المبادرة إلى الإصلاح بين المؤمنين .
يقول الله عز و جل ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )الآية 10 سورة الحجرات و يقول كذلك سبحانه وتعالى: ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الآية 9 سورة الحجرات .
إن الإصلاح بين الناس صفة من أرفع الصفات الإنسانية و التي لا تصدر إلا عن نفوس زكية و قلوب نبيلة أحبت الخير للغير,كما أنه هدف من أهداف الاسلام لأن العداوة بين شخصين ستتطور حتما إلى عداوة بين أسر و أصدقاء و أقارب كل من المعاديين و كثيرا ما تنقسم الأمة إلى جماعات لا هم لها إلا النكاية و الاضرار ببعضها فتقع فيما نهاها ربها و رسولها صلى الله عيه وسلم عنه و حدراها منه , فتفشل و يذهب ريحها و تسقط عنها الخيرة التي ميزها الله بها عن سائر الأمم , حيث قال تعالى : (وَأَطِيعُوااللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الآية 46 سورة الأنفال,و في قوله تعالى ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) الآية 110 سورة آل عمران.
أخواتي لا شك أن الذي يصلح بين الناس ــ إن صلحت نيته ــ له أجر كبير و تواب عظيم عند الله عز و جل و هذا ما نفهمه من قول الله تعالى : ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) سورة النساء الآية 114 . و من تم فإننا مطالبون جميعا إلى إصلاح ذات بيننا و زرع بدور المحبة بيننا و إن ذلك لجد يسير إذا وجدت العزيمة الصادقة و تظافرت الجهود لنزع بذور الشقاق والحقد والحسد .
ولقد أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم أوصانا فقال : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً } [رواه البخاري]، فلا يكون ا المؤمن للمؤمن كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فنرى الدسائس والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت بين المسلمين , فلا نغفل عما وصفنا به نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } [رواه البخاري]..
فالمؤمنين جسد واحد و كيان واحد متماسك إذا تهدم منه ركن أو اعتل منه جزء تهدم كله ففسد حاله و ضعف شأنه : لان قوة المسلمين دائما تكمن في تماسكهم و اتحادهم و فشلهم يكون في تفرقهم و تباعدهم و تباغضهم و لهذا كان الإصلاح بين المسلمين و إزالة ما بينهم من ضغائن من أعظم القربات و أجل الحسنات . فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أصلح بين الناس أصلح الله أمره و أعطاه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة و رجع مغفورا له ما تقدم من ذنبه ) و عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصدقة و الصلاة . قال قلنا بلا, قال : إصلاح ذات البين , و فساد ذات البين هي الحالقة. و في رواية لا أقول تحلق الشعر و لكن تحلق الدين) .
وإذا كان للاصلاح بين المؤمنين أجر عظيم فإن للوشاية بينهم عذاب عظيم كذلك . لأنها من عمل الشيطان فعن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم }.
بل أنها قد تنفي صفة الايمان عن فاعلها . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
فى امان الله
المفضلات