الباحث عن الحقيقة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الباحث عن الحقيقة

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الباحث عن الحقيقة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    248
    آخر نشاط
    22-03-2011
    على الساعة
    09:48 AM

    الباحث عن الحقيقة

    سيدنا سلمان الفارسى


    تعالوا معى لنستمع إليه وهو يحكى قصة إسلامه وبحثه عن الحقيقة فها هو ذا, جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أما داره "بالمدائن" يحدث جلساءه عن مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة, ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس الى المسيحية, ثم الى الاسلام..
    كيف غادر ثراء أبيه الباذخ, ورمى نفسه في أحضان الفاقة, بحثا عن خلاص عقله وروحه..!!!
    كيف بيع في سوق الرقيق, وهو في طريق بحثه عن الحقيقة..؟؟
    كيف التقى بالرسول عليه الصلاة والسلام.. وكيف آمن به..؟؟
    تعالوا نقترب من مجلسه الجليل, ونصغ الى النبأ الباهر الذي يرويه..
    **

    [
    كنت رجلا من أهل أصبهان, من قرية يقال لها "جي"..
    وكان أبي دهقان أرضه.
    وكنت من أحب عباد الله اليه..
    وقد اجتهدت في المجوسية, حتى كنت قاطن النار التي نوقدها, ولا نتركها نخبو..
    وكان لأبي ضيعة, أرسلني اليها يوما, فخرجت, فمررت بكنيسة للنصارى, فسمهتهم يصلون, فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون, فأعجبني ما رأيت من صلاتهم, وقلت لنفسي هذا خير من ديننا الذي نحن عليه, فما برحتهم حتى غابت الشمس, ولا ذهبت الى ضيعة أبي, ولا رجعت اليه حتى بعث في أثري...
    وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم و صلاتهم عن أصل دينهم, فقالوا في الشام..
    وقلت لأبي حين عدت اليه: اني مررت على قوم يصلون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم, ورأيت أن دينهم خير من ديننا..
    فحازرني وحاورته.. ثم جعل في رجلي حديدا وحبسني..
    وأرسلت الى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم وسألتهم اذا قدم عليهم ركب من الشام, أن يخبروني قبل عودتهم اليها لأرحل الى الشام معهم, وقد فعلوا, فحطمت الحديد وخرجت, وانطلقت معهم الى الشام..
    وهناك سألت عن عالمهم, فقيل لي هو الأسقف, صاحب الكنيسة, فأتيته وأخبرته خبري, فأقمت معه أخدم, وأصلي وأتعلم..
    وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه, اذ كان يجمع الصدقات من الانس ليوزعها, ثم يكتنزها لنفسه.
    ثم مات..
    وجاءوا بآخر فجعلوه مكانه, فما رأيت رجلا على دينهم خيرا منه, ولا أعظم منه رغبة في الآخرة, وزهدا في الدنيا ودأبا على العبادة..
    وأحببته حبا ما علمت أني أحببت أحدا مثله قبله.. فلما حضر قدره قلت له: انه قد حضرك من أمر الله تعالى ما ترى, فبم تأمرني والى من توصي بي؟؟
    قال: أي بني, ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه الا رجلا بالموصل..
    فلما توفي, أتيت صاحب الموصل, فأخبرته الخبر, وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم, ثم حضرته الوفاة, سألته فأمرني أن ألحق برجل في عمورية في بلاد الروم, فرحلت اليه, وأقمت معه, واصطنعت لمعاشي بقرات وغنمات..
    ثم حضرته الوفاة, فقلت له: الى من توصي بي؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه, آمرك أن تأتيه, ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين ابراهيم حنيفا.. يهاجر الى أرض ذات نخل بين جرّتين, فان استطعت أن تخلص اليه فافعل.
    وان له آيات لا تخفى, فهو لا يأكل الصدقة.. ويقبل الهدية. وان بين كتفيه خاتم النبوة, اذا رأيته عرفته.

    ومر بي ركب ذات يوم, فسألتهم عن بلادهم, فعلمت أنهم من جزيرة العرب. فقلت لهم: أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم الى أرضكم؟.. قالوا: نعم.
    واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى, وهناك ظلموني, وباعوني الى رجل من يهود.. وبصرت بنخل كثير, فطمعت أن تكون هذه البلدة التي وصفت لي, والتي ستكون مهاجر النبي المنتظر.. ولكنها لم تكنها.
    وأقمت عند الرجل الذي اشتراني, حتى قدم عليه يوما رجل من يهود بني قريظة, فابتاعني منه, ثم خرج بي حتى قدمت المدينة!! فوالله ما هو الا ان رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وصفت لي..
    وأقمت معه أعمل له في نخله في بني قريظة حتى بعث الله رسوله وحتى قدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف.
    واني لفي رأس نخلة يوما, وصاحبي جالس تحتها اذ أقبل رجل من يهود, من بني عمه, فقال يخاطبه: قاتل الله بني قيلة اهنم ليتقاصفون على رجل بقباء, قادم من مكة يزعم أنه نبي..
    فوالله ما أن قالها حتى أخذتني العرواء, فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي!! ثم نزلت سريعا, أقول: ماذا تقول.؟ ما الخبر..؟
    فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة, ثم قال: مالك ولهذا..؟
    أقبل على عملك..
    فأقبلت على عملي.. ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء.. فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه, فقلت له: انكم أهل حاجة وغربة, وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة, فلما ذكر لي مكانكم رأيتم أحق الناس به فجئتكم به..
    ثم وضعته, فقال الرسول لأصحابه: كلوا باسم الله.. وأمسك هو فلم يبسط اليه يدا..
    فقلت في نفسي: هذه والله واحدة .. انه لا يأكل الصدقة..!!
    ثم رجعت وعدت الى الرسول عليه السلام في الغداة, أحمل طعاما, وقلت له عليه السلام: اني رأيتك لا تأكل الصدقة.. وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية, ووضعته بين يديه, فقال لأصحابه كلوا باسم الله..
    وأكل معهم..
    قلت لنفسي: هذه والله الثانية.. انه يأكل الهدية..!!
    ثم رجعت فمكثت ما شاء الله, ثم أتيته, فوجدته في البقيع قد تبع جنازة, وحوله أصحابه وعليه شملتلن مؤتزرا بواحدة, مرتديا الأخرى, فسلمت عليه, ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره, فعرف أني أريد ذلك, فألقى بردته عن كاهله, فاذا العلامة بين كتفيه.. خاتم النبوة, كما وصفه لي صاحبي..
    فأكببت عليه أقبله وأبكي.. ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه, وحدثته حديثي كما أحدثكم الآن..
    ثم أسلمت.. وحال الرق بيني وبين شهود بدر وأحد..
    وفي ذات يوم قال الرسول عليه الصلاة والسلام:" كاتب سيدك حتى يعتقك", فكاتبته, وأمر الرسولأصحابه كي يعونوني. وحرر الله رقبتي, وعشت حرا مسلما, وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق, والمشاهد كلها. هذه القصة مذكورة في الطبقات الكبرى لابن سعد ج4.

    **

    بهذه الكلمات الوضاء العذاب.. تحدث سلمان الفارسي عن مغامرته الزكية النبيلة العظيمة في سبيل بحثه عن الحقيقة الدينية التي تصله بالله, وترسم له دوره في الحياة..
    فأي انسان شامخ كان هذا الانسان..؟
    أي تفوق عظيم أحرزته روحه الطلعة, وفرضته ارادته الغلابة على المصاعب فقهرتها, وعلى المستحيل فجعلته ذلولا..؟
    أي تبتل للحقيقة.. وأي ولاء لها هذا الذي أخرج صاحبه طائعا مختارا من ضياع أبيه وثرائه ونعمائه الى المجهول بكل أعبائه, ومشاقه, ينتقل من أرض الى أرض.. ومن بلد الى بلد.. ناصبا, كادحا عابدا.. تفحص بصيرته الناقدة الناس, والمذاهب والحياة.. ويظل في اصراره العظيم وراء الحق, وتضحياته النبيلة من أجل الهدى حتى يباع رقيقا.. ثم يثيبه الله ثوابه الأوفى, فيجمعه بالحق, ويلاقيه برسوله, ثم يعطيه من طول العمر ما يشهد معه بكلتا عينيه رايات الله تخفق في كل مكان من الأرض, وعباده المسلمون يملؤن أركانها وأنحاءها هدى وعمرانا وعدلا..؟!!

    **

    ماذا نتوقع أن يكون اسلام رجل هذه همته, وهذا صدقه؟
    لقد كان اسلام الأبرار المتقين.. وقد كان في زهده, وفطنته, وورعه أشبه الناس بعمر بن الخطاب.
    أقام أياما مع أبي الدرداء في دار واحدة.. وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقوم الليل ويصوم النهار.. وكان سلمان يأخذ عليه مبالغته في العبادة على هذا النحو.
    وذات يوم حاول سلمان أن يثني عزمه على الصوم, وكان نافلة..
    فقال له أبو الدرداء معاتبا: أتمنعني أن أصوم لربي, وأصلي له..؟ّ
    فأجابه سلمان قائلا:
    ان لعينك عليك حقا, وان لأهلك عليك حقا, صم وافطر, وصل ونم..
    فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:
    " لقد أشبع سلمان علما ".
    وكان الرسول عليه السلام يرى فطنته وعلمه كثيرا, كما كان يطري خلقه ودينه..
    ويوم الخندق, وقف الأنصار يقولون: سلمان منا.. وقف المهاجرون يقولون بل سلمان منا..
    وناداهم الرسول قائلا:" سلمان منا آل البيت".

    وانه بهذا الشرف لجدير..
    وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقبه بلقمان الحكيم سئل عنه بعد موته فقال:
    [ذاك امرؤ منا والينا أهل البيت.. من لكم بمثل لقمان الحكيم..؟
    أوتي العلم الأول, والعلم الآخر, وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر, وكان بحرا لا ينزف].
    ولقد بلغ في نفوس أصحاب الرسول عليه السلام جميعا المنزلة الرفيعة والمكان الأسمى.
    ففي خلافة عمر جاء المدينة زائرا, فصنع عمر ما لا نعرف أنه صنعه مع أحد غيره أبدا, اذ جمع أصحابه وقال لهم:
    "هيا بنا نخرج لاستقبال سلمان".!!
    وخرج بهم لاستقباله عند مشارف المدينة.
    لقد عاش سلمان مع الرسول منذ التقى به وآمن معه مسلما حرّا, ومجاهدا وعابدا.
    وعاش مع خليفته أبي بكر, ثم أمير المؤمنين عمر, ثم الخليفة عثمان حيث لقي ربه أثناء خلافته.
    وفي معظم هذه السنوات, كانت رايات الاسلام تملأ الأفق, وكانت الكنوز والأموال تحمل الى المدينة فيئا وجزية, فتورّع الانس في صورة أعطيت منتظمة, ومرتبات ثابتة.
    وكثرت مسؤوليات الحكم على كافة مستوياتها, فكثرت الأعمال والمناصب تبعا لها..
    فأين كان سلمان في هذا الخضم..؟ وأين نجده في أيام الرخاء والثراء والنعمة تلك..؟

    **

    افتحوا ابصاركم جيدا..
    أترون هذا الشيخ المهيب الجالس هناك في الظل يضفر الخوص ويجدله ويصنع منه أوعية ومكاتل..؟
    انه سلمان..
    انظروه جيدا..
    انظروه جيدا في ثوبه القصير الذي انحسر من قصره الشديد الى ركبته..
    انه هو, في جلال مشيبه, وبساطة اهابه.
    لقد كان عطاؤه وفيرا.. كان بين أربعة وستة آلاف في العام, بيد أنه كان يوزعه جميعا, ويرفض أن يناله منه درهم واحد, ويقول:
    "أشتري خوصا بدرهم, فأعمله, ثم أبيعه بثلاثة دراهم, فأعيد درهما فيه, وأنفق درهما على عيالي, وأتصدّق بالثالث.. ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت"!

    **

    ثم ماذا يا أتباع محمد..؟
    ثم ماذا يا شرف الانسانية في كل عصورها وواطنها..؟؟
    لقد كان بعضنا يظن حين يسمع عن تقشف بعض الصحابة وورعهم, مثل أبي بكر الصديق وعمر وأبي ذر واخوانهم, أن مرجع ذلك كله طبيعة الحياة في الجزيرة العربية حيث يجد العربي متاع نفسه في البساطة..
    فها نحن أمام رجل من فارس.. بلاد البذخ والترف والمدنية, ولم يكن من الفقراء بل من صفوة الناس. ما باله يرفض هذا المال والثروة والنعيم, ويصر أن يكتفي في يومه بدرهم يكسبه من عمل يده..؟
    ما باله يرفض اامارة ويهرب منها ويقول:
    "ان استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين؛ فافعل..".
    ما باله يهرب من الامارة والمنصب, الا أن تكون امارة على سريّة ذاهبة الى الجهاد.. والا أن تكون في ظروف لا يصلح لها سواه, فيكره عليها اكراها, ويمضي اليها باكيا وجلا..؟
    ثم ما باله حين يلي على الامارة المفروضة عليه فرضا يأبى أنيأخذ عطاءها الحلال..؟؟
    روى هشام عن حسان عن الحسن:
    " كان عطاء سلمان خمسة آلاف, وكان على ثلاثين ألفا من الناس يخطب في عباءة يفترش نصفها, ويلبس نصفها.."
    "وكان اذا خرج عطاؤه أمضاه, ويأكل من عمل يديه..".
    ما باله يصنع كل هذا الصنيع, ويزهد كل ذلك الزهد, وه الفارسي, ابن النعمة, وربيب الحضارة..؟
    لنستمع الجواب منه. وهو على فراش الموت. تتهيأ روحه العظيمة للقاء ربها العلي الرحيم.
    دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده فبكى سلمان..
    قال له سعد:" ما يبكيك يا أبا عبد الله..؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض".
    فأجابه سلمان:
    " والله ما أبكي جزعا من الموت, ولاحرصا على الدنيا, ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الينا عهدا, فقال: ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب, وهأنذا حولي هذه الأساود"!!

    يعني بالأساود الأشياء الكثيرة!
    قال سعد فنظرت, فلم أرى حوله الا جفنة ومطهرة, فقلت له: يا أبا عبدالله اعهد الينا بعهد نأخذه عنك, فقال:
    " يا سعد:
    اذكر عند الله همّتك اذا هممت..
    وعند حكمتك اذا حكمت..
    وعند يدك اذا قسمت.."

    هذا هو اذن الذي ملأ نفسه غنى, بقدر ما ملأها عزوفا عن الدنيا بأموالها, ومناصبها وجاهها.. عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه والى أصحابه جميعا: ألا يدعو الدنيا تتملكهم, وألا يأخذ أحدهم منها الا مثل زاد الركب..
    ولقد حفظ سلمان العهد ومع هذا فقد هطلت دموعه حين رأى روحه تتهيأ للرحيل, مخافة أن يكون قد جاوز المدى.
    ليس حوله الا جفنة يأكل فيها, ومطهرة يشرب منها ويتوضأ ومع هذا يحسب نفسه مترفا..
    ألم أقل لكم انه أشبه الناس بعمر..؟

    وفي الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن, لم يتغير من حاله شيء. فقد رفض أن يناله من مكافأة الامارة درهم.. وظل يأكل من عمل الخوص.. ولباسه ليس الا عباءة تنافس ثوبه القديم في تواضعها..
    وذات يوم وهو سائر على الطريق لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل تين وتمر..
    كان الحمل يؤد الشامي ويتعبه, فلم يكد يبصر أمامه رجلا يبدو أنه من عامة الناس وفقرائهم, حتى بدا له أن يضع الحمل على كاهله, حتى اذا أبلغه وجهته أعطاه شيئا نظير حمله..
    وأشار للرجل فأقبل عليه, وقال له الشامي: احمل عني هذا.. فحمله ومضيا معا.
    واذ هما على الطريق بلغا جماعة من الانس, فسلم عليهم, فأجابوا واقفين: وعلى الأمير السلام..
    وعلى الأمير السلام..؟
    أي أمير يعنون..؟!!
    هكذا سأل الشامي نفسه..
    ولقد زادت دهشته حين رأى بعض هؤلاء يسارع صوب سلمان ليحمل عنه قائلين:
    عنك أيها الأمير..!!
    فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي, فسقط في يده, وهربت كلمات الاعتذار والأسف من بين شفتيه, واقترب ينتزع الحمل. ولكن سلمان هز رأسه رافضا وهو يقول:
    " لا, حتى أبلغك منزلك"..!!

    **

    سئل يوما: ما الذي يبغض الامارة الى نفسك.؟
    فأجاب: " حلاوة رضاعها, ومرارة فطامها"..
    ويدخل عليه صاحبه يوما بيته, فاذا هو يعجن, فيسأله:
    أين الخادم..؟
    فيجيبه قائلا:
    " لقد بعثناها في حاجة, فكرهنا أن نجمع عليها عملين.."

    وحين نقول بيته فلنذكر تماما, ماذا كان ذاك البيت..؟ فحين همّ سلمان ببناء هذا الذي يسمّى مع التجوّز بيتا, سأل البنّاء: كيف ستبنيه..؟
    وكان البنّاء حصيفا ذكيا, يعرف زهد سلمان وورعه.. فأجابه قائلا:" لا تخف.. انها بناية تستظل بها من الحر, وتسكن فيها من البرد, اذا وقفت فيها أصابت رأسك, واذا اضطجعت فيها أصابت رجلك"..!
    فقال له سلمان: "نعم هكذا فاصنع".

    لم يكن هناك من طيبات الحياة الدنيا شيء ما يركن اليه سلمان لحظة, أو تتعلق به نفسه اثارة, الا شيئا كان يحرص عليه أبلغ الحرص, ولقد ائتمن عليه زوجته, وطلب اليها أن تخفيه في مكان بعيد وأمين.
    وفي مرض موته وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه, ناداها:
    "هلمي خبيّك التي استخبأتك"..!!
    فجاءت بها, واذا هي صرة مسك, كان قد أصابها يوم فتح "جلولاء" فاحتفظ بها لتكون عطره يوم مماته.
    ثم دعا بقدح ماء نثر المسك فيه, ثم ماثه بيده, وقال لزوجته:
    "انضجيه حولي.. فانه يحصرني الآن خلق من خلق الله, لا يأكلون الطعام, وانما يحبون الطيب".
    فلما فعلت قال لها:" اجفئي علي الباب وانزلي".. ففعلت ما أمرها به..
    وبعد حين صعدت اليه, فاذا روحه المباركة قد فارقت جسده ودنياه.
    قد لحقت بالملأ الأعلى, وصعدت على أجنحة الشوق اليه, اذ كانت على موعد هناك مع الرسول محمد, وصاحبيه أبي بكر وعمر.. ومع ثلة مجيدة من الشهداء والأبرار.

    **


    لطالما برّح الشوق الظامئ بسلمان..
    وآن اليوم أن يرتوي, وينهل..


    منقول من كتاب رجال حول الرسول
    قال الحَسَنُ البَصْرِي
    ابْحَثُوا عن حلاوةِ الإيمانِ في ثلاثةِ أشياء:

    في الصلاة، وفي الذِّكر، وفي قراءةِ القُرآن ..

    فإن وجدتُم حلاوةَ الإيْمَانِ في قُلوبِكم،

    وإلاَّ فاعلَمُوا أنَّ البابَ بينَكم وبين اللّهِ تعالى مُغْلَق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,554
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة GLHOM مشاهدة المشاركة
    عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه والى أصحابه جميعا: ألا يدعو الدنيا تتملكهم, وألا يأخذ أحدهم منها الا مثل زاد الركب..
    ولقد حفظ سلمان العهد ومع هذا فقد هطلت دموعه حين رأى روحه تتهيأ للرحيل, مخافة أن يكون قد جاوز المدى.

    ليس حوله الا جفنة يأكل فيها, ومطهرة يشرب منها ويتوضأ ومع هذا يحسب نفسه مترفا..
    ألم أقل لكم انه أشبه الناس بعمر..؟
    :
    "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا".

    رحمك الله سيدنا سلمان الفارسي

    شكراً جزيلاً أخي الفاضل..
    التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 10-06-2009 الساعة 12:29 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    7,561
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    21-01-2019
    على الساعة
    02:09 PM

    افتراضي



    جزاك الله كل خير اخى الكريم

    بحث رائع

    تقبل مرورى

    توقيع نضال 3


    توقيع نضال 3

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    203
    آخر نشاط
    07-09-2009
    على الساعة
    04:34 AM

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

    بحث ممتاز
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الباحث عن الحقيقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ايها الباحث عن الحق ها هو ذا
    بواسطة نوران في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-10-2012, 10:09 AM
  2. برنامج الباحث في القرآن ... بالترجمة للإنجليزية
    بواسطة Authentic Man في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02-02-2010, 03:17 PM
  3. الباحث الإسلامي يعرض لكم خدماته
    بواسطة م /الدخاخني في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-12-2005, 05:01 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الباحث عن الحقيقة

الباحث عن الحقيقة