شبهة أن الدين الإسلامي انتشر بالسيف، بينما انتشر الدين المسيحي بالسلام

والمحبة وأن نصوص كتب المسلمين مليئة بالسيف، بخلاف كتب الأناجيل، فليس

فيها ما يدل على استخدام السيف، أو الأمر باستخدامه

بدأ إلقاء الشبهة منذ خلق آدم، فالشيطان وظيفته الإغواء، وإلقاء الشبهات


والتضليل، فكل شبهة ما هي إلا ظلمة سرعان ما تنجلي بظهور النور، وباطل يزهق

بظهور الحق، فالشبهة هي الشبهة لا تنطلي إلا على عقول الأغبياء، وبعد المحاجّة

وإقامة البراهين والحجج، يكون الحق واضحاً جلياً، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟

فصاحب الشبهة إن كان باحثاً عن الحقيقة وله عقل وإدراك وراغباً في الوصول إلى

ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، فإنه ولا شك سيصل إلى معرفة الحق، وكشف

الزيف، دون تعالٍ على أحد، وإن صاحب الشبهة له أن يعرض شبهته على الداعي

ويحترم ويقدر رأيه وفكره، حتى يكون ذلك أدعى لسماعه للرد، وقبول ما يتوصل

إليه من نتائج، والشبهات التي يوردها أهل الكتاب لا حصر لها، لأن الشيطان يملي

عليهم كل يوم شبهة، لإغوائهم بالضلال والانحراف عن الجادة.

فأقول مستعينا بالله ، الجواب عن الشبهة السابقة من وجوه عديدة :

الوجه الأول: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاثة عشر عاماً، وهو


يدعو إلى الإسلام، لم يستعمل السيف قط، بل كان يدعو ويصبر على أذى

المشركين، فلما هاجر إلى المدينة دعا أيضاً للإسلام دون استعمال السيف.

الوجه الثاني: أن الإسلام دين رحمة وسماحة، طلب من المشركين الوثنيين الدخول

في الإسلام دون قتال، فإن عادوا الإسلام وحاولوا منع الناس من الدخول فيه، فليس

لهم إلا السيف، إرغاماً لهم بدخول الإسلام، الذي لا يقبل الله ديناً سواه وهذا بتوجيه

من رب العالمين فهو العليم بأحوال خلقه وبما فيه صلاحهم وسعادته
في الدنيا والآخرة

الوجه الثالث: أن أهل الكتاب- وهم اليهود والنصارى- يدعون بالحكمة والموعظة


الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، فإن أجابوا دعوة الحق، وإلا طلب منهم دفع

الجزية، من أجل إتاحة الفرصة لهم بفهم دعوة الحق وتكون الجزية مقابل الحماية

والحرية التي منحهم إياها الإسلام، وما ذلك إلا أنهم أهل علم، وأهل كتاب من ربهم،

فإن منعوا قوتلوا لإقامة ما أمر الله به أن يقام، من توحيده، وعبادته، وهذا ليس

رغبة من المسلمين أنفسهم، إنما هو توجيه ربهم ورب الناس جميعاً فله الحكمة

البالغة.

الوجه الرابع: أن كثيراً ممن دخل في الإسلام وخاصة الأوائل الأفاضل من المشركين


وأهل الكتاب كان عن قناعة بأن الإسلام حق، وأنه دين الله الذي لا يقبل الله ديناً

سواه، واتباعاً لنبي آخر الزمان عليه الصلاة والسلام.

كما أن الذين دخلوا الإسلام على مر التاريخ في بلاد شتى كان عن طريق الدعوة

الإسلامية دون استعمال السيف، مثل ما حصل في أقصى الشرق عن طريق الدعاة

التجار وغيرهم، وما يقع الآن من دخول كثير من المشركين وأهل الكتاب في

المعمورة كاملة لم يكن أبداً بالسيف، وإنما هو بإيضاح دين الإسلام.

والإسلام لا يجبر أحداً على الإسلام، كما قال الله تعالى: " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ

الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " سورة البقرة جزء من الآية 256.

الوجه الخامس: أن نصوص الأناجيل قد دلت على استعمال السيف، رغم أن عيسى


عليه الصلاة والسلام لم يمكث بين الناس إلا ثلاثة أعوام، حيث رفع وهو ابن ثلاثة

وثلاثين سنة، عليه الصلاة والسلام . انظر إنجيل لوقا الإصحاح 3: 33.


ومن نصوص الأناجيل التي تدل دلالة واضحة على استعمال السيف والحث على


حمله ما يلي:

1-( لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً،


فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها، وأعداء


الإنسان أهل أبيه) انظر إنجيل متى الإصحاح 10: 34- 36

2-( فقال لهم: لكن من له كيس فليأخذه، ومزود كذلك، ومن ليس له فليبع ثوبه،

ويشترِ سيفاً ) انظر إنجيل لوقا الإصحاح 22: 36

3-( أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا، واذبحوهم

قدامي ) انظر إنجيل لوقا الإصحاح 19: 27

4- ( ثم إن سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة، فقطع

أذنه اليمنى .. فقال يسوع لبطرس: أجعل سيفك في الغمد‍! .. ) انظر إنجيل يوحنا

الإصحاح 18: 10- 11

فالداعي إلى الله عز وجل في دعوته لأهل الكتاب عليه أن يتقبل سماع الشبهة بصدر


رحب، ثم يقوم بالرد عليها رداً شافياً من جميع الوجوه، حتى لا يترك للشيطان

مدخلا يعود منه إلى اظلال المدعوإلى ظلمات الشبه والجهل، وذلك بالأدلة الشرعية

والعقلية، وذكر بعض النصوص من كتب أهل الكتاب التي ترد الشبهة، وتزيل

اللبس، وترفع الأغشية الزائفة التي تحول دون وضوح الحق وظهوره، والداعي

يعرض سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة خلفائه الراشدين، وأئمة الإسلام،

في طريقة دعوتهم للناس، ويضرب الأمثلة التي دونها المؤرخون من المسلمين،

وغيرهم، ليتضح الحق جلياً.

وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم