بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل العدد نصاً وبين به أركان ومهمات الدين على لسان رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام وآله وصحبه بنصوص صريحة صالـحة لكل زمان ومكان إلى يوم الدين وبعد ...
فهذه دقيقة ينبغي أن ينتبه لها أولو الأمر وهم ( العلماء ) في أصح الأقوال إلا وهي الاختلاف في قدر نصاب الأوراق النقدية فإن العلماء الذين يرون فيه الزكاة قسمان من يقدر النصاب بقيمة نصاب الفضة ومن يقدر بنصاب الذهب وهذا هو الإشكال الذي أقض فراشي منذ حقبة من الزمن وأنا أحاول السكوت عنه حتى عرفت أنه لابد من الكتابة فيه وإن لم أكن أهلاً لذلك ولا من رجال تلك المهامه والمسالك " فقلت والله تعالى المستعان " ومن بغيره استعان لا يعان " أعلم أنه لا خلاف عند الأصولين ولا عبرة بمن شذ عن ذلك أن اللقب ليس له مفهوم مخالفة بل بعضهم أنكرها في الشرع وإذا كان هكذا فلم ؟ نقدر النصاب بالبضاعة ولا يخفى أن الذهب اليوم بضاعة وإذا كان هناك دليل بتقدير النصاب بالبضاعة فعلى الرأس والعين ولا يخفى أيضاً على من له أدنى حظ من العلم أن مقادير الأنصباء توقيفية وأن من قدر بأي وجه من وجود التقدير نقص أو زاد فلم يتوقف وأن الأعداد نص لا تزاد ولا تنقص وأن العبرة بالعدد لقوله صلى الله عليه وسلم " في الرقة إذا بلغت مئتي درهم ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعون ومئة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها " أو كما قال صلى الله عليه وسلم وأن الذهب والفضة إذا كانا مضروبين لا حاجة لوزنهما وهو كذلك وأن الدرهم لقب .
ومما بقطع بلقبيته اتفاق العلماء على وجود الربا في غير الأشياء التي نص الشارع على ربويتها ومنها الأوراق النقدية والزكاة فيها إلا من شذ فإن ذلك فيها إبطال الربا والزكاة ما دامت الشريعة وأن الله سبحانه وتعالى قال " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " ما قال في حديث القضاء المشهور فأني لنا مخالفته وهو يقبل إقراراتنا مع احتمال الكذب فعلى هذا النصاب في كل عمله مئتا ريال أياَ كان أو دولار أو دينار أو غيره أو أوقية إذا حال عليه الحول ولم تتغير ولا ينظر إلى التفاوت فالعبادات لا تختلف باختلاف الزمان والمكان فالعبرة بالعدد وملك النصاب كما سبق في الحديث ومما ينبغي أن ينتبه لها أيضاً أن العبرة في العبادات بالألفاظ وفي المعاملات بالمعاني وهذه المسألة . مركبة من شائبتي العبادات والمعاملات وهي قوله صلى الله عليه وسلم " في مئتي درهم " فالعدد نص لا يزاد ولا ينقص والدرهم هو ما تعومل به كما سبق ذكره آنفاً وليعلم أن التقدير فيه قلب الحقيقة وهي أن العملات تقوم الأشياء لا تقومها الأشياء فأنى يتأتي التقويم بشيء لا يستقر سوقه ولا لحظة واحدة فإن هذا ليس من اليسر في الدين ولا من سماحته وعندما يزكى الذهب أو الفضة يقوم بالأوراق النقدية بناء على الأصل أو على أنها عروض فأين هذا التضارب ومن المقطوع به أن البدل يأخذ حكم المبدل منه وأن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية فيما سيكون من تغير العملات ولما لم يقل فإن لم تكن الدراهم فالقيمة كان ذلك دليلاً على اعتبار العدد في الزكاة كما بين في نصاب القطع أن القطع في ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما يساويها وكما في الكفارات فإن لم يكن كذا فكذا والجزاءات كذلك وأيضاً لوجوب وحدة الأمة الإسلامية عملتهم واحدة فالشرائع لا تغيرها الوقائع ما يجب :
على أعلى همة يجب على أضعفها من هذه الأمة إلى يوم القيامة يقول الولاتي "تقدير موجود كما قد عدما" وعكسه أصلان عند العلماء " وأيضاً القيمة لفظ مشترك فاللفظ المشترك لا تبين به العبادات لاختلافه باختلاف الأحوال في كل زمان ومكان .
فصار بداية النصاب في العملات اليوم بالقيمة مجهولاً وهذا ما لا يمكن أن يقع يوماً ما في الدين وأي فرق بين العملات والأموال الأخرى الزكوية وأيضاً إدعاء أن مئتي درهم أو عشرين ديناراً ما وجب فيه النصاب إلا لأنها ثروة كثيرة لا دليل من النقل يؤيده فقد لا تساوي إلا كما تساوي مئتا ريال من العملات الحالية في البيع والشراء لأن الدينار والدرهم يطلق على عملات الإسلام إلى يوم القيامة حكماً أنظر إلى حكمه التشريع لا تنظر إلى قلة المشروع والمشروع فيه .
والحكمة والله أعلم أن التحديد من القليل لمصلحة الفقير ومصلحة صاحب المال عدم الإدخار وربما قيل تفاوت نصاب الذهب والفضة دليل على عدم اعتبار العدد قيل نعم لو لم يرد الحديث السابق لأن المظنون لا يقف للقطعي ولا يعارضه أو حديث المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة .
قيل هذا في ما يكال وما يوزن انظر أحكام القرآن " لابن العربي في يوسف وشروه بثمن بخس دراهم معدودة " .
وسورة المطففين ووجه الدلالة معدودة ولم يقل موزونه فإن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يرد نسخ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وقد سبق تصريحاً وضمناً وتلويحاً أن الذهب والفضة إذا كانت مضروبة لا تحتاج إلى الوزن ومعروف عند أهل الأصول أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً وأما ارتباط العملات بالذهب في النصاب على أن الدولة لا تصدر من الأوراق النقدية إلا ما يقابل رصيدها من الذهب فهذا لا ينظر إليه الشرع فالشرع إنما إنما ينظر إلى ما خرج إلى الوجود وأيضاً الذهب أي ثروة تضمنه إبان التعامل به .
فالكل من عند الله يمحو ما يشاء ويثبت لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب .
هل الذهب اليوم إلا مثل غيره من الثروات التي لم يتعامل بها ولا يرد على هذا أن الذهب لا تبطله السلطات بل أبطلت المعاملة به كما أبطلت الأوراق النقدية فما دامت الأوراق النقدية لم تبطل فهي مال ولقائل أن يقول نرى ما يدل على عدم إبطال الأوراق بالكلية وهي تعويض التالف عند المؤسسة النقدية ومن علم الفرق بين به وفيه علم أن الذهب فيه النصاب وليس نصاباً لكل ما يتعامل به في كل زمان ومكان .
" هذا ما تيسر لي أن أكتبه بناء على فتوى أحد العلماء عندنا مشهور بالعلم واجتناب الشبهات وإتباع النصوص في الأحكام أصدرها في مئتي ريال من عملة البلد حال عليه الحول أن فيه الزكاة ( رحمه الله ) .
وجميع المسلمين قبل أكثر من 30 سنة من اليوم وكلما تذكرت هذه الفتوى عرفت أنه هو الصواب الموافق للنصوص والأصول .
يامن مثله لا يحتاج إلى قرع العصا ولا ينبه بطرق الحصا إعلم أن حيث الجنازتين المشهور وغيره لا يخول الاجتهاد على الإطلاق فالعبادات مبناها على التوقيف ومقادير الأنصباء توقيفية .
وإذا نظرنا إلى المعاني فالأشياء فرغ من الحكم فيها في الأزل ونجز التشريع المحمدي في النقدين لعله الثمنية على المشهور فألحقت به الأوراق النقدية فأخذت حكمها فالفرع لا يقل عن الأصل في الحكم أبدا وهكذا ماسياتي إلى النهاية فتنزيل حديث العدد على الأواقي كألف النصراني التمبكتي مسلم تماماً هذا وإن كان صواباً فمن الرحمن وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان وأرجو أن يلقي آذاناً واعية وقلوباً صافية وأن يلقى القبول عند كل من يسمعه أو يراه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...