أسئلة وردو حول تأليه المسيح!!
إن النبوات المتقدمة والكتب الإلهية لم تنطق بحرف واحد يقتضي أن يكون ابن البشر إلها تاما: إله حق من إله حق، وأنه غير مصنوع ولا مربوب، بل لم يخصه إلا بما خص به أخوه وأولى الناس به محمد بن عبد الله في قوله: إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكتب الأنبياء المتقدمة وسائر النبوات موافقة لما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك كله يصدق بعضه بعضا، وجميع ما تستدل به المثلثة عباد الصلب على إلهية المسيح من ألفاظ وكلمات في الكتب فإنها مشتركة بين المسيح وغيره كتسميته أبا وكلمة وروح حق وإلها، وكذلك ما أطلق من حلول روح القدس فيه وظهور الرب فيه أو في مكانه.
فيا معر المثلة وعباد الصليب! أخبرونا من كان المممسك للسموات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطا على خشبة الصليب وقد شدت يداه ورجلاه بالحبال وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السموات والأرض خلوا من إلهها وفاطرها وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؟!!
أم تقولون: استخلف على تدبيرها غيره وهبط عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب وليذوق حر المسامير وليوجب اللعنة على نفسه حيث قال في التوراة: ملعون من تعلق بالصليب.
أم تقولون: كان هو المدبر لها في تلك الحال: فكيف وقد مات ودفن؟!
أم تقولونه - وهو حقيقة قولكم - لا ندري ولكن هذا في الكتب وقد قاله الآباء وهم القدوة والجواب عليهم؟!
فنقول لكم وللآباء معاشر المثلثة عباد الصليب: ما الذي دلكم على إلهية المسيح؟
فإن كنتم استدللتم عليها بالقبض من أعدائه عليه وسوقه إلى خشبة الصليب وعلى رأسه تاج من الشوك وهم يبصقون في وجهه ويصفعونه ثم أركبوه ذلك المركب الشنيع وشدوا يديه ورجليه بالحبال وضربوا فيها المسامير, وهو يستغيث, وتعلق ثم فاضت نفسه وأودع ضريحه:
فما أصحه من استدلال عند أمثالكم ممن هم أضل من الأنعام؟ وهم عار على جميع الأنام!!
وإن قلتم: إنما استدللنا على كونه إلها بأنه لم يولد من البشر ولو كان مخلوقا لكان مولودا من البشر:
فإن كان هذا الاستدلال صحيحا فآدم إله المسيح، وهو أحق بأن يكون إلها منه لأنه لا أم له ولا أب والمسيح له أم، وحواء أيضا جعلوها إلها خامسا لأنها لا أم لها وهي أعجب من خلق المسيح؟! والله سبحانه قد نوع خلق آدم وبنيه إظهارا لقدرته وأنه يفعل ما يشاء، فخلق آدم لا من ذكر ولا من أنثى، وخلق زوجه حوى من ذكر لأ من أنثى، وخلق عبده المسيح من أنثى لا من ذكر، وخلق سائر النوع من ذكر وأنثى.
وإن قلتم: استدللنا على كونه إلها بأنه أحيا الموتى، ولا يحيهم إلا الله:
فاجعلوا موسى إلها آخر، فإنه أتي من ذلك بشيء لم يأت المسيح بنظيره ولا ما يقاربه، وهو جعل الخشبة حيوانا عظيما ثعبانا، فهذا أبلغ وأعجب من إعادة الحياة إلى جسم كانت فيه أولا، فإن قلتم هذا غير إحياء الموتى فهذا اليسع النبي أتى بإحياء الموتى وهم يقرون بذلك، وكذلك إيليا النبي أيضا أحيا صبيا بإذن الله، وهذا موسى قد أحيا بإذن الله السبعين الذين ماتوا من قومه، وفي كتبكم من ذلك كثير عن الأنبياء والحواريين: فهل صار أحد منهم إلها بذلك؟!!
وإن قلتم: جعلناه إلها للعجائب التي ظهرت على يديه:
فعجائب موسى أعجب وأعجب، وهذا إيليا النبي بارك على دقيق العجوز ودهنها فلم ينفد ما في جرابها من الدقيق وما في قارورتها من الدهن سبع سنين!!
يتبع................
المفضلات