومقدراتها، ويبشر بمستقبل طيب لهذه الأمة.

يبقى هل الذين يرفعون تلك الشعارات عن الديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان، هل يريدونها لأمتنا حقا؟ أقصد هل أميركا التي تطمع في احتلال بلداننا، وتطمع في محاربة الإسلام، وتطمع في نهب ثروات المسلمين، والتي بشرت بنموذج العراق، فرأينا احتلالا وقتلا وتدميرا لجيش، وتدميرا لشعب واحتلالا لأرض، هل ترفع هذه الشعارات لصالحنا؟



بعض القادة العرب يقولون إن الإصلاح السياسي والتغيير يجب أن ينبع من الداخل، وليس رضوخا لإملاءات أو ضغوط خارجية، كيف تنظرون لمثل هذه التصريحات؟


- هذه كلمة حق لا أدري مايراد بها، والأصل في الإصلاح أن يكون من الداخل، حتى يكون مضمونا، وحتى يكون في مصلحة الشعوب، وحتى يكون متناسبا مع ثقافتنا وديننا وقيمنا وأعرافنا، ولكن هل الحكام لديهم الاستعداد أن يصلحوا هذه البلدان؟ أظن لو كان هذا في مرادهم لفعلوه منذ زمن، ولكنهم لم يفعلوه، وقد كانوا على ذلك بتشجيع من الغرب ومن الأميركان بعد أن حرضوهم ضد شعوبهم، فإذا قالت أميركا اليوم نحن نعتذر إليكم عما كنا نفعله ضدكم، بأننا كان نساعد حكوماتكم على مصادرة حقوقكم، حينئذ يجب أن نشكرهم -إذا كانوا صادقين- على ذلك، ونرجو أن يكونوا من المشجعين للحكام على السير في هذا الطريق.
____________
مراسل الجزيرة نت