مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    167
    آخر نشاط
    19-10-2009
    على الساعة
    10:11 PM

    مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مشايخنا الفضلاء واخواننا الكرام

    قرأت فتوى لشيخنا حامد العلي حفظه الله تعالى جاء فيها


    اقتباس:
    السؤال :
    أمر قائد مجموعة جهادية أحد المجاهدين بالتنكر في لباس قسيس و لبس الصليب و الدخول إلى كنيسةٍ في إحدى بلاد الكفر ، و الصلاة فيها بصلاة النصارى ؛ و ذلك ليقوم بإنقاذ حياة أحد المسلمين الأسرى ، و قد قام بتنفيذ الأوامر كاملةً ، و تم إنقاذ حياة المسلم .
    السؤال : هذا المجاهد قد ارتكب عملاً كفرياً ( لِبس لِباس القسيس ، و تعليقُ الصليب ، و الصلاة النصرانية ) ، و هو يَعتَبِرُ ذلك عملاً كُفرياً ، و لم يفعله إلا لإنقاذ أخيه المسلم ، و لخداع من كان يريد قتله ، فما حُكمُ الشرع في هذا العمل ؟
    هذا وقد استدل البعض بقصة نعيم بن مسعود ، وقول الحجاج بن علاط في قصة فتح خيبر ، وقول محمد بن مسلمة في قصة اغتيال كعب بن الاشرف ، وأنهم قالوا ما ظاهره الكفر ، لمصلحة دينية ، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم فما ردكم على ذلك ؟ ;

    الجواب :
    الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
    ــــــــــ

    أما قصة نعيم بن مسعود رضي الله عنه ، فليس فيها أنه أظهر الكفر ، أما الذي رُوِي فهو أنه صلى الله عليه وسلم قال له : ( إنما أنت رجل واحد فينا ، ولكن خذل عنا إن استطعت ، فإن الحـرب خدعة ) وقد رواه عبد الرزاق من حديث ابن المسيب مرسلا ، وموسى بن عقبة من روايته المرسلة عن الزهري .

    ولا يُعلم نص ما قاله نعيم بن مسعود رضي الله عنه ، فإنه لم يصح شيء يتضمّن ما قاله صريحا ، وإنما ورد الخبر مرسلا كما تقدم والله اعلم .


    ‏أما حديث الحجاج بن عِلاط فلفظه : ( لما افتتح رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خيبر ‏ ‏قال ‏ ‏الحجاج بن علاط ‏ ‏يا رسول الله إن لي ‏ ‏بمكة ‏ ‏مالا وإن لي بها أهلا وإني أريد أن آتيهم فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئا ‏ ‏فأذن له رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن يقول ما شاء فأتى امرأته حين قدم فقال اجمعي لي ما كان عندك فإني أريد أن أشتري من غنائم ‏ ‏محمد ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وأصحابه فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم ) رواه أحمد وغيره ، من حديث أنس رضي الله عنه .

    وأما حديث قتل كعب بن الاشرف : فقد قال محمد بن مسلمة : ( إن هذا الرجل قد عنّانا ـ أي أتعبنا ـ وسألنا الصدقة ، قال وأيضا فوالله لتملنّه ، قال : فإنا اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى ما يصير أمره ) رواه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه .

    وقد دل حديث كعب بن الاشرف على جواز الكـــذب في الحرب كما بوّب البخاري للحديث الثاني ( باب الكذب في الحرب ) .

    ولا يصح الاستدلال بالخبرين على جواز إتيان الكفر ظاهرا ، في حال الحرب ، لان أذى النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم بالنيل منه ، الذي هو كفر ، لم يتحقق هنا .

    ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ، قد أذن بقول ما يعلم أن قائله لا يقصد أذى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان صلى الله عليه وسلم ربما يعفو عن أذى من يؤذيه ، ولهذا لما قيل عنه صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائــــــم ، ( والله إنها لقسمة ما عدل فيها ) ، قال ( يرحم الله موسى ، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) رواه البخاري .

    والمقصود أن إذنه صلى الله عليه وسلم ، لقائل أن يقول عنه ما لا يريد بذلك أذاه ، بل يقول قولا يحتمل في ظاهر اللفظ أذاه ، وهو مع ذلك معظمُ للنبي صلى الله عليه وسلم ، متبعُ له ، قاصدُ نصر دينه ، أنه ليس فيه ما يدخل في باب إظهار الكفر أصلا ، ولهذا بوّب له البخاري رحمه الله ( باب الكذب في الحرب).

    وهذا يختلف عن إظهار الكفر بتعظيم الشرك وعبادة غير الله تعالى ، فإن هذا لا يحل إلا بالإكراه ، كما هو نص القرآن ، قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعا : ( اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفا منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين ، ... ولايستثنى من ذلك إلا المكره ، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون اكفر ، أو افعل كذا ، وإلا فعلنا بك وقتلناك ، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب ) الدرر السنية 7/58


    ولا يصح الاستدلال بمسألة الإكراه ، على قضيّة السؤال ، لانه ينبغي التنبه إلى أن من يظهر لبس الصليب ، وعبادة غير الله ، ويدخل الكنيسة متلبسا بهيئة الرهبان ، إنما يعتمد على حيلة يحتالها ، فقد يتوصل بها إلى فكاك الأسير ، وقد لا يحصل ذلك ، بخلاف الذي يقولون له افعل الكفر ، وإلا قتلناك ، أو ضربناك ، أو عذّبناك ، فيأخذ بالرخصة التي أخذ بها عمار رضي الله عنه ، ولهذا لا يصح القياس هنا أصلا .

    ثم إن الأسير في هذا الزمان ليس بالضرورة يقتل في الأسر ، ولا حتى يعذّب فقد يقتل أو يعذّب ، وقد يُفدى ، وقد يبقى قادرا على إظهار دينه وفق قوانين بعض البلاد الكافرة ، آمنا على نفسه بين ظهرانيهم ، حتى يجعل الله له سبيلا ، وقد يطلق سراحه ، وقد يتمكن بنفسه من الهرب ، ويختلف ذلك باختلاف البلاد التي هو فيها ، وهذا معلوم في هذا الزمان لا ينكره أحد .

    ولهذا فمن الخطأ إطلاق الفتوى بجواز أن يظهر الكفر ، من يظن أنه يتوصل بذلك إلى فكاك الأسرى ، حتى لو قيل بأنه قد يجوز في بعض الاحيان ، قياسا على جواز فعل الكفر للمكره ، ذلك أن أحوال الأسر تختلف .

    ولم يقل أحــد ـ فيما أعلم ـ أن أسرى المسلمين يجوز لهم أن يظهروا للكفار الموافقة في دينهم ، طمعا في الإفراج عنهم ، ماداموا لم يكرهوا على ذلك بالتهديد بالقتل أو الضرب والتعذيب ، وقد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، أسرى من المسلمين في أيدي الكفار ، فلم يظهروا إلا صلابة في دينهم .

    والمقصود أن كون المسلم أسيرا عند الكفار ، ليس في حد ذاته رخصة ، تبيح له أن يأتي بالكفر الظاهر ، وهو تعليق الصليب ، فكذلك لئن لا يكون رخصة لغيره ممن يقصد فكاك الأسرى أولى .
    هذا إن كان السائل يسأل عن تعليق الصليب ، وعبادة غير الله تعالى ، أما إن لم يصل الأمر إلى هذا الحد،بل أخفى حقيقته عنهم ، بلبس لباسهم ، ليظنوا أنه منهم ، فليس في ذلك موافقة للكفار ، بل غاية ما فيه التخفي عنهم بمشابهتهم في الظاهر في حال مخصوصة ، ليتوصل بذلك إلى خديعتهم ، وفك أسرى المسلمين ، وذلك مثل الجاسوس المسلم ، الذي يعيش بين الكفار ، ليعلم حالهم وقوتهم ، فلا بد له من أن يخفي حاله ، والله أعلم .

    فائدة : قال الإمام القرطبي رحمه الله : قال المحققون : ( إذا تلفظ المكره بالكفر ، فلا يجوز أن يجريه على لسانه ، إلا مجرى المعاريض ، فإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ... ومثال ذلك أن يقال له : أكفر بالله ، فيقول ( باللاهي ) فيزيد الياء ، وكذلك إذا قيل له اكفر بالنبيّ ، فيقول هو كافر بالنبيّ ، مشددا وهو المكان المرتفع من الأرض

    فهل هذا قول فصل في مسألة التخفي بلبس الصليب خصوصا ؟
    وما الحكم فيمن فعله وهو يعلم ان لبس الصليب كفر وهل للتأول هنا مكانا ؟

    افيدونا بارك الله فيكم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,554
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    عن ابن عباس قوله: "إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ " فأخبر الله سبحانه أنه من كفر من بعد إيمانه، فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم ، فأما من أكره فتكلم به لسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوّه، فلا حرج عليه، لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم(1).

    " مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(2).

    أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به: أنه قد غَضب عليه، لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذابا عظيما في الدار الآخرة؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم فلا يعقلون بها شيئا ينفعهم وختم على سمعهم وأبصارهم فلا ينتفعون بها، ولا أغنت عنهم شيئا، فهم غافلون عما يراد بهم.

    " لا جَرَمَ " أي: لا بد ولا عجب أن من هذه صفته، " أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ " أي: الذين خسروا أنفسهم وأهاليهم يوم القيامة.

    وأما قوله: "إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ " فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرها لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله.

    وقد روى العَوفِيّ عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في عمَّار بن ياسر، حين عذبه المشركون حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فوافقهم على ذلك مُكرَها وجاء معتذرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية، وهكذا قال الشعبي، وأبو مالك وقتادة.

    وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثَور، عن مَعْمَر، عن عبد الكريم الجَزَريّ، عن أبي عبيدة [بن] محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف تجد قلبك؟" قال: مطمئنا بالإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عادوا فعد" .

    ورواه البيهقي بأبسط من ذلك، وفيه أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، وأنه قال: يا رسول الله، ما تُركتُ حتى سَببتك وذكرت آلهتهم بخير! قال: "كيف تجد قلبك؟" قال: مطمئنا بالإيمان. فقال: "إن عادوا فعد". وفي ذلك أنزل الله: " إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ " .

    ولهذا اتفق العلماء على أنه يجوز أن يُوَالى المكرَه على الكفر، إبقاءً لمهجته، ويجوز له أن يستقتل، كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الأفاعيل، حتى أنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدَّة الحر، ويأمرونه أن يشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أحَد، أحَد.

    ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها، رضي الله عنه وأرضاه.
    وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ فيقول: نعم. فيقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع. فلم يزل يقطعه إرْبًا إرْبًا وهو ثابت على ذلك .

    وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن عِكْرِمة، أن عليا، رضي الله عنه، حَرَّق ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله". وكنت قاتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" فبلغ ذلك عليا فقال: ويح أم ابن عباس. رواه البخاري .

    وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا مَعْمَر، عن أيوب، عن حُمَيْد بن هلال العَدَويّ، عن أبي بردة قال: قدم على أبي موسى معاذُ بن جبل باليمن، فإذا رجل عنده، قال: ما هذا ؟ قال رجل كان يهوديا فأسلم، ثم تهود، ونحن نريده على الإسلام منذ قال: أحسب شهرين فقال: والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه. فضربت عنقه. فقال: قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه أو قال: من بدل دينه فاقتلوه .
    وهذه القصة في الصحيحين بلفظ آخر.

    والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه، ولو أفضى إلى قتله، كما قال الحافظ ابن عساكر، في ترجمة عبد الله بن حُذَافة السهمي أحد الصحابة: أنه أسرته الروم، فجاءوا به إلى ملكهم.
    فقال له: تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي.
    فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب، على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين، ما فعلت!
    فقال: إذا أقتلك.
    قال: أنت وذاك!
    فأمر به فصلب، وأمر الرماة فرموه قريبا من يديه ورجليه، وهو يعرض عليه دين النصرانية، فيأبى ثم أمر به فأنزل، ثم أمر بِقِدْر. وفي رواية: ببقرة من نحاس، فأحميت، وجاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر، فإذا هو عظام تلوح.

    وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها، فرفع في البَكَرَة ليلقى فيها، فبكى فطمع فيه ودعاه فقال له: إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة، تُلْقى في هذه القدر الساعة في الله، فأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله.

    وفي بعض الروايات: أنه سجنه ومنع عنه الطعام والشراب أياما، ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير، فلم يقربه، ثم استدعاه فقال: ما منعك أن تأكل؟ فقال: أما إنه قد حَلَّ لي، ولكن لم أكن لأشمتك فيّ. فقال له الملك: فَقَبِّلْ رأسي وأنا أطلقك. فقال: وتطلق معي جميع أسارى المسلمين؟ قال: نعم. فقبل رأسه، فأطلقه وأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب: حَقّ على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ. فقام فقبل رأسه.

    "ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ "(3).


    يتبع..........
    التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 07-07-2009 الساعة 06:22 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,554
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    وأجمع العلماء على: أن من أكره على كلمة الكفر، يجوز له أن يقول بلسانه، وإذا قال بلسانه غير معتقد لا يكون كفرا، وإن أبى أن يقول حتى يقتل كان أفضل . (4).

    وأجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بالكفر يدل عليه وجوه: أحدها: أنا روينا أن بلالاً صبر على ذلك العذاب ، وكان يقول : أحد أحد .

    روي ناساً من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه ، مع أنه كان بقلبه مصراً على الإيمان ، منهم : عمار ، وأبواه ياسر وسمية ، وصهيب ، وبلال ، وخباب ، وسالم ، عذبوا ، فأما سمية فقيل: ربطت بين بعيرين ووخزت في قبلها بحربة وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال وقتلت ، وقتل ياسر وهما أول قتيلين قتلاً في الإسلام ، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً ، فقيل: يا رسول الله إن عماراً كفر، فقال: كلا إن عماراً مليء إيماناً من فرقه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول : « ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت » ومنهم جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر ، ثم أسلم مولاه وأسلم وحسن إسلامهما وهاجرا .

    يجب ههنا بيان الإكراه الذي عنده يجوز التلفظ بكلمة الكفر ، وهو أن يعذبه بعذاب لا طاقة له به ، مثل التخويف بالقتل، ومثل الضرب الشديد والإيلامات القوية. قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام سبعة ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وخباب ، وصهيب ، وبلال ، وعمار ، وسمية .

    أما الرسول عليه السلام فمنعه أبو طالب ، وأما أبو بكر فمنعه قومه ، وأخذ الآخرون وألبسوا دروع الحديد ، ثم أجلسوا في الشمس فبلغ منهم الجهد بحر الحديد والشمس ، وأتاهم أبو جهل يشتمهم ويوبخهم ويشتم سمية ، ثم طعن الحربة في فرجها .

    وقال الآخرون: ما نالوا منهم غير بلال فإنهم جعلوا يعذبونه فيقول: أحد أحد، حتى ملوا فكتفوه وجعلوا في عنقه حبلاً من ليف ودفعوه إلى صبيانهم يلعبون به حتى ملوه فتركوه . قال عمار : كلنا تكلم بالذي أرادوا غير بلال ، فهانت عليه نفسه فتركوه.
    قال خباب: لقد أوقدوا لي ناراً ما أطفأها إلا ودك ظهري .

    وأجمعوا على أن عند ذكر كلمة الكفر يجب عليه أن يبرىء قلبه من الرضا به وأن يقتصر على التعريضات مثل أن يقول: إن محمداً كذاب، ويعني عند الكفار أو يعني به محمداً آخر أو يذكره على نية الاستفهام بمعنى الإنكار وههنا بحثان:

    البحث الأول : أنه إذا أعجله من أكرهه عن إحضار هذه النية أو لأنه لما عظم خوفه زال عن قلبه ذكر هذه النية كان ملوماً وعفو الله متوقع .

    البحث الثاني : لو ضيق المكره الأمر عليه وشرح له كل أقسام التعريضات وطلب منه أن يصرح بأنه ما أراد شيئاً منها ، وما أراد إلا ذلك المعنى ، فههنا يتعين إما التزام الكذب ، وإما تعريض النفس للقتل .

    فمن الناس من قال: يباح له الكذب هنا ، ومنهم من يقول: ليس له ذلك وهو الذي اختاره القاضي . قال: لأن الكذب إنما يقبح لكونه كذباً ، فوجب أن يقبح على كل حال ، ولو جاز أن يخرج عن القبيح لرعاية بعض المصالح لم يمنع أن يفعل الله الكذب لرعاية بعض المصالح وحينئذ لا يبقى وثوق بوعد الله تعالى ولا بوعيده لاحتمال أنه فعل ذلك الكذب لرعاية بعض المصالح التي لا يعرفها إلا الله تعالى .

    وأجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بكلمة الكفر، ويدل عليه وجوه:
    أحدها : أنا روينا أن بلالاً صبر على ذلك العذاب ، وكان يقول: أحد أحد ، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس ما صنعت بل عظمه عليه ، فدل ذلك على أنه لا يجب التكلم بكلمة الكفر.
    وثانيها : ما روي أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لأحدهما: ما قتلو في محمد؟ فقال رسول الله ، فقال : ما تقول في؟ قال أنت أيضاً ، فخلاه وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله ، قال : ما تقول في؟ قال : أنا أصم فأعاد عليه ثلاثاً فأعاد جوابه فقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني فقد صدع بالحق ، فهنيئاً له »..

    وجه الاستدلال بهذا الخبر من وجهين:
    الأول : أنه سمى التلفظ بكلمة الكفر رخصة .
    والثاني : أنه عظم حال من أمسك عنه حتى قتل .
    وثالثها : أن بذل النفس في تقرير الحق أشق ، فوجب أن يكون أكثر ثواباً لقوله عليه السلام : « أفضل العبادات أحمزها » أي أشقها .
    ورابعها: أن الذي أمسك عن كلمة الكفر طهر قلبه ولسانه عن الكفر .
    أما الذي تلفظ بها فهب أن قلبه طاهر عنه إلا أن لسانه في الظاهر قد تلطخ بتلك الكلمة الخبيثة،
    فوجب أن يكون حال الأول أفضل، والله أعلم .

    اعلم أن للإكراه مراتب.
    المرتبة الأولى: أن يجب الفعل المكره عليه مثل ما إذا أكرهه على شرب الخمر وأكل الخنزير وأكل الميتة فإذا أكرهه عليه بالسيف فههنا يجب الأكل ، وذلك لأن صون الروح عن الفوات واجب ، ولا سبيل إليه في هذه الصورة إلا بهذا الأكل ، وليس في هذا الأكل ضرر على حيوان ولا فيه إهانة لحق الله تعالى ، فوجب أن يجب لقوله تعالى : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة)(5).

    المرتبة الثانية: أن يصير ذلك الفعل مباحاً ولا يصير واجباً ، ومثاله ما إذا أكرهه على التلفظ بكلمة الكفر فههنا يباح له ولكنه لا يجب كما قررناه .

    المرتبة الثالثة: أن لا يجب ولا يباح بل يحرم ، وهذا مثل ما إذا أكرهه إنسان على قتل إنسان آخر أو على قطع عضو من أعضائه فههنا يبقى الفعل على الحرمة الأصلية، وهل يسقط القصاص عن المكره أم لا؟

    قال الشافعي رحمه الله: في أحد قوليه يجب القصاص ويدل عليه وجهان . الأول : أنه قتله عمداً عدواناً فيجب عليه القصاص لقوله تعالى : "يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى "(6).

    والثاني : أجمعنا على أن المكره إذا قصد قتله فإنه يحل له أن يدفعه عن نفسه ولو بالقتل ، فلما كان توهم إقدامه على القتل يوجب إهدار دمه ، فلأن يكون عند صدور القتل منه حقيقة يصير دمه مهدراً كان أولى ، والله أعلم .

    من الأفعال ما يقبل الإكراه عليه كالقتل والتكلم بكلمة الكفر ، ومنه ما لا يقبل الإكراه عليه قيل : وهو الزنا . لأن الإكراه يوجب الخوف الشديد وذلك يمنع من انتشار الآلة ، فحيث دخل الزنا في الوجود علم أنه وقع بالاختيار لا على سبيل الإكراه(7) .


    واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين...
    ــــــــ
    (1) تفسير الطبري, ج 17, ص 305.
    (2) سورة النحل, الآية 106.
    (3) ابن كثير, تفسير القرآن العظيم, ج 4, ص ص 605- 607.
    (4) تفسير البغوي, ج 5, ص 46.
    (5) البقرة : 195.
    (6) البقرة : 178 .
    (7) تفسير الرازي, ج 9, ص ص 470- 473.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    167
    آخر نشاط
    19-10-2009
    على الساعة
    10:11 PM

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    قال النووي رحمه الله تعالى في روضة الطالبين 1 / 69 -70 ما نصه :
    ولو شد على وسطه زنارا ودخل دار الحرب للتجارة كفر وإن دخل لتخليص الأسارى لم يكفر .. الخ

    وفي الموسوعة الفقهية الكويتية ( من المكتبة الشاملة ) :
    وكذا إذا لبس زنار النصارى ( يعني كفر ) إلا إذا فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين .. الخ
    انظر : الفتاوى الهندية 2 / 276 ، والاختيار 4 / 150 ، وجواهر الإكليل 2 / 278 ، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 6 / ، وتحفة المحتاج 9 / 91 ، 92 ط دار صادر ، وأسنى المطالب وحاشية الرملي عليه 4 / 11

مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. وأخيرا كتاب:: بذل المجهود في مخالفة النصارى واليهود ::
    بواسطة سعد بن أبي وقاص في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23-06-2010, 07:16 PM
  2. مختارات ابن حزم في الردود..على النصارى واليهود
    بواسطة دكتورعزالدين في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24-04-2010, 07:45 PM
  3. مختارات ابن حزم في الردود..على النصارى واليهود
    بواسطة دكتورعزالدين في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-04-2010, 04:54 AM
  4. النصارى آمنوا بمسيح لا وجود له واليهود ينتظرون المسيح الدجال!!
    بواسطة أسد الإسلام في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04-08-2009, 07:02 PM
  5. محاضرات ومناظرات ردا على النصارى واليهود
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 06:32 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود

مسألة التخفي بلبس الصليب وملابس النصارى واليهود